أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أسامة عرابي - عاش شريفًا جسورًا، ومات شريفًا جسورًا














المزيد.....

عاش شريفًا جسورًا، ومات شريفًا جسورًا


أسامة عرابي
(Osama Shehata Orabi Mahmoud)


الحوار المتمدن-العدد: 8495 - 2025 / 10 / 14 - 07:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تلقيتُ منذ قليل خبر رحيل المهندس حسين عبد الغفار المناضل اليساري، وأحد قيادات الحركة الطلابية في كلية هندسة المنيا في عقد السبعينيات، وابن ديروط – أسيوط البارّ الذي لم يتوانَ لحظةً عن النضال الدائب، والتأكيد على أهمية وأولوية الطابَع الطبقي لمعاركنا السياسية والوطنية.
نشأ المهندس حسين عبد الغفار في أسرة من أُسر الطبقة المتوسطة المِصرية، التي يدعوها مؤرخنا الكبير عبد الرحمن الجبرتي بـ"مساتير الناس"، ابنًا لأبٍ أزهري كان موجِّهًا للغة العربية بمدارس مركز ديروط المتعددة، وبرز بين أترابه لغويًّا عتيدًا، وشاعرًا مُفوَّهًا. متأسيًا بإخوته: محمد ومصطفى وشفيع عبد الغفار مصطفى من كوادر الحركة الشيوعية في طوْرِها الثالث، محافظين دومًا على التقاليد التنظيمية في الحركة والعمل، والإفادة من دروس التجارِب التاريخية والجديدة للفكر اليساري؛ من أجل برنامج سياسي متمايز يُسهم في تصفية البُنى الاقتصادية – السياسية – الاجتماعية المُعيقة لتطور المجتمع المِصري، والتحرُّر من الانحراف اليميني اليساري الذي أصاب الحركة الشيوعية المِصرية نتيجة القرار الذي اتخذته اللجنة المركزية المُوسَّعة للحزب الشيوعي المِصري – حدتو بـ:
إنهاء الشكل المستقل للحزب الشيوعي المِصري، وتكليف أعضائه كافة بالتقدُّم – كأفراد – لطلب عضوية الاتحاد الاشتراكي العربي، والنضال من أجل تكوين حزب اشتراكي واحد يضمُّ كلَّ القوى الثورية في بلادنا.
وأرسل الرفيق كمال عبد الحليم (خليل) برقية إلى الرئيس جمال عبد الناصر يزفُّ إليه بُشرى الحل يوم انتخابه رئيسًا للجمهورية!
وكان الحصادُ مُرًّا، حُلَّ الحزب، ولم يتكوَّن الحزب الواحد، لا بالدمج الفوري، ولا بالدمج المتوالي، وغدا كلُّ عضو من أعضاء الحزب الشيوعي المِصري "حُرَّ" نفسه، أي فردًا في قبضة السُّلطة، يقف على أعتاب حزبها – الاتحاد الاشتراكي العربي - بلا ماركسية لينينة، ولا قيادة الطبقة العاملة، معزولًا سياسيًّا، وفي رواية أخرى، عاطلًا جائعًا، وانتهت كل النضالات السابقة – أيًّا كان تقييمها- وانتهت معها كل التضحيات وسنوات العمر هباءً، ووُضعت كلُّها على صدر عبد الناصر أوسمة فخار، فردَّها إلى صدور أصحابها طعنات مهانة وعار.
وحقَّقت خطة التصفية، ما استهدفت، وما لم يُحققه الشوم والكرباج، حققه الفكر المرتد، وقرارات التسليم دون قيد ولا شرط.
لهذا وعى آل عبد الغفار منذ البدء أن كلَّ مقولات:المجموعة الاشتراكية في قمَّة السلطة، والتطور اللا رأسمالي، وتكوين حزب طليعي بالتحالف مع البرجوازية البيروقراطية الناصرية ، أنهى الحزب الشيوعي، وأهدر كلَّ التاريخ الشيوعي في مِصر، وميراثه الكفاحيّ الذين لم يعودوا يستحقونه؛ لهذا سقطت وكالته لهم!
وأسهم حسين عبد الغفار مع إخوته ورفاقهم في تأسيس "حزب 8 يناير الشيوعي المِصري"، مستلهمين في ذلك كل الأصول التاريخية التي تكوَّن منها الحزب الشيوعي المِصري في 8 يناير 1958 في سنوات فُتوته اليسارية!
وقادَ حسين عبد الغفار كلَّ النضالات الطلابية بكلية هندسة المنيا، وأسهم على نحوِ جِديّ في صياغة وعي عدد كبير من زملائه صياغة ماركسية علمية، جاذبة باتجاه برنامج التحولات التي تطرحها على مجتمعاتنا أسئلة الواقع المتجددة التي تُعيد حركتنا اليسارية إلى موقع الاستقلالية الأيديولوجية، وتؤمن بأن الحريات السياسية ليست مهمة موكلة إلى البرجوازية، كما أن إنجاز الثورة الوطنية الديمقراطية ليست مهمة البرجوازية على نحو ما أثبتت حدود برجوازياتنا.
لذا لم يتقاعس يومًا عن أداء واجبه السياسي، متطلعًا دومًا إلى النهوض بدور قيادي منسجم حتى النهاية، جامعًا بين أقصى قدر من المبدئية والحزم مع أقصى أشكال المرونة في التكتيك. لذلك وضع النضال من أجل الديمقراطية في مركز القلب من مهماته؛ فلا يُحيلها إلى مجرد ديكور لجذب جماهير تكتوي من الاستبداد، ولا يُخضعها لعبارات شَرطية تُخفي عجز البرجوازية عن التحلي بنزعة ديمقراطية منسجمة كما علَّمنا لينين، ذاكرًا – حسين - رسالة ماركس إلى كوجلمان: قد يكون من السهل جدًّا صُنع تاريخ العالم لو كان النضال لا يقوم إلَّا ضمن ظروف تؤدي حتمًا إلى النجاح".
أجل. كان يُعرِّف من يلتقيهم من الشباب بأمهات الكتب في حقول شتَّى، وبتراث الرحبانية والموسيقى العربية، والشيخ إمام - نجم، ومارسيل خليفة وخالد الهبر، ويجتذبهم لسماع الموسيقى كلاسيكية كانت أم حديثة، ولا يتأخر عن الوفاء بواجباته الإنسانية نحوهم، وكان أقربنا مودةً لأهلنا وأبنائهم، كريمًا سخيًّا، دائم الابتسام والترحيب بنا.
لهذا عشتَ وستعيش في وجداننا ووعينا.

وَما فارَقتَني طَوعًا وَلَكِن
دَهاكَ مِنَ المَنِيَّةِ ما دَهاكَ
لَقَد حَكَمَتْ بِفُرقَتِنا اللَيالي
وَلَم يَكُ عَن رِضايَ وَلا رِضاكَ
فَلَيتَكَ لَو بَقيتَ لِضَعفِ حالي
وَكانَ الناسُ كُلُّهُمُ فِداكَ
يَعِزُّ عَلَيَّ حينَ أُديرُ عَيني
أُفَتِّشُ في مَكانِكَ لا أَراكَ

رحمك الله.



#أسامة_عرابي (هاشتاغ)       Osama_Shehata_Orabi_Mahmoud#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا رحلتَ يا زياد؟
- رحيل مؤرِّخة النضال الوطني والثقافي الفلسطيني بيان نهويض الح ...
- عاشت عظيمة، ورحلت عظيمة، وستبقى في وجداننا ووعينا عظيمة
- إلياس خوري تاريخ مجيد من الإبداع والمقاومة
- روح مصر كما جسَّدتها الخواجاية
- رحيل الكاتب الصحفي الكبير بلال الحسن أحد مؤسسي الصحافة العرب ...
- هل رحل كريم مروة حقًّا؟
- في عيد ميلاد عميد الرواية العربية نجيب محفوظ 11/ 12 .. نجيب ...
- القاء الحواري بين عمرو موسى وأهداف سويف بالجامعة الأميركية م ...
- رحيل الفقيه..دارس الفلسفة أسامة خليل
- رحيل الكاتب الصحفي العربي الكبير طلال سلمان
- زكريا محمد..بالموت اكتمل
- الشهيد البطل محمد صلاح يردُّ على موشي دايان
- محمد أبو الغيط والتجربة الإنسانية في رِهاناتها المتجدِّدة
- صفحة بغيضة من صفحات الاحتلال البريطاني لمصر
- ألبير آريِّه.. قصة مرحلة..ورحلة وعي ودور
- الشيخ يوسف القرضاوي..إمام التيارات المحافظة والسلفية
- محمد الطراوي..والحلم بوطن حر
- ملك التنشين.. أزمة مجتمع يعيش حالة استقطاب سياسي واقتصادي
- بهاء عبد المجيد... الساعي إلى اكتشاف جذوره في هُويته


المزيد.....




- حمد بن جاسم: يجب على إسرائيل أن تتحمّل جزءًا كبيرًا من إعادة ...
- -صديق خاص- و-معنا بروحه-.. تفاعل مع ما قاله ترامب عن ولي الع ...
- حكايات 4 محررين من ذوي الأحكام المؤبدة أُبعدوا إلى غزة
- %40 منهم أطفال ونساء.. قصص مؤلمة عن ضحايا ألغام حرب اليمن
- السر في مطبخك.. 6 أطعمة تمنح عظامك قوة الشباب
- إثيوبيا ترد على تصريحات السيسي بشأن سد النهضة
- 130 قتيلا ومفقودا جراء الأمطار الغزيرة والفيضانات في المكسيك ...
- اقتحامات للاحتلال في نابلس وطوباس
- ترامب: أردوغان يمكن أن يسهم في حل الأزمة بين روسيا وأوكرانيا ...
- قطر: الخطوات القادمة بشأن تنفيذ -اتفاق غزة- ستكون -صعبة-


المزيد.....

- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أسامة عرابي - عاش شريفًا جسورًا، ومات شريفًا جسورًا