أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالص عزمي - في هوى بغداد















المزيد.....

في هوى بغداد


خالص عزمي

الحوار المتمدن-العدد: 1829 - 2007 / 2 / 17 - 05:25
المحور: الادب والفن
    


من مقدمات كتبي
يانسمـــة الريح من بين البساتين
حي الرصــــافة عنـي ثم حييني
ان لم تمري على ارجاء شاطئها
فليــــــت لم تحملي نشرا لدارين
لا تعـــــــــــبقي ابدا الا معطــرة
ريانة بشذى ورد ونســـــــــــرين
أهديت لي ذكر عصر قد حييت به
من عـــــــلم الريح ان الذكر يحيني
ولي الى الكرخ من غربيها طرب
يكــــــــــاد من هزة للكرخ يرميني
حيث الضـفاف عليها النخل متسق
تنظــــــــيم ابيات شعر جد موزون
وللنســــــــــيم استراق في مرابعها
للخطو مشي ثقيل القيد مـــــرهون
وياربة الحسن لايحصى لنحصــره
وصـــــــــــف فكل معانينا كتخمين
( الجواهري )

قليون هم الكتاب الذين خاضوا تجربة وصف معالم المدينة التي عاشوا فيها وصفا واقعيا ؛ ميدانيا ؛ في فترة ما من فترات العمر ؛ حيث استمدوا متن الكتابة ؛ وحواشي الوصف الدقيق التفصيلي لكل ما يحيط بها . ان مثل هؤولاء الكتاب يستحقون منا كل تقدير لما بذلوه من جهد استثنائي في تثبيت المعلومات الموثقة ؛ حرصا منهم على رسم الصورة الجلية لمدينتهم ضمن الحقائق التاريخية المتوخاة .

هنا لا ادعو الكتاب الى رصد يومي لحركة اية مدينة يقطنونها بكل تفاصيلها الجزئية الفرعية ( مع ان في ذلك فائدة كبيرة لو اتيح الوقت الكافي والتفرغ لذلك )؛ ولكن دعوتي الآنية تنصب على ضرورة الكتابة عن فترات المعايشة العامة التي يرى فيها الكاتب خصبا في المادة ومعينا ثرا في الوصف ؛ كي يبقى النتــــــاج في هذا المجال الرحب سجلا امينا يصور معالم المدينة التي اختار؛ كي يرجع اليه كل من يعنيه الامر ..؛ لاغراض كثر ومنها دراسة النهوض او الانكفاء الذي مرت به تلك المدينة من مختلف الجوانب الاجتماعية والتراثية والعمرانية وغيرها.

لقد كان هذا الكتاب ( في هوى بغداد ) في الاصل ؛ محاضرة مكثفة ألقيتها مساء الثلاثاء 23 /11/1994 في منتدى بغداد في الكاظمية تحت عنوان ( جولة في بغداد الخمسينات ) ؛ حضرها جمهور غفير وحشد جليل من رجال الفكر والادب والفن والصحافة ؛ وحضيت بمداخلات وتعليقات ثرة من ادباء بغداد المرموقين كالاستاذ الدكتور حسين أمين رئيس اتحاد المؤرخين العرب ؛ والاستاذ العلامة الدكتور حسين علي محفوظ ؛ والموسوعي العلامة الشيخ جلال الحنفي ؛ والوثائقي المؤرخ الاستاذ سالم الآلوسي ؛ والاديب اللغوي الاستاذ عبد الحميد المحاري والاقتصادي المعروف الدكتور طارق العزاوي والتراثي الشعبي الاستاذ عادل العرداوي و غيرهم ممن لا تحصيهم الذاكرة مع الاسف .

ان موجز مايشير اليه هذا الكتاب ؛ هو وصف دقيق لبغداد من خلال مسيرة شخصية على الاقدام تبدأ من الكاظمية باتجاه الرصافة شرقا حتى كورنيش رخيته ؛ وكذلك من ذات الموقع غربا حتى كرادة مريم في منطقة (أم العظام ) . وقد تجنبت الافاضة في التفاصيل غير المهمة اشارة او وصفا ؛ او حتى تلك التي لم استطع الوصول اليها لاسباب اجتماعية ؛ للتعرف عليها ميدانيا .

لقد جأت في مسيرتي هذه ؛ على اهم المعالم الشاخصة آنذاك ؛ كشواطيء دجلة وبساتينها الواسعة على الجانبين ؛ مرورا بالحدائق والساحات العامة والباركات من خلال الشوارع المعروفة كالرشيد والسعدون وعمر بن عبد العزيز؛ والمحيط ؛ والعطيفية ؛ والوزيرية ؛ والملك غازي والصالحية وأبي نؤاس ... الخ
وفي هذا الشارع بالذات ؛ كانت الحياة الهادئة البسيطة المفعمة بالمسرة والانس ؛ تتجلى باحلى صورها المترابطة المتحابة ؛ حيث الاسر البغدادية تجوب الكورنيش المطل على شاطيء نهر دجلة ؛ وعلى كتفه عشرات المقاهي والمطاعم والحانات والفنادق والمتنزهات الغارقة في دنيا عجيبة من الزهور . بل جبت في صفحات كتابي هذا أيضا ؛ الازقة و( درابين ) المحلات الشعبية المشهورة ؛ كالقطانة ؛ والجعيفر ؛ والصليخ ؛ والتكارته ؛ وسوق حمادة ؛ والشواكة ؛ والفضل ؛ والسفينة ؛ وباب الشيخ ؛ وعكد النصارى ؛ والقرغول ؛ وقهوة شكر ؛ والتسابيل .. الخ وفي كل هذه الجولات زرت ؛ الجوامع والصوامع والكنائس والتكايا وسرت على تلك الجسور الحديثة التي تربط الرصافة بالكرخ والكاظمية بالاعظمية ؛ ثـــم توقفت مليا امام الاسواق والمكتبات والنوادي ؛ والكليات والمعاهد ومجالس الادب والجمعيات ودور السينما والملاهي والمسارح والمتاحف ومعارض الفنون التشكيلية ؛ وطفت في عمائر في غاية الروعة والبهاء ؛ كالمقبرة الملكية والبلاط الملكي ووزارة الخارجية ودار المعلمين الابتدائية وثانوية الاعظمية والاعدادية المركزية والبرلمان والمدرسة المستنصرية وخان مرجان وبيت لنج ومحطة السكك الرئيسية ومطارغربي بغداد ومكتبة باب المعظم ... الخ كما تجولت في دار الاذاعة ومعهد الفنون الجميلة وقاعة الملك فيصل الثاني والنادي العسكري وبهو الامانة ودار المعلمين العالية وغيرها كثير . ولم تكن تلك المسيرة خالية من اللقآء او التعرف على بعض الشخصيات العراقية المشهورة كجزء هام من التكوين الطبيعي الانساني الحي لهذه المدينة التأريخية العريقة ... ان تجسيدها واقعيا بتلك الصورة الحية انما يشكل لحمة متصلةالحلقات ما بين نسيجها البشري المتمثل بشخصياتها البغدادية ( البغادة ) منها بالذات؛ وتراثها العمراني المتمثل بتلك النهضة المتطورة في اسلوب التخطيط والتشييد .

ان القاريء لهذا الكتاب سيتعرف ؛على اسلوب خاص متميز ابداعي ؛ ينفرد فيه صوت راوي الذكريات عن صوت الكاتب ذاته أحيانا ؛ وقد يمتزجان في احاين أخر ؛ فيصبح من غير المستطاع التفريق بينهما ؛ ذلك ان بعض الاماكن قد اندرست ؛ وان بعض الاشخاص قد رحلوا ؛ بحيث اصبح لا خيار في اثبات ما كان الا باستعادة الاوصاف التاريخية المثبتة بهمس الماضي ؛ ولكن في حالة وجود الاماكن والاشخاص ؛ فان الحديث سيكون في صيغة الحاضر االذي يتلمسه المؤلف من خلال المشاهدة الواقعية الحية ؛ لا من خلال الرواية التأريخية او حصاد الذكريات ؛ ومن هنا فان الصوتين سيتداخلان لعيبرا عن حالة لقطات المشاهدة التي يتم شرحها باسلوب واضح وسهل التعبير .

ان قراءة الكتاب على ضوء هذا الايضاح ؛ سيمنح القاريء متعة الرؤيا المرسومة بالحرف لبغداد وبالصور النادرة جدا التي تملأ جزءه الاخير كملحق لمحتواه .. كل ذلك في فسحة من خيال متحرر من هيمنةالمؤلف على مجريات احداث الواقع . اي ان القراء جميعا سيشتركون في تدبر النص ؛ ولكنهم سيفترقون من خلال تصور بعضا من الاماكن التي يمرون بها بحسب الذكريات الشخصية لكل واحد منهم ان كانوا من الجيل الذي عرف تلك المواقع على حقيقتها .اما الشباب الذين لم يعيشوا تلك الفترة الخمسينية ؛ فسيصبح هذا الكتاب عندهم مصدرا من مصادر معرفة هذه المدينة الأخاذة في فترة سالفة من عصر مضى ؛ يمنحهم المتعة والدرس والتشبث بعاصمتهم التي ما انفكت تحتاج الى كثير من جهودهم البناءة لتبقى جوهرة براقة ثمينة خالدة على صدر الزمن .

وفي الختام ارى ان هناك أمرين لابد من الاشارة اليهما بهذا الصدد : ــ
الاول ــ دعوة الكتاب لقراءة هذا الكتاب ـ بعد نشره قريبا ــ والتصدي لما جاء فيه من معلومات ؛ بالتعقيب او التصحيح او الاستدراك ؛ او الحذف او الاضافة ... الخ اذ انه لم يكن سوى خطوة اولية على الطريق تهدف الى اثبات ما كانت عليه بغداد في الخمسينات بصيغة واقعية ووثائقية تخدم التاريخ المعاصر .
الثاني ـ تشجبع الكتاب( في اي جزء من العراق ) على تأليف كتب ترصد اية مدينة او حتى قرية ؛ عاش فيها الكاتب فاراد ان يسجل ما رأها واحصاه ورصده من واقعها الاجتماعي والعمراني وما الى ذلك .... خدمة لجيله او الاجيال القادمة واسهاما منه في اغناء التأريخ المعاصر .



#خالص_عزمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أدب القضاة رسائل وتعليقات
- قصيدتان
- وكان يقودها انتحاري
- هل ان الشعب العراقي هو المسؤول ؟
- -يحكى أن - 5
- الوطنيون ووحدة المصير
- النعامة المرعوبة
- - 2 - موجز لبعض ما كتبت عن العراق في عام
- (موجز لبعض ما كتبت عن العراق في عام ( 1
- _12_ أدب القضاة محمود العبطه
- ما احلى الوفاء
- نشر ثقافة الحوار وتطويره
- نوابغ الفكر العراقي
- الاتجاه المعاكس نحو البيت الابيض
- قصة قصيرة : أيام المستشفى
- ايام العدوان الثلاثي على مصر في لندن
- لعنة العراق
- قانون ادارة الدولة الملغي و تعديل الدستور
- 654965
- الحاضر .... ليس النهاية


المزيد.....




- الضحكة كلها على قناة واحدة.. استقبل الان قناة سبيس تون الجدي ...
- مازال هناك غد: الفيلم الذي قهر باربي في صالات إيطاليا
- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالص عزمي - في هوى بغداد