أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ازهر عبدالله طوالبه - قمةٌ سؤالها الأبرز: من صغر ومن كبر؟!














المزيد.....

قمةٌ سؤالها الأبرز: من صغر ومن كبر؟!


ازهر عبدالله طوالبه

الحوار المتمدن-العدد: 8494 - 2025 / 10 / 13 - 07:53
المحور: القضية الفلسطينية
    


بانعقاد قمة شرم الشيخ، يطفو على سطح النقاش سؤالٌ لافت: هل صغرت الولايات المتحدة لتصبح بحجم حماس، أم أنّ حماس كبرت لتصبح بحجم الولايات المتحدة؟

قد يبدو السؤال للوهلة الأولى مجازيًّا، لكنّه في الواقع يعكس تحوّلًا جوهريًّا في طبيعة الصراع وموازين القوة، ويكشف حجم المُتغيّرات التي فرضها "طوفان الأقصى" وما تلاه من تداعياتٍ إقليمية ودولية.

لم يعد الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي اليوم شأنًا محليًّا أو إقليميًّا محدودًا. فكلّ تحرّكٍ سياسيٍّ أو ميداني تقوم به حماس، يُقابله استنفار دبلوماسي أميركي واسع، يمتدّ من واشنطن إلى العواصم الأوروبية والعربية. هذه الحقيقة وحدها تُظهر أنَّ الحركة، رغم الحصار المفروض عليها، أصبحت عاملًا مركزيًّا في المُعادلة الدولية، وأنّ الولايات المتحدة باتت مضطرّة لإدراجها في حساباتها السياسية والأمنية، سواء اعتَرَفت بذلك علنًا أم لا.

حماس لم تكبر في ميزان السلاح أو الموارد، بل في ميزان التأثير. لقد نجحت في إعادة توجيه بوصلة الاهتمام العالمي نحو القضيّة الفلسطينية، بعد سنواتٍ من محاولات التهميش والتطبيع. فالمبادرات، والقمم، واللقاءات الطارئة التي تعقدها واشنطن اليوم، ليست دفاعًا عن إسرائيل بقدر ما هي محاولة لتدارك اهتزاز موقعها الإقليمي بعد أن أعادت المقاومة خلط الأوراق.
لقد تحوّل ميزان الفعل. فبدل أن تكون واشنطن من يُحدّد إيقاع الأحداث في المنطقة، أصبحت تتفاعل مع الأحداث التي تُفجّرها المقاومة، وتتحرّك ضمن هامشٍ ضيّق من الخيارات.

التحوّل الأهم الذي فرضته حماس هو أنّها نقلت الصراع من كونه مواجهة عسكرية إلى كونه اختبارًا أخلاقيًّا وسياسيًّا للعالم بأسره. فهي تواجه قوةً عظمى تملك أدوات السيطرة الإعلامية والسياسية والاقتصادية، لكنها تُجبرها على الانخراط في حواراتٍ ومفاوضاتٍ متكرّرة، وعلى إعادة تعريف مفهوم "الأمن" و"الردع" و"الاستقرار" في الشرق الأوسط.
هذا وحده كافٍ ليُقال إنّ حماس كبرت بحجم التأثير، لا بحجم الجغرافيا.

أمّا الولايات المتحدة، فهي لم تصغر من حيث القدرة، لكنها فقدت جزءًا من الهيبة الرمزية التي لطالما ميّزت حضورها. حيثُ لم تعُد قادرة على فرض إملاءاتها المطلقة، بل باتت بحاجةٍ إلى توافقاتٍ وتفاهماتٍ مع قوى إقليمية، بعضها يدور في فلك المقاومة، وبعضها يتعامل معها كأمرٍ واقعٍ لا يمكن تجاوزه. هذه الحالة تعني ببساطة أنّ القوة لم تَعُد مركزيّة، وأنّ النفوذ لم يَعُد يُقاس بالجبروت العسكري بل بالقدرة على تحريك الوقائع.

في المشهد الراهن، يتضح أنّ واشنطن باتت أسيرة حساباتها الداخلية والخارجية. فهي لا تستطيع التخلّي عن دعم إسرائيل، لكنها أيضًا لا تستطيع تحمّل تبعات الاستنزاف المستمرّ في المنطقة. وفي المقابل، حماس ـ رغم الحصار ـ تمكّنت من بناء رواية سياسية وميدانية صلبة جعلت منها طرفًا لا يمكن تجاوزه في أيّ تسوية مستقبلية.

من هنا، فإنّ السؤال "من كبر ومن صغر" يُصبح سؤالًا رمزيًّا أكثر من كونه واقعيًّا. حماس كبرت لأنّها فرضت نفسها كحقيقةٍ سياسيةٍ في معادلةٍ حاولت أميركا طَمسها لعقود. كبرت لأنها أجبرت القوة الأعظم في العالم على أن تُصغي، وأن تتحرّك، وأن تُفاوض في توقيتٍ لا تُحدّده هي. كبرت لأنّها جعلت من المقاومة، بكلّ تواضع إمكاناتها، محورًا في النقاش الدولي.

في المقابل، أميركا لم تصغر فعليًّا، لكنها تراجعت من موقع الهيمنة إلى موقع التفاعل. وهذا التراجع بحدّ ذاته، في منطق السياسة، يُعدّ مؤشرًا على تغيّر البنية الدولية، وعلى أنّ النظام الأحاديّ القطبية الذي صاغته واشنطن عقب انهيار الاتحاد السوفييتي، بات يتصدّع من أطرافه، على يد حركاتٍ صغيرة تحمل قضايا عادلة وتملك إرادةً صلبة.

إنّ قمة شرم الشيخ لا تعبّر فقط عن رغبةٍ في وقف التصعيد أو إدارة الأزمة، بل هي أيضًا اعتراف ضمنيّ بأنّ حركة حماس أصبحت فاعلاً دوليًّا بحجم الفكرة، وأنّ تجاهلها لم يَعُد ممكنًا. ومن هذه الزاوية تحديدًا، يمكن القول إنّ حماس لم تكبر فقط بحجم أميركا، بل بحجم العالم الذي اضطرب أمام ثباتها.



#ازهر_عبدالله_طوالبه (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جائزة نوبل والمعايير الغائبة.
- بعد خطة ترامب، إلى أين يُسيّر الشرق الأوسط.
- وساطَة أردوغان: عودةٌ محفوفة بالنّار.
- رد جماس: تحويل مُعادلة الضغط إلى فُرصة
- غزة من قضية محليّة إلى معركة عالمية.
- غياب تونس وإيران عن التّصويت: دلالات تتجاوز الصّمت
- حين يُصبح قتل المُفاوض هدفًا استراتيجيًّا اسرائيليًّا.
- حينما تتقدَّم إسبانيا ونتأخَّر نحنُ.
- الاستقالات الهولنديّة وصمت الحكومات العربيّة.
- إسرائيل الكُبرى: المشروع الأخطر على وجود دول الطوق.
- في مواجَهة الاحتلالِ الصهيونيّ: نحو مشروع تحرُّر جديد للمِنط ...
- حين تصبح التكنولوجيا شريكًا في الجريمة: مايكروسوفت، إسرائيل، ...
- في قلب الصراع: إيران بين الضّغط الأميركيّ وخيارات القوّة.
- الأردن بينَ النيران، لكنّها لن تلتَهِمهُ.
- إسرائيل كقاعدة استعماريّة وأداة للهيمنة.
- رسالة للأشقّاء السوريين.
- الصراع في سوريا المنطقة: صفقاتٌ خفيّة وتحدّيات مصيريّة.
- الهيمنة الغربيّة على حوض المحيط الهندي: قراءة تاريخية وتحليل ...
- برغماتيّة ترامب وموالاته للحركة الصهيونيّة.
- علينا أن نّفكّر بمنطق.


المزيد.....




- على وقع التصفيق والهتاف.. شاهد استقبال حار لترامب في الكنيسي ...
- مذيعة CNN لوزير خارجية مصر: هل انتهت الحرب في غزة بالنسبة لك ...
- نتنياهو يُعلن عدم مشاركته في قمة شرم الشيخ.. ويكشف السبب
- إسرائيل تحتفل بالإفراج عن جندي محتجز لدى حماس منذ 2023
- صفقة غزة: هل تختلف هدنة ترامب عن اتفاق لبنان الهشّ؟
- إثيوبيا: بحيرة ديمبل تواجه خطر الاندثار
- دخول القليل من المساعدات إلى غزة منها غاز الطهي للمرة الأولى ...
- نتنياهو سيحضر القمة حول غزة بمنتجع شرم الشيخ في مصر
- غزة : حماس تطلق سراح جميع الرهائن
- الموت الرحيم .. بين التجريم والتقنين


المزيد.....

- بصدد دولة إسرائيل الكبرى / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2 / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل / سعيد مضيه
- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ازهر عبدالله طوالبه - قمةٌ سؤالها الأبرز: من صغر ومن كبر؟!