أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الرحمان النوضة - أطروحات سياسية















المزيد.....


أطروحات سياسية


عبد الرحمان النوضة
(Rahman Nouda)


الحوار المتمدن-العدد: 8493 - 2025 / 10 / 12 - 12:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعض المُواطنين، وحتّى بعض المُناضلين المُعتـدلين، يُؤمنون بِالعَديد من الأوهام السيّاسية. ونجد هذه الأوهام السياسية مُنـتشرة، ومُتـكرِّرة، سواءً داخل المَغرب، أم في كثير مِن بُلدان العالم الناطق بالعربية. وفيما يَـلِـي، لَا أُناقش تلك الأوهام، وإنما أكتـفـي بِعَرض أهمّ الأُطروحات السياسية الأساسية، دُون تَعليلها بِحُجج كاملة. وَيُمكن لِمَن تهمّه الحُجج، أن يَرجع إلى كُتبي، ومقالاتي، المنشورة على الإنترنيت. وأهم الأطروحات السياسية هي التالية :
1 ■ منهجنا في التَّـفكير هو التّالي : في كلّ قضية، وفي كل ميدان، نَنْطَلِق مِن المُجتمع، ثمّ نَرجع إلى المُجتمع. وهدفنا الأوّل والأخير هو المُجتمع. وهذا المُجتمع يَتجسّد أساسًا في الشّعب(1).
2 ■ لا يُمكن فَهم أيّ مُشكل مُجتمعي مُحدّد، إذا لم نَـفهم مُجمل مشاكل المُجتمع.
كما أنّه، لا يُمكن أن نُعالج أيّ مُشكل مُجتمعي مُحدّد، إذا لم نَـعمل، في نـفس الوقت، بِهَدف مُعالجة مُجمل مَشاكل المُجتمع الأخرى، المَوجودة في المُجتمع(2)، والتي هي بالضّرورة مُتـرابطة فيما بينها.
3 ■ في المُجتمع، وفي كل الميادين، الطَّرَف الأساسي، هو الشّعب، وهو الجماعة، وليس الـفَـرد، مهما كان هذا الـفَـرد مُتميِّزًا، أو خاصًّا، أو مُتَأَلِّـقًـا. وَحُرِّيات الشّعب، هي أولى، وأهم، مِن حُرّيات الفرد.
4 ■ مُجمل تَجارب النضال السياسي الحِزبي الإصلاحي في المَغرب، ومُجمل تجارب النضالات الجماهيرية، منذ الاستـقلال الشّكلي في سنة 1956 إلى اليوم في سنة 2025، تُؤَكِّد كلّها أنّه : يَستحيل إصلاح النظام السياسي المَلكي الـقائم حاليا في المغرب، مِن داخل مؤسّـساته، أو مِن داخل قَوانينه(3).
5 ■ مُعظم المُناضلين الثَّوريِّين في المَغرب، واستـنادًا على تَجاربهم، وعلى أبحاثهم، يُجْمِعُون على تَصْنِيـف النظام السياسي المَلَكِي الـقائم في المغرب بِكَوْنه اِستبداديًّا، وَبُوليسيًّا، وَقَمعيًّا، وَتَبَـعِـيًّا لِلْإمبريالية، وللصّهيونية، وَمُنْـتِـجًا لِلْفَسَاد المُجتمعي، وللتّخلّـف المُجتمعي.
6 ■ مِن المستحيل تَحقـيـق «الدِّيمُوقراطية»، أو «دَولة الـقانون»، أو «العَدالة المُجتمعية»، أو «تَـكافؤ الفُرص»، أو «إِلْغَاء الـفَوَارِق الطبـقـية»، أو «تَـقليص التَـفَاوُتات الجِهَوِيَة»، في إطار هذا النظام السياسي المَلكي الـقائم حاليًّا في المغرب(4). ولو كان ذلك مُمكنًا، لَتَحَـقَّـق قَدْر هَامّ منه خلال الـسَّبْـعِين سنة الماضية.
7 ■ في المَغرب، يَستحيل تَحقـيـق «المَلكية البَرلمانية»(5). (والمَقصود بـ «المَلكية البَرلمانية»، هي مَلَكِيّة يَمْلُكُ فيها المَلِك وَلَا يَـحْكُم (the king reigns, but does not govern)، مثلما هو الحال في بعض البُلدان المَلَكِيَة في أوروبّا الغَربية، مثل اِسْبَانيا، أو بَلجيكا، أو هُولاندا، أو إِنْجَلترا، الخ).
8 ■ في العالم العربي، (وعلى خلاف بُلدان أوروبّا)، لَم تُوجد، ولا يُمكن أن تُوجد، وَلَو «مَلَكِيَّة بَرْلَمَانية دِيمُوقراطية» واحدة. كما أنّه، في العالم العربي (وعلى عكس بُلدان أوروبّا)، لَم يَسبـق لأيّة مَلَكِية عربية مُطلقة، أو إمارة عربية اِسْتِبْدَادِيَة، أنْ تَحَوَّلَت إلى «مَلَكِيّة بَرلمانية دِيموقراطية».
9 ■ وحتّى في المُستـقبل، يَستحيل أن تُوجد «مَلَكِيّة بَرلمانية دِيمُوقراطية»، سَوَاءً داخل المَغرب، أم داخل أيّ بَلد آخر مِن بين بُلدان العالم النّاطق بالعربية. وذلك لعدّة اِعتبارات، حَضارية، وتاريخية، ومُجتمـعية، وَطَبَـقِيَّة، وسيّاسية، واقتصادية، وثـقافية، الخ.
وليس غَريبًا أنْ تَـكون جميع المَلَكِيّات في أوروبّا «مَلَكِيَّات بَرلمانية دِيمُوقراطية»، بينما جَميع المَلَكِيّات أو الإمارات الموجودة في بُلدان العالم النّاطق بالعربية، هي كلها مَلَكِيَّات مُطلـقة، أو مُستبدّة، أومُعادية للدِّيموقراطية، أو رَافضة للعَدالة المُجتمعية، أو تَبَـعِـيَـة لِلإمبرياليّات الغَربية، أو عَمِيلة للاستـعمار الإسرائيلي.
10 ■ كلّ مُواطن يظنّ أنه بالإمكان إصلاح النظام السياسي المَلكي الـقائم في المغرب، فهو يحمل وهمًا. كما أنّ كل مُواطن يَـعتـقد بإمكانية تَحقـيـق «الملكية البَرلمانية» في المَغرب، فهو أيضًا وَاهِم.
11 ■ يُؤكّد التاريخ أنّ «النظام السياسي المَلَكِي»، هو أَسْبَـق، وقديم، ومتخلّف، بالمقارنة مع «النظام السياسي الجمهوري». وَلَوْ أنّه مِن المُمكن أن نجد عبر العالم بعض «المَلَكِيّات» (مثلما هو الحال في مَلَكِيّات أوروبّا الغربية) التي قد تَتـفَوَّق في أدائها، وفي إنجازاتها، على بعض «الجمهوريات» (مثلما هو الحال في بعض جُمهوريّات بلدان العالم الثّالث الرّأسمالية التَبَعِيَة).
وَنَرى عبر سيرورة التاريخ، أن «الجمهورية» تُنْشَأُ في غالبية الحالات كَرَدِّ فِعل ضدّ مَساوئ «المَلَكية». والاتجاه التاريخي في مُجمل العالم، هو الانـتـقال مِن «المَلَكيّات» إلى «الجُمهوريات»، وليس العكس. ويكون هذا الانـتـقال مِن «المَلكيّات» إلى «الجُمهوريات» بواسطة اِنـقلاب عسكري، أو بواسطة ثَوْرَة مُجتمعية(6).
ونجد ضِمْنَ عُيوب النظام السياسي «المَلكي» أنه وِرَاثِي مِن أب إلى إبـن، (ولو كانـت مِيزات هذا الإبـن غير كافية). ونجد ضمن عُيوب «المَلكية» أنها مُطلـقة، أو مُستبدّة، أو مُقدّسة. وَتُحوّل «المَلَكِية» المَلِكَ إلى شِبْه إِلَـه مَعصوم، يُـقرِّر في كلّ شيء، وَيُسيطر على كلّ شيء، وَيحتـكر كل السُلطات، وَيُعامل مُواطني الشّعب كَرَعَايَا مَسُودِين، دُون قَبول هذا الملك وَمُعاونيه بالخُضوع لأيّة مُراقبة، أو مُحاسبة.
بينما مساوئ «الجمهورية» هي أقل مِن عُيُوب «المَلَكية». لأن «المَلكية» تَرفض، أو تَمنـع، إِحْدَاث أيّ إصلاح مِن داخل مُؤسّـساتها. ولأن رئيس «الجمهورية» يُنـتخب بالانـتخاب الشّعبي العام، وَلَا يُوَرَّث. وإذا أخطأ رئيس «الجُمهورية»، يُمكن نَـقده، أو محاسبته، أو حتّى إقالته، مثلًا عبر اِنـتخابات سابقة لأوانها.
وفي «الجمهورية»، تـكون مُختلـف أنواع السُلطات (التـنـفيذية، والتشريعية، والـقضائية، والإعلامية، والمالية، والعِلْمِيَة، والثـقافية، الخ) مُستـقلّة عن بعضها البعض. وَتُمارس كل هذه السُّلطات «المُراقبة المُتبادلة»، و«المُحاسبة المُتَبَادلة». بينما في «المَلكية» المُسْتَبِدَّة، يحتـكر المَلِك مُجمل السلطات، وَلَا يَخضع لأيّة مُراقبة، أو مُحاسبة.
ومهما كانـت مَشاكل، أو مَساوئ، «الجمهورية»، فإن إصلاحها يَـكون دائما أسهل نِسبيًّا بِالمُقارنة مع إمكانات إصلاح «المَلكية».
ومهما كانـت عُيوب أو مَشاكل «الجمهورية»، يُمكن مبدئيًّا للمُواطنين أن يتـنظّموا، وأن يُناقشوا، وأن يَنـتـقدوا، وأن يَحتجّوا، وأن يَخوضوا صراعات سياسية، وأن يُـغيِّروا مَوازين الـقِوَى السياسية، وأن يُـعَدِّلُوا نَوعِيّة النظام السياسي الجمهوري القائم. بينما في «المَلكية» الاستبدادية، تبـقـى كل التَـفَاعُلات السّابقة مَمنوعة.
إذا كانـت «المَلكية» (اِعتبارًا لطبيعتها المُطلقة والمستبدّة) غير قَابلة لأيّ إصلاح سيّاسي، فإنّ «الجمهورية» تبقـى قَابلة للإصلاحات السياسية، وذلك حسب دَرجات الوَعْي السيّاسي المُتوفِّرة لدى الشّعب، وحسب دَرجات تَـعْـبِـئَـة جماهير الشّعب، وحسب نَوعيّة التَّنظيمات الجماهيرية المَوجودة، وحسب مَوازين الـقِوَى، القائمة داخل المُجتمع(7).
12 ■ مُجمل المَلَـكِيّات، والإمارات، المَوجودة في العالم النّاطق بالعربية، هي مُضَادّة لِشُعوبها، وَتَبَـعِيَّة لِلْإِمْبِرْيَالِيَات الغَربية، وَمُتواطئة مع إسرائيل، أو عَمِيلة له. وَمُجمل المَلكيّات العربية، تَتَحالـف سِرًّا فيما بينها، وَتَتحالـف مع الإمبرياليّات الغَربية، وَتُحارب سِرًّا الجمهوريّات العربية(8).
13 ■ في أيّ مُجتمع تَـبَـعِـي لِلْإِمْبِرْيَالِية، مَوجود في "العالم الثّالث"، يَستحيل الخُروج مِن التَـخَـلُّـف المُجتمعي، بِوَاسطة الرَّأْسَمَالِيَة(9).
14 ■ إذا اِسْتَمَرّ مُجتمع المَغرب في خِيّار الرَّأْسَمَالِيَة التَبَعِيَة، فإنه سيبـقـى مُتخلِّـفًا، وضعيـفًا، وَفَاقِدًا لاستـقلاله، وَلِسِيّادته، حتّى وَلَوْ اِتَّبَـع سَبيل هذه الرّأسمالية التَبَـعية خلال قُرُون مُتَوَالِيَة.
15 ■ تُـؤَدِّي الرَّأْسَمَالِيَة بالضّرورة إلى المَظَاهِر المُجتمعية التّالية : شَراسَة الاستـغلال الرّأسمالي؛ وَنَزع مِلْكِيَّات الثروات مِن مُواطني الشّعب؛ وَتَـقليص «الخَدمات المُجتمعية» (مثل التـعليم، والصِحَّة، والشغل، الخ)؛ وَتَخريب آلِيَّات «التَضامن المُجتمعي»؛ وَإِزالة «تَـكافـؤ الـفُرص»؛ وَتَـعميـق «الـفَوارق الطّبـقـية»؛ وَتَـوسيع «التَـفَـاوت في الحُقـوق الاقتصادية والسياسية والثقافية»؛ وَتَهميش أجزاء ضخمة من الشّعب؛ وَتَـفَاقُم الجَهل والـفـقـر؛ وَتَخريب العَـقْلِيَّات التَضَامُنية، وتحويلها إلى عَـقْلِيَّات فَرْدَانِيَة، وَأَنَانِيَة(10)، وانـتهازية، وغَشَّاشَة(11)؛ وَالـقَضاء على «العَدالة المَجالية»؛ وَإِلغاء العَدالة المُجتمعية. وَيَستحيل إصلاح الرّأسمالية، أو تَحويلها إلى نظام سيّاسي يَضمن العَدالة المُجتمعية. بَل الحَلّ الوحيد، هو تَجاوز الرّأسمالية، عبر ثورة مُجتمعية تاريخية مُتواصلة(12)، تَرتـقـي بالمُجتمع إلى نظام اِشتـراكي، وثوري، وتحرّري، وديموقراطي، وشعبي.
16 ■ في أيّ قُطر صغير مَوجود في "العالم الثّالث"، لَا تُؤدِّي الرّأسمالية التَبَـعِيَة إلى «التَنْمِيَة الاقتصادية»، وَلَا إلى «التـنمية التُرابية»، وَلَا إلى «التـنمية المَجالية»، وَلَا تـقدر على تَوفير فُرص الشّغل الضّرورية، وإنّما تُؤدّي إلى تـنمية أعداد قليلة مِن الثروات الشّخصية، أو العائلية، كما تُؤدّي إلى تـقـويّة الاحتـكارات التَبـعية للإمبرياليّات الغَربية.
17 ■ أصل مشاكل المُجتمع الرّأسمالي، هو وُجود تـناقض حادّ بين الرّأسمالية والمُجتمع. ولماذا ؟ لأن الرأسمالية، وخصوصًا المِلْكية الخاصّة لِوَسائل الإنـتاج المُجتمعية، مَبـنيّة على أساس الـفَرْد، وليس على أساس الجماعة، أو المُجتمع؛ ولأنّ الرأسمالية مُشَيَّدة على أساس اِقْتِنَاص الرِّبْح الـفَرداني الخُصوصي، وليس على أساس خدمة عامّة المُجتمع؛ وَلأنّ الرّأسمالية مَبـنية على أساس الأنانية، وليس على أساس التـعاوُن، والتَـكَامُل؛ ولأنّ الرّأسمالية تُحَوِّل مُعظم المُواطنين إلى حيوانات مُسْتَلَبَة (alienated)، أو أنانية، أو فَرْدَانية، أو انـتهازية، أو غَشَّاشَة، أو مُنافـقة، أو مُـفتـرسة؛ ولأنّ الرّأسمالية تُحوِّل الدّولة إلى وَحْش يَـفْـتَـرِس الشّعب؛ بينما نَجاعة المُجتمع، أو سَعادته، أو اِزْدِهَاره، تَستوجب كلّها أنْ يَـكون مُعظم المُواطنين مُتَعَلِّمِين، وَمُدَرَّبِين، وَمُثـقّفين، وَكَادِحِين، وَمُنْـتِجِين، وَمُتـعاونين، وَمُتـَكَامِلِين، وَمُتضامنين.
18 ■ في المَغرب، يَظنّ بعض المُواطنين، أو المُناضلين، أنّ صِـفَـات اِستبداد الدّولة المَلَكِيَة في المَغرب، وفَسَادُها، وَتَبَـعِيَتُها للإمبرياليّات الغَربية، وَتَبَـعِيَّتها لإسرائيل(13)، هي كلّها مُجرّد «اِنْحِرَافات بَسيطة، وَقَابِلة لِلْإِصْلَاح». وهذا تَصوّر خاطئ. لأنّ كل دَولة رَأسمالية تَبَـعِـيَـة (في العالم الثّالث) تَتَحَوَّل بالضّرورة إلى وَحْش يَـقْـمَـع الشّعب(14)، ويضطهده، وَيَسْتَـغِـلُّـه، بِكُل الأساليب المُمكنة، وَلَوْ كانـت غير قانونية، أو غير أخلاقية. وَيَستحيل إصلاح الدّولة، أو إصلاح النظام السياسي، بدون الخَلاص مِن الرّأسمالية المُفترسة.
19 ■ على عكس الـقَوانين المُحْتَالَة، أو الجَائرة، التي وَضعها هذا النظام السياسي الـقائم في المَغرب (بِهَدف حِمَايَة نَـفسه، وَضَمَان دَوَامِه(15)، وَمَنـع تـغييره مِن داخل مُؤسّـساته)، والتي تُعاقب بِـقَسْوَة، كل مَن أُتُّهِمَ بِـتُهْمَة «مُحاولة تَغيير النظام السياسي الـقائم»، فإنّه : مِن حَقّ الشّعب أنْ يُـغَـيِّـر شَكل الدّولة، وَأَنْ يُـغَـيِّـر نَوْعِيَة النظام السياسي الـقائم، لِكَي يَـكون هذا النظام السياسي القائم مُسَخَّرًا كُلِّيًا لِخِدْمَة الشّعب وحده، وليس مُسخّرًا لخدمة أيّ طرف آخر. ولماذا ؟ لأنّ الشّعب هو أَوْلَى مِن الدّولة، وَأَهَمّ مِن النظام السياسي القائم. وقد خَلَقْنَا الدّولة لِخِدْمَة الشعب، وَلَن نَـقـبـل أبدًا بِأَنْ يَـتَحَوَّل الشّعب إلى مَخْلُوق مُضطهد، وَمُسَخَّر لِخِدْمَة الدّولة القائمة.
20 ■ مَـعـنـى «الدِّيمُوقراطية»، في مَجال الدِّين، هي حُرّية الإيمان، وَحُرِّية عدم الإيمان، وحرّية العِبَادة، وحرّية عدم العِبَادة، وفَصل الدِّين عن الدّولة، وَفَصل الدِّين عن السياسة(16). ويلزم أن تَـكون العلاقات المُجتمعية، فيما بين المُواطنين، خاضعة لِلمَنطق، وَلِلْعَـقْل الجماعي(17)، وَلِلْعَدَالة المُجتمعية، وليست خاضعةً لِـ «شَريعة دِينية» قَديمة، وَمُقَدَّسة، وَمُتجاوزة.
21 ■ في أيّ مُجتمع كان، يَستحيل تَحقـيـق الدِّيمُوقراطية، أو العَدَالة المُجتمعية، بِدُون الـفَصْل بين الدِّين والدَّوْلة، أو بدون الـفَصل بين الدِّين والسيّاسة، أو بدون ضَمَان حُرِّيَة الإيمان، وَحُرِّيَة عدم الإيمان، وَحُرّية العِبَادة، وَحُرِّيَة عدم العِبَادة.
22 ■ على خلاف بعض المَزاعم، ليست أوضاعنا المُجتمعية البَئِيسَة ناتجة عن إرادة إِلَاهِيَّة. والإلـه بَريء مِن مَزاعم البَشر. وَلَا يَتـدخّل الإلـه في شُؤون البَشر، لَا بِشَـكل إِيجابي، وَلَا بِشكل سَلبي. وكل مُواطن يُريد أنْ يَطلب مِن الإلـه أنْ يَتـدخّل لكي يُعالج مشاكله، نِيَّابَةً عنه، فَمِن حـقّـه أنْ يَـفعل ذلك (فيما يَخص شُؤونه الشخصية)، لكنه لَا يَحق له أنْ يَفرض هذا الخِيّار على الجماعة، أو على الشّعب.
23 ■ إذا بَـقـيّت الشّعوب الناطقة بالعربية مُـقَـسَّـمَـة إلى عدّة أقطار صَغِيرة، فإنها سَتبـقـى عاجزة على الخَلَاص من التَخلّف المُجتمعي، وَعاجزة على التَحَرُّر مِن التَبَـعِـيَـة لِلْإِمْبِرْيَالِية. والسّبيل الوحيد للخروج مِن التَخلّف المُجتمعي، وَمِن ضُعف الشّعوب، يَمُر عبر تَوحيد مُجمل شُعوب شمال إفريـقـيا، في نَوع مِن الـفِيدِيرالية، أو الكُنْـفِدِرَالية، المُوحّدة، والثّورية(18).
24 ■ الحَركات الإسلامية الأُصُولية، أو الدَّعَوِيَة، أو التَـكْـفِـيـرِيَة، تُشكِّل خَطرًا يُهدّد مصير الشّعب(19). أَوَّلًا، لأنها تـرفض الدِّيموقراطية في مجال الدِّين؛ وَثانيا، لأنها تُمارس الْإِكْرَاه في مَيْدان العِبَادَة الدِّينية؛ وَثالثًا، لأنها تُريد فَرض أَسْلَمَة الدّولة والمُجتمع بِالـقُوّة(20)؛ ورابعًا، لأنها تُريد فَرْض الخُضوع «للشَّريعة الإسلامية» بالـقُوّة؛ وخامسًا، لأنها لَا تَـفهم مشاكل المُجتمع، وَتَـعجز على مُعالجتها؛ وسادسًا، لأنها تَسْتَـقْـوِي بالإمبرياليات الغَربية (أنظر مثلا تجارب لِيبْيَا، وَسُورْيَا، والسُّودَان، الخ)؛ وَسابعًا، لأنها تتكلّم وَتَتصرّف كَأَنَّهَا نَـائِب مُـفَوَّض لِلْـإِلَـه؛ وَثامنًا، لأئنها تُؤَدِّي في النهاية إلى حرب أهلية مُدمِّرة وَعَبَثِيَة.
25 ■ الحَركات الهُوِيَّاتِيَة (identity movements)، بما فيها الحركات الأمازيغية العِرْقِيَة (ethnic)، والحَركات الكُرْدِيَة (kurdish movements)، والحركات الطّائِـفِـيَّـة (sect)، والحركات الدِّينِيَة (religious) اليَمِينِيَة، والحركات العِرْقِيَة، أو الْإِثْنِيَة (ethnic)، أو العُنْصُرِيَة؛ والحركات الإقليمية الإنـفصالية؛ وما شابهها. كل هذه الحركات الهُوِيَّاتِيَة تَرفض الوَحدة الوَطَنِيَة؛ وَتُؤَجِّـج النَـعَـرَات الهُوِيَّاتِيَة؛ وَتَسْتَبْدِل الصِراع الطّبـقـي بالصِّراع بين الأَعْرَاق، أو الأَجْنَاس، أو الطَوَائِـف(21)؛ وَتَطْمَس المشاكل المُجتمعية الحقـيـقـية، وَتُـعَـوِّضُها بِمَشاكل عَصَبِيَة مُصطنعة، أو وَهْمِيَة؛ وَتَـتَـقَـوَّى مِن خلال اِفْـتِـعَـال صراعات هُوِيَّاتِيَة، أو طَائِـفِـيـة؛ وَتُؤدِّي «الحركات الهُوِيَّاتِيَة» إلى تَـقْسِيم الشّعب، وَتَـفْـتِـيـتِـه؛ وَتَخلـق صِدَامات عَبَـثِـيَـة؛ وَتَـسْـتَـقْـوِي بالدّول الإمبريالية؛ وقد تَلجأ إلى العَمَالَة لإسرائيل (مثلما حدث في حالات الحركات الهُويّاتية الكُردية، وبعض الحركات الأمازيغية العِرْقِيَة، وبعض المجموعات الطّائـفية المسيحيِّة في لُبْنَان، الخ)؛ وَتُـؤَدِّي إلى حُروب أهلية مُخَرِّبَة، وبدون أيّة فائدة.
26 ■ الصِّراع السياسي المُزمن، المَطروح في المَغرب، ليس هو الصِّراع المُصطنـع بين المُواطنين «الإسلاميِّين المُتَـعَـبِّدِين»، والمُواطنين الذين «ليسوا إسلاميِّين مُتـعبِّدين».
كما أنّ الصِّراع السيّاسي المُزمن، المَطروح في المَغرب، ليس هو الصِّراع المُصطنـع بين المُواطنين «الأمازيغ»، والمُواطنين «غير الأمازيغيِّين».
وإنما الصِّراع الـفـعـلي، والمُزمن، الجاري في المَغرب، هو صِراع بين طَبـقة المُسْتَـغَـلِّين، وَطَبَـقَات(22) المُسْتَـغِلِّين. وهو أيضًا الصِّراع بين المُواطنين الذين يَملكون الثَّرَوَات، وَيَحتـكرون مِلْكِيَة وسائل الإنـتاج المُجتمعية، والمُواطنين الذين هُم مَـفْصُولِين عن هذه الثَّروات والمِلْكِيَّات.
27 ■ من المَشروع منـع تَأسيس الأحزاب السياسية على أساس الدِّين، أو الطّائـفة، أو الهُوِيَة العِرْقِيَة، أو الإثنية، أو الهُوية الجِهَوِيَة.
28 ■ إذا بقـي بلاد المغرب على شكل قُطر صغير، وفي حالة قطيعة عَدَائِيَة مع جِيرانه في شمال إفريـقـيا، وَدُون توحيده في إطار نَوع مِن الـفِيدِيرالية الواسعة التي تشمل مُجمل بُلدان شمال إفريـقـيا، وَتُحَـقِّـق تَـكاملًا فيما بين طاقات كل هذه الأقطار الصّغيرة، فإن هذا المغرب سيبـقـى ضَعيـفًا، وَهَشًّا، وفقيرًا، ومتخلِّفًا، وَمُنْحَطًّا، وَتَبَـعِيًّا للإمبرياليّات الغَربية، وَفَاقدًا للـقرار المُستـقل، وفاقدًا لاستـقلاله الوطني، وخاسرًا لسيّادة شعبه.

رحمان النوضة. (10 أكتوبر 2025).

ملاحظة : لِمَن يرغب في قراءة أو تَنزيل الكُتب أو المقالات المشار إليها كمراجع، يُمكنه زيّارة مُدَوَّنة الكاتب التّالية :
https://livreschauds.wordpress.com/2015/01/03/liste-لائحة/



#عبد_الرحمان_النوضة (هاشتاغ)       Rahman_Nouda#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنواع ودرجات الوعي السياسي
- إستعملوا الذكاء الاصطناعي!
- من حاول اغتيال سيون أسيدون
- خطورة الحركات الهوياتية، نموذج روندا
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
- حَرب سِرية بين المَلكيات والجُمهوريات 4/4
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات ‏وَالجُمهوريّات 2/4
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
- إِسْرَائِيل نَازِيَة مِن صِنْف جَدِيد
- أَسْقَطَت الإمبريالية سُورْيَا في ثُـقْب أَسْوَد
- هل يجوز توحيد العرب ولو بالقـوة؟
- نَـقْد تَحْوِيل التَضامن مَع فَلسطين إلى مُناصرة لِلْإِسْلَا ...
- نَقْد الزَّعِيم والزَّعَامِيَة
- نَـقْـد شِعَار المَلَكِيَة البَرْلَمانية 2/2
- نَـقْـد شِعَار المَلَكِيَة البَرْلَمانية 1/2
- لماذا اُعْتُقِلَ مُدير تَطْبِيق تِلِغْرَام
- الْإِسْلَام وَالرَّأْسَمَالِيَة
- صِرَاع الطَّبَقِات، أَمْ صِرَاع الْإِثْنِيَّات
- في مَنَاهِج النِضَال الجَمَاهِيرِي المُشْتَـرَك


المزيد.....




- فرن وعجين وأبراج دفاعية.. اكتشاف قلعة ضخمة في مصر تروي أسرار ...
- زيلينسكي يربط اتفاق غزة بحرب روسيا بأوكرانيا بمكالمة مع ترام ...
- ديان كيتون.. سيدة هوليوود الشهيرة توفيت عن عمر ناهز 79 عامًا ...
- لحظة تحطم مروحية على شاطئ أثناء هبوطها.. وكاميرات توثق اللحظ ...
- غزة.. ارتفاع عدد القتلى بعد سماح وقف إطلاق النار لفرق البحث ...
- لماذا تتسابق القوى العظمى في العالم للسيطرة على القطب الشمال ...
- كيف تحول موسم تسلق جبال الهيمالايا الخريفي إلى كارثة؟
- مباشر: شاحنات المساعدات تتدفق على معبر رفح الحدودي عشية قمة ...
- لماذا غابت الفيديوهات التي توثق ما يجري في الأقصى؟
- أكاديمي إسرائيلي: إسرائيل تراهن على خطة خطيرة في غزة


المزيد.....

- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الرحمان النوضة - أطروحات سياسية