أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الرحمان النوضة - حَرب سِرية بين المَلكيات والجُمهوريات 4/4















المزيد.....



حَرب سِرية بين المَلكيات والجُمهوريات 4/4


عبد الرحمان النوضة
(Rahman Nouda)


الحوار المتمدن-العدد: 8330 - 2025 / 5 / 2 - 16:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هذا النَصّ الحالي هو الجزء الرّابع والأخير (من بين أربعة أجزاء) من الدراسة الحالية (في صيغتها رقم 13).

تَـــذكـــيـــر بِــفَـــهــــرس هـذا الــمَـــقَــــال :

1. تَــــقْــــدِيــــــم .............................................................. 3
2. مَـدْخَـل : كانت البِداية تَساؤلات، وفَلسفة ................................. 5
3. دُوَّل وَشُـعُوب غَير عَاديّة ................................................. 6
4. تَنَاقُضات بَيْن المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات العَربية ........................... 9
5. سُلُوكِيّات تَتَحَدَّى العَقل وَالعَدْل .......................................... 11
6. التَـعَامُل مَع البِطَالَة وَهِجْرَة اليَد العَامِلَة .................................. 15
7. جَشَع الْإِمْبِرْياليّات الغَربية ................................................ 18
8. بعض مَظَاهِر الحَرْب السِرِّيَة بَين الـمَلَكِيّات والجُمهوريّات ............ 20
9. رُؤَى مِن زَوَايَا أُخْرَى لِمَظَاهِر "الحَرب السِرِّيَة" ....................... 32
10. ثَوْرَة في سُوريا، أمْ غَزْو أَجْنَبِي ؟ ..................................... 37
11. مِيزَات الـمِيلِشْيَات الْإِسلامية ........................................... 39
12. مُنْذ 1990، تَبْحَث الإمبرياليات الغَربية عن عَدُو مُشترك .......... 45
13. حُرُوب عَبَثِيَة بين مَلَكِيّات الخَليج واليَمَن .............................. 48
14. مَنْ يُمَوِّل، وَمَن يَسْتَـفِـيد، مِن الأحزاب وَالـمِيلِشْيَات الْإِسلامية ؟ .... 52
15. مَـآل الحَركات الْإِثْنِيَة والعِرْقِيَة والطّائـفية هو العَمَالَة ثُمّ الفَشَل ...... 54
16. "التَطْبِيع" الـمُدْهِش بين مَلَكِيَة المَغرب وإسرائيل ..................... 63
17. مَنْ يَزْرَع الرِّيَاح، يَحْصِد العَوَاصِف .................................. 66
18. مُـفَاضَلَة بَيْن الأَنظمة الَـمَلَكِيّة والجُمهورية ............................ 68
19. هَل جُمهورية إِيرَان صَديق أمْ عَدُوّ لِلشُّعُوب العَربية؟ ................ 75
20. نَحن كَـ «عَرَب»، لَنَا مَصَالِح مُشتـركة، وَلَنَا أَعْدَاء مُشْتَرَكِين ....... 80
21. وَاجِب تَوْحِيد الوَطَن العربي الكبير، وَلَوْ بِالقُوَّة ....................... 84
22. الْأَنَانِيَة تُـفْسِدُ الـمَنْطِق .................................................. 88
23. لِنَسْتَخْدِم العَـقْلَ في تَـفْكِيرنا حَوْل مَصيرنا المُشترك .................. 89
24. خُــــلَاصـــــة ........................................................... 97
25. وَثَـائِـق أُخرى نَشرها الـكَاتـب ......................................... 100

18. مُـفَاضَلَة بَيْن الأَنظمة الَـمَلَكِيّة والجُمهورية
الأشخاص الذين (في تَعليـقاتهم على الصِّيغَة الأولى مِن هذه التَدْوِينَة، والمَنشورة على تَطْبِيقَـي "فَايْسْبُوك"، و "X"، وهي الفقرة في بِداية هذه الدراسة، والمَكتوبة كلها بِخَطٍّ عَريض وَمَائِل) اِسْتَهْزَأُوا مِن «الجُمهوريات العَربية». وَقَالُوا إنها «لَيْسَت جُمهوريةً بما فيه الكِفَايَة»، وأنّها «غَير دِيمُوقراطية». وَقَصَدُوا أنّ «لَا شَيء يُبَرِّر أَفْضَلِيَة الجُمهورية على المَلَكِيَة». وهؤلاء الأشخاص لَا يُدركون عِدّة أشياء. وَما هي هذه الأشياء ؟ هي التّالية :
أوّلًا، إنّ المُشكل هُنَا، ليس هو : هل «الجُمهوريات» العربية جَمِيلَة أمْ مُشَوَّهَة، وَهَل هي مُرضية أم مُزْرِيَة.
وَثانيًّا، إنّهم لَا يُدْرِكُون وُجودَ حَرب سِرِّيَة شَرِسَة بين «المَلَكِيّات» و«الجمهوريات» العربية.
وَثالثًا، إنّهم لَم يَـفْهَمُوا مُبرّرات وُجُود هذه الحَرب السرّية، وأشكالها، وَأَسَالِيبَها، وَتَاريخها، وَقَوَانِين تَطَوّرها.
وعلى خِلَاف بعض التَـعليـقات العَفْوِية، أو السَّطْحِيّة (التي نَشرها بعض الأشخاص على تَطْبِيق "الـفايسبوك"، والتي يَقـولون فيها أنّ تلك «الجُمهوريات» العربية هي تَـقريبا «مُتَطَابِـقَة في المَسَاوِئ مع المَلَـكِيّات» العَربية، أو هي تَـقريبًا «لَا شَيء»)، فإنّ هذه «المَلَكِيّات» و«الْإِمَارَات» العربية تُحِسُّ بأنّ هذه «الجُمهوريات» العربية تَختلـف عنها، بَلْ تُجَسِّد خَطَرًا دَاهِمًا عليها. فَتَذْهَب هذه «المَلَكِيّات» وَ«الْإِمَارَات» العربية، في بعض الحَالات، إلى حَدِّ المُشاركة السِرِّيَة في التَآمُر مع الإمبرياليات الغَربية، بِهَدَف غَزْو، أو تَخريب، أو إِضْعاف، بعض هذه «الجُمهوريات» العَربية. وَبِهَدف إبقائها في حَالة ضُعْـف، وَفَـقْر، وانحطاط، (مثلما حدث في جُمهوريات العراق، والصّومال، والسّودان، وسوريا، وليبيا، واليَمَن، وَلبـنان، الخ).
والجانـب السيّاسي الذي يُسْتَحْسَن الانـتباه إليه هُنَا، هو أنّ «الجُمهورية»، ومهما كان نِظامها السيّاسي الظَّرْفِي نَاقِصًا، أو مُنحرفًا، أو مُسْتَبِدًّا، أو غَيْر مُوَفَّق، فإنها تُجَسِّد، رغم ذلك، نَمَطًا مُجتمعيًّا (أو نِظَامًا سِيّاسيًّا) مُتَـقَدِّمًا، بِالمُقارنة مع النَّمَط المُجتمعي «لِلمَلَكِيَة» (أو لِـ «الإمارة»). ولماذا ؟ لِـعِدّة اِعْتِبَارات. ومنها ما يَلِي :
أَوَّلًا، لأنّنا نَجد، في سَيْرُورة تَاريخ البَشَرية، أنّ «الجُمهورية»، تَأْتِي دائمًا عَبْر ثَوْرَة شَـعْبِيَة، تُطِيح بِالنِظام السياسي الـقَديم، والذي هو «المَلَكِيَة»؛ وَتُنْشِئُ نِظامًا سيّاسيًّا مُجتمعيًّا بَدِيلًا، هو نِظام «الجُمهورية». وَيَطْمَح الشّعب الثّائر، عبر هذه «الثّورة» المُجتمعية، إلى ِمُعالجة مَسَاوِئ، وَمَظَالِم، النظام السيّاسي السَّابـق، الذي هو «المَلَكِية»، أو «الْإِمَارَة»، أو «السَّلْطَنَة»، أو «الإِمَامَة». فَالْبَدِيل التاريخي، والتِلْقَائِي، والشّائِع، لِـ «المَلَكِيَة»، هو «الجُمهورية». بَينما يَـكون رُجُوع الشُّعوب مِن «الجمهورية» إلى «الملكية» نَادِرًا جِدًّا. وَلَا تَقـوم بهذا «الرُّجُوع» إلى الخَلـف (في حالة حُدوثه) سوى الـقِوَى «الرِّجْعِيَة»، وليس الـقِوَى «التَـقَدُّمِيَة»، أو «الوَطنية»، أو «الثّورية»، أو «التحرّرية»، أو «الاشتراكية».
وَثَانِيًّا، لِأَنَّ «الجُمهورية»، ومهما كانت مُتخلّفة، أو استبدادية، أو غَيْر مُوَفَّقَة، خلال فَتْرَة تاريخية مُعَيَّنَة، فإنّها تَـفْـتَـح آفاقًا سيّاسيّة، أو تُسَهِّل دِيناميّات مُجتمعية، أَكْثَر تَـقَدُّمًا، أو أكثرَ خُصُوبَةً، بِالمُقارنة مع ما يُتِيحه النِظام السياسي «المَلَكِي»، أو «الْإِمَارَاتي». بِشَرط أنْ تَتَجَرَّأ الشّعوب المَـعنية (في تلك الجُمهوريات= على اِسْتِـغْلَال الْإِمْكَانَات القانونية الكَامِنَة في النظام السيّاسي «الجُمهوري».
وَثالثًا، في النظام السيّاسي «الجُمهوري»، كلّما حَلّ رئيس جديد لِـ «الجُمهورية»، تُـفْتَح آفاق جديدة لِتَـغيير نَوْعِيَة هذه «الجُمهورية» القائمة. بينما في النظام السياسي «المَلَكِي»، فإنّ مَنْطِق «المَلَكِيَة»، وَضَرورات أَمْنِهَا، وَحَاجِيَّات اسْتِمْرَارِيَتها، تَـفرض على كل «مَلِك» (أو «أمير»، أو «سُلْطَان») جديد، أنْ يُعِيد إِنْتَاج بِنْيَات الاستبداد السياسي، وتَراتُبِيَّات الاضطهاد المُجتمعي، وَمُبَرِّرَات التَهْمِيش المُجتمعي. فَيَلْجَأُ كل مَلِك، أو أمير، أو سُلطان، إلى إعادة إنتاج نَـفس الآلِيَّات الدَّوْلَتِيَة (statist)، الأصيلة، أو القديمة، أو العَتِيـقَة، أو المُحافظة، أو الاستبدادية.
وَرَابِعًا، نُلَاحظ دائمًا، في إطار «المَلَكِيَة»، أنّ مَنْطق مَصالح المَلِك، (أو الأمير، أو السُلطان)، يَتَنَاقَض مع مَنْطِق مَصالح الشّعب.
وَخَامِسًا، مَنْهَج «المَلِك» (أو «الأمير»، أو «السُلطان») في تَـقْوِيَة نُـفُوذه، أو تَوسيعه، يَمُرّ عبر الـقَمع الشَّرس، أو عَبر إرهاب الدّولة، أو تَهميش جماهير الشّعب، أو تَوْزِيع الْاِمْتِيَّازات الاقتصادية. بينما في «الجُمهورية»، تَـكُون تَـقْوِيَة نُفوذ الرّئيس عبر عَقد تَحالـفات سياسية، وَتَوجيه صراع تَحالـف مُحدّد، ضدّ تَحالـفات أخرى. لكن هذه التحالـفات تبـقـى قَابلة لِلتَطَوّر، أو لِلتَّغْيِير، أو لِلتَّلَاشِي.
وَسَادِسًا، في الأنظمة «المَلَكِيَة» العَربية، فإنّ وُصول أيّ مُواطن إلى الغِنَى، أو الْإِثْرَاء، أو الثَّرْوَة، وكذلك تَوسيع هذه الثَّرْوَة، أو الحِفَاظ عليها، يَبْـقَـى مَشْرُوطًا بِالزَّبَائِنِيَة (clientelism)، أو بالوَلَاء، أو بِالقُرب من مَراكز صُنع الـقَرار في «المَلَكِيَّة» (أو في «الْإِمَارَة»)(1).
وَسَابِعًا، يُوجد خِلاف جذري بين «المَلَكِيَة» و«الجُمهورية» في مجال العَلاقَات بِـ «الدِّين». فَمُعظم «المَلَكِيّات» (العَربية) تَرفُض الحُرِّيات الدِّينية (مثل حُرِّيَة الإِيمَان، وحرّية عدم الإيمان، وحرّيات العِبَادة، وحرّيات عدم العبادة، وفصل الدِّين عن الدّولة، وفصل الدِّين عن السياسة، الخ). بينما تَـكون «الجُمهوريات» عادةً مُؤَهَّلَة أكثر لِلْقَبُول بهذه الحُرّيات الدِّينية، والعَمَل بها، إذا كانـت مَوَازِين الـقِوَى تَسْمَح بها.
وَثَامِنًا، في إطار «الجُمهورية»، يُمكن نَظَرِيًّا عَقْلَنَة الْاِقْتصاد في المُجتمع. بينما في «المَلَكِيَّات»، بِقَدر ما يَكون الاستبداد السياسي قـويًّا، بِقدر مَا تَـكُون عَقْلَنَة الاقتصاد في المُجتمع عَسِيرة، أو مُسْتَبْعَدَة، أو مُستحيلة.
وَتَاسِعًا، وعلى العُموم، لَا تَقدر «المَلَكِيَة» على الاستمرار في الوُجود سِوَى بواسطة الـقَمع، والاستبداد، والفساد، والتَضْلِيل، والعَمالة لِلْقِوَى الأجنـبية القَوِيَّة. بينما «الجُمهورية» التي تَكون مَدعومة من طرف قِوَى شَعبية عريضة، وثورية، قد يَكون الـقمع فيها مَحدودًا، أو مُخَفَّـفًا، أو مُؤَقّتًا.
وَعَاشِرًا، تُوجد فُروقات نَوْعِيَة، وَتَبايُنَات كَيْفِيَة، وَتَفَاوُتَات مُجتمعية، بين «الجُمهورية الرَّأْسَمَالِيَة»، و«الجُمهورية الْاِشْتِرَاكية». (وأَتَلَافَى عرضها هُنا، لِتَـفَادِي الدُخُول في مَواضيع فَرعية، ولتجنّب اِسْتِطَالَة مُفرطة في هذا المقال).
لكن في الواقع الحَيّ، والمتـناقض، وفي مَجال المُفاضلة بين «المَلَكِيَة» و«الجُمهورية»، قد نَجد مُفاجآت، أو اِستِثناءات. حيث يُمكن أحيانًا أنْ تَـكون بعض «الجُمهوريّات» مُتَخَلِّفَة مثل، أو أكثر مِن، بعض «المَلَكِيّات». وعندنا في شمال إفريقيا واقع نَـقْتَبِسُ منه يَوْمِيًّا نُـكَثًا لَا تَنْتَهِي. فَـرَغْم التَوَتُّرَات الحادّة، والمُنافسات العَجِيبَة، التي تَجري منذ عُقود، بين النظام السياسي المَلَكِيَّ في المَغرب، وَالنظام السياسي الجُمهوري في جَارته الجَزائر، فإنهما يَتشابهان بشكل غَريب، في بعض المَجالات. حيث نَجد في كِلَيْهِمَا : قَدْرًا مُعَيَّنًا مِن الاِستبداد السيّاسِيّ، أو القَمع، أو الرَّشْوَة، أو الفَسَاد، أو البِطَالة، أو الأُمِّيَة، أو الاسْتِلَاب، أو الأزمات الاقتصادية، أو التَبَـعِيَة لِلإمبرياليات الغَربية، أو وَسائل إعلام فَارغة أو مُضَلِّلَة، أو التَخلّف المُجتمعي الشُمُولي، أو الرُكُود السيّاسي، أو انْسِدَاد الآفاق المُجتمعية، الخ.
وَمُلُوك أو أُمَرَاء «المَلَكِيّات»، أو «الْإِمَارَات»، أو «السَّلْطَنَات» العَربية، يُدركون تَـفَـوُّق «الجُمهوريّات» النِسْبِـي بِالمُقارنة مع «المَلَكِيّات»، وَيُحِسُّون به، وَلَا يُطِيـقُونَ تَحَمُّلَه. بل يَشْعُرُون به كَنَـقْص ذَاتِـي، أو كَتَهديد وَجُودي خَطير، وغير مَقبول.
وَسَواءً تَعلّق الأمر بِـ «جُمهورية»، أم بِـ «مَلَكِيَّة»، فإنّ كِلَاهما يَبـقـى مَيْدَانًا لِلصِّراع الطبقي. وَيُمكن لكلّ نظام سيّاسي مِنهما، وحسب الظُّروف التاريخية، أنْ يُحاول تَحسين أَداءه. كما يُمكنه أنْ يَرتكب أخطاءً سيّاسية، قد تُسرِّع تَخَلُّفَه، أو تَدَهْوُرَه، أو اِنْهِيَّاره.
والمِيزَات المُشتـركة فيما بين مُعظم المَلَكِيّات والْإِمَارَات العربية، هي أنّها تَرفُض فَصْل الدِّين عن الدّولة، وَتُعارض فَصْل الدِّين عن السياسة، بَل تَسْتَـغِلُّ الدِّينَ في السياسة، وَتَكْرَه اِستـقلال الـقَضاء، وَتَتَحَايَل على القانُون، وَلَا تَـقبل الالتـزام بِدَولة الحَقّ والـقَانون، وَتَدُوس مُسَاوَاة المُواطنين أمام الـقانون، وَتُـعَادي الدِّيموقراطية، وَتَسْتَنكر المُساواة بين الإناث والذّكور، وَتَستهجن حُقـوق الإنسان، وَلَا تَتَحَمّل حُرّية التَّـعْبِير، وَلَا تُطِيق حُرِّيَة النَّـقد، وَلَا تَتَحَمَّل المُراقبة المُتبادلة، وَتُحَرِّم المُحاسبة المُتبادلة، وَتُـعْرِِضُ عن كل ما هو تَـقَدُّمِي، وَتَسْتَـغِلّ السُّلطة السيّاسية لِلْاِغْتِنَاء الشّخصي، وَتُـفَضِّل نَمَط الحُكم الاستبدادي المُطلـق، وَلَوْ أنّها تَحْرُص على تَزْيِينِ نِظَامها السيّاسي الاستبدادي بِانـتخابات غير نَزيهة، أو بِبَرْلَمَان شَكْلِي، أو بِوَسَائِل إِعْلَام مُضَلِّلَة، أو تُحِبّ الجَمع بين السُّلْطَة والثَّرْوَة، أو تَـعْشِق التَحَالُف الخَاضِع تُجاه الإمبرياليّات الغَربية، الخ.
وَبَعض «المَلَكِيّات» (مثل مَلَكِيَة المَغرب) تَـقْبَل «نَظَرِيًّا» كل تلك الأشياء الجَميلة المذكورة سابقًا (مثل الدِّيموقراطية، والبرلمان، والانتخابات العامّة، وَفَصل السّلط، واستقلال القضاء، وَحُقوق الإنسان، الخ)، بَل تُسَجِّلُها في «دُستورها» المِثَالي، وفي نَفس الوقت، تَمْنَـعُها في الواقع المَلموس، بِوَاسطة «قَوَانِين تَنْظِيمية»، وَقَمْع شَرِس، وَبِـإِرْهَاب الدّوْلة، الذي يَنْتَهِك مُجمل حُـقـوق الإنسان، وَيَخفي اِستبدادًا مُطلـقا، وعنيفًا.
وفي «المَلَكِيَّات»، تَـكون الكثير مِن سُلُوكِيَّات المُواطنين نَابِـعَة مِن القَيْد، أو الْإِكْرَاه، أو الْإِجْبَار، أو الغَلَبَة، أو القَهْر، أو القَسْر، أو الضَّغْط، أو الْإِرْغَام، الخ. بينما في «الجُمهوريات»، يُمكن أنْ تَكون كثير مِن مُمارسات المُواطنين نَاتِجَة عن التَـفَاهُم، أو التَرَاضِي، أو التَوَافُق، أو القَنَاعَة، أو القَبُول، أو الاستجابة، الخ. وإنْ لم يَكُن في «الجُمهورية» الأساس هو التَوَافُق بين عامّة المُواطنين، فَسَيَكُون على الأقل فيما بَين القِوَى الكُبرى المُهَيْـكَلَة داخل المُجتمع المَعني. بينما في «المَلَكِيَّة»، تَـكُون القاعدة العامّة هي نُـفُور المَلِك (وَحَاشِيَّتِه) مِن أيّة شُورَى، وَمِن أيّ تَوَافُق، ومن أيّ تَـقاسم، وَمِن أيّ تَوَازُن بين القِوَى المُهَيْكَلَة في المُجتمع المَعني.
وَمُجمل «المَلَكِيّات» و«الإمارات» تُدرك أنها لَا تَستطيع الاستمرار في الوُجود بدون الخُضوع لِلْقِوَى المُهَيْمِنَة على العالم. أيْ أنّ المَلَكِيّات تَـقبل إِطَاعَة الإمبرياليات الغَربية، بِهَدف الاستـفادة مِن حِمَايتها المُفترضة، ضِدّ الأطماع المُحتملة لِقِوَى شَعبية، مُنْتَـفِضَة، أو ثَورية.
وَكُلّ المُلوك والأُمراء يَبْـقَوْن مَهْوُوسِين بِشيء واحد، هو الـقِيَّام بِكُلّ شيء يُمكن أنْ يُساهم في ضَمَان اِسْتِمْرارية «مَلَكِيَّاتِهم»، أو «إماراتهم». وَلَوْ كان ذلك عَبر اِسْتـعمال مَناهج تَتَنَاقَض مع الـقانون، ومع الأخلاق، ومع العَدَالَة، ومع الوَطَنِيَة، ومع الشَّعب. وَكُلّ «مَلِك»، أو «أَمِير»، قَد يَـقُول، دَاخل أعماق وَعْيِه الدَّفِين : «أَنَا وَتَمَلُّـكِـي، وَمِن بَـعْدِي الطُّوفَان» ! وَيُمكن طبعًا لِـبَعض رُؤَساء «الجُمهورية» أنْ يَـفعلوا شيئَا مُماثلًا. لكن في إطار «الجُمهورية»، يَبـقـى قَائِمًا اِحْتمالُ تَـعويض رئيس «جمهورية» اِنـتهازي، أو مُستبد، بِرئيس «جمهورية» آخر قَد يَكون ديموقراطيًّا، أو وَطنيًّا، أو حتّى ثوريًّا. بينما طبيعة النظام السياسي «المَلَكِي» تَدْفَع مُجمل «المُلوك» المُتَتَابَـعِين إلى أنْ يَكونوا أَنَانِيِّين، أو مُستبدِّين، أو تَبَـعِـيِّين لِلْإِمْبِرْيَاليات.
وَمِن مِيزَات «المَلَكِيَّات» و«الإمارات» العربية، أنّها تُساهم في مُعالجة مَشاكل الدُّول الإمبريالية الغَربية. كما تُساهم في خِدمة حَاجِيَّاتها. وفي نَـفس الوقت، تَتَهَرَّب هذه «المَلكيّات» مِن المُشاركة في مُعالجة مَشاكل الشّعوب العَربية. وَتَتَلَافَـى المُساهمة في خِدمة مصالح هذه الشّعوب العَربية.
وَيَـبْـقَـى النظام السياسي «المَلَـكِـي» مُتَخَلِّفًا (بِالمُقارنة مع النظام السياسي «الجُمهوري»). ولماذا ؟ لأنّ هَيْكَلَة النظام السيّاسي المَلَـكِي تَتَلَخَّص في كَون المَلِك (أو الأمير) حَاكِمًا مُطْلَقًا، على مَدَى الحياة. وَيَمْلِك المَلِكُ التُرَابَ الوَطَنِي، وَيَمْلِك الشَّعبَ، وَيُحوِّل المُواطنين إلى رَعَايَا أَتْبَاع. وَيُوَرِّثُ المَلِكُ إِرْثَه، وَسُلُطَاتِه المُطلقة، إلى اِبْنِه. سواءً كان هذا الْاِبْـن ذَكِيًّا أمْ سَاذَجًا، مُجْتَهِدًا أمْ كَسُولًا، عَالِمًا أمْ جاهلًا، جِرِّيئًا أم جَبَانًا، مُشَيِّدًا أم مُتَـقَاعِسًا.
بَيْنَمَا في النِظَام السياسي «الجُمهوري»، يُـفْتَرَض في رئيس «الجُمهورية»، أنّه يَـكْتَسِب سُلُطَات سيّاسية مُحَدَّدة، وَمَحْدُودَة، في إطار المَبدأ الجُمهوري الذي يَفْصِل بَيْن السُّلُطات الأساسية في المُجتمع (وهي أكثر مِن تلك السُّلَط الثَّلاثة التَـقليديّة : السّلطة التَنْـفِيذية، والسّلطة التَشْرِيعية، والسّلطة الـقَضائية، وَسُلطة الإعلام المُستـقل، وَسُلطة الاقتصاد المُستقل، وَسُلطة العُلمَاء والمُثَـقّـفين المُستـقلّين، واستـقلال مدير البـنك المركزي، الخ).
لكن رَئيس «الجُمهورية» لَا يَمتلك لَا التُّراب الوطني، وَلَا الشَّعب. ويظل خَاضِعًا لِلنَّـقْد، وَلِلْإِقَالة. ولا يَجوز لرئيس «الجُمهورية» أنْ يُوَرِّث، أو يُفَوِّض، سُلُطَاتِه لابـنه (مثلما حاول حُسني مُبارك في مَصْر). وَيَلْزَم أنّ تَتَوَفَّر في خَلَفِ رَئِيس «الجُمهورية» شُروط وَخِصال مُـعَيَّنَة، قَبْل أن يَسْتَحِـقّ تَرْشِيحَه، أو اِنْـتِخَابَه، مِن طرف الشّعب، لِكَيْ يَرْأَسَ، خلال فَترة مَحدودة مِن الزّمن (وليس على مَدَى الحياة، مثلما في حالة «المَلِك»، أو «الأمير»).
والجَوْهر في «الجُمهورية» هي أنها تَـعْمَل بِمَنْهَج تَنظيم التَناقضات فيما بين سُلَط مُجتمعية، وَسُلَط مُجتمعية مُضَادَّة، لِكَيْ تُوجد في المُجتمع المَـعني «المُراقبة المُتبادلة»، و«المُحاسبة المُتَبَادَلَة»، و«النّـقد المُتبادل»، و«النّـقد الذّاتي المُتبادل»، و«التَـقْوِيم المُتبادل»، و«الإصلاح المُتبادل»، و«التَّـثْوِير المُتبادل»، و«العَدل المُجتمعي».
بينما الجَوهر في «المَلَـكِيَة» هو أنّها تَنْبَنِـي على أساس وَحْدَانِيَة سُلْطَة مُطْلَقَة، تَتَمَرْكَز بَيْن أيْدِي المَلِك (أو الأمير)، وَتُحَوِّله إلى شِبْه إِلَـه. فَيَسْحَـق هذا النظام السيّاسي المَلَكِـي (أو الْإِمَارَاتـي) مُجمل المُواطنين، وَمُجمل المَجموعات، وَيَرفض التَناقض، وَيُـعارض الخِلَاف، وَيُناهض النَّـقد، وَيَسْتَنْكِر المُراقبة المُتبادلة، وَيَـمْنَـع المُحاسبة المُتبادلة، وَيُـفَضِّل «الاستـقرار السياسي»، وَلَوْ كان ثَمَنُ هذا «الاستـقرار السياسي» هو إِبْـقاء مُجمل الشّعب في حالة اِنْحِطَاط مُتواصل ! وَتَـعِيش داخل النظام السياسي «المَلَـكِـي» أَنْوَاع مِن «جَماعات الضّغط» (lobbies)، أو المَافْيَات، تَعِيش مُقَرَّبَة مِن الحاكم المُطلـق، وَتَخدم الحاكم المُطلق، وَتَنْهَب الشّعب، وَتَتَنافس في اِضْطِهَادِه !
لكن العَمل بِالنِظَام السيّاسي «الجُمهوري» لَا يَضمن تَوْفِير كل الصِفَات الحَمِيدة المَذكورة فيما يَخُص «الجُمهورية». ولماذا ؟ بِسَبَب قَانون (في المَادِّيَة الجَدَلِيَة) يَـقـول بِـ «إِمْكانيّة تَحَوّل الشّيء إلى نَـقِيضِه، إذا تَوَفَّرَت بعض الشُّروط الخاصّة». فَمِن السَّهل أنْ تَنحرف «الجُمهورية»، وَأَنْ تَشْتَـغِل مثل «مَلَكِيَّة مُطلـقة». فَـتُصبح هذه «الجُمهورية» سَيِّئَة، وَمُحَمَّلَة بِكُلِّ مَسَاوِئ النظام السياسي «المَلَكِي» الاستبدادي. [ وَلَا أَتَـكَلَّم هُنا عن حالات اِسْتِثْنَائِيَة، مِثل جُمهورية كُورْيَا الشَمَالِيَة التي، مِنْ فَرْط اِشْتِـغَالها بِـمَنْهَج «الزَّعَامِيَة»، تَحَوَّلَت إلى «مَلَكِيَة شِيُّوعِيَة»، وَحَقّـقت إنجازات كبيرة. وهي المَلكية الوحيدة في العالم التي قَد يُمكن وَصفها بِـ «التَـقَدُّمِيَة»، أو بِـ «الوطنية»، أو بِـ «مُناهضة الإمبرياليّات» الغَربية ]. وَمُعظم «الجُمهوريّات» في العالم العَربي هي فَـقـيرة، أو ضَعيفة، أو مُنْحَرِفَة، أو تَابِـعَة لِلْإِمْبِرْيَالية، أو مُسْتبدّة، أو فَاسدة، الخ.

19. هَل جُمهورية إِيرَان صَديق أمْ عَدُوّ لِلشُّعُوب العَربية؟
وَمِن غَرَائِب مَنْطَـقَة الشّرق الأوسط، أنّ النَّزْعَة السيّاسية المُحافظة، السّائدة لَدَى المَلَكِيّات والإمارات العربية النَّفطية، أنّها تَـقْلب «الأصدقاء» إلى «أعداء»، وَتَـعتبر «أعداءها» «أصدقاء». وَتَتَمَادَى في هذه السياسة، رغم ما تَتَسَبُّب فيها مِن خَسارات جِسَام.
كَثير مِن المَلَكِيّات والإمارات العَربية تُصَنِّـف إِيران كَـ «عَدُوّ» لِلشّعوب العَربية. وقد يَنتج هذا الوَصف عن كَون إيران يُخالف، أو يُناقض، مُتَمَنَّيَات المَلَكِيّات والإمارات العَربية النّـفطية. أو قد يَتَولّد عن خَوْف غَرِيزِي مِن جُمهورية إيران. أو قَد يَنْجُم عن اِتِّهَام إيران بِتَصْدِير «الثّورة الإسلامية». أو قَد يَنْبَتِـق عَن تَحريض الدُّول الْإِمْبِرياليّات الغَربية ضدّ جُمهورية إيران.
وَلِمُواجهة تَأثير الجمهورية الإسلامية الإيرانية، تَلْجَأ المَلَكيّة السعودية، أو الإمارات، أو قطر، أو البحرين، الخ، إلى تَوظيف قِوَى إسلامية سُنِّيَة مُعادية لِلشِّيعَة، أو مُنَاوِئَة لِإِيران.
لكن في الواقع المُعاش، نُلاحظ أنّ إيران تُدَعِّم حَرَكَات التَحَرّر الوطني (في فَلسطين، وفي أمريكا الـلّاتينية، الخ). وَنُلاحظ أنّ إيران هي الدّولة الوحيدة التي تُخاطر بِنَـفسها، وَتَتَجَرَّأُ على تَـقْدِيم مُساعدات مُتنوِّعة إلى مُجمل فَصائل المُقاومة الفَلسطينية، التي تُصَارِع إسرائيل، وَتُنَاهِض الإمبرياليّات الغربية. وذلك رغم أنّ إيران تُعاني هي نَـفسها مِن حِصَار اقتصادي إِمْبِريالي شَامِل، وَمُنذ عُقود. وَتَحتاج جُمهورية إيران هي نَـفسها إلى مَن يُساعدها.
وَلَاحظنا أنّ كل طَرف عربي، تَـعَاوَن مع إيران إِلَّا وَتَنَامَت قُوَّتُه (مثلما حدث لِـ "حزب الله" في لبنان، وحركة "أنصار الله" في اليَمن، وحركة "حَمَاس" في غَزَّة، وَسُوريا في عهد بَشّار الأسد). بَينما الأطراف العربية التي تَتَـعاون مع المَلَكِيّات العربية، مثل السّعودية، أو الإمارات، أو قَطَر، تَبْـقَـى هَشَّة، أو تَابِـعَة، أو خَاضِعَة، أو مُرْتَبِكَة (مثلما حدث لِـحَركة "فَتْح"، وَجُمهورية لُبنان، الخ).
وجمهورية إيران هي الدولة الثّانية بعد بَاكِسْتَان التي تَجَرّأت على مُحاولة كَسْر اِحْتِـكَار إسرائيل لِتَمَلُّك التِكْنُولُوجية النَوَوِيّة، أو السِّلَاح النَّوَوِي، في الشّرق الأوسط. وما دامت جُمهورية إيران مُهدّدة مِن طرف إسرائيل، ومِن طرف الإمبرياليات الغربية، فَمِن حَقّ إيران أنْ يَمتلك، هو أيضًا، السِلاح النّووي، للدِّفاع عن نَـفسه.
وَتَشتـكي «المَلَكِيّات» و«الْإِمَارَات» العربية مِن «خَطر اِحْتِمَال هَيمنة إيران على مَنطقة الخَليج». وفي الواقع، لَا تَأْتِـي وَقُوّة إيران مِن مُناوراته المُفترضة، أو مِن «أَدْرُع» مُسَلَّحَة مَنْسُوبة إليه. وإنّما تَأتي قُوّة إيران مِن تَوَكُّلِهَا على نَـفسها، وَمِن اِعْتِمادها على مَناهج وَطَنِيَة، وَتَحَرُّرِية، وَعَقْلَانية، وَعِلْمِيَة، في مَجالات التَنْمِيَة المُجتمعية. وَيَتَجَلَّى ذلك مثلًا في الأعداد الهَائِلَة مِن المُهندسين والعُلماء الجُدد الذين تُكَوِّنُهم إِيرَان في كل سنة. وَتَتَّضِح في إنتاج الكثير من السِلَع التي تحتاجها. وذلك على خِلَاف مُجمل الدُوّل العربية التي تَتَلَافَـى تَـعميم التَـعليم العُمومي، وَتَنْـفُر مِن تَحسين مُستواه، أو َتَتَهَرّب مِن الاستثمار في إِعلاء جَوْدة العُلوم والتِـقْنِيَّات داخل الوَطن المَعني، الخ.
وعلى عكس بعض المَزاعم، ليس إيران هو الذي «يُهدِّد أَمْن» المَلَكِيَّات والإمارات العربية، وإنّما إسرائيل، والإمبرياليّات الغَربية، وَسِيّاساتهما العُدْوَانِيَة، والاستـعمارية، والعنصرية، هي التي تُهدِّد أمن كلّ مَنطقة الشّرق الأوسط، وَتَتَوَعَّد مُجمل العالم العربي، بالهَيْمَنَة، والسَّيْطَرَة، والابتزاز، وَبَـثّ الحُروب المُخَرِّبَة، والْـلَّامُتَنَاهِية.
لكن الغَريب المُدهش هو أن هذه «المَلَكِيّات» و«الْإِمَارَات» العربية في الخَليج، تَتَجَاهَل أنّ إيران هي جَارَة أَبَدِيَة، وَمُتَجَذِّرَة في مَنطقة الخَليج، وَأنّه مِن مصلحة كلّ هؤلاء الدُّوَل الجِيرَان أن يَتَـعَاوَنُوا فيما بينهم. على عكس حَال أمريكا وإسرائيل، الذين هم غُرباء عن المَنطقة.
[ خَطأ مُشابه سقطت فيه أُوكْرَانْيَا في سنة 2014، ثمّ في سنة 2022، حينما اختار حُكّام أُوكْرَانْيَا النَّازِيُّون الجُدد التَحالفَ مع الْإِمْبِرْيَالِيَّات الغَربية البَعِيدَة، وَسَـقَطُوا في مُعاداة رُوسيا، التي هي جارتهم الأبدية. بالإضافة إلى أنّ الْأُوكْرَانيّون ( Ukrainian) هم أبناء أعمام الرُّوس. وَرُوسيا (أو الاتحاد السوفياتي سابقًا) هي التي كانت قد أعطت مَناطق الضُّونْبَاس (Donbass) إلى أُوكرانيا، كما زَرعت فيها العديد مِن المَصانع الكبرى. وَمِن بَعد، جاء حُكّام أغبيّاء في أُوكرانيا، وأرادوا اِضْطِهَاد، أو تَهْجِير، أو إبادة، السُكَّان الرُّوس مِن مَنطقة الضُّونْبَاس، وَرَغِبُوا في مُعاداة رُوسيا، وَاشْتَاقُوا إلى الْاِنْخراط في «حِلف شَمال الأطلسي» (NATO) الإمبريالي، لِتَسهيل غَزو رُوسيا، أو تَخريبها ! فَكَانت نتيجة الحَرب في أُوكْرَانْيَا، في سنة 2025، هي اِنهزام أُوكرانيا، وَخَرابها، وتَـقسيم تُرابها الوطني، وَعَوْدَة جُمهوريَات "القِرْم" (Crimea)، و"ضُونِتْسْك" (Donetsk)، وَ "لُوجَانْسْك" (Lougansk)، إلى رُوسيا. ولم تَحصل أُوكرانيا، لَا على الانضمام إلى "حلف شمال الأطلسي" (NATO)، وَلَا على الانخراط في "الْاِتِحَاد الأوروبِّي" (EU). وقد تَحْدُث أشياء مُماثلة لما حَدث لِأُوكْرَانْيَا، إلى ِمَلَكِيّات وإمارات الخَليج، في حالة تَحالفها مع الإمبرياليّات الغَربية ضدّ جُمهورية إيران. خاصّة وأنّ مُجمل الإمبرياليات الغَربية، بما فيها أمريكا، أصبحت في حالة اِنِهِيَّار بَطِيء، أو تَـقَهْقُر شُمُولِي ].
كَيف يُـعْـقَـل أنْ تُـعادي مَلَكِيّات الخَليج جَارَتَهَا جُمهورية إِيران ؟ بينما جمهورية إِيران هي دولة قويّة، وإيجابية، وَحَليف اِسْتْرَاتِيجِي لِرُوسْيَا والصِّين ! وَمَـعروف عَن رُوسْيَا والصِّين أنّهما يُـقَوِّيَان حُلفاءَهُمَا، بَينما مِن طَبيعة إِمْبِرياليّات أمريكا وأوروبّا أنّهما تُضْـعِـفَان حُلَفَائِهما !
وَتَخَاف مَلَكِيّات وإِمَارات الخَليج مِن سَيطرة مُـفْتَرَضَة لِجمهورية إِيرَان على المَنطقة. وَلَا تَرَى هذه «المَلَكِيّات» و«الْإِمَارَات» العربية، أنّ الخَطَرَ الفِـعلي القَائم، هو السَّيْطرة المُطلقة لِأَمْريكا وإسرائيل على مُجمل مَنطقة الخَليج، والشّرق الأوسط ! وأمريكا هي إمبريالية، وإسرائيل هي اِسْتِـعمار اِسْتِيطَانِي. بينما جمهورية إيران هي جار يُمكن التَـعاون والتَـكَامُل معه.
وَظَلَّ حُلْم إسرائيل، والإمبرياليات الغَربية، هو إِشْـعَال حَرب مُخَرِّبَة، بين المَلَكِيّات والإمارات العَرَبية من جهة، ومن جهة أخرى جمهورية إِيرَان. وتُريد إسرائيل، والإمبرياليات الغَربية، أنْ تَضْرِب بِواسطة هذه الحَرب عَدُوًّا بِـعَدُوّ آخر. (مثلما حدث أثناء الحرب الحَمْـقَاء بين جُمهوريّتَي العراق وإيران، بين شُتنبر 1980 وَغُشت 1988. وكانت هذه الحرب فَخًّا نَصَبَتْه أمريكا لِجُمهورية العراق، تحت حُكم صَدام حُسين. وقد بَلغت خَسائر العراق قُرابة مليون قَتيل، و 400 مليار دولار أمريكي) !
وَالثَّابِت منذ عُقُود، هو أنّ أمريكا وإسرائيل، يُخادعان، وَيَنْهَبَان، وَيُخَرِّبَان، بُلدان مَنطقة الشّرق الأوسط. ولم يَسْبِـق لأمريكا وإسرائيل أنْ أَفَادَا أيّ شَعب في العالم.
ولماذا تُصَنِّـف «المَلَكِيّات» و«الْإِمَارَات» العربية جُمهورية إِيرانَ كَـ «عَدُوّ»، وتُصَنِّـف أمريكا وإسرائيل كَـ «أصدقاء»، أو كَـ «حُلَفَاء» ! بينما نسبة هامّة من شُعوب هذه المنطقة، تُصَنِّـفُ أَمريكا وإسرائيل كَـ «أعداء» مُتَخَفِّين، وَعَنِيدِين، وَشَرِسِين، وَلَا يُـعْـقَل أبدًا الْاِئْتِمَان بهما !
وَبَدَلًا مِن مُعَادَاة جمهورية إِيرَان، كان مِن مَصلحة المَلَكِيّات والْإِمَارَات الخَليجية أنْ تَتَـعاون مع جُمهورية إيران، وأنْ تَتَـعَلًّم منها، وأن تَتَـكامل معها، وأنْ تَسْتَـفِيد منها، في العَديد مِن المَجالات التِجارية، والصناعية، والتِـكْنُولُوجية، والعِلْمِيَة، والعسكرية، الخ.
وَكَوْن «الثورة الإسلامية» في جمهورية إيران، في عام 1979، حَوَّلَت المَمْلَكَة الإيرانية إلى جمهورية إسلامية، عَبر اِسْتِـفْتَاء شَعبي، لَا يُبرّر إقامة عَدَاء أبديّ بين المَلَكِيّات والْإِمَارَات العَربية وجمهورية إيران. وَرَغْم الحِصَار الاقتصادي والسيّاسي الخَانِق (الذي فَرضته الإمبرياليّات الغَربية على جمهورية إيران)، مُنذ قُرابة 45 سنة، اِسْتَطَاعت جمهورية إيران أنْ تُـقاوم الإمبرياليّات الغَربية وإسرائيل. وَنَجَحت جمهورية إيران (رغم هذا الحِصار الشّامِل) في تَحقـيـق مُستوى مُشَرِّف جِدًّا في مُجمل مَيَادِين التَنْمِيَة المُجتمعية (في الزراعة، والصناعة، والخدمات، والعُلُوم، والتكنولوجيّات، الخ). وَما نَجحت جمهورية إيران في إنجازه، فَشِلَت فيه المَلَكِيّات والْإِمَارَات العربية على امْتِداد قُرابة خَمْسِين سنة ! وهذا الواقع يُؤَكِّد وُجود أشياء مُعَيَّنَة، يُستحسن الْاِقْتِداء بها، في المَناهج السياسية التي تَتَّبِـعُـها جُمهورية إيران. وكل مَنْ يَتَجَاهَل هذه الحَقائـق، فهو ضَالٌّ.

20. نَحن كَـ «عَرَب»، لَنَا مَصَالِح مُشتـركة، وَلَنَا أَعْدَاء مُشْتَرَكِين
تَـقـول بعض "الحركات الْأَمَازِيغية" : «الْأَمَازيغ ليسوا عَرَبًا»، وَ«لَا تَرْبِطُ الأمازيغَ أيّةُ صِلَةٍ بالعَرَب» ! و«مَا يَهُمّ العَرب، لَا يَهُم الأمازيغ» ! بَل تُـعادي بعض "الحركات الأمازيغية" كل ما هو «عَرَبِي»، أو «تَـقدّمي»، أو «ثوري»، أو «تَحَرُّرِي»، أو «اِشتراكي». وتـعتبر "الحركات الأمازيغية" كلّ قـوى اليَسار كأعداء استراتيجيِّين.
وَيَـقـول أيضًا بعض أنصار «الحَركات الأمازيغية» : «نَحن لَسْنا عَرَبًا. وَالعَرَب هُم فقط سُكَّان الجَزيرة العَربية». وَيُمكن لِأَفْراد مَجموعات أخرى عِرْقِيَة، أو إِثْنِيَة، تُعَدّ بِالعَشرات، أَنْ يَـقـولوا، هُم أيضًا، أَشْيَاء مُماثلة. فَلْيَكُن ذَلك. (وَلَوْ أنّ هذا التَعريـف لِـ «الْعَرب» يُثير مَشاكل مَنْهَجِيَة مُتنوِّعة). لكن مُجمل الأشخاص في العالم، بما فيهم أَصدقاءنا، وكذلك أعدائنا (الإمبرياليّات الغَربية، وَإسرائيل)، يَطْلِقـون اِسْمَ «العَرب» على سُكَّان المَناطق النَّاطِقَة (جُزئِيَّا أو كُليًّا) باللّغَة العَربية (أو بِإِحْدَى لَهَجَاتها المَحلّية). وهذه المَناطق تَمْتَدّ مِن مُورِيطَانيا في الغَرب، إلى العراق في الشّرق، مُرورًا عبر تُونس، ومصر، والسّودان، والصومال، الخ.
وَلَا يَـقِـف عَامَّة أشخاص العالم عند خُصوصيّات المِئَات مِن القَوْمِيَّات، والْأَعْرَاق، وَالإِثْنِيَّات (ethnic groups)، وَالطَوَائِـف، وَالقَبَائِل، وَالعَشَائِر، وَالأَقَالِيمِ، وَالمَجموعات، الموجودة في العالم العربي. وهذه التَمَايُزَات الْإِثْنِيَة (ethnic)، أو العرقـية، أو الطّائفية، هي ظاهرة عاديّة. وَهي مَوجُودة في كل شُعوب العالم. لكنّ ظَاهرة هذه التَمَايُزَات الْإِثْنِـيَّة، أو الطَّائِـفِيَة، أو الثَـقَافِيَة، لَا تُلْـغِـي أَنَّ أَقْوَى دُوَّل العالم (مثل أمريكا، وَرُوسيا، والصِّين، والهِند، والبرازيل، الخ) تَتَـكَوَّن كلها مِن العَدِيد مِن الـقَوْمِيَّات، والْإِثْنِيَّات، والْأَعْرَاق، والطَوَائِف، والدِّيَانَات، والْلُّـغَات، الخ. فَلَا تَرْقَـى التَبَايُنَات الْإِثْنِيَة (ethnic)، أو العِرقية، أو الطائفية، إلى مُستوى تَبْرِير اِنْـقِسَام الأوطان. كما لَا تَرقَى إلى مُستوى حُجّة قادرة على تَـعْلِيل رَفْض الْاِتِّحَاد داخل دَوَلة كَبيرة وَقَوِيّة.
وَكَوْنُ شَخص مُحدّد كُرْدِيَّا، أو دُرْزِيًّا، أو قِبْطِيًّا، أو أَمازِيغِيًّا، الخ، لَا يَتَنَاقَض مع كَوْنِه، فِي نَـفس الآن، مَحْسُوبًا ضِمْنَ الوِعَاء الكَبِير الذي هو «الشُّعُوب العَربية»، أو «النَّاطِقَة بِالعَربية». وَيُمْكِنُ لهذا الشّخص أَنْ يَختار هَوِيَّتَه، وأنْ يَتَمَسَّك بها، وَأَنْ يُسَمِّيَ نَـفـسه بِالاِسم الدَّقِيق الذي يُريده. لكنّه لَنْ يَستطيع مَنْع سُكّان بَـقِـيَـة العالم مِن أَنْ يُرَتِّبُونَه في دَاخل مَجموعة مُعَيَّنَة. وَمُجمل العالم يَتَـكَلّم عَن سُكّان المَنطقة المُمتـدّة مِن مُوريطانيا إلى العراق كَـ «عَرَب». وَالشُّعُوب التي تُوصَف بِـ «العَربية»، لها خُصوصيّات وَمَصالح مُشتركة. وهذه الخُصوصيّات والمَصالح المُشتـركة لَا تَنْـفِـي وُجود تَمَايُزَات، وَخِلَافات، وَحتّى تَنَاقُضات. وَيَتَرَتَّب عن وُجود هذه الخُصوصيّات والمَصالح المُشتـركة، ضَرورة التَـعَاوُن، والتَـكَامُل، والنِضَال المُشتـرك، فيما بين مُجمل هذه الشُّعوب، بِهَدَف إِنْجاز التَحَرُّر الشُّمُولِي المُشترك. وكلّ شخص لَا يُدرك هذه الحقيقة الجَدليّة، فإنه ضَالٌّ، إِنْ لَمْ يَكُن عَميلًا لِلإمبرياليات.
وَلَا يَجوز، لَا مِن النّاحية المَنْطِقـية، وَلَا مِن الزّاوية الدِّيموقراطية، تَحْوِيل الكِيَّانَات الإِثْنِيَة، أو العِرْقِيَة، أو الطّائفية، إلى كِيّانات سِيَّاسية مُستـقلّة. وَكُلّ جماعة تَـفعل ذلك، سَتَتَعَرّض لِعَواقبها وَخيمة. وَإِنْ لم يَحدث ذلك على المَدَى الـقَصير، فإنّه سَيَحدث بالتَّأْكِيد على المَدَى الطَّوِيل !
وَمُشكلنا اليوم، ليس هو اِحْتِيَّاجُنَا إلى تَـقْوِيَة «أَنَانِيَّتِنَا»، أو إلى إِبْرَاز هَوِيَّتِنَا الصَّغِيرة، أو تَنميّة تَمَايُزَاتِنَا العِرْقِيَة، أو الْإثْنِيَة، أو الطّائـفـية، أو الجِهَوِيَة، أو الثـقافية، أو اللّـغوية، الخ. بل اِحْتِيَّاجُنا اليوم، هو تَسهيل تَحرّرنا المُشترك من الاستـعمار، وَمِن الإمبريالية، ومن الصّهيونية، وَمِن التَبَـعِيَّة، وَمِن التَخلّـف المُجتمعي، وَمِن الاستغلال الرأسمالي، وَمِن كلّ أشكال الْاِسْتِبْدَاد، وَالْاِسْتِـغْلَال، وَالْاِضْطِهَاد، والْاِسْتِلَاب.
وَكَوْنُك كُرْدِيًّا، أو أَمَازِيغِيًّا، أو دُرْزِيًّا، أو عربيًّا مَسيحيًّا، الخ، لَا يُبَرِّر تَـعاونك، أو تَحالـفك، مع إسرائيل، أو مع الْإِمْبِرْياليّات الغَربية، ضِدَّ بَـقِيَة « الشُعوب العَرَبية». بَل على عَكس ذلك، كَوْنُك كُرْدِيًّا، أو أَمَازِيغِيًّا، يُوجِب عليك أنْ تَتَـعَاوَن، وأنْ تَتَحَالَـف، مع مُجمل شُـعُوب هذه المَناطق النّاطقة بالعربية.
أمّا تَشَبُّتُـك بِهَوِيَّتِك الضَيِّـقَة، وَحِرصك على العيش في كِيّان سيّاسي صَغير، وَ «مُستـقـل»، وَمُنْسَجِم عِرْقِيًّا، أو دِينيا، (سواءً كانت هَوِيَّتُك إِثْنِيَة، أم عِرقيّة، أو طَائفية، أو دِينية، أو لُغوية، الخ)، سَتُبْـقِـيك هذه الهُوِيَة الضَيِّـقَة في إطار كِيّان سيّاسي صَغِير، وَضَعيف، وَهَشّ، وَمُتخلّف مُجتمعيا. وَيَسْتَحيل عليك أن تَتَحَرَّر خَارِج إطار هذا النِضَال المُشتـرك، فيما بين مُجمل هذه الشُّعُوب الناطقة بالعربية !
وقد كانـت، وما زَالَت، كل الـقِـوَى الاستـعمارية، والإمبريالية، تُعاملنا جميعًا كَـ «عَرَب أَعْدَاء». وَتَـقُوم بِكلّ ما في وُسْعِها لِإِبْـقَائِنَا جَميعًا مُنْـقَسِمِين، وَمُشَتَّتِين، وَضُعَـفَاء، وَمُتَخَلِّـفِين، وَفي حَالَة اِنْحِطَاط مُجْتَمَـعِـي مُسْتَدام ! وَتُمارس علينا الْإِمْبِرياليّات الغَربية سِيّاسة «فَرِّقْ تَسُد». وَتَضرب الْإِمْبِرياليّات طَائِفَةً عَربية بِأُخرى. وَتَسْحَق إِثْنِيَة عربية بِأُخْرَى. وَتَسْتَهْزِئُ الإمبرياليات الغَربية مِن بَلادَتِنَا السيّاسية المُشتركة.
وَلَا تُمَيِّز إسرائيل، وَلَا الإمبرياليّات الغربية، بين مَن هُم فَلسطينِيّون، أو سَعُوديّون، أو خَلِيجِيُّون، أو مُسلمون سُنَّة، أو مُسلمون شِيعَة، أو عرب مَسيحيّون، أو كُورْد، أو دُرُوز، أو عَلَوِيّون، أو شَرْكِس، أو أَرْمِنْ، أو كَنْعَانِيُّون، أو أَقْبَاط، أو أَمَازِيغ، الخ. وَتَـعتبر إسرائيل، وكذلك الإمبرياليات الغَربية، أنّ كلّ هذه المجموعات تَدْخُل ضِمن أعدائها الاستراتيجيِّين. وَتَـكْرَه مُجمل الـقِوَى الإمبريالية، وَتَحتـقر، وَتَسْتَـغِل، وَتَنْهَب، وَتُحارب، كل مَن هُم مُسلمين، وكلّ مَنْ هُم عَرَبًا، وكل مَن هم نَاطِـقِين بالعربية. وَلَا تَهُمُّها التَمَايُزَات الْإِثْنِيَة، أو العِرقية، أو الطّائفية، المَوجودة فيما بين هذه المَجموعات "العربية".
وَتَبْنِي الدُّوَل الْإِمْبِرياليّة الغَربية وَحْدَتَها الخاصّة، بِطُرُق مُتَجَدِّدة، وَمُتَوَاصِلَة، وَمُمَنْهَجَة، وَصَلْبَة، في كلّ مِن أمريكا الشمالية، وأَوروبّا، وَأُوسْتْرَاليا، وَنْيُو زِيلَانْدَا، الخ ! وَتُحارب مُجمل الدُول الغَربية، داخل حُدودها، إِبْرَاز الهَوِيّات الإثنية، أو العِرْقِيَة، أو الطّائفية. [مثلًا في فرنسا، تَقمع الدولة إبراز هَوِيّات "البَاسْك" (basques)، أو "البْرُطُون" (bretons)، أو "الكُورْسْ" (corsicans)، الخ. وفي اِسْبَانْيَا، قَمَعَت الدّولة الحركة الانـفصالية في مَنطقة "بَرْشُلُونَا"، وَزَجَّت بِزُعمائها في السُجون، رغم أنّ هؤلاء الزّعماء حصلوا على الأغلبية الكبيرة في الانـتخابات العامّة. الخ ].
وَتَتَوَحَّد الدُّوَل الغَربية، بِالإغراءات، وَبِالضُّغُوط غَير المُباشرة، أو حَتَّى بِوَاسِطة الـقُوّة العسكرية.
وَرَئِيس أَمْرِيكا، دُونالد تـرامب (Donald Trump)، لَا يَـقْنَع بِتَوحيد خَمْسِين دَوْلَة في دَاخل دَولة وَاحدة، وَلَوْ بِالـقُوَّة. وهذه الدّولة المُوَحَّدة هي «الوِلَايَات المُتَّحِدة الأمريكية». بَل يُريد الرّئيس تْرَامْب أنْ يُضيـف إليها كَنَدَا الشّاسِعَة، وَاغْرِينْلَانْد الوَاسِعَة (Groenland)، وَبَانَامَا (Panama) القَنَاة الاستراتيجية. وَيَنْتَهِكُ الرئيس الأمريكي الـقَانُون الدُوَلِي، وَلَا يُعِيره أيّة أهمِّية. بَيْنَما أشخاص مِن إِثْنِيَّات مُعيّنة، مثل بَعض الكُورد، أو الأمازيغ، الخ، يُريدون البَـقَاء في حُدود إِقْلِيمهم الصَّغِير، وَلَو أنّ ذلك الخِيَّار العِرْقِي سَيَكُون عبر البَـقَاء في الضُّـعْف، أو في التَبَـعِيَّة، أو في العَمَالَة، لِلْإِمْبِرْيَاليات الغَربية، وَلِإِسرائيل !
وَكَثير مِن بين قَادَة الدُّوَل العربية، لَا يَجْرُؤُون حتّى على التَـفْـكِـير في إِشْكَالِيَّات تَوحيد دُوّلهم الصَّغيرة. بَل تُؤَدِّي بعض سيّاساتهم الخَاطئة إلى تَـقْسِيم مَا هو مُجَزَّأ. وَتَـغْدُو دُوَيْلَاتُهم مُصَغَّرَة، وَمُـقَزَّمَة، وَضَعيـفة، وَعَاجزة، وَمُتخلّفة. فَيُصبحون مُحتاجين إلى «حِمَايَة» الإمبرياليّات العالمية. ويسقطون في «التَبَعِيَّة»، أو «العَمالة». ولَا يَـفهم كثيرون مِن بين قادة الدّول العربية أنّ الـقُوّة تَأْتِـي مِن التَعاون، والتَـكَامُل، وَالوَحدة، والنضال المُشتـرك، وَمِن الْاِنْدِمَاج في كِيَّانَات كَبيرة، وَجَامِعَة. والْاِتِّحاد هو دائمًا السَّبيل الوحيد لِبُلُوغ القُوّة. وَنَتيجة الانـقسام، والتَـفْرِقَة، هي دائمًا الضُّعف، والتخلّف، والانهزام. وهذا الاندماج الثّوري، لَا يُلغي، وَلَا يُزِيل، وَلَا يَمنـع، التَمَايُزَات الهَوِيَّاتِيَة، أو الـقَوْمية، أو الإِثْنِيَة، أو العِرقـية، أو الطَّائـفية، أو الْلُّـغَويّة، الخ، داخل دَوْلة كبيرة مُوَحّدة. وعليه، فإنّ كل دُعَاة الانـقسام على أساس الْإِثْنِيَة، أو العِرْق، أو الطَّائِـفَة، أو الدِّين، أو الْلُّـغَة، هُم أعداءنا، وَتَلْزَم مُحاربتهم بِلَا هَوادة.

21. وَاجِب تَوْحِيد الوَطَن العربي الكبير، وَلَوْ بِالقُوَّة
بَدَلًا مِن تَـقْـسِيم كل شَعب "عربي" (أو ناطق بالعربية) إلى عِدَّة كِيَّانَات قَزَمَة، وَضـعيـفة، وَعاجزة، وَمَبْنِيَة على أساس الْإِثِنِيَة، أو العِرْق، أو الطّائـفة، أو الدِّين، يَجب تَوحيد مُجمل الشُعوب (الناطقة بالعربية)، مِن مُوريطانيا إلى العراق، في دَوْلة واحدة، أو في فِيدِيرالية مُوَحَّدة.
وَتَحَرّر الشعوب العربية مَشروط بِالتَوْحِيد، وبالاشتراكية الثورية.
قد يُخيف، أو قد يُضحك، هذا المَنهج الكثيرَ مِن المَلَكِيِّين، والرّأسماليِّين، والمُحافظين، واليَمِينِيِّين، وَعُملاء إسرائيل، وَوُكَلَاء الْإِمْبِرْيَالِيّات الغَربية، لكنه هو السَّبِيل الوحيد لِتَحرير الشُعوب (الناطقة بالعربية).
نَحن البَشَر، نَحتاج اليَوم إلى اِكْتِسَاب وَعْي سيّاسي عالمي جديد. وهذا الوعي هو التّالي : الأوطان القَدِيمَة القانونية، المَحصورة داخل حُدُود قَانونية، أو دُوَّلِيَة مُحدَّدة، لم تَـعُد مُلَائِمَة، أو كَافِيَة، لِوَاقِع التَـفَاعُلات الحَالية، والتَدَاخُلَات الجارية على أرض الواقع، فيما بين مُختلف الشُّعوب. (وقد جاء وَبَاء فِيرُوس كُرُونَا العالمي، في نهاية سنة 2019، مِن بَين أُمور أخرى، لِيُنَبِّهَنَا لذلك). وكلّ التِيَارات السياسية التي تُحاول عزل نفسها، أو حبس نفسها، داخل كِيّانات عِرقـية أو طَائـفية ضَيّقة، تُصبح تِيّارات عَبثية، أو رِجعية، أو أنانية، أو غَير مُنسجمة مع العَصر.
واليَوم، غَدت عدّة أنشطة مُتَرَابِطَة، وَمُـعَوْلَمَة : منها بعض الأنشطة الإنـتاجية، وبعض المُبادلات التجارية، وبعض الشَّبَكَات (مثل شبكات الطَيَران، وسكـك الحديد، والطُرق، والخُطوط البحرية، والهاتـف، والإنـتـرنيت، وقنوات التلـفزات، والمُبادلات المَالِيَة، وشبكات مُؤَسَّـسَات تَعمل في مجالات الصِحَّة، الخ).
وقد أصبح كَوْكَب الأرض هو وَطَنُنَا الشَّامِل والمُشترك. وتحتاج كل شُعوب العالم إلى تَـقْنِين العَلاقات والمُعاملات على صعيد مُجمل كَوْكب الأرض. (وَلَوْ أنّنا نَـعرف أنّ الـقِوى الاستـعمارية، والقِوَى الإمبريالية، تَمِيل دائما إلى فَرض هَيمنـتها، وإلى استـغلال قُوّتها، لِلْحصول على اِمتيّازات غير عادلة. لكن الشّعوب المُسْتَضْعَـفَة سَتُدافع عن حقـوقها بِشَراسة). وَكُل كَوكَب الأرض هو مُجتمع وَاحِد مُشترك لِكُلّ الْإِنْسَانِيَة، وَلِكُلّ البَشَر (الذين يَعيشون فوق سَطحه). إنّه وَطَن مُشترك لكل الإنسانية. وكل شَخص يَعيش فوق كَوْكب الأرض، َهُوَ مُوَاطِن في هذا الوَطن المُشترك. وكل ما تَـقوم به أيّة جماعة، أو شَعب، أو دَولة، يُؤَثِّر (بِدَرَجة، أو بأُخرى) على مُجمل مُوَاطِنِي كَوْكَب الأرض الآخرين.
وهذا الوَطَن الجَديد المُشتـرك (المُتجلِّي في كَوْكَب الأرض)، له مُوَاطَنَة (citizenship) خاصّة به. وَتَتَرَتَّب عن الحياة في هذا الوطن المُشترك وَاجبات وَحٌـقوق مُوَاطَنَة كَوْكَب الأرض (citizenship of Earth planet). وَيَتَـعَيَّن على البَشَرِية أنْ تُحَدِّد بِالتَدْرِيج، وبالتَوَافُـق، وعبر صراع دِيموقراطي، وعبر قَانُون دُوَلِي عَالَمِي مُتَّـفَـق عليه، وَاجِبَات وَحُقوق هذه المُوَاطَنَة الكَوْكَبِيَة الجَديدة. وَلَوْ أنّ الدُّول الإمبريالية تَمِيل إلى تَجَاهُل القَانُون الدُّوَلي، وَإلى انْتِهَاكِه، كُلَّمَا كان مُنَاقِضًا لِمَصالحها الأنانية.
وَلِكَي يَستطيع كلّ البَشَر التَـعَايُش على كَوْكَب الأرض، وَلِكَي يَـعِـيـشُوا في سَلَام، وَكَـرَامَة، يَجب عليهم أنْ يَلْتَزِمُوا جَميعًا، وَبِدُون اِسْتِثْنَاء، بِـ «وَاجِبَات مُوَاطَنَة كَوْكَب الأرض».
وما هي حُـقُوق مُوَاطَنَة كَوكب الأرض ؟ نَجد مثلًا ضِمْنَ هذه الحُـقُوق : المُسَاوَاة في الوَاجبات وَالحُـقُوق، والاستـقلال الوطني، وَحَقّ المَظلومين في المُقاومة والدِّفَاع عن النَّـفْس، والحُرِّيات السياسية المُجتمعية (وهي معروفة)، والكَـرَامَة الإنسانية، وَحُقوق الإنسان، والتَضَامُن المُجتمعي، والعَدَالَة المُجتمعية، والحَق في الصِحَّة الشّاملة (الجسمية، والعقلية، والنفسية)، وَحَق الاستمتاع بِـبِيئَة (ecology) عَالمية سَلِيمَة، وَحَق المُعاملة بِالمِثْل، الخ.
وَكُل فَاعل عَالَمِي يَخْرُق «وَاجبات مُوَاطَنَة كَوكب الأرض»، فإنه سيكون قد اِنْتَهَك «حُقـوق مُوَاطَنَة كَوكب الأرض» التي تَـعُود لِمصلحة جَماعة، أو لِشَعب، أو لِدَوْلَة مُعيّنة. وسيكون هذا الـفاعل قد عَرِّض نَـفسه بالضّرورة إلى أخطار حَرب مُدَمِّرة. (بما فيها أساليب الحَرب الظاهرة، وأساليب الحَرب الخَـفِيَة). وكل شخص، أو جماعة، أو شعب، أو دَولة، أُنْتُهِكَت حُقوقه في «مُواطنة كَوكب الأرض»، يُصبح من حَـقِّه الْلُّجوء إلى مُؤسّـسات قانونية عالميّة إنْ وُجدت، أو اللُّجوء إلى المُقاومة، وإلى الدِّفاع عن نفسه، بكل الوسائل التي تَـكون في مُستطاعه، مع الحِرص على صِيَّانَة تَنَاسُب مَـعْـقُول بين الحُقوق المُنْتَهَـكَـة، والوَسائل المُسْتَخْدَمَة لاستعادة هذه الحُقوق المُغتصبة.
وَنُؤَكِّد أنّه، مِثْلَمَا أنّ «كَوكب الأرض» هو وَطَن مُشترك لكل سُكّان العالم، فَإنّ ما نُسمِّيه بِـعبارة «العالم العربي» (أي عَالَم الشُّعوب النَّاطقة بِالعَربية، مِن مُوريطانيا إلى العراق) هُو كذلك «وَطَن عَرَبِي مُشترك» لكل سُـكّانه. وهذه «المُوَاطَنَة العَربية»، تَسْتَوجب بالضّرورة وَاجبات وَحُقوق مُوَاطَنَة عَرَبِيَة مُشتركة. ومعنى ذلك، هو أنّ مُختلف المَلَكِيّات، والإمارات، والجمهوريات العربية، لَا يَجوز لها أنْ تَـفعل ما تُريد، دون مُراعاة حُقُوق الأطراف العَرَبِيَة الأخرى، التي هي مُوَاطِنَة في هذا الوَطَن العَربي المُشترك.
وَمِمَّا لَا يُدركه كل الْاِنْـفِصَالِيِّين، وكل الانـعزاليِّين، وكل أنصار الهَوِيَّات الضَيِّـقَة، أنّ هذه «الْلُّـغَة العربية» التي تَجمع الشُعوب العَربية، أي لُغَة الـقُرْآن، أو اللّغة العربية العَصرية أو المُبَسَّطَة أو المُحسّنَة، ليست فـقط لُـغَةً مُشتـركة، وليست فـقط إِرْثًا دِينِيًّا. وإنّما تُوجد في قَلب هذه اللّغة، وفي جَوَانِبِها، وفي أحشائها، أشياء أُخرى كثيرة ومُهمّة. ومنها التاريخ المُشتـرك، وَالجِوَار الجُغرافي المُشترك، والتَـفاعلات المُشتركة والطويلة الأمد، والحَضارة المُشتـركة، والثّـقافة المُشتركة، والمَشاكل المُشتـركة، والطُمُوحَات السياسية المُشتـركة، والـقِيَم المُشتـركة، والنضالات المُشتـركة، والآلَام المشتـركة، والأهداف المُشتـركة، والتَـفْضِيلَات المُشتركة، والمُحَرّمات المشتركة، والنَمَاذِج المُجتمعية المُشتركة،... الخ. وكلّ هذه الـقَضايا المَصِيرية المُشتركة، المذكورة سابقًا، تَتَجاوز الهَوِيَّات الصّغيرة، وَتَتَخَطَّى الإثنيّات الضَيِّـقَة، وَتَتَـفَـوَّقُ على الأعراق الجامدة، وتَتَـعَـدَّى حُدُود الطَوَائِـف المُغلـقة، وَتَسْمُو على العَصَبِيَّات الـقَبَلِيَة البِدَائِيَة. ثمّ تأتي اليوم أجيال وأفواج مِن المُناضلين الثوريّين، فَيُحَوِّلُون هذه «الْلُّـغَة العربية» المُشتـركة إلى رُوح لشعب جديد، شعب يَطْمَح إلى ثَورة مُجتمعية مُشتـركة، وإلى تَحَرُّر وَطَنِي دِيمُوقراطي شَـعْـبِـي وَشُمُولي وَمُشترك.
وأَكْبَر العَوَائِـق اليوم، التي تَـعُـوق تَحَرُّر الشُّعوب العَربية وَنَهْضَتِهَا، هي التّالية :
1) التَبَـعِيَة (السيّاسية والاقتصادية والثقافية) تُجاه الإمبرياليات الغَربية؛
2) الأنظمة السياسية المَلَكِيّة والإماراتية العَربية؛
3) وهي كذلك الرَّأْسَمَالِيَة الشَّرِسَة.
وَتَحتـكر هذه القِوَى المَلَكِيَة أو الإماراتية العربية، مُجْمَل الثَّرَوَات الوَطنية العَربية. وَتُمَوِّل مِيلِشْيَات مُسَلَّحَة مُضْطَهِدَة، وَمُخَرِّبَة. كما تُمَوِّل قِوَى مُضَادَّة لكل الثّورات المُجتمعية. وَتَتَـحَالف مع الإمبرياليات الغَربية، وَتَسْتَـقْوِي بها. وَ«تُطَبِّع» مع إسرائيل. وَتَشْتَري «حِمَايَتَهَا» المُفترضة بِواسطة الجُزء الأكبر مِن تلك الثَرَوَات التي تُريد حِمَايَتَهَا. وهذا سُلوك مُضَادّ لِلعَـقْـل السَّلِيم.

22. الْأَنَانِيَة تُـفْسِدُ الـمَنْطِق
تُوجد «أَنَانِيَة» مُفرطة لدى العائلات المَلَكِيَة، والأميرية. وَتَدفعهم أنانيتهم العَارِمَة إلى رفض «التَضامن الوَطني» الواسع، وإلى استنـكار «التضامن المُجتمعي» الكَرِيم، وإلى التَهَرُّب مِن الْاِلْتِزَام بِالعَدْل المُجتمعي. وَتَنْتَـقِل عَدْوَى مَرض «الأنانية» مِن الحُكّام، والسَّائِدِين، والمَالِكِين، إلى مُعظم المُواطنين القَاعِدِيِّين. فَيَنْتَشِر الغِشُّ، والفَسَاد، في عُمُوم المُجتمع.
وَتُصرّ عَائلات مَلَـكية وَأَميرية على اِحتكار مُجمل ثَرَوَات الوَطَن. وَيَـعتـقـد عَادةً الحُكَّام، والسَّائِدُون، والرُّؤَساء، والأُمَراء، والمُلُوك، أنهم يَـكْتَسِبُون المَعرفة، والذَّكَاء، والمَشْرُوعِيَة، لِكَي يَحْتَـكِرُوا السِّيَادة، والسُّلطة، والثَّرْوَة. بينما في واقع المُجتمع، تَجْتَاح الأنانية، والانتهازية، والرَّدَاءَة، كلّ مَيَادِين المُجتمع. فَيَـغْدُو كلّ شيء في المُجتمع نِسْبِـيًّا، وَمُتَحَوِّلًا، وَمُتناقضًا، وَمُتَصَارَعًا عليه، وَمُحْرِجًا، وَمُؤْسِـفًا، وَمُثِير لِلْاِشْمِئْزَاز، وَزَائِلًا.
وَتَسْتَـقْـوِي العائلات المَلَكِيَة والأميرية بالدّول الإمبريالية الغَربية. وَتَسْتَجْدِي حِمَايَتها. وَلَوْ أنّ كُلفة هذه «الحِمَايَة» المُفترضة، هي سَيْطَرة الإمبرياليات الغَربية على مُعظم تلك الثَّرَوَات التي تُريد المَلَكِيَّات والإمارات حِمَايَتَهَا. وهذا تَنَاقَض. أين هو إِذَن العَـقل ؟ أَلَا تُـعْمِي الأنانية العَـقْـل ؟
وَلَا يَدْرِي الحُـكَّـام، والسَّائِدُون، والرُّؤَسَاء، والمُلوك، والأُمراء، أنّ السّعاة، سواءً كانت فَردية أم جَماعية، لَا تَأْتِـي من الْاِسْتِمْتَاع بالمَادِّيَات، وَلَا مِن مُـتَـعِ الاستهلاك التِجاري، وَإِنّما تَأْتِـي مِن «التَضَامُن المُجتمعي»، وَمِن مُناصرة «العَدْل المُجتمعي»، وَمِن تَشَارُك المَعَارِف، والعُلُوم، والثَّرَوَات، والمَشاعر، والفَوَائِد !
وَالمُحْتَـكِرُون لِلثَّرَوات، سواءً داخل وَطن واحد، أم على صَعيد الوَطن العربي الشَّامِل، هُم دائمًا أَقَلِّيَة قَلِيلَة، وَهم أَنَـانِـيُّـون، وَعُـقُولهم قَاصِرَة. لأنّ حِساباتهم غَالِبًا ما تَـكون فَرْدَانِيَة، أو أَنَانِيَة، أو عَائِلِيَة، أو اِنْتِهَازِيَة، أو نَاقِصَة، أو خَاطِئَة، أو قَبَلِيَة، أو طَائِـفِيَة، أو عِرْقِيَة، بَدَلًا مِن أنْ تَـكون مُجتمعية، أو تَضَامُنِيَة، أو نَبِيلة، أو كَرِيمة، أو شَامِلَة لِعُموم الشّعب، أو لِمُجمل الإنسانية.

23. لِنَسْتَخْدِم العَـقْلَ في تَـفْكِيرنا حَوْل مَصيرنا المُشترك
أُنْظُرُوا إلى الغَرائب المَوجودة في بُلدان العالم النّاطق بِالعَربية ! وَلَاحظوا العَجَائِب الكَثيرة التي تَتَنَاقَض مع العَـقل. ومِن بينها الأمثلة التَّالِيَة :
◊ مُعظم المَلَكِيّات والإمارات العَربية تَصْطَفُّ إلى جانـب مُـعَسْكَر أعداء الشُّعوب العَربية. وهؤلاء الأعداء هم إسرائيل، والإمبرياليات الغَربية. وهذا غير عَادِي. بَينما وَاجب هذه المَلَكِيَّات والإمارات العَربية هو أنْ تَـقِـف بِحَزم إلى جَانـب الشّعوب العَربية، وَقِوَاها المُقاومة، أو التَحَرُّرِية، أو الثَّوْرِيَة.
◊ كلّ الدّول العربية لها حُدود تُطِلُّ على البَحر. لكن لَا تُوجد وَلَوْ دولة عربية واحدة (أو شركة عربية مُشتركة) تُتْـقِن صِناعة السُّفُن ! وَلَا تُوجد أساطيل بحرية عربية مُشتركة، أو مُتخصّصة في المُبادلات التجارية البَيْنِيَة ! ولا تُوجد صناعات عربية مُتـقدِّمة في مجالات صَيْد وَتَربِيَة الأسماك ! وهذا غير عادي.
◊ كلّ المَلَكِيّات والإمارات النَّـفْطية العربية، التي تَسْتَثْمِر مِئَات المِلْيَارات مِن الدُّولارات الأمريكية، في كلّ سنة، في داخل الدُّول الإمبريالية الغَربية، تَـقوم بهذه الاستثمارات على حِسَاب مَا كان يجب عليها أن تَستثمره في داخل الدّول العَربية "النَّامِيَة"، أو المُتَخَلِّفَة (أو غير النّفطية). وهكذا، تُساهم المَلَكِيّات والإمارات العربية النّـفطية في تَنمية الدّول الإمبريالية الغَربية القوية، وفي نفس الوقت، تُجبر الدول العربية الأخرى الفقيرة، وغير النفطية، على البقاء في ضُعـفها، وَهَشَاشتها، وَتخلّفها المُجتمعي. وهذا غير عادي.
◊ كل الدّول العَربية لها حُدُود مُشتركة مع دُوَل عربية أخرى. لكن لَا تُوجد شَبكة مُشتركة مِن خُطوط السِكَك الحديدية فيما بين هذه الدُول العربية ! كما لَا تُوجد شركة لِلطَيَرَان مُشتركة فيما بين الدول العربية ! وهذا غير عادي.
◊ كلّ الدّول العربية مُنْـفَـتِحَة على كلّ أَنواع المُبادلات مع الدّول الغَربية الْإِمبريالية. (وبعضها «مُطَبِّع» مع إسرائيل). ولهذه الدُول العربية مع الدُول الإمبريالية مُبادلات اقتصادية دائمة، وَنَاميَة، وَثَابتة، لكن تَبْـقَى هذه الدُول العَربية شِبْه مُغْلَقَة على بعضها بعضًا. وَتَتَـلَافَـى كلّ هذه الدُّول العَربية تَنْمِيَة علاقاتها البَيْنِيَة، في مَجالات الاقتصاد، أو الاجتماع، أو الثَـقَافَة، أو غيرها. وهذا غير عادي.
◊ َنُلاحظ أنّ تَنَـقُّـل المُواطنين العَرب، فيما بين الدُوَل العربية، يَـكَاد أنْ يَـكُون مَمْنُوعًا، أو مُعَرْقَلًا، أو مَكْبُوتًا ! [مثلًا في مَمْلَكة المَغرب، كل مُواطن مَغربي زار الجُمهورية الجَارة الجزائر، تَحتجزه المُخابرات المغربية، وَتَسْتَنْطِقُه خلال أيّام، أو أكثر. وَقَد تُلَـفِّـق له المُخابرات تُهَمًا خطيرة، مثل تُهمة التَعامل مع قِوَى أجنبية مُعادية. ونتيجة هذا الضّغط، هي طَبعًا أنّ مجمل المَغاربة يَتَلَافَوْن زيّارة الجزائر] ! وهذا غير عادي.
◊ َتَبْـقَـى المُبادلات الاقتصادية، أو التجارية، أو الثـقافية، أو العِلمِية، أو التِـكْنُولُوجية، فيما بين الدول العربية هَزِيلَة، أو تَنْحَصِر في حُدود ضَعيفة جدًّا ! وهذا غير عادي.
◊ لَا تُوجد أَبْنَاك اِسْتِثْمَارِيَة مُشتركة فيما بين الدُوَل العَربية، وَلَا شركات تَأمين مُشتركة، وَلَا مَصانع مُشتركة، وَلَا مَشاريع اقتصادية مُشتركة، ولا شبكات تِجارية مُشتركة، وَلَا جامعات مُشتركة، ولا أبحاث علمية مُشتركة، الخ ! بَينما فِيما بَين الدُول العَربية وَالدُول الغَربية الإمبريالية، (وحتّى مع إسرائيل)، تُوجد كلّ أنواع الأعمال المُشتركة التي يُمكن تَخَيُّلُها ! وهذا غير عادي.
◊ تَتَفَاوَت نِسْبِيًّا الْلَّهَجَات الشّعبية فيما بين البُلدان العربية. لكنها تَستـعمل كلها الْلُّـغَة العربية الـفُصحى (لغة الـقرآن) أو اللّغة العربية العصرية، أو تَستخدم لُـغَة عَربية مُبَسَّطَة، وَمُحَسَّنَة. ومن المؤسف أنّ الدول العربية لم تنشئ أكاديمية مشتركة للغة العربية، بِهدف تَوحيد قواعدها، ومفرداتها، وترجماتها. وهذا غير عادي.
◊ وَمِن غرائب المَلَكِيَّات والإمارات العَربية، أنّ ثَـقافة المُلوك، والأمراء، والحُكَّام، والسّائدين، وأبـنائهم، تَبْـقَـى مَحدودة، أو نَاقصة، أو غَير كَافية. ونجد أنّ أبـناء العائلات المَلَكِيَة، أو الأميرية، أو السَّائِدة، يَنْشَأُون، وَيُرَبُّون، في حَاضِنَة مَعْزُولة، أو مُغْلَقَة، وَمُحافظة جدًّا. وَغَالِبًا ما تَكون هذه الحاضنة التـربوية مَفتوحة على الدّول الإمبريالية الغَربية، وفي نَفس الوقت، مُـغْلَـقَة تُجاه البِيئَة الوطنية المَحَلِّيَة، أو تُجاه المُحِيط المُجتمعي الدَّاخِلِيَ. وَتُـعَلِّمُ لهؤلاء الأبناء فـقط أفكار، وَتَصوّرات، ومواقف، السُّلطة السياسية السَّائِدَة. وَتُدَرِّس لهم فـقط الثَّـقَافَة الخَاضِعَة. وَتُـعَلِّمهم فـقط وُجُهَات نَظر الـقِوَى الْإِمْبِرياليّات الغَربية. وَيَنْشَؤُون، وَيَـكْبُرُون، وهم يَجهلون مَعَارِف، أو مَنَاهِج، أو ثَـقَافَات جهات أخرى نَاقدة، أو أَطْرَاف أُخرى وَطنية، أو مُعارضة، أو تَـقَدُّمِيَة، أو تَحَرُّرِيَة، أو ثَورية. فَيُصْبِح أبـناء هذه العائلات المَلَكِيَة، أو الأميرية، أو السّائدة، مُـكَـيَّـفِـيـن، أو مُنَسَّـقِين (formatted)، طِبْـقًا لِـنَمَط فِكْرِي أُحَادِي، هو نَمَط التَّـفْكِير الرَّأْسَمَالِي التَبَـعِي المُحافظ. وَيَـكْبُر أيناء العائلات المَلَكِيَة أو الأميرية، أو السَّائِدَة، وهم مُهَيَّئِين لِكَي يُصبحوا، هُم أيضًا، وَجِيلًا بعد جِيل، مُحافظين، وَخاضعين لِمَنْطِق الْإِمْبِرياليّات الغَربية، وَرَاضِين بِمَنَاهِجِها، وَمُنَاصِرِين لِمَصالحها. وَيَغْدُوا أبناء العَائلات المَلَكِيَة أو الأميرية، أو السَّائِدَة، مُعَادِين لِمَنَاهِج التَـفْـكِير المُجتمعية، أو النَّاقِدَة، أو الوَطَنِيَة، أو التَـقَدُّمِيَة، أو التَحَرُّرِية، أو الثَّوْرِيَة. وَيَضْحُون مُعَادِين لِتَحَرٍّر الشُعوب العربية. وَيَصِيرون مُفَرِّطِين في طُمُوحات الشّعب، وَمُبَذِّرِين لِمَصالح الوَطَن. وهذا ضَيَاع هائل. وهذا غير عادي.
‏◊‏ والمَلَكِيّات والإمارات العربية التي تُؤمن بِـ «إمكانية التَعايُش مع إسرائيل»، هي واهمة. لأنها تَجْهَل طَبيعة إسرائيل، وَلَا تُدرك أهداف الصّهيونية الاستعمارية. ومن وُجهة نَظر الإسرائيليِّين والصهاينة، فإنّ السّبيل الوحيد لِضَمان اِسْتِمْرَارِيَة وُجود إسرائيل، يَستوجب أن تَكون إسرائيل في حالة تَـفَـوُّق مُطلق على كل الدُّول العربية مُجتمعة. كما يَستوجب إِجْبَار كل الشُعوب العربية على البَـقَاء في حالة ضُعْف مُطلق، وفي حالة جَهل، وَتَخَلُّف، وانـقسام، وَخَراب، وانحطاط مُجتمعي. وكل المَلَكِيّات والإمارات العربية التي تَـقبل بالتَـعايش مع إسرائيل، لَا تُدرك أنّ هذا التَعايش سَيُؤَدِّي بها حَتْمًا إلى فُـقْـدَان استقلالها، وَسِيَّادتها، وَحُرِّيَاتِهَا، وَتَنْمِيَتِهَا. بَل سَيُدْخِلُها تَـعَايُشُها مع إسرائيل في حالة عُبُودِيَة تُجاه إسرائيل. وَسَيُعَرِّضُهَا هِيَ نَـفسها إلى الْاِحْتِلَال وَالاستعمار الإسرائيليَّين. وهذه الأوهام حول إمكانية التَعايش مع إسرائيل غير عادية.
◊ كثيرون مِن المُواطنين العرب لَا يَـعْرِفُون سِرَّ قُـوّة أمريكا ؟ وهذا السِرّ هو توحيد 50 دولة (أو وِلَايَة) في دولة واحدة، بِواسطة الحِيلَة، أو القُوَّة ! وكل الدّول العُظمى، أو الـقـوية، المَوجودة في عالم اليَوم (مثل رُوسيا، والصِّين، والهِند، والبرازيل، وجنوب إقريـقـيا، الخ)، سبق لها أنْ تَوَحَّدَت (جزئيًّا، أو كُلِّيًا) بِالقُوّة. وحتّى بعض دُوّل أوروبّا، مثل فرنسا، أو إيطاليا، أو ألمانيا، الخ، حَدث تَوحيدها عبر التاريخ بواسطة الطَّوْعِيَة، أو الحِيلَة، أو القُوّة. وكيف نُـقَوِّي الشعوب الناطقة بالعربية ؟ نُـقَوِّيها عَبر تَوحيدها في دولة واحدة، ولو عَبر اِستعمال القُوَّة ! وبدون تَوحيدها، سَتَـبْـقَـى كلّ الدُول العربية في حالة اِنْحِطَاط مُجتمعي. وهذا الصِّنْف من التَّـفكير يَبْـقَـى غَير مُعتاد، وَمُخالـفًا لِـ «الدِّيموقراطية البُورجوازية» المَائعة. لكن هذا الصِّنْف مِن التَّـفْكِير، هو التَّـفكير الوحيد السَّلِيم، الذي يَـقدر على إخراج الشّعوب العَربية مِن التَخَلُّف المُجتمعي. وعدم فَهم ضرورة الوحدة العَربية، يَبْـقَـى غير عاديّ.
◊ وَتُوجد في العالم العربي العَديد مِن الغَرائب الأخرى التي تُناقض العَقْل. والتَـفصيل فيها قَد يُبعدنا عن الموضوع الرئيسي.
وما هي أسباب هذه الغَرائب الغَير العَقلانية ؟ أسبابها سيّاسية، وَمُجتمعية، وكثيرة، وَمُتداخلة، وَمُعـقّدة. والخَوْض فيها قَد يُبعدنا، هو أيضًا، عن الموضوع الرئيسي في هذا المقال. لكن، مَا يَهُمُّنِـي هُنا، هُو على الأقل، إِبْرَاز سَبَب وَاحد مُتَمَيِّز، وَعَجيب.
وهذا السّبب هو أنّ مُعظم المَلَكِيَّات والإمارات العَربية هي دُول غَنِيَة نِسْبِيًّا، أو مُتوسِّطة الغِنَاء، (بينما مُعظم الجُمهوريات العربية هي فَقيرة، أو شِبْه فَقيرة). وَتُـكِـنُّ المَلَكِيَّات والإمارات العَربية عَدَاوَة سِرِّيَة فَتَّاكَة ضِدّ الجُمهوريات العَربية. وَاشْتِـغَال هذا العَدَاء الدَّفِين لَدى المَلَكِيَّات والإمارات العَربية (النّـفطية، وغير النّـفطية) تُجاه الجُمهوريّات العربية، هو مِن ضِمْن أهم العَوامل التي تُـفَسِّر الكَثير مِن الحُروب الخَفِيَة التي تَحدث فيما بين الدُول العربية، وَتُـفسّر كذلك بعض الحُروب الأهلية الدّاخلية، وَتُـفَسِّر ضُعف، أو غِيّاب، التَعاون، والتَـكَامُل العَربيَّين. كما تُـفَسِّر الرُّكُود، أو الْاِنْحِطَاط المُجتمعي، في مُعظم البُلدان العربية، الخ. ولهذه الاعتبارات، أو لِمَثِيلَاتها، أَطْرَحُ أنّ المَلكيّات والإمارات العَربية تَلعب دَورًا سَلبيًّا أكبر، بِالمُقارنة مع الجُمهوريات العربية، في مَجال تَحْدِيد مَصِير الشُّعوب العَربية.
وَيُوجد نَوْع مِن الاِمْتِنَاع، أو التَـقَاعُس، لَدَى مُجمل المَلَكِيَّات والإمارات العربية، ولدى حتّى كثير مِن الجُمهوريات العربية، في مَجال دَعْم فَصائل المُقاومة الـفلسطينية، بِمَا يَتناسب مع الـقُدرات المادّية لهذه الدُول العربية. وكان هذا العامل وَحده يَـكْـفِـي لِتَبرير الـقـيّام بِدِرَاسات مُتـنوِّعة لِفَهم واقع العالم العَربي.
وَمِن المَعروف أنّ مُجمل الدّول الإمبريالية الغَربية، تَمنح إلى إسرائيل (التي تَسْتَـعْمِر فَلسطين)، أَحْسَن، وَأَقْوَى ما عندها، وَفِي جميع المَيادين، وعلى جميع المُستويات، ومن دون أيّ حَرَج. لأنّ الدّول الإمبريالية الغَربية تَـعتبر أنّ المَشروع الاستـعماري الإسرائيلي، هو أيضًا مَشروعها الخَاصّ بها. وَمُواطني إسرائيل، هُم كُلّهم، وفي نـفس الوقت، مُواطنون تَابعون لِلدُّول الإمبريالية الغَربية. ويحمل كل إسرائيلي 2 أو 3 جَوَازَات سَفَر. فَهَل يُـعْقَل أنْ تُدَعِّم مُجملُ الدُّولُ الإمبريالية الغَربيةُ إسرائيلَ بِكُل ما لديها، بَيْنَمَا الدّول العربية تَمْتَنِـع، تِلْقَائِيًّا، وَطِوَالَ عُقُود، عَن دَعْم فَصائل المُقاومة الـفلسطينية، الضّعيـفة، والمُحاصرة، والمَـقْهُورة ؟
وَامْتِنَاع المَلَكِيّات، والإمارات، وحتّى الجُمهوريات العربية، عن دَعم فَصائل المقاومة الـفلسطينية التَحَرُّرِيَة، سَيُؤَدِّي حَتْمًا، إِنْ اِسْتَمَر، إلى تَهْجِير، ثمّ إبادة شعب فَلسطين !
هل يَجوز أنْ تَظَلَّ مَصْر، أو الأردن، أو سوريا، أو الدّول العربية النَّـفْطية، أو الدُّوَل الأُخرى، «مُحَيَّدَة» (neutralized)، تُجاه الـقضية الفلسطينية ؟ أَلَا يَدخل «تَحْيِيد» الدّول العربية في إطار اِسْتْرَاتِيجِيَة «فَرِّق تَسُد»، التي تَـفرضها أمريكا وإسرائيل ؟ وما السّبَب في «تَحْيِيد» تلك الدّول العربية، هل هو الخَوْف، أم الجُبْن، أمْ التَبَـعِيَة، أم الرُّوح الْاِنْهِزَامِيَة، أم العَمَالَة، أم ماذا ؟
وأَمَام ما تُمارسه إسرائيل مِن قَتْل، وَتَخْريب، وَإِبَادَة، في غَزَّة، ‏وفي الضِفَّة الغَربية، ولُبنان، وسُوريا، مُنذ قُرابة 19 شهرا، أَلَا يَجوز أنْ نَقـول أنّ المَلَكِيَّات، ‏والإمارات، والجُمهوريات العَربية، كلّها مُتَّهَمَة، باستـثناء اليَمَن، بِجَريمة عَدم القِيّام ‏بِوَاجب مُساعدة شَخص مُعَرَّض لِخَطر الـقَتل (failure to assist a person in danger)، وبجريمة عدم القيام ‏بواجب مُساعدة شَعب مُعرّض لِخَطر الْإِبَادَة الجَماعية ؟‏
أَلَيْسَ مِن وَاجب الدّول العربية (النَّـفْطية، وغير النّـفطية) أنْ تَلْتَزِم، كَحَدٍّ أَدْنَى، بِتَطبيق مَبدأ "المُعامَلَة بِالمِثْل" ؟ أيْ مُعَامَلَة إسرائيل، والإمبرياليّات الغَربية، بِمِثْل مَا تُـعَامِلُنَا به.
أَلَا تَدْرِي هذه الدُول العربية أنّ التاريخ يُؤكِّد أنّ الشُعوب تَنـتصر دَائمًا، على المَدَى المُتوسّط، أو الطّويل، ضدّ الاستعمار، وضدّ الإمبرياليات، إذا تَجرّأت هذه الشُعوب على المُقاومة، وعلى النضال، وعلى الكفاح، وعلى تَقديم كل التَضْحِيَّات الـلّازمة ؟ (وكل مَن يَرفض تَـقديم تَضحيّات، فَمَآلُه الحَتمي هو الانهزام، والزّوال). ولماذا لَا تَخاف إيران، واليَمَن، مِن مُوَاجَهَة إسرائيل، والْإمبرياليّات الغَربية، وَلَا تَـقبل الخُضوع لها، وَتَحرز، رغم ضُعفها الجُزْئِي، أو المُؤقّت، على اِنْتِصارات مُتوالية ؟ بينما باقي الدّول العربية لَا تَجْرأ على مُقاومة إسرائيل، ولا على تَـقديم الدّعم لِفَصائل المُقاومة الفَلسطينية ؟
قَبْل أنْ تَـقْدِرَ الدُّول العربية على هَزْم أَعْدائها الصَّهَايِنَة، والْإِمْبِرْيَالِيِّين الغَربيِّين، في المَيدان العسكري، يَتَوَجَّب عليها أنْ تَهْزِمَهم، قَبل ذلك، في مَيادين المَنْطِق، والعَـقْل، والعُلُوم، والإنتاج الصناعي، والعَدْل المُجتمعي !
ومثلما لَعِب العُدوان الاستعماري الأوروبِّي، خلال الـقَرْنَين 19 و 20، دَورًا تَاريخيًّا إيجابيًّا في مَجال إجبار الشّعوب الناطقة بالعربية على الخُروج، وَلَوْ جُزئيًّا، مِن نَوْمِهَا التاريخي العَمِيق، فإنّ العُدوان الإسرائيلي، الـقَاتِل والمُخَرِّب، وَالمُتَـعَدِّد الأَوْجُه، يَلعب، هو أيضًا، دَورًا تَارِيخيًّا إيجابيًّا في مَجال إجبار الشّعوب الناطقة بالعربية على الوَعْي بِـاسْتِـعْجَالِيَّة تَحرّرها مِن تَخَلُّفها المُجتمعي المَدِيد، وَلَو تَطلّب ذلك تقديم تَضحيّات جِسَام، مِن أجل تَـقْوِيم الأنظمة السياسية العربية.
وتظهر المَلَكِيّات والإمارات العربية النّـفطية، كَأَنّها «دُول مَصنوعة مِن ابْلَاسْتِيك هَشّ». وَوُجودها مَشروط بِوُجود النّـفط والغَاز في الْآَبَار. وبعد مُرور قُرابة 20 سنة المُـقبلة، أَيْ حينما سَيَنْـقَـضِـي النّـفط والغاز في هذه الآبار، سَتَزُول هذه الدُّول العربية النّـفطية، كَأَنَّها لَمْ تُوجد أبدًا. وَلَنْ يَبـقـى مِن ثَرَوَات النّـفط والغاز العَربيَّيْن سِوَى غُبار عَابِر. وَلَنْ يَبْـقَـى مِن فَوَائِد النّفط والغَاز العَربيّين سِوَى مَا أُنْجِزَ في داخل الدُّوَل الغَربية الإمبريالية. وَحَتَّى الثَرَوَات، والمِلْيَارات مِن الدُّولارات الأمريكية، التي أَخْفَاهَا أُمراء النّـفط العَرب في الدّول الغربية، سَتُنْتَزَع منهم عَنْوَةً، إِمَّا بِالحِيلَة، وإمّا بِالقُوَّةً. ولن يَبـقـى منها سوى ذِكريات مَاضية مِثل أحلام الأندلس. وَسَيكون الرَّصِيد الإجمالي في مَجال اِستـفادة الشّعوب العربية مِن ثروات النّـفط والغَاز العَربيّين، هو تَقريبًا لَا شَيء. وَسَتَـعْتَبِر الشّعوب العربية فيما بَعد هذه النَتيجة كَـكَـارِثَة تاريخية هَائِلَة. وستـكون الإمبرياليّات الغَربية، على اِمتـداد قُرابة قَرْن وَنِصف، قَد نَجحت في نَهْب مُجمل ثروات النّـفط والغاز العَربيَّين. وَهُنا يَتَجَلَّى دَهَاء الاستـعمار الغَربي ! وَهُنا تَتَـجلّـى بَلادتـنا السياسية المُشتـركة !
وما دَامت الدول العربية تُراهن على «تَحالـفها»، أو على «تَبَـعِيَّتِهَا»، لِلْإِمبرياليّات الغَربية، فإنها سَتبـقـى عاجزة عَن مُـقاومة إسرائيل، أو هَزمها. والسّبيل الوَحيد لِتَحرّر الشعوب العربية، يَستوجب فَكَّ الْاِرْتِبَاط كُلِّيًا مَع الْإِمْبِرياليّات الغَربية، والدُخول في تَحالـفات اِسْتْرَاتِيجِية، شَاملة ودائمة، مَع دُوَل نَاهِضَة مِثْل رُوسيا والصِّين، إذا كانتا تُصَارِعَان الإمبرياليّات الغَربية. لأن الشعوب العربية تحتاج إلى الاعتماد على النّـفس، وتـفـتـقـر إلى حَليـف اِستـراتيجي قَويّ. وَتَحتاج الشّعوب العربية إلى «خَلْفِيَة اِستْرَاتِيجية» ثَابِتَة. كما تَحتاج الشّعوب العربية إلى حَليف قادر على مُساعدتها على الخُروج مِن التَخلّف المُجتمعي المُرَكَّب، والذي تَتَخَبَّط فيه منذ قُرُون مِن الزّمان. خَاصَّةً في مَجالات الوعي السيّاسي، والثَـقافة، والعُلوم، والتكنولوجيات، والإنتاج الصناعي، والتَضَامُن المُجتمعي، والاستعداد العسكري، الخ. بَينما ظلّت الإمبرياليّات الغَربية تَرْفُض، أو تَمْنَع، كل ما يُمكن أنْ يُساعد الدّول العربية على الخُروج مِن اِنْحِطَاطها المُجتمعي المُزمن.
وَتُوجد اليوم، عَوَامِل إضافيّة، تُوجب مُراجعة مُراهنة الدّول العَربية على «تَحَالـفها» مع الدُّول الغَربية الإمبريالية. وهذه العوامل الجديدة هي أَوَّلًا تَطَوّر العالم مِن «أُحاديّة القُطْبِيَة» (تحت هَيمنة الإمبريالية الأمريكية) إلى عالم «مُتَـعدّد الأقطاب». وهي ثَانِيًّا سُـقُوط مُجمل الدُوّل الغَربية الإمبريالية في حالة اِنْحِدَار حَثِيث، أو تَدَهْوُر اِسْتْرَاتِيجِي، أو أُفُول مُجتمعي مُتواصل. وَلَنْ تَستطيع الدُول الغَربية الإمبريالية الخَلَاص مِن هذا الانحدار التَدريجي، أو الْاِنْهِيّار البَطيء. بَينما دُوّل مَجموعة "البْرِيكْسْ" (BRICS)، وفي طليعتها رُوسيا والصِّين، تَتَـقَـدَّم، وَتَتَـقَوَّى باستمرار.

24. خُــــلَاصـــــة
مُجمل الحُروب التي حَدثـت في العالم العَربي لها مِيزَات مُشتركة. وهي التّالية :
1٭ مَن يُبادر إلى خَوْض هذه الحُروب هو، إمّا الإمبرياليات الغَربية، وإمّا إسرائيل، وإمّا الَمَلَكِيَّات والإمارات العَربية، وإمّا «مِيلِشْيَات إسلامية» مُرتـزقة، وَمُسَخَّرَة.
2٭ ضَحَايَا هذه الحُروب، هم دائمًا الجُمهوريات العَربية، وَشُـعُوبها، وليس المَلكِيّات أو الإمارات العَربية.
3٭ مُمَوِّلُو هذه الحُروب، وَلَوْ بِشَكل سِرِّي، أو مُمَوَّه، أو بِشَكل بَـعْدِي، هُم المَلَكِيَّات والإمارات العَربية النَّـفْطية (المُتواجدة في الخَليج).
4٭ هَدف هذه الحُرُوب (الجارية في العالم العربي) هو دائمًا إِضْـعَاف الجُمهوريات العربية، أو تَخْريب شُـعُوبِها، أو إِرْجَاعُها إلى حالة الْاِنْحِطَاط المُجتمعي.
إنها حُرُوب سِرِّيَة، تَخوضها الإمبرياليّات الغَربية، أو إسرائيل، أو المَلَكِيّات والإمارات العَربية، أو «مِيِلِشْيَات إسلامية» مُكَوَّنَة مِن مُرْتَزِقَة، ضِدَّ الجُمهوريات العَربية. وَمُمَوِّلُو هذه الحُروب، بشكل مُباشر، أو غَير مُباشر، هُم في آخر المَطاف، المَلَكِيَّات والإمارات العَربية النَّـفْـطِيَة.
وَلَوْ لَم تَـكُن المَلَكِيّات والإمارات العربية (النَّـفطية) مُستـعدّة لِتَمْوِيل هذه الحَرُوب، أو لِأَداء فَوَاتِيرها، أو تَـكَالِيـفها، لَمَا حَدَثَت العَديد من هذه الحُروب، التي جَرت داخل "العالم العربي".
وَحَتّى الحَرب المُتواصلة ضدّ الشّعب الـفَلسطيني، يُمكن أن نَـعتبرها جُزْءًا مِن هذه الحُروب المُمَوَّهَة.
وَمِن بَيْن الْاِسْتِنْتَاجات المُستخلصة، أنّ هذه المَلكيّات والإمارات العربية، وربّما حتّى مُعظم الجمهوريات العربية الحالية، غَدَت غَير قَابلة لِلْإصلاح السيّاسي.
والسبيل لِلتَحَرُّر مِن الحَلَقَة المُفرغة، أو العَبَثِيَة، التي تَدُور فيها الشُعوب العَربية، هو أنْ تَتَجَرّأ هذه الشّعوب على التَـفكير النَّـقْدِي الثّوري، والانخراط في التـنظيمات الثّورية، والمُقاومة، والنِضال، والتَضْحِيَة، وخَوض الثّورة المُجتمعية الشّاملة، والمُتواصلة، وَتَوحيد أكثر مَا يُمكن مِن الشُّعوب النّاطقة بِالعربية في دَولة واحدة. وَبَذْل كل التَّضحيّات الـلّازمة، مَهْمَا كانـت جَسِيمَة، وَمُواصلتها حتّى تَتَحَـقَّـق كلّ الطُمُوحَات الثّورية.
والمَلَكِيَّات والإمارات العَربية، هي الدُّوَل الوحيدة في العالم، التي لَا تُدرك، أنّ السَّبِيل الْأَكِيد لِلحُصول على السَّلَام، يَستوجب الاستـعداد الجَادّ لِلحَرب، ليس ضدّ الجُمهوريات العربية، وإنّما ضِدَّ الأعداء الحقـيـقـيِّين، والذين هُم إسرائيل، وهم الإمبرياليات الغَربية، والمَلَكِيّات أو الإمارات العَربية العَمِيلَة.
والتَـعَايُش مع إسرائيل المُسْتَـعْمِرَة، هو وَهْم غَير قَابل للتَّحقيق. لأن إسرائيل هي مشروع جَماعي غَربي، إمبريالي، اِستعماري، وَعُنصري، واسْتِيطَانِي، وَتَوَسُّعِي، وَتَخريبي، وَهَيْمَنِي، وَمُـعادي لكل المُسلمين، وَمُعادي لكلّ العَرب.
فَلَا مَـفَرَّ مِن ضَرورة اِستعداد كل دولة عربية لِخَوْض حَرب قَادِرَة على رَدْع إسرائيل، أو هَزْمِها، هِيَّ وَحُلفائها الإمبرياليّات الغَربية.
وَلَا يُمكن هَزْم إسرائيل، وهزم الإمبرياليّات الغَربية، بِدُون هَزْم المَلَكِيَّات والإمارات العَربية العَمِيلَة لِلإمبريالية، أو للصّهيونية. ولماذا ؟ لأنّ هذه الملكيّات والإمارات العَربية التَبَـعِيَة، تَخْتَار دائمًا الْاِحْتِمَاء بالإمبرياليات الغربية، والتَحالـف معها، والتَعاون معها، وَتُـفَضِّل خَوض الحُروب ضدّ الشُّعُوب العَربية الثّورية.

……. ٭ …….

وَخِتَامًا، عَرضتُ في هذا المَقال، بعض المُلاحظات المُحرجة، والتَسَاؤُلات المُحَيِّرَة، والأفكار المُتَنَاثِرَة. وتـناولت عدّ مواضيع فَرْعِيَة، وَلَوْ أنها تظهر بعيدة عن المَوضوع الرئيسي. والمُبْتَـغَـى مِن هذه الأطروحات السياسية، هو حَثُّ مُواطنينا على التَساؤل، أو التأمّل، أو تَبَادُل النَّـقْد الثّوري، في المَجالات المُثيرة للاهتمام، أو لِلتَّسَاؤُل، أو لِلْـقَـلَـق. خاصّةً حينما تَـكون هذه القضايا حَاسمة في مَصِير شُعوب العَالم النّاطق بالعربية. فَلْنَـجْعَل مِن هذه الأُطروحات، وأمثالها، رَافِـعَة تُسَهِّل التَأَمُّل في إشكاليّات تَحرّر الشعوب الناطقة بالعربية.
وفي جميع الأحوال، فإنّ الاحتمال الأكبر، هو أنّ مُستـقبل الشعوب الناطقة بالعربية، سيكون مليئًا بِالصِّدَامَات، وَبِالمُآمَرات، وَبِالحُروب، وَبِالمُعَانَات، والتضحيّات، والآلام. ولماذا ؟ لأنه، بِقَدر مَا تُحس إسرائيل، والإمبرياليّات الغَربية، وكذلك المَلَكِيّات والإمارات العَربية، بِقُرب ضُعفها، أو انْحِدَارها، أو انْهِيّارها، فإنها سَتَتَشَدَّد أَكثر مِمَّا كانـت في الماضي، في عُدْوَانِهَا الشَّرِس، وَالـقَاتِل، والمُخَرِّب، ضدّ الشعوب الناطقة بالعربية.
وبعد هُجوم "طُوفَان الأَقْصَى" في 7 أكتوبر 2023، أحسّت إسرائيل، والإمبرياليات الغربية، بِهَشَاشتها، وَبِإِمْكانية اِنْهِيَّارها، أو انهزامها، أو زَوالها. فَدَخَلَت في هُجوم اِستْراتيجي مُضَاد، أرادت من خلاله إِبَادة المُقاومة، وَإِرْهَاب الشعوب العربية، وَتَخريبها، وَتَمْزِيقها، وَتركيعها. لكن مَهما فَعلت إسرائيل، والإمبرياليات الغَربية، سَواءً تَشَدَّدَت في عُدوانها، أم قَلَّصَت عُنـفها، فإنّها، في جَميع الحَالات، سَتُـعَجِّل بِانهيارها الحَتمي، على مَدَى مُتوسّط أو طويل. لأنها تُعاكس المَنطق، وَتُناقض العَدل.
غَبَاءُنا المُشترك، يَـكْمُن في مُمَارَسَتِنَا المُشتركة المُتَجَلِّيَة في نَوْع مِن «الانـتظارية»، أو «الانهزامية»، أو «الْأَنَانِيَة الوَطَنِيّة»، أو في «حَرب الجَميع ضِدّ الجَميع». بَينما ذَكاؤنا المُشترك، يَـكْمُن في مُمارستنا لِلتَّـضَامُن المُجتمعي، والتَـعَاوُن المُجتمعي، وَالتَـكامُل فيما بين الشُعوب العربية، والتَشَاوُر والتَكَامُل فيما بين كل الـقِوَى الثّورية، والالتـزام بِالعَدالة المُجتمعية، وبالعَدالة العالمية !

رحمان النوضة
(إنتهى تَحرير هذا المقال في يوم السّبت 1 مارس 2025).
[ تَنْبِيه لِلنَّاشِرين : في إطار تَعميم الـفَائدة، يَمنح الكاتب رحمان النوضة تَرخيصًا للنّاشرين لِيُعيدوا نَشر مَقالاته وكتبه. ويُمكن تَنزيلها من مُدَوَّنَته الشخصية ].

25. وَثَـائِـق أُخرى نَشرها الـكَاتـب
لِمَن يَهُمُّه مَوضوع التَنَاقُضات، أو الصِراعات الخَفِيَة، فيما بين المَلَكِيّات والجُمهوريّات العَربية، يَعرض الكاتب رحمان النوضة وَثَائِـق أُخرى مِن إنتاجه، يُمكن الْاِسْتِئْنَاس بها :
- الصراع بين الملكيات والجمهوريات، نشر سنة 2022، الصفحات 16، الصيغة 3.
- مصلحتـنا تـعدّد أقطاب العالم، نشر سنة 2022، الصفحات 50، الصيغة 4.
- هل ستتخلّص السّعودية من هيمنة أمريكا، نشر سنة 2023، الصفحات 8، الصيغة 6.
- دُروس حرب الإمبرياليات ضد سوريا، نشر سنة 2024، الصفحات 17، الصيغة 4.
- هل يَجوز تَوحيد العَرب وَلَوْ بالـقُوّة، نشر سنة 2024، الصفحات 22، الصيغة 5.
- نـقد شعار المَلكية البرلمانية، نشر سنة 2019، الصفحات 40، الصيغة 10.
- لماذا ستـنهار إسرائيل حتميًّا، نشر سنة 2023، الصفحات 31، الصيغة 6.
- هل تجنيس الإسرائيليّين قانوني، نشر سنة 2022، الصفحات 31، الصيغة 4.
- نـقد منطق التّطبيع مع إسرائيل، نشر ماي 2021، الصفحات 20، الصيغة 3.
- [كتاب] رحمان النوضة، نـقد الصهيونية، نشر مارس 2017، الصفحات 226، الصيغة 21.

وهذه لائحة الكُتب التي نشرها رحمان النوضة على الأنترنيت:
1- Le Sociétal, Édition 2012, pages 519, Version 8, pdf.
2- Le Politique, Édition 2010, pages 470, Version 9, pdf.
3- L’éthique politique, Édition 2011, pages 333, Version 13, pdf.
4- Impossible de sortir du sous-développement par le capitalisme, Édition 2022, pages 189, Version 22,
5 – أطروحات حول الدولة، نشر سنة 2022، الصفحات 157، الصيغة 16، ‏pdf‏.‏
6- نَـقْد الشّعب (حوار حول مُعِيـقَات إصلاح المُجتمع)، نشر سنة 2012, الصفحات 395، الصيغة 61، منشور على الورق.
7- نَـقْد أحزاب اليسار بالمغرب، نشر سنة 2012، الصفحات 317، الصيغة 61، pdf.
8- هل ما زالت الماركسية صالحة بعد انهيّار الاتحاد السوفياتي؟، نشر 2015، الصفحات 217، الصيغة 21، pdf.
9- نَـقد الحركات الإسلامية، نشر سنة 2019، الصفحات 310، الصيغة 12، pdf.
10- طبقات المُجتمع، مخطوطة سنة 1983، الصفحات 350، صيغة سنة 1983، pdf.
11- نَـقْد النظام السياسي بالمغرب، نشر 2011، الصفحات 410، الصيغة 57، pdf.
12 - نـقد الصهيونية، نشر 2017، الصفحات 226، الصيغة 21، pdf.
13- نَـقد النُخَب، الصيغة 12، pdf.
14- أيّة علاقة بين الدِّين والـقانون، نشر 2015، الصفحات 186، الصيغة 24، pdf.
15- الجنس والدِّين (من الإرشاد إلى الـفضيحة)، نشر 2016، الصفحات 180، الصيغة 17، pdf.
16- كَيـف نُسقط الاستبداد (في فنون النضال الجماهيري السّلمي المُشتـرك)، نشر 2013، الصفحات 240، الصيغة 7، pdf.
17- مشروع الرّبط الـقَار بين المغرب واسبانيا، دراسة جيو استـراتيجية، مخطوطة 1988، الصفحات 204، صيغة سنة 1988، pdf.
18- كَيْف؟ (في فنون النضال السياسي الثوري)، مخطوطة سنة 1982، الصفحات 208، صيغة سنة 1982، pdf.
19- كيـف نـتجاوز القمع، صيغة سنة 1973، pdf.
- ونشر مقالات ودراسات متـنوّعة على جرائد ومجلات مغربية، وعلى الإنترنيت.
يمكن تـنزيل هذه المقالات والكتب مجانًا من مَوقع مُدَوَّنَة الكاتب التَّالِية :
https://livreschauds.wordpress.com/2015/01/03/liste-‎لائحة‎/‎

هَــــــوَامِــــــش :
(1) أنظر : Rahman Nouda, Impossible de sortir du sous-développement par le capitalisme, Édition 2021, 189 pages, Version 22, PDF.
(2) أنظر كتاب ‏Jeremy Scahill, Blackwater: The Rise of the World s Most Powerful Mercenary Army, publié ‎par Nation Books, en 2007, ‎https://fr.wikipedia.org/wiki/Blackwater._L%27ascension_de_l%27arm%C3%A9e_priv%C3%A9e_la_plus‎_puissante_du_monde
(3) هشام عقراوي، احتمالات نشوب حرب أو اتفاق بين إيران وأمريكا و تأثيراتها على إقليم كوردستان...، مقال منشور على موقع ‏‏"الحوار المتمدن"، بتاريخ 20 أبريل 2025، العدد: 8318. ‏
(4) نفس المصدر السابق، هشام عقراوي.
(5) https//oumma.com/un-general-israelien-raconte-lapport-de-hassan-ii-dans-la-victoire-disrael-lors-de-la-guerre-de-1967
(6) أنظر وثيقة: رحمان النوضة، لماذا ستنهار إسرائيل حتميا، نشر 2023، الصفحات 31، الصيغة 6.
(7) أنظر رحمان النوضة، نـقد الصهيونية، نشر مارس 2017، الصفحات 225، الصيغة 21. ويمكن تـنزيله من ‏مُدوّنة الكاتب.
(8) حول هذه النُقطة الأخيرة، أنظر كتاب : لطفي شوقـي، الحركات المُجتمعية ضدّ الرّأسمال، نشر 2020، الصفحات 257، في الصفحة 13، باللغة الفرنسية.



#عبد_الرحمان_النوضة (هاشتاغ)       Rahman_Nouda#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات ‏وَالجُمهوريّات 2/4
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
- إِسْرَائِيل نَازِيَة مِن صِنْف جَدِيد
- أَسْقَطَت الإمبريالية سُورْيَا في ثُـقْب أَسْوَد
- هل يجوز توحيد العرب ولو بالقـوة؟
- نَـقْد تَحْوِيل التَضامن مَع فَلسطين إلى مُناصرة لِلْإِسْلَا ...
- نَقْد الزَّعِيم والزَّعَامِيَة
- نَـقْـد شِعَار المَلَكِيَة البَرْلَمانية 2/2
- نَـقْـد شِعَار المَلَكِيَة البَرْلَمانية 1/2
- لماذا اُعْتُقِلَ مُدير تَطْبِيق تِلِغْرَام
- الْإِسْلَام وَالرَّأْسَمَالِيَة
- صِرَاع الطَّبَقِات، أَمْ صِرَاع الْإِثْنِيَّات
- في مَنَاهِج النِضَال الجَمَاهِيرِي المُشْتَـرَك
- أحزاب اليسار تـرفض التـنسيـق
- الرَّأْسَمَالِيَة هِي اِنْتِحَار جَماعِي بَطِيء
- نَظَرِيَة «الْأَنَا»، و«الْأَنَانِيَة»
- مَوْقِع الحِوَار المُتَمَدِّن مُهَدَّد 3/3
- مَوْقِع الحِوَار المُتَمَدِّن مُهَدَّد 2/3
- مَوْقِع الحِوَار المُتَمَدِّن مُهَدَّد 1/3


المزيد.....




- البرلمان الإيراني يصوت لصالح تعليق التعاون مع الوكالة الدولي ...
- المجر تحذر السفراء الأوروبيين من عواقب قانونية في حال المشار ...
- ترامب يترقب محادثات مع إيران ولا يستبعد تخفيف العقوبات
- اتفاق أوروبي أوكراني لإنشاء محكمة تقاضي المسؤولين الروس
- هكذا صنعت أميركا حربا هوليودية في أفغانستان وقتلت عائلات الم ...
- فيديو حادثة المطار.. رجل يحاول قتل طفل إيراني هارب من الحرب ...
- ترامب يهاجم مراسلة -سي إن إن-: يجب طردها فورا
- إيران تلوح بالحوار.. وترامب يسعى لاتفاق نووي -أفضل من 2015- ...
- حرب الـ12 يوما.. إسرائيل وإيران ترسمان ملامح الصراع الحديث
- مصر.. دعوة من ساويرس وسط ضجة باحثة إسرائيلية وما قالته عن أص ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الرحمان النوضة - حَرب سِرية بين المَلكيات والجُمهوريات 4/4