نبيل محمد سمارة
(Nabil Samara)
الحوار المتمدن-العدد: 8488 - 2025 / 10 / 7 - 20:56
المحور:
حقوق الانسان
في السابع من تشرين الأول 2025، تمر الذكرى الثانية لبدء العدوان الصهيوني الواسع على قطاع غزة، الذي وصف حينها بأنه الأشرس في تاريخ الصراع العربي – الإسرائيلي. عامان من القصف والتجويع والحصار، عامان من الموت الجماعي والتطهير الممنهج، والعالم ما زال يكتفي ببيانات القلق والشجب، فيما يستمر الاحتلال في ارتكاب جرائمه بحق أكثر من مليوني إنسان محاصَر في رقعة جغرافية صغيرة، لا تملك سوى إرادة البقاء.
على مدى عامين، لم تتغير الصورة كثيراً. فالاحتلال الصهيوني ما زال يعتمد سياسة “الأرض المحروقة” لتفريغ القطاع من سكانه، مستخدمًا كل أدوات الحرب: من القصف الجوي العنيف إلى الحصار الاقتصادي والتجويع المنهجي. ورغم ذلك، فشلت كل محاولاته في تحقيق أهدافه المعلنة وغير المعلنة، فغزة لم تنكسر، والمقاومة لم تهزم، والشعب الفلسطيني ما زال صامداً في وجه واحدة من أكثر الحملات العسكرية تدميراً في التاريخ الحديث.
سياسياً، كشفت حرب غزة عن انقسام الموقف الدولي بصورة فاضحة. الغرب، بقيادة الولايات المتحدة، واصل دعمه اللامحدود للاحتلال، مانحاً إياه غطاء سياسياً ودبلوماسياً لارتكاب جرائمه، في حين بقيت الأمم المتحدة ومؤسساتها رهينة العجز والازدواجية. أما الموقف العربي، فظل متردداً ومتبايناً بين بيانات الإدانة ومحاولات الوساطة، دون أن يتحول إلى موقف موحد يرقى إلى مستوى الكارثة الإنسانية المستمرة.
ورغم الصمت الدولي والتواطؤ السياسي، نجحت غزة في فرض معادلة جديدة على الوعي العالمي. فقد تحوّل العدوان إلى فضيحة أخلاقية للمنظومة الغربية التي تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان، بينما تقف عاجزة أمام مشاهد المجازر في رفح وجباليا وخان يونس. كما أسهمت صور الدمار وصمود الفلسطينيين في إحياء الرأي العام العالمي، حيث خرجت التظاهرات في عواصم أوروبا وأمريكا اللاتينية وأفريقيا تندد بالإبادة وتطالب بمحاسبة قادة الاحتلال.
اقتصادياً وإنسانياً، يعيش القطاع اليوم أسوأ أزماته منذ عقود. البنية التحتية مدمرة، والمستشفيات تعمل بأقل من طاقتها، والتعليم في حالة انهيار، فيما تستمر عمليات التهجير الداخلي. لكن وسط هذا الركام، تبقى غزة رمزاً لقوة الإرادة الفلسطينية، ومركزاً لرفض الإملاءات التي تسعى لفرض "حلول إنسانية" بدلاً من الحقوق السياسية المشروعة.
إن مرور عامين على إبادة غزة ليس مجرد ذكرى للحرب، بل محطة لكشف زيف النظام الدولي، ومقياساً لمدى قدرة الشعوب على مواجهة الظلم رغم اختلال موازين القوى. وما زالت غزة تقول للعالم بعد عامين من النار:
الحق لا يقصف، والصمود أقوى من الطائرات.
#نبيل_محمد_سمارة (هاشتاغ)
Nabil_Samara#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟