أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ازهر عبدالله طوالبه - بعد خطة ترامب، إلى أين يُسيّر الشرق الأوسط.














المزيد.....

بعد خطة ترامب، إلى أين يُسيّر الشرق الأوسط.


ازهر عبدالله طوالبه

الحوار المتمدن-العدد: 8488 - 2025 / 10 / 7 - 04:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تبدو المنطقة اليوم وكأنّها على عتبةِ تحوّلٍ استراتيجيّ عميق، يتجاوز حدودَ الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي إلى رسم ملامحٍ جديدة لموازين القوى في الشرق الأوسط بأسره. فموافقة حركة حماس على خطة ترامب، والدّخول في المرحلة الأولى منها — مرحلة المفاوضات الجارية في شرم الشيخ— ليست مُجرد خطوة تفاوضيّةٍ عابرة، بل إشارة إلى بداية إعادة ترتيب المُعادلة السياسيّة والإقليميّة وفق رؤيةٍ أميركية تتقاطع فيها المصالح الأمنيّة والاقتصاديّة مع الطموحات الجيوسياسية لدولٍ إقليميّة نافذة.

في الجوهر، لم تكُن خطة ترامب —رغم ما أُحيط بها من شعارات "السلام الاقتصادي" و"الواقعية السياسية" — سوى إعادة إنتاجٍ لاتفاقاتٍ سابقة في صيغة أكثر حدّة، تسعى إلى دمج إسرائيل نهائيًّا في المنظومة الإقليميّة، مقابل تفكيك البنية التقليدية للقضيّة الفلسطينية وتحويلها إلى ملفٍ إداري–اقتصادي. اليوم، حين تدخل حماس إلى هذه المُفاوضات، فإنّها تفعل ذلك محمّلة بإرثٍ ثقيل من الحُروب، وبحاجةٍ ماسّة إلى كسر العزلة الإنسانيّة والاقتصادية عن غزة. لكن، الثمن السياسيّ لهذه المُشاركة لا يزال غامضًا ومفتوحًا على احتمالاتٍ خطيرة.

في المُقابل، تُدرك واشنطن أنّ السيطرة على الشرق الأوسط لم تعُد ممكنة بالقوّة العسكريّة وحدها، بل من خلال هندسة علاقاته الداخليّة، وإعادة تعريف أدوار الفاعلين فيه. فمصر، التي تستضيف المفاوضات في شرم الشيخ، تُحاول أن تُكرّس نفسها كضامنٍ للتسوية، مستعيدةً موقعها المركزيّ في المعادلة الإقليميّة، بينما تسعى دول الخليج إلى موازنةٍ دقيقة بين تطبيعها المُتدرّج مع إسرائيل وبين مخاوفها من صعود محور المقاومة، خاصةً في ظلّ انكفاء الدور الإيراني النسبي بعد الضربات الاقتصادية والعسكرية الأخيرة.

أمّا إسرائيل، فهي المُستفيد الأكبر من المشهد. فالمُفاوضات تُتيح لها فرض شروطها من موقع القوّة، وتُعيد لها شرعيةً سياسيّة افتقدتها طوال العام المنصرم بعد مجازر غزة. وهي تُدرك أنّ أي اتفاقٍ مؤقتٍ أو دائمٍ مع حماس، سيُشرعن وجودها، ويُحوّل المقاومة من فاعل عسكري إلى شريكٍ تفاوضي يمكن احتواؤه.

على الجانب الآخر، تُراقب إيران وسوريا ولبنان تطوّر المفاوضات بحذرٍ شديد. إذ يعني نجاحها في فرض صيغةٍ نهائية للسلام أن ميزان الردع سينقلب رأسًا على عقب، وستُفتح المنطقة على مرحلة جديدة من “السلام الساخن” — سلامٍ تُدار فيه الصراعات بالاقتصاد والهيمنة الأمنية لا بالسلاح، في ظلّ استمرار الاحتلال بصورته “المشرعنة”.

ولعلّ الأخطر من ذلك، أنّ المشروع الأميركي الجديد لا يستهدف فلسطين وحدها، بل يسعى لإعادة هندسة الشرق الأوسط ككل، عبر إعادة تعريف الحدود السياسية للنفوذ، وضبط حركة القوى الكبرى فيه بما يخدم مصالح الطاقة والأمن البحري. من البحر الأحمر إلى الخليج، ومن شرق المتوسط إلى جبال زاغروس، يجري الآن رسم خريطةٍ أمنية–اقتصادية جديدة تُهيّئ المنطقة للدخول في مرحلة “ما بعد المقاومة” كمنظومة فاعلة.

لكن، رغم هذا المشهد المعقّد، لا يمكن القول إنّ الطريق بات معبّدًا تمامًا أمام واشنطن أو إسرائيل. فالمجتمعات العربية لا تزال تحتفظ بحساسيةٍ عالية تجاه التطبيع، والرأي العام في المنطقة لم يُستشر في أيٍّ من هذه الترتيبات. كما أنّ حماس نفسها، وإن دخلت المفاوضات مضطرة، تُدرك أنّ هامش المناورة لديها ضيّق، وأنّ أيّ تنازلٍ يمسّ جوهر القضية سيُفقدها شرعيتها في عيون شعوبها ومناصريها.

إذن، إلى أين يُسيَّر الشرق الأوسط؟ إلى مرحلةٍ جديدة من "السلام الموجّه"، تُدار فيها الصراعات بالتحكم السياسي والاقتصادي لا بالرصاص، تُبرَّر فيها الهزائم بالواقعية، ويُعاد فيها تعريف النصر كـ"اتفاقٍ يُوقّع لا كحقٍّ يُنتزع". لكنّ، التاريخ علّم هذه المنطقة أنّ كل تسويةٍ لا تستند إلى عدالةٍ حقيقية، لا تلبث أن تنفجر من جديد، لتذكّر العالم أنّ الشرق الأوسط، مهما بدا خاضعًا، لا يُمكن أن يُقاد إلى وجهةٍ لا تعبّر عن إرادة شعوبه.



#ازهر_عبدالله_طوالبه (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وساطَة أردوغان: عودةٌ محفوفة بالنّار.
- رد جماس: تحويل مُعادلة الضغط إلى فُرصة
- غزة من قضية محليّة إلى معركة عالمية.
- غياب تونس وإيران عن التّصويت: دلالات تتجاوز الصّمت
- حين يُصبح قتل المُفاوض هدفًا استراتيجيًّا اسرائيليًّا.
- حينما تتقدَّم إسبانيا ونتأخَّر نحنُ.
- الاستقالات الهولنديّة وصمت الحكومات العربيّة.
- إسرائيل الكُبرى: المشروع الأخطر على وجود دول الطوق.
- في مواجَهة الاحتلالِ الصهيونيّ: نحو مشروع تحرُّر جديد للمِنط ...
- حين تصبح التكنولوجيا شريكًا في الجريمة: مايكروسوفت، إسرائيل، ...
- في قلب الصراع: إيران بين الضّغط الأميركيّ وخيارات القوّة.
- الأردن بينَ النيران، لكنّها لن تلتَهِمهُ.
- إسرائيل كقاعدة استعماريّة وأداة للهيمنة.
- رسالة للأشقّاء السوريين.
- الصراع في سوريا المنطقة: صفقاتٌ خفيّة وتحدّيات مصيريّة.
- الهيمنة الغربيّة على حوض المحيط الهندي: قراءة تاريخية وتحليل ...
- برغماتيّة ترامب وموالاته للحركة الصهيونيّة.
- علينا أن نّفكّر بمنطق.
- ماذا علينا أن نفعل بعد صرخَة -آرون-.
- لنُراهن على ذاتنا، ولنتوقّف عن تقديس أداة الفُرس.


المزيد.....




- ليلة من الأحداث الدامية في حلب.. واتهامات متبادلة بين دمشق و ...
- ألبانيا: مصرع قاض إثر حادثة إطلاق نار داخل المحكمة
- اليمن: الحوثيون يعتقلون تسعة موظفين أمميين وغوتيريس يدعو إلى ...
- أوروبا أصبحت أكبر مناصر لغزة والمستقبل يحتاج خطة
- عاجل | وسائل إعلام إسرائيلية: صفارات الإنذار تدوي في شمال قط ...
- مباحثات شرم الشيخ.. مخاوف حماس و-الخط الأصفر- الإسرائيلي
- -سيري- تحت المجهر.. تحقيق فرنسي جديد ضد شركة -آبل-
- مصر.. مباحثات حماس وإسرائيل تهدف لوضع -إطار زمني- للهدنة
- ترامب: أريد أن أعرف ماذا ستفعل أوكرانيا بصواريخ -توماهوك-؟
- ميركل: دول البلطيق عطلت الحوار مع بوتين قبل حرب أوكرانيا


المزيد.....

- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ازهر عبدالله طوالبه - بعد خطة ترامب، إلى أين يُسيّر الشرق الأوسط.