أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ازهر عبدالله طوالبه - وساطَة أردوغان: عودةٌ محفوفة بالنّار.














المزيد.....

وساطَة أردوغان: عودةٌ محفوفة بالنّار.


ازهر عبدالله طوالبه

الحوار المتمدن-العدد: 8487 - 2025 / 10 / 6 - 04:51
المحور: القضية الفلسطينية
    


لم تكن زيارة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى البيت الأبيض مجرّد حدثٍ بروتوكوليٍّ عابر، بل كانت، في جوهرها، إعلانًا عن عودة تركيا إلى قلب هندسة الشرق الأوسط من بوّابةٍ أميركية. فبعد لقائه بالرئيس دونالد ترامب، بات واضحًا أنّ أنقرةَ حصلت على تفويضٍ غير مُعلن لتلعب دورَ الوسيط في تنفيذ "خطة ترامب" الجديدة، التي تهدف إلى إنهاء الصراع (الإبادَة الإسرائيليّة) بين حماس وإسرائيل، تحت عنوانٍ فضفاض هو "وقف الحرب وبداية الإعمار".

لكن، هذه الوساطة التي تبدو في ظاهرها خطوة نحو السلام، تحمل في باطنها توازناتٍ معقّدة، قد تعيد رسم العلاقات التركية – الإسرائيلية، وتبدّل مسارَ العلاقة المتقلّبة بين أنقرة وواشنطن.


وعلى الأرجَح، فإنّ هذه الزّيارة، قد خلَّصت تركيا من عُزلتها الدبلوماسية. إذ أنّها، منذُ سنوات، تُحاول أن تستعيدَ موقعها في الملف الفلسطينيّ، بعدما همّشتها القاهرة، ومِن خلفها الخليج، في جولاتِ التهدئة السابقة. واليوم، وجدَت الفُرصة سانحة لتثبيت نفسها بوصفها "الوسيط الإسلامي القادر على التفاهم مع الجميع": مع واشنطن بحكمِ التحالُف التاريخيّ، ومع حماس بحكم القُرب الأيديولوجي، ومع تل أبيب بحكم المصالحِ الاقتصادية.

بهذه الوساطة، تُعيد أنقرة ترميم صورتها كقوةٍ سياسيّة، قادرة على الجمع بين لُغة "المقاومة" ولغة "الدبلوماسية"، وتستثمر الميدان الفلسطينيّ لتثبيت شرعيّتها في الإقليم، خصوصًا بعدما تراجع وهجها في ملفاتٍ مِن مثِل: ليبيا وأذربيجان.


مكاسب مُحتملة. لكن، بشروطٍ إسرائيليّة

من الجانب الإسرائيلي، لا تخفي تل أبيب ارتياحها لأن تلعب أنقرة هذا الدور، فتركيا —على عكس بعض الوسطاء العرب— تملك قنواتَ اتصالٍ مُباشِرة مع قيادة حماس، وتستطيع التأثير عليها في ملفات الأسرى ووقف إطلاق النار. إلّا أن إسرائيل، في المقابل، لن تمنح أنقرة دورًا مجانيًا، بل ستُحاصرها بشروطٍ أمنية دقيقة: مراقبة الممرات الإنسانية، ضبط أي نشاط عسكري في غزة، وتقديم ضمانات واضحة بألّا تعود الفصائل للتسلّح.

وبين هذه الشروط، ستجد أنقرة نفسها تمشي على حبلٍ مشدود. فإن التزمت بها حرفيًا، بدت وكأنها تُنفّذ الرؤية الإسرائيلية، وإن تجاوزتها، خسرت ثقة واشنطن وتل أبيب معًا.

وهذه الثِّقة مرهونة بنجاحِ تنفيذ الخطّة. ففي هذه الحالَة، ستجِد تركيا نفسها على أعتاب مرحلةٍ جديدة من "الواقعيّة السياسيّة" مع إسرائيل، دونَ أن يكونَ هناكَ تطبيع عاطفيّ، خاصةً، بعدَ عقودٍ مِن الخِطابات الحادّة حولَ القُدسِ وغزّة. وهذا يعني، أنّ هذه الواقعيّة ستكون في إطارِيّ التنسيقِ الأمنيّ والتنسيق الإقتِصادي، اللّذان سيعودانِ بشكلٍ هادئ، ورُبّما يكون ذلك عبرَ قنواتٍ أميركيّة.

تدرك إسرائيل أنّ أنقرة، مهما رفعت مِن شِعارات، تبقى بوابة مهمّة لأسواق الطاقة والغاز في شرقِ المتوسِّط، وتُدرك كذلك أنّ التعاونَ مع تركيا أكثر أمانًا من الاعتماد المُفرط على حلفاءٍ جٌدد لا يملكونَ أدوات التأثير ذاتها.

أمّا بالنسبة لواشنطن، فإنَّ الوساطة التُركيّة تمثّل فرصةً مضاعفة. فهي تضمن تنفيذ الخُطة بأقلِّ كلفة ميدانيّة، وتُعيد احتواء أنقرة التي كانت قد اقتربت كثيرًا من موسكو وبكّين. أمّا أردوغان، فيعرف أنّ نجاحه في هذا الدّور قد يفتح أمامه أبوابًا كانت مغلقة: صفقة الطائرات "إف-35"، تخفيف القيود الاقتصادية، وربما دعم أميركي أكبر في ملفات البحرِ الأسود وسوريا.

لكن، هذه العلاقة أيضًا هشّة. فأيّ فشلٍ في الوساطة سيُستثمر سريعًا في واشنطن ضدّ أنقرة، خاصة من داخل الكونغرس الذي لا ينسى صفقات "إس-400" الروسية ولا ملفات حقوق الإنسان.


على كُلٍّ، هذه الوساطة، هي بمثابَة مُغامَرة، وقد تدفع تركيا ثمنًا داخليًا لهذه المُغامرة. فالرأي العام التركي، المُتعاطِف بشدّةٍ مع فلسطين، قد يرى في وساطة أردوغان نوعًا من "تليين الموقف" أو "مساومة مع إسرائيل". ولذا، سيُحاول الرئيس التركي تسويق دوره ك"دبلوماسيّة لخدمة المقاومة" لا "تطبيعًا مقنّعًا"، وهي مُعادلةٌ تحتاج إلى خطابٍ ذكي وإدارة دقيقة للصور والرموز.


خِتامًا، بين واشنطن وتل أبيب وغزة، تُدير أنقرة خيوطًا معقّدة من السياسة، بحثًا عن موقعٍ جديد في خريطة الشرق الأوسط المتغيّرة. نجاحها في الوساطة قد يُعيدها إلى دائرة الفعل الإقليمي بعد سنواتٍ من الانكماش. لكن، فشلها قد يتركها في موقعٍ لا تُحسد عليه: فقدت ثقة المقاومة، ولم تنل مكافأة الغرب.

إنّها وساطة محفوفة بالنار. فإن أمسكَت بها تركيا بحذرٍ سياسيٍّ دقيق، فقد تكتب فصلًا جديدًا في دبلوماسيتها، وإن تسرّعت، فقد تحرق أصابعها في لهيبٍ أشعلته بنفسها.



#ازهر_عبدالله_طوالبه (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رد جماس: تحويل مُعادلة الضغط إلى فُرصة
- غزة من قضية محليّة إلى معركة عالمية.
- غياب تونس وإيران عن التّصويت: دلالات تتجاوز الصّمت
- حين يُصبح قتل المُفاوض هدفًا استراتيجيًّا اسرائيليًّا.
- حينما تتقدَّم إسبانيا ونتأخَّر نحنُ.
- الاستقالات الهولنديّة وصمت الحكومات العربيّة.
- إسرائيل الكُبرى: المشروع الأخطر على وجود دول الطوق.
- في مواجَهة الاحتلالِ الصهيونيّ: نحو مشروع تحرُّر جديد للمِنط ...
- حين تصبح التكنولوجيا شريكًا في الجريمة: مايكروسوفت، إسرائيل، ...
- في قلب الصراع: إيران بين الضّغط الأميركيّ وخيارات القوّة.
- الأردن بينَ النيران، لكنّها لن تلتَهِمهُ.
- إسرائيل كقاعدة استعماريّة وأداة للهيمنة.
- رسالة للأشقّاء السوريين.
- الصراع في سوريا المنطقة: صفقاتٌ خفيّة وتحدّيات مصيريّة.
- الهيمنة الغربيّة على حوض المحيط الهندي: قراءة تاريخية وتحليل ...
- برغماتيّة ترامب وموالاته للحركة الصهيونيّة.
- علينا أن نّفكّر بمنطق.
- ماذا علينا أن نفعل بعد صرخَة -آرون-.
- لنُراهن على ذاتنا، ولنتوقّف عن تقديس أداة الفُرس.
- المُقاومة وتصريحات وزراء الخارجيّة العَرب..


المزيد.....




- ترامب يُحدد موعد المرحلة الأولى من اتفاق غزة ويحذر من مخاطر ...
- -ما ضاع حق وراءه مطالب-.. البرادعي يعلق على احتجاجات هولندا ...
- ترامب عن مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة: -سلام بالشرق الأوسط ...
- الحرب في يومها الـ731: استمرار القصف الإسرائيلي على غزة وترا ...
- إسرائيل سترحل عشرات الناشطين كانوا على متن -أسطول الصمود- إل ...
- عاجل | مصادر عسكرية سودانية للجزيرة: قوات الدعم السريع تشن ه ...
- مظاهرات حاشدة ورسائل من المغاربة في ذكرى طوفان الأقصى
- قصة العائدين لأرض الأجداد.. أفارقة أميركيون يستقرون في غانا ...
- ارتفاع عدد قتلى انهيار مدرسة في إندونيسيا إلى 54
- وكالة: زعيم كوريا الشمالية يتفقد المدمرة -تشوي هون-


المزيد.....

- بصدد دولة إسرائيل الكبرى / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2 / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل / سعيد مضيه
- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ازهر عبدالله طوالبه - وساطَة أردوغان: عودةٌ محفوفة بالنّار.