|
زقاق الجوّل ........................
احمد الحمد المندلاوي
الحوار المتمدن-العدد: 8482 - 2025 / 10 / 1 - 23:03
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
# وصلني من أ.حسين المندلاوي السبعون عنوان كتاب جميل لميخائيل نعيمة فيه سرد لذكريات طفولته ، وها أنا اشرف على السبعين احاول ان اعود الى سنوات طفولتى في مندلي و التي لا زال الق صباحاتها الشتوية متوهجا فى ذاكرتى. الق الصباحات المشمسة واسراب النوارس وهى تحلق فى تلك السموات البعيدة كانت تذهلنى بروعتها فاتابع بشغف بريق الشمس المنكسر على رفيف اجنحتها البيضاء ..كنت اعشق تلك الطبيعة الثرة.. زرقة السماء وكانها زرقة بحر معلق فى الفضاء ورفيف اجنحة النوارس واللون المطرى لبيوتنا الطينية والزقاق الطويل المزدحم دوما بأناس يصخبون وهم ياتون ويذهبون..يصخبون وهم يهرولون يريدون اللحاق بدوابهم الراكضة . ايرانيون يشدون احمالهم على ظهورهم باحكام ..يتسللون بين بيوتنا الطينية نحو الجبال المكللة بالثلوج بذقون نامية وعيون مرعوبة ..يخافون كمائن الشرطة التى تترصدهم لتصادر احمالهم الثمينة وتلقيهم فى سجونها البلا ردة.. فوالون يكتبون ادعية لنساء حزانى باقلام خشبية يغمسونها فى حبر من الزعفران الاصفر و دراويش بلحى سوداء ..تخيفني غرز عيونهم اللاهبة..كانوا يحملون صورا للامام بالوان صارخة..يمسكونها من مقابضها الخشبية..ينشدون القصائد الحزينة بعيون باكية امام الابواب الموصدة حتى اذا امتدت يد نسائية بأناء من الطحين يدلون الطحين بصمت فى كيس من الخام الاسمر معلق الى رقابهم ثم يرحلون . كانوا لا يقيمون فى مكان الا يوما كأنهم لا جذر لهم يربطهم باى مكان ..هم يرحلون دوما ..تعودوا ان يروا وجوها مختلفة كل يوم ..لا يتحدثون الا لماما..كلماتهم كالالغاز ..يتحاشون الناس ويأوون الى التكايا على اطراف المدينة وكان فى الزقاق فتية لا ينامون الليل يقضون هزيعا منه فى المقاهي ثم يكملون ليلهم فى البساتين حتى اذا جاعوا لا يجدون طعاما الا فى قدر الدراويش .. قال احدهم مرة : اذا اردت ان تعرف ما تطبخ المدينة مد يدك فى قدر الدراويش ستجد الاحمر والاصفر والحامض والحلو واليابس واللين فهم يلقون ما يتسولونه من اطعمة فى قدر واحد كأنهم لا يريدون ان يعرفوا للطعام مذاقا . الفتية عندما يجوعون لا يكترثون للاجساد المحشورة فى فناء " بابا حافظ " فاين ما يضعون قدما ثمة جسد يصرخ من وطء اقدامهم..مع آهات الدراويش المسحوقة أجسادهم تمتد ايدى الفتية الجياع فى الظلام الى طعام مختلف الوانه وسط ضحك ومجون. تعاقبت السنون وانغمس الناس فى السياسة وغاب الدراويش عن تكايا المدينة ثم شاخ زقاق الجول وغامت زرقة السماء فى غبار الجفاف والتصحر وفقدت البيوت الطينية لونها المطري ولم تعد اجنحة النوارس ترف فى سماء المدينة ربما ما حدث كان قدرا او لعنة ومهما كان انا مقتنع ان للمدن اعمارا وانها مثل البشر تشيخ ثم تموت . وبدوره ادلى الاستاذ جعفر سيد اكبر الهاشمي بدلوه حول الزقاق بصفته احد ابناءه وقضى طفولته وشبابه فيه ، فيقول تعليقا على ما كتبه الاستاذ حسين المندلاوي :لهذا الزقاق الطويل الضارب في العمق تاريخ ﻻ يسعه كاتب واحد وﻻ كتاب واحد اﻻ أن اﻻديب حسين المندﻻوي المغدق بثماره الفكرية اليانعة وكدأبه بين فينة وأخرى يطل علينا ، فيمتعنا ويثري أفكارنا ويحرك ذاكرتنا الراكدة وهذه المرة يطل علينا من بوابة (الجوّل ) وهو يشرف على السبعين ، خرج من حيز الزقاق وتاريخه الى لقطة فنية سلط فيها الضوء على جزء من تاريخ مندلي ايام خيرها وخصبها ابان العهد الملكي . وبما أن المدينة تعد آخر التخوم العراقية شرقا وتقبع على مقتربات الهضبة الشرقية التي تؤول الى جبال حمرين الفاصلة بين ايران والعراق في هذه المنطقة فالتجار والمهربون والزوار و الدراويش يمرون بها . لوحة الدراويش هي اﻷجمل في هذا المشهد من تاريخ المدينة فنحن ابناء مندلي من ذلك الجيل عشنا ايام الدراويش وهم يجوبون المدينة يتلون بعض اﻻيات او يترنمون باﻻدعية واﻻذكار وهم يحملون صورا لائمة اهل بيت النبوة مزججة ومؤطرة بإتقان عليها غلالة من قماش اخضر غالبا ويطرقون ابواب بيوت المدينة قانعين بما تجود به ايدي ساكنيها ويزيحون الستارة عن الصورة ليراها الخارج من البيت استدرارا لعطفه ومهابة لمقام صاحب الصورة ، و المهربون لهم قصص اخرى طويلة قد ياتي او سواه على سردها يوم ما . ..أهنئ أخي وصديقي وزميلي وابن مدينتي ومحلتي وسجين هذا الزقاق الطويل المغلق المعزول عن باقي المحلة الكبرى والمدينة تماما ..اهنئ حسين المندﻻوي ﻹبداعه اﻷدبي والفني في رسم هذه اللوحة اﻷخاذة بريشة قلمه السحري متمنيا له العمر المديد ليرفدنا من خزينه الفكري والفني ما يثري ويمتع القراء والمهتمين بالشان المندﻻوي خاصة وبالمجتمع العراقي عامة .لك منى ابا علي باقات الزهور واكاليل الورود .( جعفر الهاشمي ). في البدء شكرا جزيلا للاخ والصديق المبدع الاستاذ حسين المندلاوي الذي ارجعنا 50 سنة الى الوراء واستذكرنا بايام الطفولة والصبا في ربوع هذه الازقة وتفرعاتها ,ولا اريد ان ازيد اكثر مما قال الاستاذ جعفر الهاشمي بحقه فقد اجزل القول والشكر موصول له . وبخصوص " الجوّل " الذي تناوله الاستاذ حسين المندلاوي في موضوعه الشيق ، فانه زقاق ضيق له تسمية اخرى هي الزقاق العثماني و يمتد من وسط محلة قلعة جميل بيك (كبرى محلات مدينة مندلي ايام مجدها في خمسينيات و ستينيات القرن الماضي ) ، وتُسمى بداية الزقاق ب (نعل بندها ) حيث منزل عمي الاكبر المرحوم خورشيد مجيد الحجية وصهره المرحوم البزاز حاج عارف وتي وابناءه الاربعة محمد واحمد ومصطفى ومحسن ، وينحدر الزقاق جنوبا باتجاه محلة قلعة بالي ، و ينتهي زقاق " الجوّل " بمنزل المرحوم ملا فتاح والد مقرئ القرأن المرحوم يحيى ملا فتاح (على ما اتذكر ، وان اخطأت ارجو التصحيح من الاساتذة الافاضل ابناء المحلة ). وقد عاصرت الزقاق شخصيا ، زقاقا مغلقا منعزلا نوعما عن بقية ازقة محلة قلعة جميل بيك الاخرى ، و تتفرع منه اكثر من زقاق فرعي على جانبيه (درابين مغلقة هي الاخرى ) قبيل جرف بعض البيوت وافتتاح ما نسميه اليوم بشارع 60 في مطلع السبيعينات باسلوب العمل الشعبي . ويعتبر زقاق الجوّل ( واسمه المحلي المتداول بين الناس هو : جوّل ها ) من اكثر ازقة قلعة جميل من حيث عدد العوائل القاطنة فيه وبالتالي عدد النفوس من بقية الازقة التي ارى من الضرورة الاشارة الى اهمها :هني مني ، النجارين ، سر آسياو ، شيخ مندلي ، ونفط جياها، وسواها من الازقة الاصغر ) . وكان بيتي جدي مجيد المهدي الحجية واخيه الحاج حميد في اواخر بيوتات الزقاق الفرعي الاخير من زقاق الجول قبل ان يعود الى بيته (حويش بيرين ) في زقاق هني مني ويتوزع ابناؤه على الازقة الاخرى بعد زواجهم ، ومن جملة البيوتات التي اتذكرها في زقاق الجول بيت المرحومين عميد الزقاق محمد سايه ي الجول (ابو الياس ) الذي اخذ الزقاق اسمه من اسمهم بدلا من اسمه القديم الزقاق العثماني ، و ستار شوكي ورحمن شوكي (والد صديقنا الاستاذ مسلم عبد الرحمن) ، والحاج رحيم وكريم عبود ، والحاج حسن ، والحاج السركال محمود (والد الشاعر والحقوقي كمال محمود المندلاوي ، وطاهر خضر ، والحاج شكر (والد المضمد سلمان شكر ) وجعفر خميسه وعشرات البيوتات الاخرى التي لا تسعفني الذاكرة اسماءهم في هذه العجالة وعسانا ان نعود اليها في بحث مستقل بمعاونة ومساعدة ابناء قلعة جميل بيك . إنهاء الدردشة 1070 كلمة اكتب رسالة...
#احمد_الحمد_المندلاوي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
{الوطنُ توأمُ الروحِ و خبزٌ دائمٌ}
-
دوركة - درويش
-
الكارفان
-
شفاااهيات دل
-
ألف ناع 2025
-
الزورخانةالبغدادية وسيطرة ابطال الكورد الفيليين في النزالات/
...
-
الزورخانة البغدادية وسيطرة ابطال الكورد الفيليين في النزالات
...
-
فناننا حسن هياس
-
أسماؤنا جميلة : من- دلي..
-
تاريخنا علي مداراج السأم
-
لباب مكتبتي معرض مندلي الاول 3025م
-
فقدناكم ح ي رت 2025م
-
من رباعيات وأد الروح
-
في برجها الغضبُ..8
-
قصص غرائب منهناك
-
# قرّاء القرآن في مندلي :–
-
# أسماء قرّاء القرآن في مندلي :–
-
مجلاتنا من اساتذة مندلاوية/7
-
(عظاماً في الثَرى باقِيةْ)
-
كتب و مؤلفات 2025م
المزيد.....
-
تحليل لـCNN: لماذا يعد تعهد ترامب بالدفاع عن قطر -استثنائيا-
...
-
ما رد البيت الأبيض على سؤال عن استثمارات جاريد كوشنر مع دول
...
-
كيف دافع نتنياهو عن خطة ترامب بشأن غزة أمام المتشككين في حكو
...
-
ميتا ستستخدم قريبا محادثاتك مع روبوت الدردشة لبيع المنتجات
-
دراسة: الإشعاع أكثر أمانا من القسطرة في علاج اضطراب ضربات ال
...
-
+++التظاهرات الشبابية في المغرب تتجدد لليوم الخامس وسقوط قتي
...
-
دراسة: جرعة منخفضة من الإشعاع تخفف آلام التهاب المفاصل بأمان
...
-
تصويت الأسبوع المقبل على مذكرتين لحجب الثقة عن رئيسة المفوضي
...
-
محكمة في جنوب السودان توقف البث المباشر لوقائع محاكمة مشار
-
جيش الاحتلال يعتدي على طاقم إسعاف ويقتحم مناطق بالضفة
المزيد.....
-
التاريخ يكتبنا بسبابته
/ د. خالد زغريت
-
التاريخ يكتبنا بسبابته
/ د. خالد زغريت
-
جسد الطوائف
/ رانية مرجية
-
الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025
/ كمال الموسوي
-
الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة
/ د. خالد زغريت
-
المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد
/ علي عبد الواحد محمد
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
المزيد.....
|