أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ناجح شاهين - أيان لستك والعقلانية السياسية الفلسطينية















المزيد.....

أيان لستك والعقلانية السياسية الفلسطينية


ناجح شاهين

الحوار المتمدن-العدد: 8473 - 2025 / 9 / 22 - 12:19
المحور: القضية الفلسطينية
    


انشغل عالم السياسة الشهير أيان لستك بموضوعات الصراع "العربي/الإسرائيلي" زهاء خمسين عاماً، حقق من خلالها سمعته الساحقة خبيراً لا يجارى في شؤون اسرائيل، وما يتصل بها من عرب أو فلسطينيين. كان الرجل من أشد العلماء تأييداً لحل الدولتين في حدود الخامس من حزيران، لكنه اقتنع "أخيراً" أن هذه الفكرة قد ماتت، وأن قطارها قد غادر بالفعل. وكتب سنة 2019 دراسة مفصلة لنعي الفكرة، لماذا؟ هل تسبب طوفان 7 تشرين في الإجهاز على فرصة الدولة الفلسطينية، أم أن هناك أسباباً أخرى لموت الدولة العتيدة؟ للأسف، ولسوء حظ أنصار "السلام" الفلسطينيين، أن اسرائيل هي التي لم تعد مستعدة لذلك الحل، لاعتبارات تخص تطرفها المتصاعد منذ العام 67 وحتى هذه الساعة.
يقوض لستك إذن أساس المشروع الوطني الفلسطيني جوهرياً باقتراحه أن لا شيء مما يفعله أو لا يفعله الفلسطيني يمكن أن يكون له أثر فيما جرى ويجري. لقد جرى ما جرى لأسباب أمريكية/اسرائيلية خالصة، وإذا كان هناك من بقايا فرصة لإقامة الدولة الفلسطينية فإن ذلك يمكن أن يتحقق، على الأقل في مستوى التخيل، عن طريق انفصال الفلسطينيين دون استشارة اسرائيل أو موافقتها، بإنشائهم كياناً مستقلاً ضد رغبتها. أما المفاوضات معها فقد أصبح جلياً انها غطاء لابتلاع الضفة كلها على نحو تدريجي، والتخلص من سكانها كلهم أو جلهم عن طريق جعل حياتهم أشد قسوة يوماً بعد يوم بما "يشجعهم" على الرحيل..
يتكون الرأي "العقلاني" الفلسطيني من أنصار السلطة الفلسطينية وحركة فتح، وبعض التنظيمات الصغيرة التي تدور في فلكها، إضافة إلى العديد من أفراد فصائل "اليسار" من قبيل الجبهتين الشعبية والديمقراطية، والأكاديميين والمواطنين العاديين الذين "تعبوا" من هول التنكيل الصهيوني، أو من هول مشاهد الرعب الذي تلحقه اسرائيل بالمدنيين. في هذا السياق هناك التباس لا بد أن يزال: هناك من يرى أن "عدم استفزاز" اسرائيل هو الطريقة الوحيدة لتخفيف معاناة الناس، مع الإقرار أن ذلك سيشجعها على ابتلاع الضفة. وهذا الموقف "الإنساني" ينسجم مع النصيحة الاسرائيلية المقدمة من داني دانون على نحو واضح قبل سبع سنوات: لقد خسرتم الحرب، وعليكم الاستسلام لما نريد من أجل الحد من عذاباتكم، وليس من أجل تحقيق أية إنجازات سياسية.
في مقابل هذا الرأي "العقلاني/الإنساني" الذي يكتفي من الغنيمة بالنجاة، هناك من يتوهم أن "العقلانية" يمكن أن تحقق "المشروع الوطني" الفلسطيني المتمثل بدولة الضفة والقطاع، وهذا الرأي يذهب حد القول إن السابع من تشرين هو الذي أوقف مسيرة الدولة الفلسطينية التي كانت تحث الخطى في طريقها إلى رام الله. وهذا الرأي هو المهم الآن، وهو ما نستعين في بيان تهافته بخبرات عالم بارز مؤيد جوهرياً لفكرة حل الدولتين.
يرى لستك أن اسرائيل لم تعد راغبة منذ زمن طويل في حل الدولتين، فقد تصاعدت الأهداف التي تبنتها منذ 1967 . "فبعد أن كان الهدف يتمثل في الحصول على الاعتراف وإبرام السلام مع جيران إسرائيل عبر مبدأ "الأرض مقابل السلام"، توسعت طموحات الحكومات الإسرائيلية بحيث أصبحت الرؤية الموجهة هي تكريس السيطرة الدائمة على جميع الأراضي المحتلة عام 1967 دون منح الحقوق السياسية لسكانها الفلسطينيين. غياب أي خطة أو حتى نقاش جدي بشأن منح الجنسية لخمسة ملايين فلسطيني في الضفة الغربية والقدس وغزة، يكشف أن الرؤية القائمة هي إخضاع دائم لذلك الشعب، مع ممارسة ضغوط لدفعه إلى مغادرة البلاد عبر مزيج من الإفقار والخنق الاجتماعي والسياسي، والتعامل مع غزة ومعظم الضفة الغربية كمناطق مفتوحة للنار. إقليميًا، توسعت أهداف إسرائيل أيضًا: من البحث عن السلام إلى استخدام القوة غير المقيد تقريبًا عبر استراتيجية "جزّ العشب"، أي شن تدمير منتظم ومتوسع، لا لتشجيع الخصوم على الاعتدال، بل لمنعهم من العمل انطلاقًا من غضب يتوقع الإسرائيليون أن يكون دائمًا".
إذن تطورت الرؤية الاسرائيلية من الحلم الذي راود بن غوريون بقبول مصر باسرائيل، ومن ثم قبول العرب بها في حدود اتفاقية الهدنة 1949 إلى الطمع في ابتلاع فلسطين كلها، وإخضاع العرب كلهم بالقوة والترهيب، ودون إعطاء حيز كبير للمجاملة والترغيب. ويفسر لستك هذا التطور/التدهور في الموقف الإسرائيلي بتصاعد الدعم الأمريكي غير المشروط لإسرائيل الذي قوض جهود قوى السلام الإسرائيلية وأضعفها:" فمع إدراك إسرائيل أنها تستطيع "الاستيلاء على الكعكة وأكلها" — أي التوسع في الأراضي المحتلة ووأد فكرة الدولة الفلسطينية، مع استمرار الدعم الأميركي اقتصاديًا وعسكريًا ودبلوماسيًا — أصبح من المستحيل انتخاب سياسيين إسرائيليين معتدلين. وبهذا يمكن تفسير تهميش أو إفشال شخصيات مثل يوسي بيلين، شلوميت ألوني، ويوسي سريد."
بسبب شروط تفكير لستك الليبرالية/الثقافوية فإنه لا يستطيع تقديم تفسير لتردي الموقف الأمريكي الذي يقود إلى تطرف الموقف الإسرائيلي. بداهة أن وحش النظام الرأسمالي العالمي خرج منتصراً من الحرب الباردة، وذاك ما أدى فوراً إلى العودة إلى أساليب الاستعمار التقليدية التي سبقت ظهور الاتحاد السوفييتي وما رافقه من تكيفات بنيوية وشكلية في النظام الكوني. ومع تدهور الوضع العربي بعد دخول صدام إلى الكويت، ثم تفكك الدول العربية تماما بعد "الربيع"، لم يعد لدى القيادة الأمريكية أو الصهيونية ما يدفعها إلى وضع حساب سياسي للعرب مهما كان ضئيلاً، وذلك ما قاد إلى التبجح منذ العام 2015 بانتهاء فكرة الدولة الفلسطينية، ثم إعلان ترامب في دورته الأولى عن صفقة القرن.
بالطبع يظل لستك محقاً في منطلقه الأساس: إذا كانت واشنطون لا تريد حل الدولتين، ولا تريد إعادة الجولان لسوريا، ولا تريد لإسرائيل أن تتوقف عند أية حدود، فلماذا يريد أي اسرائيلي أن يفعل ذلك؟ وإذا كانت أمريكا مع إبادة غزة وترحيل سكانها والاستيلاء عليها، فلماذا لا تريد اسرائيل ذلك؟ ومن ناحية أخرى يبين الرجل بوضوح أن حدود القوة الإسرائيلية تشجعها على مواصلة هذا النهج: " على المستوى التكتيكي، ُيظهر التخطيط والتنفيذ الإسرائيلي لعمليات اغتيال قادة حزب الله، وقتل العلماء الإيرانيين، والعمليات السرية الفعالة في إيران، أن النظام قادر على تصميم سياسات فعالة، والحفاظ على السرية، وتنفيذ العمليات بفعالية عالية على أساس تقييم دقيق للفرص والمخاطر. وتملك إسرائيل أحد أضخم وأكثر الجيوش فاعلية في العالم، مع ترسانة نووية متطورة للغاية، إلى جانب ما يُقال عن امتلاكها أسلحة بيولوجية وكيميائية. كما أن قدراتها في التجسس والتخريب مشهورة، وكذلك نفوذ عملائها وحلفائها في عواصم العالم، خصوصًا في الولايات المتحدة وأوروبا الغربية."
بهذه القوة الهائلة مع دعم غربي لا حدود له وانحدار عربي وفلسطيني يتعمق يوماً بعد يوم، ولدت الأطماع الإسرائيلية المطلقة والمتوحشة، وترعرعت قبل طوفان الأقصى، بل قبل سيف القدس 2021 بكثير. ولم يكن هناك في الواقع من فرصة من أي نوع للعودة لأحلام/أوهام أوسلو التي دغدغدت منامات الراحل عرفات، وربما منامات غيره من القيادات الفلسطينية. وغدا واضحاً جلياً أن اسرائيل لن تعيد الجولان ناهيك عن الضفة، بل إن "اليمين" الاسرائيلي أصبح مدمناً على مناقشة التوسع باتجاه الأردن والعراق وسوريا ولبنان، وهو ما أصبح ممكناً من الناحية الواقعية بعد سقوط دمشق في يد العصابات الحليفة لتركيا واسرائيل، وتحطيم ضلوع المقاومة اللبنانية في أيلول الماضي.
خلاصة: "المشروع الوطني الفلسطيني" ودولته العتيدة لن يتحقق بالمفاوضات، لأن اسرائيل لم تعد تعيش ذلك الزمن الذي غادر قطاره منذ عقدين على الأقل. لا بد لتحقيق المشروع المشار إليه من الانفكاك عن اسرائيل رغماً عنها، وهو ما يتطلب المقاومة الفعالة التي تلحق الأذى بإسرائيل، وتجبرها على التخلي عن الضفة والقطاع. هل هذا الخيار غير ممكن بالنسبة للعقلانيين الفلسطينيين؟ إذا كان جوابهم نعم، فعليهم أن يختاروا دون استحياء اقتراح اليمين الصهيوني بأن يستسلم الفلسطيني دون قيد أو شرط.
حاشية: الاقتباسات من لستك كلها من مقالته، 28 July 2025 Israel as a “Crazy” StateIan Lustick وليست من كتابه الرئيس: Ian S. Lustick’s book Paradigm Lost: From Two-State Solution to One-State Reality (2019)



#ناجح_شاهين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أوسلو والحالة الفلسطينية الراهنة
- الدولة وخطايا المقاومة
- محور المقاومة يخسر المعركة الايديولوجية والإعلامية
- المقاومة بين بؤس الواقع وبؤس التحليل
- كيف أمكن لإسرائيل أن تمارس الإبادة وتجهر بالترانسفير؟
- معالجة البانيز للقضية الفلسطينية
- قراءة في العدوان الصهيوأمريكي على إيران
- المواجهة الإيرانية مع الحلف الصهيوأطلسي: المحددات والآفاق
- الإنسان السوي، الذي لا يفكر، وضرورة الحزب والقائد الكاريزمي
- العيوب الاستراتيجية للنظام الأسدي
- أوسلو، كورونا، سوريا والتلاعب بالوعي الشعبي
- الفساد وقمع الحريات في سوريا البعث
- مصر السيسي ونمط الإنتاج الكولونيالي
- ترامب والدولة العميقة
- نقد مغامرة حماس
- ترامب والاستراتيجية الأمريكية الجديدة في مواجهة الصين
- الديمقرطية بين أمريكا وسوريا
- هل انتصرت غزة؟
- في انتظار دونالد ترامب
- دون كيشوت وآلام فراق النزام


المزيد.....




- جنة مخفية.. مصور يوثق عزلة واحة ساحرة في السعودية
- مصر.. فيديو لشخص يقيد طفلة تركتها والدتها داخل منزل والداخلي ...
- كيف تحولت المبادرة الفرنسية-السعودية إلى حراك دولي للاعتراف ...
- تونس: ما أسباب تراجع الزيجات والولادات؟
- فرنسا تعترف بدولة فلسطينية : خطوة في طريق السلام أم هدية لحم ...
- ماكرون يتحدث عن اعتراف فرنسا بدولة فلسطين وما بعدها من خطوات ...
- كأس الأمم الأفريقية 2025: المغرب يفرض تأشيرة موقتة على 8 دول ...
- دونالد ترامب يشارك في مراسم تأبين المؤثر المحافظ تشارلي كيرك ...
- شبح الحرب يخيم على أوروبا وسط مناورات روسية وتأهب الناتو
- من يعترف بدولة فلسطين؟ وماذا يعني ذلك؟


المزيد.....

- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل / سعيد مضيه
- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه
- تمزيق الأقنعة التنكرية -3 / سعيد مضيه
- لتمزيق الأقنعة التنكرية عن الكيان الصهيو امبريالي / سعيد مضيه


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ناجح شاهين - أيان لستك والعقلانية السياسية الفلسطينية