أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس عبد شاهين - المغيبون الفيليون ذاكرة العراق المؤلمة














المزيد.....

المغيبون الفيليون ذاكرة العراق المؤلمة


عباس عبد شاهين

الحوار المتمدن-العدد: 8462 - 2025 / 9 / 11 - 00:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يقف العالم في 30 اب من كل عام لإحياء اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري وهو يوم صنفته الأمم المتحدة للتذكير بمأساة مستمرة لم تقتصر على بلد أو شعب دون آخر، وفي احصائية منذ عام 1980 سجلت حالات اختفاء قسري في 115 دولة لتصبح هذه الجريمة وصمة عار عالمية تهدد أمن الأفراد وكرامتهم، غير أن الكورد الفيليين في العراق يشكلون مثالاً صارخاً على ضحايا هذا الملف إذ تحولت حياتهم منذ أواخر الستينيات إلى مأساة مفتوحة على المجهول، قبل أن تأتي ذروة المأساة في مطلع الثمانينيات حين تم تهجير اكثر من نصف مليون كوردي فيلي قسراً إلى الحدود الإيرانية في ظروف إنسانية قاسية وغالباً عبر طرق مزروعة بالألغام بعد أن جُردوا من جميع وثائقهم الثبوتية وسلبت ممتلكاتهم وزُج الاف الشباب في السجون ليختفوا بعدها دون أثر والتي تشير الارقام إلى أن أكثر من 22 ألف شاب فيلي تم تغييبهم قسراً في واحدة من أبشع الجرائم التي صنفتها الأمم المتحدة كإبادة جماعية.
وفي تقرير حديث سجلتها الأمم المتحدة ان هناك 1278 حالة اختفاء قسري جديدة في 38 دولة بين أيار 2024 وأيار 2025 وهو رقم يعكس استمرار هذه الجرائم رغم كل المواثيق الدولية، لكن المؤلم أن الفيليين ما زالوا ضحايا الماضي والحاضر معاً إذ لم يعثر حتى اليوم على رفات المغيبين منهم رغم مرور أكثر من عقدين على سقوط النظام السابق، ورغم تعاقب الحكومات العراقية بعد عام 2003 إلا أن ملف المغيبين الفيليين ظل يراوح مكانه فالحكومة لم تظهر الجدية الكافية في البحث عن رفاتهم ولم تمارس ضغطاً على ازلام النظام المحتجزين في السجون للكشف عن مواقع المقابر الجماعية، حتى مؤسسة الشهداء المعنية رسمياً بهذا الملف تعاني من نقص كبير في الإمكانيات التقنية وعلى رأسها أجهزة فحص الحمض النووي (DNA) التي تعد وسيلة حاسمة للتعرف على هوية الضحايا وبرغم وجود تقنيات حديثة قادرة على معالجة آلاف العينات بسرعة فإن العراق ما زال متأخراً في هذا المجال ما جعل الكثير من العائلات أسيرة الانتظار بلا أمل واضح.
الأكثر وجعاً أن لا وجود لمبادرات حكومية جادة لاستذكار هذه الكارثة فالمناسبة مرت بصمت فيما ينشغل الساسة بالانتخابات، والمنظمات المدنية والمؤسسات الاعلامية وحدها تحاول الإبقاء على ذكرى الضحايا حية لكن جهودها محدودة ومشكوره ولا ترقى إلى مستوى الجريمة المرتكبة بحق الفيليين، المعلومات المتوفرة تشير إلى أن قسم من المغيبين تم استخدامهم في تجارب كيمياوية وجرثومية بمختبرات النظام المجرم، فيما زُج آخرون كدروع بشرية في الحرب العراقية الإيرانية (1980 – 1988) وهكذا تحولت أجسادهم إلى وقود لحروب عبثية وتجارب لا إنسانية في جريمة مضاعفة تستحق أن تسجل في ذاكرة العالم كدرس أسود للجرائم التي ارتكبها النظام الدكتاتوري.
ان الاختفاء القسري لشباب الكورد الفيليين ليس موتاً عادياً بل موت بلا ختام وجرح بلا شفاء فقد ترك خلفه عائلات ممزقة بين أمل زائف وانتظار مرير، فكيف يمكن لطفل قد كبر واصبح شاب وهو يسمع أن والده “قد يعود” وبأي كلمات يمكن إقناع زوجة أهدرت عمرها على أبواب الانتظار أن الأمل انتهى؟ لقد مضت 22 سنة على سقوط النظام لكن ملف المغيبين الفيليين ما زال يراوح مكانه وعدالة الضحايا مؤجلة بلا أفق واضح فبعض الآباء والأمهات رحلوا عن الدنيا وهم يتمنون دفن فلذات أكبادهم بكرامة لكن أمنيتهم لم تتحقق وآخرون ما زالوا ينتظرون العثور على رفات أحبائهم ليقيموا لهم مراسيم دفن تليق بهم كما جرى مع شهداء اخرين من المقابر الجماعية.
لقد عاش الكورد الفيليون مأساة مضاعفة من تهجير قسري وتغييب ونهب ممتلكات وما لم تتعامل الدولة بجدية مع هذا الملف فإن جرح الاختفاء القسري سيظل مفتوحاً في ذاكرة العراق وشاهداً على تقصير الحكومات وعلى صمود شعب تم ظلمه مرتين، مرة على يد نظام بعثي مجرم واخرى في زمن الديمقراطية.



#عباس_عبد_شاهين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أهلي أكراد فيلية.. قصيدة تحاكي وجع شعب وتوثق مأساة
- الفيليون.. صرخة مكتومة بين التراب والسماء
- مرصد الإعلام الفيلي عين مستقلة ترصد وتوثق قضايا الكُرد الفيل ...
- الكُرد الفيليون الضحية الأكبر ل 85 قراراً جائراً
- بغداد تخلد شهداء الكورد الفيليين
- انجاز دهوك الخليجي وآمال إحياء نادي الكورد الفيلية
- تحديث سجل الناخبين: ضمان لمشاركة فاعلة للكُرد الفيليين في ال ...
- رحلة البحث عن رفات شهداء شباب الكُرد الفيليين
- كيف التعامل مع جيل بعد التهجير من الكُرد الفيليين ؟
- الخلافات السياسية وتأثيراتها على الكُرد الفيليين


المزيد.....




- قطر تؤكد مقتل مدير مكتب خليل الحية خلال الغارة الإسرائيلية ع ...
- قطر تبحث مع الشركاء بالمنطقة الرد على الهجوم الإسرائيلي ...ك ...
- لغز الهجوم على أسطول الصمود في تونس: ماذا أظهرت كاميرات المر ...
- مقتل الناشط الأمريكي المحافظ تشارلي كيرك في إطلاق نار وترامب ...
- محللون: نتنياهو وضع أميركا بمأزق ولا يستطيع تكرار عدوانه على ...
- شاهد.. هل انتقاد الجزائريين للمدرب بيتكوفيتش حالة صحية؟
- الحرب على غزة مباشر.. عشرات الشهداء وإدانات متواصلة للهجوم ع ...
- عاجل | الخارجية القطرية: نستنكر بأشد العبارات التصريحات المت ...
- قطر تؤكد استشهاد مدير مكتب خليل الحية بالهجوم الإسرائيلي
- الكابوس الأكبر لإسرائيل الآن


المزيد.....

- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس عبد شاهين - المغيبون الفيليون ذاكرة العراق المؤلمة