أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - رشيد غويلب - مع القائد العمالي المخضرم جريمي كوربين حوار ضافٍ عن حزب اليسار الجديد في بريطانيا















المزيد.....

مع القائد العمالي المخضرم جريمي كوربين حوار ضافٍ عن حزب اليسار الجديد في بريطانيا


رشيد غويلب

الحوار المتمدن-العدد: 8459 - 2025 / 9 / 8 - 22:17
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


نشرت مجلة "جاكوبين" على موقعها الألماني في 18 آب 2025 حوارا ضافيا مع جيرمي كوربن، زعيم حزب العمال البريطاني السابق، وأبرز الشخصيات المؤسسة لحزب اليسار الجديد* في بريطانيا، تناول فيه مشروع التأسيس، الذي يهدف إلى ممارسة سياسة يسارية جذرية لصالح الأكثرية، ولتمكينهم من الاسهام في تشكيل السياسة. وكشف كوربن في الحوار عن التوجهات التي يتطلع حزبه إلى تحقيقها بشكل مختلف. وسنعرض هنا لأهم ما جاء في الحوار، مع ثلاث فقرات ختامية أضفناها لتوسيع الفائدة.
في الأسابيع الأخيرة، أثار إعلان النائبة السابقة عن حزب العمال، زارا سلطانة، عن تأسيس حزب جديد إلى يسار حزب العمال، حماسة ملايين البريطانيين. ويبدو أن الناس يبحثون عن قوة سياسية تعارض سياسات زعيم حزب العمال الحالي كير ستارمر، ودعمه للإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني، ولسياسة التقشف. وحتى لحظة نشر هذا الحوار، أعلن أكثر من 650 ألف بريطاني** انضمامهم إلى الحزب الجديد. وقد أثار الإعلان عن تأسيسه آمالا كبيرة في أوساط واسعة من جمهور اليسار، وجدلًا داخل أوساطه، خاصة مع إدراك اليسار البريطاني أنه أُبعد من المشهد السياسي السائد منذ عام 2022.


اهتمام ودعم هائلان

عندما يُبدي قرابة 650 ألفا من السكان اهتمامهم بمشروع جديد كهذا، فإنهم يفعلون ذلك لسبب وجيه: كونهم ضاقوا ذرعًا بالفقر بينما يزداد الأغنياء ثراءً. ضاقوا ذرعًا بارتفاع فواتير المياه حتى مع انفجار الأنابيب وتدفق مياه الصرف الصحي. ضاقوا ذرعًا بمطالبهم البديهية، مثل حصول ذوي الاحتياجات الخاصة على الدعم الكافي ليعيشوا حياة كريمة، ومع ذلك يتم تجاهلهم. ضاقوا ذرعًا باستبعادهم من القرارات التي تؤثر على حياتهم اليومية.
مجتمع اليوم في بريطانيا يواجه مشاكل عميقة: تُعدّ "مطابخ إطعام الجياع" مصدر عيش أساسي لآلاف الناس. و يضطر المستأجرون لأنفاق أكثر من نصف دخلهم الصافي على الإيجار. ويعاني الناس من جميع الفئات العمرية من ضغوط هائلة. وعندما تصل الحكومات إلى السلطة بوعود التغيير ثم لا يحدث شيء، يُثير ذلك رد فعل. وهذه الطاقة تتراكم منذ فترة. وفي النهاية، كل هذه المشاكل ليست جديدة. وقد رفضت الحكومات المتعاقبة في لندن اتخاذ أي إجراء بشأنها. ولهذا عوقبت؛ فـ "هؤلاء السياسيون" يحصدون الآن ما زرعوه.
كان الإعلان عن إطلاق موقع إلكتروني لحزب مستقبلي بمثابة لحظة فاصلة. فالذين حُرموا سابقًا من بديل حقيقي أصبح لديهم فجأةً ما ينضمون إليه. لقد أُعطي لهم سببٌ للأمل. إذ طُرحت ببساطة رؤيةً سياسيةً تقريبيةً، مبنيةً على المبادئ الأساسية للمساواة والسلام. وتشمل هذه الرؤية الملكية العامة، وفرض الضرائب على أصحاب الثروات الكبيرة، والاستثمار في الإسكان الاجتماعي، ودعم فلسطين. ومع ذلك لم تُطرح أجندةً أكثر تفصيلًا، لأن الأعضاء هم من سيقررون ذلك. لكن يجب أن يدرك الناس بالفعل الاتجاه الذي يرغبون السير فيه. إنه اتجاهٌ حُرموا منه طويلًا؛ اتجاهٌ يسعى إلى إعادة توزيع الثروة والسلطة.

طبيعة جمهور الحزب

ينحدر معظم الأعضاء، كما هو متوقع، من مدن رئيسية مثل لندن وليفربول ومانشستر ونيوكاسل. ومع ذلك، شكل اتساع نطاق الدعم وتوزعه بالتساوي على جميع مناطق وقوميات البلاد مفاجأة. صحيحٌ أن الدعم أقوى في لندن والشمال الغربي ويوركشاير وهامبر، ولكنه يمتد إلى أبعد من ذلك بكثير، حتى إلى جزر هبريدس في الخارج.
وهذا دليل على أن المشاكل القائمة أساسية وتؤثر على الناس في جميع أنحاء البلاد: الفقر، وانخفاض الأجور، والتوتر، وتدهور المرافق العامة، وتزايد العزلة الاجتماعية.
من الواضح أن معظم الذين انضموا إلى المشروع كانوا ينتظرونه منذ فترة. وقد بدوا متحمسين، بل شبه متلهفين. لكن الأهم من ذلك كله، أنهم متفائلون. وشمل ذلك أيضًا أفرادا لم يكونوا مهتمين بالسياسة من قبل. وذكّرت هذه الظاهرة، بالتفاعل الذي لمسه كوربين في حملته الانتخابية. إن الحزب الجديد ينبغي أن يكون بيتا سياسيًا لكل من ضاع صوته بسبب نظام الحزبين الجامد.

القرار

خلال السنوات الأخيرة كانت هناك اتصالات ومطالبات بضرورة وجود صوت سياسي جديد في بريطانيا. بعد اخراج كوربين من الكتلة البرلمانية لحزب العمال، حافظ على عضويته في الحزب والبرلمان. وحظي بدعم العديد من الرفاق. وفي النهاية، منعه رئيس الحزب كير ستارمر من الترشح عن حزب العمال. وكان هذا هجومًا فاضحًا على الديمقراطية وعلى المواطنين الناخبين في دوائرهم الانتخابية، فهم وحدهم من يقررون ذلك. لهذا رشح كوربين في الانتخابات الأخيرة كمستقل وفاز في دائرته.
وكان تأجيل إعلان تأسيس الحزب إلى ما بعد الانتخابات ضروريا، ففوز كوربين في الانتخابات يعد عامل دفع مهم لمشروع الحزب الجديد، إضافة إلى تفرغه الآن لمتابعة تفاصيل التأسيس. وكان الجمع بين المهمتين سيؤثر بشكل كبير على حملته في دائرته الانتخابية. من جانب آخر أكدت الحملة الانتخابية الحاجة إلى مشروع سياسي جديد، وتبين ذلك من خلال دعم حملة كوربين كمرشح مستقل من قبل أوساط تعدت دائرة ناخبيه التقليديين. وخلال الحملة الانتخابية وبعدها انطلقت مناقشات واسعة أكدت ان إطلاق مشروع جديد لليسار ليس ممكنا فقط، بل وضروريا للغاية.
لقد فشل حزب العمال تماما في تحقيق التغييرات التي وعد بها، وذلك ما انعكس في حصر معونة الأطفال بطفلين فقط، وخفض إعانات ذوي الاحتياجات الخاصة، وخيانة حملة النساء المطالبات بالتعويض عن الاضرار التي سببها لهن رفع سن التقاعد، وخفض إعانات التدفئة، والتواطؤ في قتل الشعب الفلسطيني.
تعيش بريطانيا وضعٍا يُمهّد فيه حزب العمال الطريق لحكومةٍ مستقبليةٍ بقيادة حزب الإصلاح البريطاني اليميني المتطرف. وبسبب هذه المرحلة السياسية الحرجة، تقرر تشكيل الحزب الجديد، -لطرح بديل يدافع عن العيش في مجتمعٍ تسوده المساواة والسلام، ويرفض الظلم الاجتماعي والانقسام والحرب.

لماذا الحزب الجديد؟

جاءت فكرة تأسيس الحزب على خلفية خبرة 40 عاما من العمل في البرلمان البريطاني أثارت سؤالاً: لماذا يعاني النظام السياسي في البلاد من الخراب؟
أحد الأسباب هو هيكلية الأحزاب السياسية. فهي هرمية، مركزية، وبيروقراطية. وعندما كان كوربين زعيمًا لحزب العمال، رغب في بناء تنظيمات محلية. كانت الفكرة الأساسية هي منح السكان المحليين فرصة لتنظيم أنفسهم، لأنهم الأقدر على مواجهة المشاكل التي يوجهونها. لكن هذا المشروع قوبل بمقاومة يمينية شرسة.
ان التوجه لتأسيس لجان تنسيق محلية يعزز الثقة؛ إذ يُرسّخ الحزب جذوره في هذه المجتمعات، مما يُفضي إلى نتائج انتخابية أفضل بكثير. في عام ٢٠١٩ حصل حزب العمال على نسب تصويت أعلى في الدوائر الانتخابية التي وُجدت فيها لجان التنسيق المحلية. ولولا العقبات البيروقراطية التي أعاقت تطبيقها، لكان للجان التنسيق المحلية تأثير أكبر.
ويبدو وكأن نواب حزب العمال اليوم، يخشون الشعب الذي يُفترض أنهم يمثلونه. فعندما تتسم الأحزاب بالمركزية الشديدة، يؤدي ذلك إلى سياسات وقرارات خاطئة وإلى نتائج عكسية، بدءًا من خصخصة الخدمات العامة، مرورًا بغزو العراق، ووصولًا إلى إجراءات التقشف.
لهذا السبب، يجري سعي حثيث للقيام بشيء مختلف. إذ ينبغي أن تُركّز السياسة على تعزيز دور الناس وتمكينهم. وهذا بالضبط ما يسعى لتحقيقه هذا الحزب، فهو حزب منفتح، شامل، وديمقراطي شعبي.
وقد عبّر العديد من وسائل الإعلام البريطانية عن استيائها من فكرة أن يكون لعامة الناس رأي في مستقبل الحزب. ولكن بالنسبة لـ 650 ألف بريطاني أعلنوا عن انتمائهم، لم يكن ذلك صعب الفهم.
يجري التخطيط لعقد مؤتمر تأسيسي في نهاية العام الحالي، لتحديد التوجه الدقيق للحزب وأهدافه. لكن هذا المؤتمر لن يكون حدثًا منفردًا، ولن يأتي فجأةً: إنه تتويج لسلسلة من الاجتماعات والنقاشات في جميع أنحاء البلاد. وستكون هذه الاجتماعات أكثر من مجرد تجمعات فقط، بل تهدف إلى أن تكون فرصةً للسكان والحركات الاجتماعية والنقابات العمالية للالتقاء ومناقشة أهم القضايا التي تؤثر على مستقبل الحزب والبلاد، وبالتأكيد ستجري نقاشات حادة. وهذا أمرٌ جيد. فهذا هو جوهر الديمقراطية.

عن الديمقراطية وعلاقة الحزب بالحركات الاجتماعية

كتب كوربين أخيرا مقالاً، أشار فيه إلى أن من أكبر الأخطاء التي قد يرتكبها أي حزب هو الاعتقاد بأنه مضطر للاختيار بين البرلمان وأشكال العمل السياسي الأخرى. فالحزب بحاجة إلى امتلاك تنظيمات في كل مكان: محليًا، في البرلمان، في أماكن العمل، وفي المدن والبلدات. هذه هي قوة الحزب الديمقراطي الحقيقي: فهو يُمكّن الناس العاديين من المساهمة في تحديد الأولويات، وليس فقط أولئك الذين تعلموا ممارسة الضغط في البرلمان. يريد مؤسسو الحزب ربط الحملات الانتخابية بنسيج المجتمع وفي جميع أجزائه.
اتسمت السياسة البريطانية في عام 2024 بفشل حكومة حزب العمال. ولكن أيضا بنمو استثنائي للحركات الاجتماعية: النقابات العمالية، وجمعيات المستأجرين، ونشطاء حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، ومناهضو العنصرية، ونشطاء المناخ والسلام. ولا يمكن لهذه الحركات أن تحقق سوى نجاح محدود بمفردها. لكن تخيلوا ما يمكن أن تحققه، إذا أتيحت لها فرصة العمل مع حزب يجسد مشتركاتها.

اهتمام نقابي بمشروع الحزب

العمل مع النقابات يحتل حيزا كبيرا من اهتمام كوربين، لهذا يتحدث بانتظام مع ممثلي النقابات وقادتها وأعضائها. من الواضح تمامًا وجود استياء واسع النطاق من نهج حكومة حزب العمال. الحزب الجديد يسعى للتعاون مع النقابات والحركات الاجتماعية في جميع أنحاء البلاد.
وسيدعم الحزب العمال الذين لم يتمكنوا حتى الآن من تنظيم أنفسهم، وخاصةً في ظل اقتصاد العمل المؤقت. في وقت سابق من هذا العام، عُقد منتدى شعبي رائع في دائرة كوربين الانتخابية في إزلنغتون الشمالية، ركز على اقتصاد العمل المؤقت. وكان هناك إجماع على أن التحسينات الحقيقية لا يمكن تحقيقها إلا من خلال عمل جماعي للعمال.
من المهم أيضًا ألا يُنظر إلى الحركة النقابية العمالية على أنها منفصلة عن الأحزاب ومبادرات أخرى، مثل حركة السلام. وقد التقى كوربين بكريس سمولز، الذي يُنظّم عمال أمازون في الولايات المتحدة الامريكية، والذي انضم اخيرا إلى أسطول الحرية المتجه إلى غزة، مؤكدا أنه ليس على المرء الاختيار بين النضال من أجل العمال أو دعم فلسطين، بل ينبغي اختيار الاثنين معًا.

لا مكان للمخاوف

العمل الواسع مع النقابات والحركات الاجتماعية ومبادرات التضامن السياسية تثير مخاوف البعض، ويجري التأكيد على التباينات، لكن تجربة كوربين تقول إنه يعمل في البرلمان بشكل جيد مع زملائه النواب غير الحزبيين، وخاصةً في النضال معًا ضد الإبادة الجماعية في غزة. ويُبعث الأمل في قلوب الناس عندما يعلمون أن هناك أعضاءً في البرلمان ملتزمون علنا بالتضامن مع الشعب الفلسطيني. وهناك موقف مشترك واضح بشأن عدد من القضايا الاجتماعية والسياسية: رفض حصر إعانة الوالدين بطفلين فقط، ورفض خفض معونة التدفئة، ورفض خفض إعانات ذوي الاحتياجات الخاصة، ورفض مبيعات الأسلحة لإسرائيل، ولا يجري اتفاق على قضايا أخرى.
المهم الإيمان بقوة الديمقراطية في توحيد الصفوف. نعم، ستكون هناك اختلافات وصراعات في الحزب الجديد. يجب أن يجري التعامل معها بصراحة وصدق، وأن يتم الاعتماد على المؤسسات الديمقراطية لحلها بشكل بنّاء ومثمر. يجب بناء حركة تعترف بتنوع الآراء، لكنها دائمًا ما تدافع عن حقوق الإنسان وكرامة الجميع. يجب الاتحاد ضد الظلم والتمييز بجميع أشكاله. وهذا بالضبط ما سيفعله الحزب الجديد.

تجارب سابقة

شهدت بريطانيا سابقا تجارب لأحزاب على يسار حزب العمال، فهل سيستطيع المشروع الجديد تجاوز المشاكل المعتادة التي تفرضها عبادة الفرد وصراعات السلطة الداخلية؟
هناك إرادة في ان يكون هذا الحزب منفتحًا وشاملًا وديمقراطيًا شعبيًا. ويجب أن يعكس هيكله القاعدة الجغرافية الواسعة التي تؤيده، وأن يؤهل التنظيمات المحلية، حتى تتمكن من قيادة التغيير من القاعدة إلى القمة. ومن غير المطلوب خوض جدل لا ينتهي في كل لجنة وطنية حول من سيُنتخب لقيادة الحزب.
وتجري المحافظة على وحدة الحزب بالالتزام بقضايا جوهرية مثل فقر الأطفال، وحقوق الإنسان، والسلام. ويجب ألا تُنسى الأهداف الرئيسة وهي: تغيير المجتمع، وإعادة توزيع الثروة والسلطة. علما ان الأمر لا يتعلق بناشطي الحزب، بل يتعلق بملايين الناس الذين يستحقون حياة أفضل. ويتعلق بالأطفال الذين يعيشون في فقر. ويتعلق أيضًا بشعب فلسطين. يتعلق بكل هؤلاء، لا بأعضاء الحزب فقط.

التعاون مع الخضر

وسيدافع الحزب الجديد بقوة عن قضايا البيئة، إيمانًا منه بأن العدالة المناخية تعني أيضًا العدالة الاجتماعية. وسيعمل مع حزب الخضر أينما أمكن، في القضايا البيئية بالطبع، وأيضًا في قضايا مثل السلام وحقوق الإنسان. وسيكون الحزب منفتحا دوما على العمل سوية بشأن الاهتمامات المشتركة. فمعًا نكون أقوى.
وهناك معرفة بالعديد من أعضاء حزب الخضر، وتعاون برلماني جيد، وقد تم التعاون قدر الإمكان. وأثمر هذا التعاون تشكيل تحالف معارضة ضد قضايا مختلفة، لا سيما قضية تخفيض إعانات ذوي الاحتياجات الخاصة. وهناك عمل مشترك مع زاك بولانسكي، نائب زعيم حزب الخضر في قضايا عديدة، مثل مكافحة التقشف.

ردود فعل أولية

تتابع قوى اليسار الأوربي باهتمام عملية تأسيس الحزب البريطاني الجديد، التي ترى فيها إضافة نوعية لقوى اليسار الفاعلة في اوربا، في لحظة تاريخية تحتاج فيها هذه القوى كل الجهود، مهما كان حجمها، لتعينها على تعزيز دورها في مواجهة صعود اليمين المتطرف، وتواطؤ أوساط واسعة من قوى الوسط، وكذلك قوى اليمين المحافظ معه. ويصبح الاهتمام أكبر لدى قوى اليسار الممثلة في البرلمان الأوربي، فنجاح حزب اليسار البريطاني، سيعطي لكتلة اليسار في البرلمان الأوربي زخما جديدا. ولهذا بادر فالتر باير، زعيم حزب اليسار الأوروبي، إلى ارسال تهنئة شخصية إلى كوربين وسلطانة قائلا: "هذه خطوة بالغة الأهمية لليسار الأوروبي في وقتٍ تتكشف فيه الإبادة الجماعية في غزة أمام أعين العالم، ويتزايد فيه خطر الحرب. أتمنى لكم كل التوفيق لما فيه مصلحة الطبقة العاملة البريطانية وجميع العمال في القارة الأوربية والعالم". وجاء في التهنئة التي أرسلها جان لوك ميلينشون، زعيم حركة فرنسا الأبية الى كوربن: "لقد تم استيفاء الشرط الأساسي الأول للنجاح: القطيعة مع حزب العمال، وأكاذيبه، وسياساته الليبرالية الجديدة، وارتباطه الخبيث بتوني بلير".
بيان التأسيس

عكس بيان الشروع في تأسيس الحزب الجديد الخطوط العريضة لبرنامج الحزب المقبل. فالإعلان التأسيسي يدين التفاوت الاقتصادي، وتواطؤ الحكومة البريطانية في الحروب، وتفكيكها الخدمات العامة. وهو يدعو إلى: إعادة توزيع واسعة للثروة والسلطة، فرض ضرائب على الأغنياء، نظام صحي عام دون خصخصة، ملكية عامة للطاقة والمياه والسكك الحديدية وخدمة البريد، برنامج إسكان اجتماعي ضخم، عدالة مناخية من خلال الصفقة الخضراء الجديدة، وإنهاء مبيعات الأسلحة لإسرائيل، ويدعو لفلسطين حرة ومستقلة.
ويرفض البيان بشدة الإساءة إلى المهاجرين والأقليات، ويؤكد أن الأزمة الحقيقية تكمن في اقتصاد مبني على المليارديرات. ويقدم حزب اليسار الجديد نفسه كبديل حقيقي لليمين المتطرف بزعامة نايجل فاراج، الذي يتنافس حزبه، "إصلاح المملكة المتحدة"، مع حزب العمال بزعامة ستارمر. وبينما يحاول ستارمر تجاوز فاراج على اليمين بخطابه المناهض للهجرة، يتفوق فاراج عليه شعبويًا من اليسار باستخدام خطاب منافق مؤيد للرعاية الاجتماعية، يهدف الآن من ورائه، وهو العميل التاتشري القديم، الى مناغاة يسار الوسط العنصري. من الواضح تمامًا أن سياسات ستارمر الكارثية تمهد الطريق لفاراج للوصول إلى السلطة.
يخطط حزب اليسار الجديد إلى تقديم مرشحين في الانتخابات المحلية في العام المقبل، ويعمل بالفعل مع مستقلين محليين، وهو منفتح على العمل مع حزب الخُضر، لغرض تحقيق قاعدة عريضة من الناخبين التقدميين، وخاصةً أولئك الذين خاب أملهم بحزب العمال، نتيجة تحوله المكشوف نحو اليمين.
وبالطبع، لا يزال شبح النظام الانتخابي الوطني البالي، القائم على حزبين، والذي يحصد فيه الفائز كل شيء، قائمًا. ولكن إذا استمر حرمان الفقراء من الثروة وتواصل نهب الاغنياء لها بهذه الوتيرة، فقد تُدرك الفئات الوسطى، التي التحقت بجيش العاملين. وستشهد الانتخابات المحلية في أيار 2026 أول اختبار انتخابي.

فلسطين حاضرة دوما

تُعد أحداث الشرق الأوسط أيضا بالغة الأهمية في بلورة مشروع التأسيس. فقد أدى تحالف حكومة حزب العمال المكشوف مع الكيان الصهيوني بعد 7 تشرين الأول 2023، وانتقاده المُقتضب عمدًا لحرب إسرائيل على غزة، إلى إبعاده بشكل متزايد عن قاعدته الاجتماعية. وعلى مدار قرابة عامين، يخرج مئات الآلاف بانتظام إلى شوارع لندن ومدن بريطانية أخرى للتعبير عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني. وتُعدّ هذه الاحتجاجات واحدة من أكبر حركات الاحتجاج في تاريخ بريطانيا الحديث.
وقد تُرجمت هذه التعبئة الشعبية إلى انتصارات انتخابية في الانتخابات العامة لعام 2024، حيث دحر خمسة نواب مؤيدين لفلسطين، بمن فيهم جيريمي كوربين، منافسيهم من حزب العمال. ولذلك، يُولي حزب اليسار الجديد أهمية كبيرة للتضامن مع فلسطين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* أطلقت حملة جمع التواقيع لتأسيس الحزب بإسم "حزبكم"، على أمل أن يقرر المؤتمر التأسيسي الاسم الرسمي للحزب.
** بلغ لاحقاً عدد الموقعين 800 ألف مواطن.



#رشيد_غويلب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مهرجان جريدة الشيوعي النمساوي.. مشاركة واسعة ورؤية مشتركة لل ...
- هل سلّمت سياسات ترامب الصين مفاتيح النظام العالمي الجديد؟
- قراءة تحليلية لخسارة اليسار التاريخية في بوليفيا
- على طريق تعزيز الاستبداد والعنصرية / ترامب يصعّد ضد البنك ال ...
- فضيحة فساد في الأرجنتين تُشعل أزمة والمعارضة تطالب بعزل الرئ ...
- رؤية ليسارٍ معاصر: في سُبل استنهاض اليسار العراقي
- رداً على عنف السلطة.. محتجو صربيا يدافعون عن أنفسهم
- بعد عسكرة ترامب للعاصمة.. الشيوعي الأمريكي يحذر: {مدينتكم قد ...
- بسبب صراعات اليسار الداخلية / بعد 19 عاماً.. هزيمة تاريخية ل ...
- الشرق الأوسط الجديد وتصفية القضية الفلسطينية
- أمن زائف وصفقات سرية.. الدكتاتورية في السلفادور تكشر عن أنيا ...
- ماركس يرد على عنف اليمين الشعبوي
- في الذكرى الـ80 لمأساة هيروشيما وناغازاكي يتزايد خطر الحرب ا ...
- العقوبات الاقتصادية والجوع أشد فتكا من الحروب
- قراءة اليسار الإسباني المتحد لراهن إسبانيا
- حزبا اليسار الأوروبي: مسارات منفصلة واتجاه واحد
- التشيك.. معاداة الشيوعية بداية للأستبداد
- راهن الولايات المتحدة يذكر ببواكير العهد النازي!
- أيدي قادة الاتحاد الأوربي ملطخة بدماء ضحايا الشعب الفلسطيني
- كولومبيا.. مصادرة أصول شركة النفط البريطانية - الفرنسية لدعم ...


المزيد.....




- الاحتلال يشدّد إجراءاته بالقدس ويقتحم مناطق بالضفة
- -83 مليون دولار-.. محكمة تؤيد حكما بتغريم ترامب في قضية -الت ...
- تونس توضح حقيقة -استهداف مسيرة لقارب بأسطول المساعدات المتجه ...
- إثيوبيا تفتتح سد النهضة اليوم
- الشاهبندر البرّاك.. المبعوث الذي يتاجر بسوريا لا معها
- المقررة الأممية: قارب بأسطول المساعدات لغزة يبدو أنه تعرض له ...
- غارات إسرائيلية قرب حمص واللاذقية، والخارجية السورية تطالب ب ...
- هل يُعاقَب منتقد ماكرون بغرامة 3750 يورو؟
- محللون: ترامب ونتنياهو يعرفان أن حماس سترفض خطتهما الجديدة
- عاجل | إدارة أسطول كسر حصار غزة: تعرض سفينة رئيسية بالأسطول ...


المزيد.....

- اليسار بين التراجع والصعود.. الأسباب والتحديات / رشيد غويلب
- قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند / زهير الخويلدي
- مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م ... / دلير زنكنة
- عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب ... / اسحق قومي
- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - رشيد غويلب - مع القائد العمالي المخضرم جريمي كوربين حوار ضافٍ عن حزب اليسار الجديد في بريطانيا