أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناهض رسمى الرفاتى - محاورة مع الذات (من قصص الحرب على غزة )














المزيد.....

محاورة مع الذات (من قصص الحرب على غزة )


ناهض رسمى الرفاتى

الحوار المتمدن-العدد: 8460 - 2025 / 9 / 9 - 00:41
المحور: الادب والفن
    


لم يكن الكاتب في الخيمة يكتب قصة، بل كان يكتب نفسه. كان يحاور عقله الباطن، لا ليُبدع، بل ليبقى. فالحياة في غزة لم تعد حياة، بل معيشة ضنكا، والناس لا يخشون الموت، بل يخشون النزوح، لأن النزوح ليس موتًا، بل هو "اللاشيء" الذي يبتلع كل شيء. جلس الكاتب في خيمته، يراقب وجوه الناس، وقد تبدلت ملامحهم كما تتبدل الصور في مرآة مكسورة. لم تعد العيون تعرف الطمأنينة، ولم تعد الوجوه تعرف الضحك. كل شيء تغير، حتى العادات والتقاليد، صارت مجرد ذكريات تُروى في همس، وكأنها خجل من زمنٍ مضى.
قال لنفسه:
– في الحرب، لا يبقى شيء على حاله. الكرامة تصبح خصمًا، والنذالة تصبح صديقًا، والنجاة هي الغاية الوحيدة. كان حي الزيتون قد دُمّر بالكامل. الأشجار التي كانت تُنتظر ثمارها، صارت رمادًا. البيوت التي كانت تُحفظ فيها الأسرار، صارت أطلالًا. والناس، الذين كانوا يعدّون الأيام للقطاف، صاروا يعدّون الساعات للنزوح.
كتب في دفتره:
"الفوضى ليست حدثًا، بل حياة. الحرب ليست معركة، بل تفاصيل يومية. كل شيء يلفه السواد، كل شيء غائب حاضر، وفقط الألم هو القصة."
كان يسمع الأطفال يغنون: "أولاد العم عم، وأولاد الدم دم"، وكان يرى سيارات الإسعاف تمر كأنها خيول القيامة، تحمل الجرحى إلى مستشفيات بلا أسرّة، بلا أدوات، بلا أطباء. وكان يتأمل الجرحى، دموعهم، دماءهم، قلوبهم النازفة، ويكتب.
يسأله عقله الباطن:
– هل ما زلت تؤمن؟
فيجيبه:
– نعم، أؤمن أن الله موجود، ولن يتركنا.
ثم يكتب في السطر الأخير من ورقته، وكأنها وصيته، وكأنها خلاصه:
"نحن لا نكتب لننتصر، بل لنُبقي الذاكرة حيّة. نحن لا نحاور الحرب، بل نحاور أنفسنا لنفهم كيف ننجو دون أن نفقد إنسانيتنا."
ويضع القلم جانبًا، وينظر إلى سقف الخيمة، الذي يهتز مع كل قذيفة، ويهمس لنفسه:
"ربما لا نملك الوطن، لكننا نملك الحكاية... وسنرويها، حتى النهاية."



#ناهض_رسمى_الرفاتى (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشهر الحاسم لاختبار وقف الحرب على غزة
- زكيم مصيدة الموت
- الخيمة والفوضى
- الفتح الاسلامى ام الاحتلا الاسلامى
- اتفاق باريس الإقتصادى و مارين للغاز حقوق ضائعة؟
- البترويوان تهديد حقيقى أم أساطير تفكيك الدولار
- حتمية الإنتصار والصعود البطئ للثورة الفلسطينية
- دولة واحدة مع دولتين ( تركيا ,أذربيجان )
- هنية على الأكتاف وأمال قد تتحقق
- الخيميائى رواية على حد السيف
- العلاقات الإقتصادية بين تركيا واسرائيل فى ظل المتغيرات السيا ...
- الإختبار والتاريخ مكان مصب النهر
- سياسة حسناء واقتصاد قبيح
- فرص المصالحة ومعادلة الألم
- رجيم المصالحة الفلسطينية وإتفاق التهدئة مع اسرائيل
- عصا الحل الإقتصادى ( الإنسانى ) وجزرة الحرب على غزة
- صفقة على غزة
- جناح فراشة فلسطين تحدث اعصار
- بين صمت الحكومات وضياع العمر الشباب العربى ؟
- الفرص والتهديدات للمصالحة الفلسطينية من زاوية اقتصادية


المزيد.....




- أَصْدَاءٌ فِي صَحْرَاءْ
- من أجل قاعة رقص ترامب.. هدم دار السينما التاريخية في البيت ا ...
- شاهد/ذهبية ثالثة لإيران في فنون القتال المختلطة للسيدات
- معرض النيابة العامة الدولي للكتائب بطرابلس يناقش الثقافة كجس ...
- شاهد.. فيلم نادر عن -أبو البرنامج الصاروخي الإيراني-
- تمثال من الخبز طوله متران.. فنان يحوّل ظاهرةً على الإنترنت إ ...
- مسك الختام.. أناقة المشاهير في حفل اختتام مهرجان الجونة السي ...
- ايران تحرز ميداليتين ذهبيتين في الفنون القتالية ببطولة آسيا ...
- فلسفة الذكاء الاصطناعي.. الوعي بين الفكرة والآلة
- أحمد مالك أول مصري يفوز بجائزة أفضل ممثل في -الجونة السينمائ ...


المزيد.....

- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناهض رسمى الرفاتى - محاورة مع الذات (من قصص الحرب على غزة )