ناهض رسمى الرفاتى
الحوار المتمدن-العدد: 8435 - 2025 / 8 / 15 - 16:58
المحور:
قضايا ثقافية
يثير التوسع الإسلامي المبكر تساؤلاتٍ حاسمة حول طبيعته: هل كان رسالةً أخلاقية دعوية أم مشروع احتلال سياسي يستند إلى قوة السيف؟ للإجابة، لا بد من استحضار المصطلحات، والسياق التاريخي، ثم استقراء مواقف مفكرين مختلفين.
في اللغة العربية، يدل “الفتح” على الإظهار والإعلان عن رسالة جديدة، بينما يحمل “الاحتلال” دلالة فرض السيطرة الدائمة بالقوة دون بعد دعوي. اختار الخلفاء الأوائل مصطلح الفتح لبيان البُعد الرسالي الذي انطلق من نشر قيم التوحيد والعدل.
انهيار الإمبراطوريتين البيزنطية والفارسية وفراغ القيادة المركزية شكّلا بيئةً خصبتين لتحرك الجيوش الإسلامية. بدا الفتح مزيجاً من دوافع دفاعية—لحماية المجتمع وتخفيف الأعباء الاقتصادية—ومقصدٍ دعويٍّ ودبلوماسيٍّ لنشر العفو والضمان، كما ظهر في صلح الحديبية ووثيقة أهل نجران.
مواقف المفكرين
عباس محمود العقاد: اعتبر الفتوحات امتداداً حضارياً أخلاقياً، هدفه تحرير الشعوب من الجهل والظلم.
برنارد لويس وإدوارد سعيد: ربطا الفتوحات بسياسات إمبريالية، إما نهاج احتلال إقليمي أو أداةٍ للترويج الاستشراقي.
باتريشيا كرون وهيو كينيدي: نظروا إلى البعد الاقتصادي والإداري في فرض الجزية وتنظيم الإدارة المركزية.
منير شفيق: شدد على أن السيف استُخدم دفاعاً عن الدعوة، وأن معاهدات الذمة ضمنت حرية العبادة والمساواة.
يجسّد هذا التنوع الفكري ازدواجية الفتح الإسلامي: وجهٌ دعوي أخلاقيٌّ نشر قيم الرحمة والعدل، وآخر سياسي–اقتصاديٌّ أسس مؤسساتٍ إدارية وجبايات تشبه رقابةَ الاحتلال الحديث.
تتقاطع الدعوة الأخلاقية مع آليات السلطة في بوتقةٍ واحدة، فتتحول التجربة إلى مشروع دولة توسعية متوازنة بين الرسالة والإدارة.
في النهاية، يكمن الإرث الإسلامي في هذه الثنائية التي تجمع بين نداءٍ روحانيٍّ ورؤيةٍ سياسيةٍ لا غنى عنها لتنظيم حياة الأمم والحفاظ على ترابطها. إعادة تقييم هذا الإرث تتطلب قراءةٌ متعددة الأبعاد تتجاوز التصنيفات الأحادية.
#ناهض_رسمى_الرفاتى (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟