حسام الدين فياض
أكاديمي وباحث
(Hossam Aldin Fayad)
الحوار المتمدن-العدد: 8454 - 2025 / 9 / 3 - 04:59
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
ثالثاً- أنواع الجهل مقاربة معرفية وبنيوية: يعتبر الجهل من المفاهيم المعقدة التي لا يمكن اختزالها في مجرد غيابٍ للمعلومة، بل هو بناء متعدد الأبعاد يتفاوت من حيث طبيعته المفهومية، كما يختلف في سياقاته البنيوية والاجتماعية والثقافية والسياسية. وفي الأدبيات الحديثة، خاصة مع بروز حقل دراسات الجهل (Agnotology)، فأصبح النظر إلى الجهل يتجاوز التعريف الساذج بوصفه نقصاً معرفياً، ليُقرأ باعتباره أداة معرفية واجتماعية قد تنتج عمداً أو تنشأ بصورة بنيوية داخل أنساق الثقافة والسياسة.
فعلى مستوى المفهوم، يمكن التمييز بين أربعة أنماط رئيسية من الجهل. أولها ما يسمى الجهل البسيط، وهو غياب معلومة محددة أو معرفة مباشرة بقضية بعينها. وهذا النمط يشكل الشكل الأكثر شيوعاً للجهل، وغالباً ما يعالج عبر التعليم أو النفاذ إلى مصادر المعرفة. وقد تم ربط هذا النمط بضعف الوعي العام بالسياسة، حيث إن نقص المعرفة بالمعلومات الأساسية ينعكس مباشرة على كفاءة العملية الديمقراطية. أما النمط الثاني فهو الجهل المركب، الذي يتجاوز غياب المعلومة المفردة إلى شبكة أوسع من الفجوات المعرفية المتداخلة، فقد يكون مزيجاً من نقص في المعلومات، وتعقيد لغوي، وتهميش مؤسساتي، ما يجعل الفهم العام مشوشاً وغير مكتمل. ويشير بروكتور إلى أن للجهل " جغرافيا " و " تضاريس " تتوزع عبر التاريخ والمجتمع، بحيث تتراكم أنماط متشابكة من الجهل داخل مناطق معرفية بعينها.
ويظهر النوع الثالث تحت مسمى الجهل الكامل، حيث لا يكون هناك مجرد نقص في المعلومات، بل غياب تام للإطار المفهومي أو غياب للسؤال نفسه. في هذه الحالة، لا يدرك الأفراد أو الجماعات حتى وجود مجال معرفي معين يمكن أن يشكل موضوعاً للبحث أو النقاش. يوضح شايبنغر أن هذا النمط من الجهل يمكن أن يتأصل عبر ممارسات تاريخية طويلة الأمد، مثل تغييب مساهمات النساء في العلوم أو حذف معارف الشعوب الأصلية من السردية العلمية السائدة. وهنا لا يكفي مجرد توفير المعلومات، بل يصبح الأمر مرتبطاً باستعادة أطر معرفية بأكملها. أما النوع الرابع فيتمثل في الجهل المقدس، وهو نمط مختلف تماماً، يُطلق على التدين الرافض للمعرفة العلمية التي يظن المتدين بأنها متناقضة مع الدين، أو تضعف الشعور الديني. كما لا ينظر إليه على أنه نقص معرفي يجب تجاوزه، بل يُحتفى به أحياناً بوصفه مسلكاً روحانياً نحو الحقيقة. ففي التراث الصوفي المسيحي مثلاً، يتجلى هذا النمط في كتاب The Cloud of Unknowing الذي يرى في الجهل بالله شكلاً من أشكال السمو الروحي والاقتراب من الإله عبر السلب والتجاوز. بهذا المعنى يصبح الجهل المقدس حالة إرادية وفضيلة معرفية مرتبطة بالبعد الديني أو الميتافيزيقي.
وفي السياق الإسلامي، يمكن ملاحظة أن مفاهيم مشابهة ظهرت لدى الفرق الصوفية، حيث ينظر إلى " التجهيل الذاتي " أحياناً كوسيلة للتواضع أمام الله تعالى وترك التعلق بالعلم الظاهري إلى جانب السعي وراء المعرفة الباطنية. وهذا النمط من الجهل يختلف جذرياً عن الجهل البسيط أو المركب، لأنه قائم على قصد معرفي وروحي، وليس على نقص عرضي أو تراكم فجوات معرفية.
بذلك يمكننا القول إن الجهل المقدس في الإسلام، كما في التصوف المسيحي، يُفهم كأداة معرفية روحية تهدف إلى تجاوز حدود المعرفة العقلية، والتقرب من الحقيقة المطلقة، ويُعتبر فضيلة معرفية، لا عيباً أو نقصاً.
وإذا انتقلنا من مستوى المفهوم إلى مستوى البنية، فإننا نجد أن للجهل حضوراً آخر يتجلى في ثلاثة أنماط أساسية. أولها الجهل الثقافي، وهو نتاج عمليات تاريخية ومؤسساتية تؤدي إلى تغييب أو تهميش معارف بعينها. يتجلى ذلك مثلاً في كيفية تجاهل بعض المناهج التعليمية لتواريخ الجماعات المهمشة، أو في عملية " صناعة الشك " التي مارستها شركات التبغ لعقود حول الأضرار الصحية للتدخين، ثم الجهل الاجتماعي الذي يمثل صورة لبنية معرفية تتوزع داخل المجتمع وفق التراتب الطبقي، الفوارق الاقتصادية، أو القيود المؤسسية على الوصول إلى المعرفة. وهو ناتج عن عدم تساوي فرص الحصول على المعلومات، أو عن إقصاء جماعات معينة من الفضاءات التعليمية والثقافية، ما يؤدي إلى فجوات معرفية متراكمة تعكس البنية الاجتماعية نفسها. بهذا المعنى، يُنظر إلى الجهل الاجتماعي كحالة متجذرة في توزيع السلطة والفرص، دون الحاجة إلى تبني أي افتراض حول " جهل مهيمن " محدد، ما يجعله قابلاً للتحقق والملاحظة عبر بيانات اجتماعية، وثقافية موثوقة.
أما البعد الثالث فهو الجهل السياسي، الذي يتسم بطابع مزدوج. فمن جهة، قد يكون ناتجاً عن اختيار عقلاني من الأفراد، كما يوضح إيليا سومن، حيث يرى الناخب أن تكلفة التعلم السياسي تفوق الفائدة المتوقعة من مشاركته في الانتخابات، وهو ما يعرف بالـ " جهل العقلاني ". ومن جهة أخرى، قد يكون الجهل السياسي نتيجة استراتيجيات متعمدة من قبل فاعلين سياسيين أو مؤسسات إعلامية لخلق تضليل أو تشويش، وبالتالي تقييد مساءلة الحكومة والمجتمع المدني، وهو ما يسمى أحياناً بالـ " جهل المصنع ".
وهكذا عند النظر في هذه الأبعاد الثلاثة معاً، يتضح أن الجهل البنيوي ليس مجرد غياب عشوائي للمعلومة، بل هو عملية معقدة ترتبط بإنتاج المعرفة وتوزيعها في المجتمع. فالجهل الثقافي يعكس الاختيارات التاريخية والمؤسساتية، والجهل الاجتماعي يبرز التفاوتات البنيوية والهيمنة الطبقية، والجهل السياسي يُظهر العلاقة بين المعرفة والسلطة والمصالح. ومن هذا المنظور، يصبح الجهل البنيوي ظاهرة اجتماعية وثقافية وسياسية متشابكة، تستلزم أدوات تحليلية دقيقة لفهم دينامياتها وآليات إنتاجها واستدامتها.
خلاصة القول، يتبين لنا من خلال التحليل السابق أن الجهل ليس حالة واحدة بسيطة، بل هو ظاهرة متعددة المستويات والأبعاد. فمن الناحية المفهومية، يمكن أن يتجلى في صورة جهل بسيط يُختزل في غياب معلومة محددة، أو جهل مركب ينشأ من تداخل فجوات معرفية متشابكة تعطل إمكانية الفهم الكلي. كما قد يتخذ شكلاً أكثر جذرية فيما يسمى بالجهل الكامل، حيث يغيب الإطار المفهومي ذاته بفعل عمليات محو أو إقصاء معرفي ممتدة. وفي المقابل، نجد نمطاً مغايراً تماماً هو الجهل المقدس الذي يعد في التراث الروحي خبرة إيجابية تتجاوز حدود العقل واللغة.
وعلى الصعيد البنيوي، يكتسب الجهل أبعاداً أكثر تركيباً، إذ يمكن أن يظهر في صورته الثقافية عبر تغييب السرديات والمعارف المهمشة أو صناعة الشكوك بشكل مؤسساتي، كما يتجسد اجتماعياً في آليات الهيمنة الطبقية أو العرقية التي تنتج أشكالاً من " الجهل المهيمن " ، بينما يتبدى سياسياً إما كخيار عقلاني يفسر عزوف الناخبين عن التعلم أو كأداة استراتيجية لصناعة التضليل وتقييد المساءلة العامة.
إن هذا التنوع الدلالي والبنيوي يكشف أن الجهل ليس مجرد نقص محايد في المعرفة، بل هو ظاهرة بنيوية ومعرفية يمكن أن تكون أداة للسيطرة بقدر ما يمكن أن تشكل فضاءً للتأمل الروحي أو حافزاً للبحث العلمي. ومن ثم، فإن فهم الجهل يتطلب مقاربة شمولية تنظر إليه بوصفه مجالاً تتقاطع فيه المعرفة والسلطة والثقافة، مما يجعل دراسته ضرورة لفهم ديناميات المجتمعات المعاصرة وآليات إنتاج الحقيقة والمعنى داخلها.
رابعاً- الأسباب البنيوية للجهل في المجتمعات العربية المعاصرة: يعد الجهل في المجتمعات العربية المعاصرة ظاهرة متعددة الأبعاد تتجاوز حدود الفرد لتصبح نتاجاً لتراكمات بنيوية واجتماعية وثقافية وسياسية. فليس الجهل مجرد نقص في التعليم أو المعرفة الفردية، بل هو انعكاس لعلاقات تاريخية معقدة تشمل الاستعمار الذي أعاد تشكيل نظم التعليم والثقافة، والعولمة التي فرضت نماذج معرفية أجنبية أضعفت الهويات المحلية، والاستبداد السياسي الذي قيد حرية الفكر والمعرفة. كما تتفاعل هذه العوامل مع أوجه القصور الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لتثبيت دائرة الجهل على المستوى الجماعي والفردي.
وبهذا، فإن دراسة الجهل في تلك المجتمعات تتطلب تحليلاً نقدياً لأسبابه البنيوية، لفهم كيف تتداخل القوى التاريخية والسياسية والاجتماعية لتحدد مسار التنمية المعرفية والثقافية في المجتمعات العربية المعاصرة. بناءً على ما سبق سنحاول التوقف عند مجموعة من الأسباب التي نعتقد بأنها من الأسباب الأولية لمشكلة الجهل في مجتمعاتنا العربية وهي كالآتي:
1- الاستعمار وتشكيل الهويات المعرفية: كما هو معلوم لنا لعب الاستعمار الأوروبي في العالم العربي خلال القرنين التاسع عشر والعشرين دوراً محورياً في صياغة البنى المعرفية التي ما زالت تؤثر في حاضر المجتمعات العربية. فقد لم يقتصر الاستعمار على السيطرة السياسية والعسكرية، بل امتد ليعيد تشكيل المؤسسات التعليمية والثقافية والدينية بما يخدم مشروعه في إعادة إنتاج الهيمنة. بذلك نجد أن التعليم الاستعماري لم يكن هدفه نشر المعرفة بقدر ما كان يهدف إلى تكوين " طبقة وسيطة " مرتبطة بالمستعمر وتابعة له في أنماط التفكير والقيم.
بالمقابل أنشأت القوى الاستعمارية مدارس حديثة اعتمدت على المناهج الغربية، وأهملت إلى حد كبير الموروثات التعليمية التقليدية التي شكلت على مدى قرون البنية الثقافية العربية الإسلامية. وقد نتج عن هذا مسارين متوازيين: مسار النخب المتعلمة على النمط الغربي، ومسار الجماهير التي بقيت خارج هذه المنظومة، مما أدى إلى تكريس الفجوة المعرفية. ويرى إدوارد سعيد أن هذا " التأسيس المعرفي الاستعماري " أسس لرؤية استشراقية جعلت من الثقافة العربية موضوعاً للهيمنة والتشيؤ، وهو ما انعكس سلباً على ثقة المجتمعات بذاتها وقدرتها على إنتاج معرفة مستقلة.
كما أن الاستعمار مارس إعادة صياغة للهويات المعرفية من خلال فرض لغات أجنبية في التعليم والإدارة، وهو ما أدى إلى تهميش اللغة العربية كلغة علم وبحث، وتحويلها تدريجياً إلى مجرد لغة ثقافية أو دينية، في حين أصبحت الفرنسية أو الإنجليزية لغة الإدارة والتقنية والمعرفة الحديثة. وهذا ما يصفه أنور عبد الملك " بالازدواجية البنيوية " التي جعلت المجتمعات العربية تتأرجح بين لغتين وثقافتين، ففقدت القدرة على بناء مشروع معرفي متماسك.
ومن النتائج المباشرة لهذا الواقع أن المجتمعات العربية ورثت بعد الاستقلال دولاً بُنيت على أنماط معرفية استوردها الاستعمار، واستمرت هذه الأنماط بعد رحيله بسبب غياب المشروع الوطني البديل. وهو ما جعل كثيراً من النظم التعليمية العربية مجرد إعادة إنتاج للهيمنة المعرفية الغربية، الأمر الذي ساهم في استمرار حالة الجهل البنيوي، ليس بوصفه انقطاعاً معرفياً، بل بوصفه نتاجاً لهويات معرفية مشوهة.
2- العولمة والهيمنة الثقافية: تعتبر العولمة أحد أبرز العوامل البنيوية التي أسهمت في تكريس الجهل في المجتمعات العربية المعاصرة، ليس من خلال نشر المعرفة فحسب، بل عبر فرض نماذج معرفية وثقافية خارجية أدت إلى إضعاف الهويات المحلية وتهميش الإنتاج المعرفي الذاتي. فالعولمة الثقافية لم تكن مجرد انفتاح على العالم، بل مثلت مشروعاً لإعادة تشكيل الوعي الجمعي عبر آليات القوة الناعمة، بما في ذلك الإعلام، والتعليم، والتكنولوجيا. وهنا تتجلى إشكالية أساسية، إذ تحولت العولمة إلى أداة لإعادة إنتاج التبعية المعرفية، حيث باتت النماذج الغربية في المعرفة والعلم مرجعية شبه وحيدة، على حساب السياقات المحلية.
لقد أفرزت هذه العملية ما يمكن تسميته " بالاستلاب المعرفي "، حيث يستهلك الأفراد والمجتمعات أنماط التفكير والرموز والمعارف دون امتلاك القدرة النقدية على إعادة توطينها أو تكييفها مع خصوصياتهم الثقافية والاجتماعية. ومن ثم، يتعزز الجهل البنيوي عبر ما يمكن وصفه " بالجهل المستتر " الذي يُخفي ذاته خلف مظاهر التحديث والانفتاح، لكنه في الواقع يقود إلى ضعف القدرة على إنتاج معرفة نقدية محلية أصيلة.
كما أن العولمة ساهمت في تكريس " التفاوت المعرفي " بين الشمال والجنوب، حيث تركزت مراكز البحث والإنتاج العلمي في الغرب، بينما بقيت معظم الدول العربية في موقع المستهلك للمعرفة لا المنتج لها. ويشير سمير أمين إلى أن العولمة ليست سوى طور متقدم من أطوار الرأسمالية الإمبريالية التي تعيد إنتاج التبعية الثقافية والمعرفية للعالم العربي. وهذا ما يجعل الجهل في السياق العربي ليس مجرد نقص في التعليم، بل نتيجة بنيوية لسيطرة نظام معرفي عالمي متمركز حول الغرب، يُضعف القدرة على بلورة بدائل مستقلة.
إجمالاً، يمكن القول إن العولمة عمقت أزمة الجهل البنيوي عبر فرض هيمنة معرفية وثقافية، خلقت فراغاً بين الشكل والمضمون: شكل التحديث والانفتاح، ومضمون التبعية والاستلاب. وهذا ما يفسر كيف أن مجتمعات عربية عديدة رغم ارتفاع نسب التعليم فيها، ما زالت عاجزة عن تجاوز البنية المعرفية التقليدية أو إنتاج نماذج مستقلة للمعرفة والتنمية.
3- الاستبداد وتقييد حرية التعبير: يمثل الاستبداد السياسي أحد أبرز الأسباب البنيوية لترسيخ الجهل في المجتمعات العربية المعاصرة، حيث تَحوّل إلى آلية ممنهجة لإنتاج أنماط من " الوعي المزيف " القائم على التلقين لا على التفكير النقدي. فالأنظمة السلطوية، عبر التاريخ الحديث والمعاصر، لم تنظر إلى المعرفة باعتبارها قوةً للتحرر، بل تعاملت معها كتهديد لبنيتها السياسية والاجتماعية، فعملت على ضبطها وتوجيهها بما يخدم مصالحها. وهذا ما جعل المعرفة في كثير من السياقات العربية مشروطة بحدود السلطة ومقيدة بموازينها، لا نابعة من حاجات المجتمع أو تطلعاته.
إن غياب حرية التعبير وتقييد الصحافة والمؤسسات الأكاديمية خلق ما يمكن وصفه " بالفراغ المعرفي "، حيث يتم إقصاء الأصوات النقدية والبديلة، وإحلال خطاب رسمي يكرس ثقافة الطاعة والامتثال. وهنا يصبح الجهل ليس مجرد حالة من نقص المعلومات، بل هو نتاج سياسي مؤسس على إقصاء البدائل المعرفية وإعادة إنتاج رواية واحدة للواقع. وقد أشار عبد الله العروي إلى أن الاستبداد يحول دون تشكل عقل نقدي حر، لأنه يفرض لغة السلطة على حساب لغة المجتمع.
كما أن الاستبداد يولد آليات " رقابة ذاتية " داخل المؤسسات التعليمية والثقافية، حيث يخشى الأكاديميون والمثقفون تجاوز الخطوط الحمراء. هذه الرقابة الذاتية أخطر من الرقابة المباشرة، لأنها تتحول إلى بنية ذهنية تعيق التفكير النقدي والإبداعي، وتخلق ما يسميه حنّة أرندت " بالسطحية الفكرية " التي تُبقي الأفراد في حالة من الانشغال بالشكل دون التعمق في الجوهر. وفي هذا السياق، تصبح المعرفة وسيلة للتماهي مع السلطة لا لمساءلتها، فيستمر الجهل كآلية للضبط الاجتماعي والسياسي.
ويضاف إلى ذلك أن الاستبداد في العالم العربي غالباً ما ارتبط بمظاهر من الفساد البنيوي، وهو ما أدى إلى تهميش البحث العلمي، وتوجيه موارده لخدمة مصالح نخبوية ضيقة. وهذا ما يفسر تراجع الجامعات العربية في مؤشرات التصنيف العالمي، وغيابها عن مراكز إنتاج المعرفة المؤثرة. فالاستبداد لا يكتفي بإنتاج جهل سياسي، بل ينسحب إلى الجهل العلمي والمعرفي، عبر إضعاف المؤسسات الأكاديمية وتحويلها إلى فضاءات للتلقين والتوظيف الإيديولوجي.
خلاصة القول، إن الاستبداد في المجتمعات العربية أنتج بنية من " الجهل الممنهج "، حيث يتم تطبيع المجتمع على قبول التبعية والخضوع، وتُقصى إمكانات النقد والتغيير. وهو بذلك لا يعكس فقط أزمة سياسية، بل أزمة معرفية وثقافية عميقة، تجعل من الجهل نتيجة حتمية لبنية الحكم السلطوي.
4- ضعف المؤسسات التعليمية وتقييد الفكر النقدي: تعتبر المؤسسات التعليمية في المجتمعات العربية أحد العوامل الأساسية في إنتاج أو تفكيك الجهل البنيوي، لكنها في الواقع غالباً ما تمثل إحدى أدوات تثبيت الجهل. فالأزمة لا تقتصر على نقص التمويل أو ضعف البنية التحتية، بل تتعداها إلى هيكلية المعرفة نفسها، حيث يغلب المنهج التلقيني على التعليم، ويهمش التفكير النقدي والتحليلي. كما نلاحظ أن نمط التعليم التقليدي يعيد إنتاج الإطار الثقافي القديم دون تقديم أدوات للتجديد أو التفاعل مع المتغيرات المعاصرة.
تؤدي هذه الهيمنة المنهجية إلى خلق جيل يمتلك معرفة سطحية وشكلية، لكنه يفتقر إلى القدرة على الاستقصاء النقدي وتطوير حلول مبتكرة للمشكلات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. حيث يؤدي غالباً إلى إعادة إنتاج المعرفة في المؤسسات التعليمية العربية ما يخدم مصالح النخب الحاكمة ويحد من قدرة الطلاب على التفكير الحر.
كما أن ضعف المناهج التعليمية الحديثة يؤدي إلى عزوف الطلاب عن البحث والتحليل، ويعزز الاعتماد على المعرفة المستوردة من الخارج، مما يضاعف أزمة الهوية المعرفية المحلية. وهذا بدوره يخلق دورة من الجهل البنيوي، حيث ينتقل من جيل إلى جيل دون أي فرصة حقيقية لإحداث تغيير معرفي جوهري.
إضافة إلى ذلك، فإن البنية الإدارية للمؤسسات التعليمية غالباً ما تفرض رقابة غير مباشرة على البحث العلمي والنشر الأكاديمي، حيث تتوقف فرص الترقية والتقدير على مدى التوافق مع السياسات الرسمية، وليس على الجودة البحثية. هذا الواقع يعزز " الجهل المؤسسي " الذي يرى فيه الباحثون أن المعرفة أداة طاعة لا أداة نقد.
وأخيراً، فإن ضعف البنية التربوية يؤدي إلى غياب الثقافة النقدية المجتمعية، بحيث لا يتعلم الطلاب مهارات التفكير المستقل، ولا يهيئون للمشاركة الفاعلة في الحياة العامة. وبهذا تصبح المؤسسات التعليمية ليست مجرد ناقل للمعرفة، بل صانعة للجهل البنيوي الذي يغذي الهياكل الاجتماعية والسياسية القائمة.
5- تخلف البنى الاقتصادية والاجتماعية: يشكل التخلف الاقتصادي والاجتماعي أحد الركائز الأساسية التي تنتج الجهل البنيوي في المجتمعات العربية المعاصرة. فغياب التنمية الاقتصادية وعدم تكافؤ الفرص يؤديان إلى ضعف البنى التحتية للمعرفة، وبالتالي الحد من إمكانية إنتاج المعرفة المستقلة. حيث تؤدي البنية الاقتصادية الهشة إلى تعطيل المؤسسات التعليمية والبحثية، وتجعل المجتمع أكثر عرضة للاستهلاك المعرفي الخارجي بدلاً من الإنتاج المحلي.
ويضاف إلى ذلك أن الفقر وعدم المساواة الاجتماعية يكرسان فجوة معرفية واضحة بين الفئات المجتمعية المختلفة. فالأفراد الذين ينتمون إلى الطبقات الأقل دخلاً يواجهون صعوبة في الوصول إلى التعليم الجيد، والكتب، والموارد البحثية، أو حتى الإنترنت، مما يعزز دائرة الجهل ويجعلها متوارثة بين الأجيال.
كما أن ضعف البنى الاجتماعية، مثل ضعف الأسرة في دعم الثقافة والمعرفة، وانخفاض معدلات القراءة والتثقيف الذاتي، يضاعف تأثير التخلف الاقتصادي على مستوى الوعي والمعرفة. ففي المجتمعات التي تسيطر فيها البنى التقليدية والبيروقراطية، لا يكون للمعرفة سوى وظيفة شكلية، بينما تبقى الهيمنة الاقتصادية والسياسية الفعلية محددة لمجالات التفكير واتخاذ القرار.
إن تخلف البنية الاقتصادية والاجتماعية ليس مجرد نقص مادي، بل هو عامل مركزي في إنتاج الجهل البنيوي لأنه يحد من قدرة الأفراد على المشاركة في عملية إنتاج المعرفة، ويؤدي إلى اعتماد المعرفة المستوردة والخارجية. كما أنه يربط بين الفقر والجهل بشكل عضوي، بحيث يصبح التعليم والتفكير النقدي سلعة تتاح فقط لمن يمتلك الوسائل الاقتصادية والاجتماعية الكافية، في حين تُحرم باقي الفئات من المشاركة المعرفية .
وهكذا، يتضح أن البنى الاقتصادية والاجتماعية الهشة تشكل بيئة خصبة لتكرار الجهل من جيل إلى جيل، لأنها تمنع التمكين المجتمعي وتقيد قدرة المواطنين على تطوير مهاراتهم الفكرية والمعرفية، وتكرس تبعيتهم للمعرفة المستوردة أو المفاهيم المسلمة من الخارج.
6- الأبعاد التفافية والدينية المتشددة: تلعب الأبعاد الثقافية والدينية المتشددة دوراً مهماً في ترسيخ الجهل البنيوي في المجتمعات العربية المعاصرة، من خلال ضبط الفكر، وتقييد حرية البحث العلمي والنقد، وفرض قراءة محددة للتراث الديني والثقافي. فحين تتحول الثقافة والدين إلى أدوات للرقابة الاجتماعية والفكرية، يصبح النقد والتحليل شبه مستحيلين، ويستبدل بالمعرفة التقليدية الثابتة التي لا تتيح مرونة في مواجهة التحولات الحديثة. كما يشير الجابري إلى أن الإسلام السياسي في بعض السياقات المعاصرة فرض تفسيراً أحادياً للنصوص، مما أدى إلى إغلاق المجال أمام التفكير العقلاني والتجديد العلمي.
كما تؤدي الطائفية والانقسامات الاجتماعية القائمة على الانتماءات الدينية أو المذهبية إلى إنتاج معرفة محدودة، حيث يصبح الفكر مرتبطاً بالهوية الانتمائية أكثر من ارتباطه بالحقائق العلمية أو القيم الإنسانية العامة. ويصف العروي هذه الظاهرة بأنها تقييد للفكر ضمن أطر معرفية ضيقة، تجعل من الإبداع والبحث النقدي أشبه بمغامرة اجتماعية خطيرة.
ومن جهة أخرى، فإن التفسيرات التقليدية التي تُفرض على النظام التعليمي والمجتمع تؤدي إلى ترسيخ جهل " مقدس "، أي معرفة تُقدس دون نقاش أو مراجعة، كما هو الحال عند بعض التيارات الدينية المتشددة. بذلك يخلق الجهل المقدس جيلاً يفتقد القدرة على التساؤل والتحليل، ويعتمد على التلقين والتقليد كمعيار للمعرفة.
وإضافة إلى ذلك، فإن هذه البنى الثقافية والدينية المتشددة تتفاعل مع العوامل الاقتصادية والسياسية لتثبيت الجهل البنيوي، فالضعف الاقتصادي والاجتماعي يجعل المجتمعات أكثر تقبلاً للتفسيرات المبسطة والمغلفة بالقداسة، في حين يُستغل الاستبداد السياسي لترويج هذه الأطر كوسيلة للسيطرة على الأذهان.
خلاصة القول، إن الأبعاد الثقافية والدينية المتشددة ليست مجرد تعبير عن إرث ثقافي، بل هي عامل بنيوي مركزي في إنتاج الجهل المعاصر، لأنها تقيد القدرة على التفكير النقدي، وتمنع تطوير المعرفة المستقلة، وتُعزز من اعتماد الأفراد على المعرفة المسلّمة والمنقولة من مصادر تقليدية أو خارجية.
7- ضعف البنية المعلوماتية والتكنولوجية: يشكل ضعف البنية المعلوماتية والتكنولوجية أحد أبرز العوامل البنيوية التي تعزز الجهل في المجتمعات العربية المعاصرة، إذ يقيد الوصول إلى المعرفة الحديثة، ويحد من القدرة على البحث، والتحليل، والإنتاج العلمي المحلي. فالانتقال إلى مجتمع المعرفة يتطلب بنية رقمية متطورة تشمل الإنترنت عالي السرعة، قواعد البيانات العلمية، المكتبات الرقمية، والمنصات التعليمية المتقدمة، لكن الواقع العربي يعاني من فجوة رقمية واسعة بين الفئات والمناطق. وتتجلى هذه الفجوة في محدودية الوصول إلى المحتوى الرقمي باللغة العربية، إذ يشير تقرير اليونسكو إلى أن أقل من 3٪ من المحتوى الرقمي العلمي متاح باللغة العربية، ما يضطر الباحثين والطلاب إلى الاعتماد على مصادر أجنبية، مما يحد من إنتاج المعرفة المحلية ويكبل التنمية الفكرية .
إضافة إلى ذلك، يفرض ضعف البنية التكنولوجية قيوداً على التعليم عن بعد، والبحث العلمي الحديث، وتبادل المعرفة بين المؤسسات العربية وبينها وبين مراكز البحث العالمية. وهذا ما يؤكده تقرير البنك الدولي، الذي يشير إلى أن نقص البنية التحتية الرقمية يعزز الفجوة المعرفية بين الدول العربية والاقتصادات المتقدمة، ويحول دون استفادة الطلاب والباحثين من أحدث الموارد العلمية.
كما أن ضعف التهيئة المعلوماتية يؤدي إلى تفاقم أوجه الجهل البنيوي الناتجة عن العوامل السابقة، إذ يصبح المجتمع أكثر اعتماداً على المعرفة التقليدية أو المستوردة، وأقل قدرة على إنتاج حلول مبتكرة للتحديات المحلية. ويعكس هذا التداخل بين الفقر الرقمي، وقصور المؤسسات التعليمية، واستمرار الهيمنة الثقافية الغربية، كيف أن ضعف البنية المعلوماتية يضاعف من دائرة الجهل البنيوي ويجعل المجتمع أقل قدرة على مقاومة التبعية المعرفية.
نستنتج مما سبق أن تعزيز البنية التكنولوجية والمعلوماتية ليس مجرد استثمار في الأجهزة والاتصالات، بل هو شرط أساسي لإعادة بناء المعرفة المحلية وتمكين الفكر النقدي، وتوسيع دائرة الوصول إلى المعلومات، وبالتالي كسر حلقة الجهل البنيوي في المجتمعات العربية.
- خلاصة القول (رؤية نقدية): تُظهر الدراسة أن الجهل في المجتمعات العربية المعاصرة ليس مجرد نقص فردي في المعرفة، بل هو نتاج بنيوي مركب يتداخل فيه التاريخ السياسي، والثقافة، والاقتصاد، والتعليم، والتكنولوجيا. فقد أفرز الاستعمار هويات معرفية مشوهة وأعاد ترتيب النظام التعليمي والثقافي بما يخدم الهيمنة الغربية، في حين عمّقت العولمة تبعية المعرفة وأضعفت القدرة على الإنتاج المحلي النقدي. كما ساهم الاستبداد السياسي في تقييد حرية التعبير وتحويل المؤسسات التعليمية والثقافية إلى أدوات للرقابة، ما أضعف الفكر النقدي وأنتج جهلاً مؤسسياً.
إضافة إلى ذلك، فإن ضعف البنية التعليمية وتخلف المناهج التقليدية، مع محدودية التمويل والتطوير المؤسساتي، يعوق قدرة المجتمع على إنتاج المعرفة. وتفاعل ذلك مع التخلف الاقتصادي والاجتماعي، والأبعاد الثقافية والدينية المتشددة، جعل من الجهل ظاهرة مستمرة ومتوارثة، بينما يضاعف ضعف البنية المعلوماتية والتكنولوجية هذه الأزمة من خلال الحد من الوصول إلى المعرفة الحديثة والمصادر الرقمية.
يمكن القول إن الأسباب السابقة تشكل حلقة مترابطة، كل عامل فيها يعزز تأثير الآخر، ما يجعل الجهل في المجتمعات العربية معقداً ومتعدد المستويات. ويؤكد هذا أن معالجة الجهل لا يمكن أن تكون مجرد سياسات تعليمية سطحية، بل تتطلب رؤية شاملة تتعامل مع البنية المعرفية والسياسية والاقتصادية والثقافية بشكل متكامل. .... يتبع
------------------------------------------------------------
- المراجع المعتمدة:
- أرندت، حنّة. 2016. أسس التوتاليتارية. ط2. ترجمة: أنطوان أبو زيد. دار الساقي. بيروت.
- الجابري، محمد. 2009. تكوين العقل العربي. ط10. مركز دراسات الوحدة العربية. بيروت.
- الدواي، عبد الرزاق. 2013. في الثقافة والخطاب عن حرب الثقافات – حوار الهويات الوطنية في زمن العولمة. ط1. المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. بيروت.
- العروي، عبد الله. 2008. السنة والإصلاح. ط1. المركز الثقافي العربي. الدار البيضاء (المغرب).
- العروي، عبد الله. 2012. مفهوم العقل مقالة في المفارقات. ط1. المركز الثقافي العربي. الدار البيضاء (المغرب).
- الغليفى، عبد الله بن محمد. 2008. العذر بالجهل أسماء وأحكام. ط2. دار القرآن. مكة المكرمة.
- اليونيسكو. 2019. بناء مجتمعات المعرفة في المنطقة العربية – اللغة العربية بوابة المعرفة. منظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة (اليونيسكو). القاهرة.
- أمين، سمير. 2007. الرأسمالية في عصر العولمة (إدارة المجتمع المعاصر). ط1. الشركة العالمية للكتاب. بيروت.
- بركات، حليم. 1998. المجتمع العربي المعاصر: بحث استطلاعي اجتماعي. ط6. مركز دراسات الوحدة العربية. بيروت.
- جيدنز، أنتوني. 2000. قواعد جديدة للمنهج في علم الاجتماع – نقد إيجابي للاتجاهات التفسيرية في علم الاجتماع. ط1. العدد: 214. ترجمة وتقديم: محمد محيى الدين. مراجعة وتصدير: محمد محمود الجوهري. المشروع القومي للترجمة. القاهرة.
- جيدنز، أنتوني. 2003. عالم جامح. كيف تعيد العولمة تشكيل حياتنا. ط1. ترجمة: عباس كاظم وحسن كاظم. المركز الثقافي العربي. الدار البيضاء (المغرب).
- جيدنز، أنتوني. 2005. علم الاجتماع (مع مدخلات عربية). ط4. ترجمة: فايز الصياغ. المنظمة العربية للترجمة. بيروت.
- حجازي، مصطفى. 2005. الإنسان المهدور (دراسة تحليلية نفسية اجتماعية) ط1. المركز الثقافي العربي. الدار البيضاء وبيروت.
- حجازي، مصطفى. 2005. التخلف الاجتماعي – مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور، ط9. المركز الثقافي العربي. الدار البيضاء وبيروت.
- حرب، علي. 2005. أزمنة الحداثة الفائقة (الإصلاح، الإرهاب، الشراكة)، ط1. المركز الثقافي العربي. الدار البيضاء وبيروت.
- حرب، علي. 2002. العالم وأزمته – منطق الصدام ولغة التداول، ط1. المركز الثقافي العربي. الدار البيضاء وبيروت.
- حنفي، ساري. أرفانيتس، ريغاس. 2015. البحث العربي ومجتمع المعرفة - رؤية نقدية جديدة. ط1. مركز دراسات الوحدة العربية. بيروت.
- حوراني، ألبرت. 1997. تاريخ الشعوب العربية. ط1. تعريب: أسعد صقر. دار طلاس للدراسات والترجمة والنشر. دمشق.
- روا، أوليفييه. 2012. الجهل المقدس – زمن بلا ثقافة. ط1. ترجمة: صالح الأشمر. دار الساقي. بيروت.
- سعيد، إدوارد. 2024. الاستشراق: المفاهيم الغربية للشرق. ط3. ترجمة: محمد عناني. مؤسسة هنداوي. المملكة المتحدة.
- سعيد، إدوارد. 2022. السلطة والمثقف. ط3. ترجمة: محمد عناني. مؤسسة هنداوي. المملكة المتحدة.
- عبد الملك، أنور. 2005. الجدلية الاجتماعية. ط1. العدد: 916. ترجمة: عبد العظيم حماد، سامية الجندي. المشروع القومي للترجمة. القاهرة.
- عماد، عبد الغني. 2006. سوسيولوجيا الثقافة. المفاهيم والإشكاليات... من الحداثة إلى العولمة. ط1. مركز دراسات الوحدة العربية. بيروت.
- فؤاد، أحمد نعمات. 1985. صناعة الجهل. ط1. دار المستقبل العربي. القاهرة.
- كونانك، توما دور. 2004. الجهل الجديد ومشكلة الثقافة. ط1. ترجمة: منصور القاضي. مجد المؤسسة الجامعية للدارسات والنشر والتوزيع. بيروت.
- ماركيوز، هربرت. 1988. الإنسان ذو البعد الواحد. ط3. ترجمة: جورج طرابيشي. دار الآداب. بيروت.
- مانهايم، كارل. 1980. الإيديولوجيا واليوتوبيا (مقدمة في سوسيولوجيا المعرفة). ط1. ترجمة: محمد رجا الديريني. شركة المكتبات الكويتية. الكويت.
- مصطفى، صفوان. حب الله، عدنان. 2008. إشكاليات المجتمع العربي: قراءة من منظور التحليل النفسي. ط1. المركوز الثقافي العربي. الدار البيضاء (المغرب).
- منظور، ابن. ب.ت . لسان العرب. طبعة جديدة ومحققة. دار المعارف. القاهرة.
- مؤلفين، مجموعة. 2000. الدين في المجتمع العربي. ط2. مركز دراسات الوحدة العربية. بيروت.
- مؤلفين، مجموعة. 2017. العنف والسياسة في المجتمعات العربية المعاصرة (مقاربة سوسيولوجية وحالات). ط1. الجزء: الأول. المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. بيروت.
- هوركهايمر، ماكس. أدورنو، تيودور. 2006. جدل التنوير – شذرات فلسفية. ط1. ترجمة: جورج كتورة. دار الكتاب الجديد المتحدة. بيروت.
- Bourdieu, Pierre. 1986. The Forms of Capital. In Handbook of Theory and Research for the Sociology of Education, edited by John G. Richardson. 241–258. Greenwood Press. New York.
- Freire, Paulo. 1970. Pedagogy of the Oppressed. Continuum Books. New York.
- Johnston, William. trans. 1973. The Cloud of Unknowing and the Book of Privy Counselling. Garden City. Doubleday. New York.
- Kahneman, Daniel. 2011. Thinking, Fast and Slow. Farrar. Straus and Giroux. New York.
- Parsons, Talcott. 2005. The Social System. Editor: Bryan S. Turner. Routledge Sociology Classics. London.
- Plato. 1981. Apology. Translated by G. M. A. Grube. Hackett. Indianapolis.
- Popper, Karl. 1963. Conjectures and Refutations: The Growth of Scientific Knowledge. Routledge. London.
- Proctor, Robert N. Schiebinger, Londa. 2008. Agnotology (the Making and Unmaking of Ignorance). Stanford University Press. Stanford.
- Smithson, Michael. 1989. Ignorance and Uncertainty: Emerging Paradigms. Springer-Verlag. New York.
- Somin, Ilya. 2013. Democracy and Political Ignorance: Why Smaller Government Is Smarter. CA: Stanford University Press. Stanford.
- UNDP.2019. Arab Human Development Report 2019. Challenges and Opportunities in Knowledge Societies. New York: United Nations Development Programme.
- UNESCO. 2015. UNESCO Science Report: Towards 2030. Paris: UNESCO Publishing.
- World Bank. 2018. World Development Report 2018: Learning to Realize Education’s Promise. Washington. DC: World Bank.
#حسام_الدين_فياض (هاشتاغ)
Hossam_Aldin_Fayad#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟