أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسام الدين فياض - الجهل البنيوي في المجتمعات العربية المعاصرة من التحديات المعرفية إلى آفاق التحرر الاجتماعي (دراسة تحليلية - نقدية) ج(1)















المزيد.....


الجهل البنيوي في المجتمعات العربية المعاصرة من التحديات المعرفية إلى آفاق التحرر الاجتماعي (دراسة تحليلية - نقدية) ج(1)


حسام الدين فياض
أكاديمي وباحث

(Hossam Aldin Fayad)


الحوار المتمدن-العدد: 8452 - 2025 / 9 / 1 - 16:24
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


” الجهل في مجتمعاتنا العربية المعاصرة هو السلاح الأكثر فتكاً، لأنه يحجب عن الأفراد فهم واقعهم والسيطرة على مصيرهم وبناء مستقبلهم “.
” الجهل ليس مجرد نقص في المعلومات، بل هو هيمنة متجذرة في البنى الاجتماعية والثقافية التي تحد من حرية الفكر والتفكير النقدي “.
” المجتمعات التي تسمح بتكريس الجهل، تسمح أيضاً في إبقاء قوى الهيمنة والسيطرة على وعي أفرادها “ (الكاتب).

- الملخص: يتناول هذا البحث الجهل بوصفه ظاهرة معرفية واجتماعية مؤثرة على وعي الفرد وسلوكه في المجتمعات العربية المعاصرة، مسلطاً الضوء على أبعاده التاريخية والثقافية والسياسية. وقد اعتمد البحث على المنهج التحليلي - النقدي، ما أتاح دراسة الظاهرة بصورة متعمقة، تكشف جذورها البنيوية وتفكيك آليات ترسيخها. كما يقدم البحث تأصيلاً معرفياً لمفهوم الجهل، ويحلل خصائص الإنسان والمجتمع الجاهل، مع استعراض أنواعه المختلفة، بدءاً من الجهل التقليدي وصولاً إلى الجهل البنيوي والمقدس، في إطار رؤية معرفية وبنيوية متكاملة.
كما حاول البحث دراسة الأسباب البنيوية التي ساهمت في تكريس مشكلة الجهل، مثل: إرث الاستعمار، سياسات القهر الاجتماعي، ضعف المؤسسات التعليمية، وآليات التحكم الثقافي والإعلامي، مع إبراز دور هذه العوامل في تعزيز الهيمنة والسيطرة غير المباشرة. ويختتم البحث باستعراض سُبل تجفيف منابع الجهل، من خلال تعزيز الوعي النقدي والمعرفي، تطوير البنى التعليمية والثقافية، وتمكين المجتمع من التحرر الفكري والاجتماعي، بما يسهم في بناء مجتمع قادر على المعرفة والحرية الفكرية، ويحقق التنمية المستدامة في أبعادها الثقافية، والاجتماعية، والسياسية.

- المقدمة: يعتبر الجهل ظاهرة اجتماعية ومعرفية تتجاوز مجرد النقص في المعلومات، فهو حالة متجذرة في البنية الفكرية والثقافية للمجتمعات، تؤثر على وعي الإنسان وسلوكه وقدرته على التمييز بين الحقيقة والزيف. ويتخذ الجهل أشكالاً متعددة، تتراوح بين الجهل الفردي المحدود إلى الجهل البنيوي الذي يترسخ في المؤسسات التعليمية والإعلامية والسياسية، مما يجعله أداة غير مرئية للسيطرة والهيمنة. ويكتسب هذا الموضوع أهمية خاصة في المجتمعات العربية المعاصرة، حيث تتقاطع عوامل تاريخية وسياسية واجتماعية أدت إلى تعزيز هذه الظاهرة، بما في ذلك إرث الاستعمار، السياسات التمييزية، وضعف المؤسسات التعليمية، وانتشار ثقافة القهر الفكري والاجتماعي.
يحاول هذا البحث تقديم رؤية شاملة للجهل من خلال استكشاف أبعاده المختلفة بدءاً من التأصيل المعرفي للمفهوم، مروراً بتحليل خصائص الإنسان والمجتمع الجاهل، واستعراض أنواع الجهل بمقاربات معرفية وبنيوية، وصولاً إلى دراسة الأسباب البنيوية وأدوات وآليات تكريس الجهل، ثم البحث في السبل الممكنة لتجفيف منابعه، بما يُمكّن الأفراد والمجتمعات من التحرر من أشكال الهيمنة والسيطرة غير المباشرة. ويهدف البحث إلى تقديم تحليل متكامل يجمع بين الرصانة العلمية والعمق الفكري، مع إبراز العلاقة بين المعرفة والقدرة على الفهم النقدي، لتسليط الضوء على كيفية مواجهة الجهل في السياق العربي المعاصر، وفهم انعكاساته على التنمية الاجتماعية والسياسية والثقافية.

أولاً- التأصيل المعرفي لمفهوم الجهل مقاربة متعددة الأبعاد: يشكل مفهوم الجهل إحدى القضايا المركزية التي رافقت الفكر الإنساني منذ بداياته، إذ لم يُفهم فقط بوصفه نقيضاً للمعرفة، بل باعتباره ظاهرة متشعبة تتداخل فيها الأبعاد اللغوية، والفلسفية، والنفسية، والاجتماعية. ومن هنا جاء اهتمام المدارس الفكرية المختلفة بتأصيله نظرياً، مما أفضى إلى تراكم معرفي يبين أن الجهل ليس مجرد نقص في المعلومات، بل بنية ثقافية واجتماعية تتجاوز حدود الفرد إلى صميم التفاعلات الإنسانية.
لغوياً، يُشتق الجهل من الجذر (ج. ه. ل) الذي يدل على نقيض العلم، أي " انعدام المعرفة أو قلّتها "، كما في قول ابن منظور في لسان العرب: " الجهل نقيض العلم، وقد جهله فلان جهلاً وجهالة، وجهل عليه. وتجاهل: أي أظهر الجهل، وقد يُستعمل في معنى السفه والطيش ". ومن هنا يظهر البعد المزدوج للمفهوم، بوصفه نقصاً معرفياً من جهة، وسلوكاً غير عقلاني من جهة أخرى.
أما اصطلاحاً، فقد عُرف الجهل بأنه: اعتقاد الشيء على خلاف ما هو عليه، (والجهل: تصور الشيء على خلاف ما هو به في الواقع)، فالعلم خلافه الجهل، والجهل يطلق على خلاف العلم وخلاف الحلم، فيقال: هذا جاهل بمعنى: غير عالم، ويقال: هذا جهول. أي: صاحب نزق وخفة وطيش ونقص عقل، الأول من الجهل الذي هو خلاف العلم، والثاني من الجهل الذي هو خلاف الحلم. حَدُّ الجهل: فقد العلم يعني عدم العلم بالشيء. ويتضح مما سبق أن الجهل ليس مجرد فراغ معرفي، بل حالة من الاعتقاد الخاطئ الذي يلبس لبوس الحقيقة.
وفي الفلسفة، يُطرح مفهوم الجهل بوصفه عائقاً أمام تحقق الحكمة. فقد اعتبر أفلاطون أن الوعي بالجهل هو الشرط الأول للمعرفة الحقيقية، وحين نسب إلى سقراط قوله: " إنني أعلم أنني لا أعلم "، في إشارة إلى أن إدراك حدود الجهل هو بداية الحكمة. ويذهب الفيلسوف كارل بوبر لاحقاً إلى أن الجهل ليس حالة سلبية تماماً، بل هو محرك للتساؤل النقدي ولعملية " التخطئة والتصحيح " التي تقوم عليها المعرفة العلمية.
ومن المنظور النفسي، يفهم الجهل على أنه حالة معرفية - انفعالية تتسم بغياب الوعي أو رفضه، وقد ترتبط بما يعرف بـ " التحيز المعرفي ". فقد أشار دانيال كانيمان Kahneman Daniel إلى أن الإنسان قد يفضل " الوهم المعرفي " على مواجهة تعقيد الحقيقة، وهو ما يجعل الجهل آلية دفاعية نفسية في بعض الحالات. كما أن علم النفس الاجتماعي يربط بين الجهل و" التفكير الجمعي " حيث يفضل الامتثال للجماعة على حساب البحث عن الحقيقة.
وفي السياق العربي لا ينظر مصطفى حجازي في تحليلاته النفسية – الاجتماعية في كتابه " التخلف الاجتماعي "، إلى الجهل باعتباره مجرد نقص معرفي أو فراغ إدراكي، بل كآلية وجودية مرتبطة ببنية القهر التي يعيشها الإنسان العربي المقهور. فالجهل، بحسبه، يتجسد في الوعي الزائف الذي يُنتج داخل شروط التبعية والاستلاب، حيث يستبدل البحث النقدي عن الحقيقة بالتسليم الأعمى للسلطات الاجتماعية والثقافية. وهو في هذا الإطار لا ينفصل عن منظومة أوسع من " عطالة العقل النقدي " و" إفقار الوعي "، إذ يصبح الجهل ليس مجرد غياب للمعرفة، بل حالة نفسية جماعية تُعيد إنتاج العجز والتبعية وتُضعف القدرة على الفعل التحرري.
إن توصيف الجهل عند حجازي يكشف عن بعد مزدوج: فمن الناحية النفسية، يمثل الجهل نمطاً دفاعياً يتيح للفرد التعايش مع واقعه القهري من خلال تجنب المواجهة النقدية مع الحقيقة، ومن الناحية الاجتماعية، يعتبر أداة تستثمر في ضبط الجماعات وإدامة السيطرة السلطوية. بهذا المعنى، يصبح الجهل عند حجازي ليس فقط حرماناً من المعرفة، بل هو نتاج بنيوي لآليات القهر والاستلاب التي تكبل الإنسان وتبعده عن الفعل الواعي والتحرر.
وفي سياق علم الاجتماع، فيدرس الجهل لا كحالة فردية فقط، بل كبنية اجتماعية تتشكل عبر مؤسسات وأنماط ثقافية. فقد ميز كارل مانهايم بين " الجهل البسيط " الناتج عن غياب المعلومة، و" الجهل البنيوي " الذي يعاد إنتاجه عبر السلطة والمعرفة الرسمية. وفي السياق المعاصر، طوّر مايكل سميثسون Michael Smithson في كتابه " الجهل وعدم البقين (النماذج الناشئة) " عام 1989 مفهوم " الجهل الاجتماعي " ليصف كيف يمكن للجهل أن يكون " رأسمالاً اجتماعياً " يوظف للحفاظ على مصالح سياسية واقتصادية معينة. ومن هذا المنظور، فإن الجهل ليس مجرد نقص، بل هو ظاهرة اجتماعية متعمدة أحياناً، تُستخدم كأداة لإدامة علاقات الهيمنة والقهر داخل المجتمع.
ومع صعود المنظور البنائي الوظيفي مع تالكوت بارسونز، أصبح يُنظر إلى الجهل بوصفه اختلالاً وظيفياً يُضعف قدرة الأفراد على أداء أدوارهم الاجتماعية بما يهدد توازن النسق الاجتماعي. فالمعرفة في هذا الإطار شرط للتكامل والاندماج، بينما الجهل يمثل خطراً على استقرار النظام الاجتماعي.
وفي رؤية مختلفة، وسّع أنتوني جيدنز هذا التصور من خلال نظريته التشكيل البنائي، حيث اعتبر أن الجهل ليس مجرد حالة سلبية، بل نتاج جدلي للعلاقة بين الفاعلين والبنية. فالمؤسسات تحدد ما يُعرف وما يُجهل، بينما الأفراد بدورهم يعيدون إنتاج هذه الحدود أو تجاوزها. ومن هنا يصبح الجهل حقلاً للصراع حول السلطة والقدرة على الفعل الواعي.
أما مدرسة فرانكفورت النقدية فقد سعت إلى نقل النقاش إلى مستوى أكثر راديكالية، حيث أعاد هوركهايمر وأدورنو في كتابهما " جدل التنوير " تعريف الجهل بوصفه عملية منظمة لإنتاج الوعي الزائف عبر الثقافة الجماهيرية والإيديولوجيا، مما يُخضع الأفراد لهيمنة العقل الأداتي ومفرزاته، وأكمل هربرت ماركيوز هذا الاتجاه، معتبراً أن الجهل يُسهم في خلق " الإنسان ذو البعد الواحد " الذي يفتقد القدرة النقدية ويقبل بأنماط السيطرة القائمة.
بذلك يتضح أن السوسيولوجيا لم تنظر إلى الجهل كحالة ثابتة، بل كمفهوم ديناميكي متحول من غياب بسيط للمعرفة عند مانهايم، إلى مورد اجتماعي مدار عند سميثسون، إلى خلل وظيفي عند بارسونز، إلى نتاج جدلي بين الفاعل والبنية عند جيدنز، وصولاً إلى أداة للهيمنة والإخضاع في النقدية الماركسية الجديدة. وهذا التعدد يبين أن الجهل ليس مجرد فراغ معرفي، بل ظاهرة اجتماعية معقدة تتداخل فيها المعرفة بالسلطة والثقافة.

خلاصة القول يُظهر التأصيل المعرفي لمفهوم الجهل مساراً تطورياً متدرجاً، من تعريفه اللغوي البسيط كنقيض للعلم، إلى اعتباره عند الفلاسفة شرطاً للوعي والحكمة، ثم تحليله نفسياً كآلية دفاعية وانحياز إدراكي، وصولاً إلى دراسته سوسيولوجياً كبنية اجتماعية تُنتج وتدار وتوظف في خدمة السلطة أو الحفاظ على التوازن. وبهذا تتضح الصورة الكلية للجهل كظاهرة مركبة، لا تنفصل عن جدلية العلاقة بين المعرفة والسلطة والمجتمع.

ثانياً- خصائص الإنسان والمجتمع الجاهل (مقاربة تحليلية): كما هو معلوم لدينا أن الجهل ظاهرة مركبة ذات أبعاد معرفية ونفسية واجتماعية، لا تختزل في غياب المعلومات فحسب، بل تتجسد كبنية ذهنية وثقافية تنتج أنماطاً من التفكير والسلوك تعيق تطور الفرد والمجتمع. فالإنسان الجاهل يظهر سمات خاصة مثل: الانغلاق الفكري، التبعية، العاطفية المفرطة، والجمود القيمي، في حين يتجلى الجهل على مستوى المجتمع في شكل بنية سلطوية مغلقة، واعتماد على الخرافة، وضعف المؤسسية، وإعادة إنتاج الفقر والإقصاء. وبهذا يصبح الجهل ليس مجرد حالة فردية، بل منظومة تاريخية واجتماعية متكاملة تؤثر في مسار الحضارات وإمكانيات التغيير.
1- الجهل على المستوى الفردي: إن الإنسان الجاهل لا يُختزل في كونه فرداً يفتقد إلى المعرفة، بل هو نتاج منظومة اجتماعية وثقافية تعمل على تكريس أنماط محددة من التفكير والسلوك. ويمكن لنا رصد أبرز سماته وخصائصه في مستويات متعددة: معرفية، نفسية، سلوكية، وأخلاقية، وهي كالآتي:
أ- الانغلاق المعرفي وضيق الأفق الفكري: يُعرف الإنسان الجاهل من الناحية المعرفية بانحصاره في أنماط فكرية مغلقة، ورفضه للتعددية المعرفية والنقدية. فهو يفتقد إلى القدرة على طرح الأسئلة أو إعادة النظر في المسلمات، مما يجعله أسيراً للجاهزية الفكرية التي تعيق قدرته على التكيّف مع المتغيرات. بذلك يعيش الجاهل داخل نسق ثقافي مغلق يتخذ من الموروث مرجعاً أوحد، ويقاوم أي محاولة للفهم أو التغيير.
ب- التبعية والخضوع للسلطة: يميل الإنسان الجاهل إلى قبول الخطاب السلطوي دون مساءلة، سواء كان سياسياً أو دينياً أو اجتماعياً، ما يؤدي إلى إضعاف ملكاته النقدية. وهنا نجد أن الجهل لا يفهم كغياب للمعرفة فقط، بل كنتاج لعلاقات قهرية تعيد إنتاج الخضوع والتبعية. وتتمثل هذه التبعية في الاستسلام للتوجيهات من دون وعي نقدي، مما يرسخ استلاب الإرادة الفردية.
ج- العاطفية المفرطة على حساب العقلانية: من سمات الجاهل تغليب الانفعال العاطفي على التحليل العقلاني. فهو يتخذ مواقفه استناداً إلى الانتماءات القبلية أو العاطفية لا إلى الحجج المنطقية أو الأدلة العلمية. ويرى مصطفى حجازي أن العاطفية السطحية في المجتمعات المتخلفة تعكس عجزاً عن ضبط الانفعالات وتوليد وعي عقلاني بالواقع. وهذا يفضي إلى سهولة انقياده وراء الشعارات والخطابات الشعبوية.
د- الجمود القيمي والأخلاقي: يتسم الإنسان الجاهل بالتمسك الأعمى بالقيم التقليدية من دون وعي بطبيعتها النسبية أو التاريخية، ما يجعله يقاوم أي محاولة للتحديث أو التجديد. هذا الجمود لا يعني الثبات الإيجابي، بل يترجم في شكل رفض للتنوع، ونزعة نحو التمسك باليقينيات المطلقة، مما يعيق تطور الحس الأخلاقي النقدي.
ه- إعادة إنتاج الخرافة والأسطورة: يظهر الجاهل ميلاً إلى تفسير الظواهر باللجوء إلى الخرافات والتفسيرات الغيبية غير العلمية، مما يعكس هشاشة في الوعي العلمي. وفي هذا السياق يتم الربط بين الجهل وبناء تصورات أسطورية عن العالم تخدم القوى المهيمنة في ترسيخ الوضع القائم.
و- العجز عن إدارة الاختلاف: ومن خصائص الجاهل أنه يفتقد إلى مهارة التعايش مع التنوع، إذ يرى في الاختلاف تهديداً لهويته وقيمه. وهو ما يجعل الصراع والمواجهة خياراً غالباً لديه بدلاً من الحوار. ويشير حجازي إلى أن المجتمع الجاهل ينتج شخصية هشّة تتوجس من كل مختلف، وتبحث عن الأمان في التماثل.
وبذلك يمكن القول إن الإنسان الجاهل لا يمثل حالة فردية منعزلة، بل يتجسد في صورة شخصية متناقضة: منغلقة فكرياً، تابعة سلطوياً، عاطفية مفرطة، جامدة قيمياً، خرافية في تفسيرها للواقع، وعاجزة عن إدارة التنوع. وهذه السمات تجعل منه أداة لإعادة إنتاج الجهل الاجتماعي، بدلاً من أن يكون فاعلاً في تجاوزه.

2- الجهل على المستوى المجتمعي: في هذا السياق نجد أن المجتمع الجاهل لا يختزل في مجموعة أفراد يفتقدون إلى المعرفة، بل هو نسق ثقافي وسياسي واقتصادي يعيد إنتاج الجهل ويحوله إلى منظومة متكاملة. ومن أبرز خصائصه ما يلي:
أ- البنية السلطوية المغلقة: يتسم المجتمع الجاهل بتركيبة سلطوية تجعل من الطاعة قاعدةً للسلوك الجمعي، حيث تحتكر الحقيقة والمعرفة في يد نخبة محدودة، ويفرض على الأفراد الامتثال دون نقد أو مساءلة. هذه البنية تؤدي إلى تقييد الإبداع وتحجيم المبادرات الحرة. وترى حنة أرندت أن المجتمعات التي تُقصي الحوار الحر تؤسس لفضاء عام عجز فيه الأفراد عن التمييز بين الحقيقة والدعاية، وهو ما يعمق الجهل الجماعي.
ب- سيادة الوعي الأسطوري: يظهر المجتمع الجاهل اعتماداً واسعاً على التفسيرات الغيبية والرمزية للظواهر الاجتماعية والسياسية، إذ تتحول الخرافة إلى أداة تفسيرية تهيمن على المخيال الجمعي. وهذا النمط لا ينبع من غياب المعرفة فحسب، بل من بنية ثقافية تُشرعن الاستسلام للقدر بدلاً من التحليل العقلاني للواقع.
ج- ضعف المؤسسية وانهيار المنطق القانوني: ففي المجتمعات الجاهلة يغيب احترام القوانين كمعيار جامع، لتحل محله الولاءات العشائرية، أو الطائفية، أو الجهوية. هذا الوضع يؤدي إلى إضعاف ثقة الأفراد بالمؤسسات، وتعزيز منطق القوة والزبائنية في إدارة الشأن العام. ومن ثم، تصبح البنية الاجتماعية عرضة للتفتت والانقسام عند مواجهة الأزمات.
د- إعادة إنتاج الفقر والتهميش: المجتمع الجاهل لا يكتفي بتكريس الجهل الفكري، بل يعيد إنتاج الجهل المادي عبر التفاوتات الاقتصادية وحرمان فئات واسعة من حقها في التعليم والمعرفة. فالجهل والفقر متلازمان، فغياب القدرات المعرفية يفضي إلى استمرار الحرمان الاقتصادي، والعكس صحيح.
هـ - النزعة الإقصائية تجاه الآخر: يميل المجتمع الجاهل إلى النظر إلى المختلف الثقافي، أو الديني، أو الفكري بوصفه تهديداً يجب عزله أو تهميشه. هذه النزعة تضعف إمكانيات التعايش، وتحول التنوع إلى مصدر صراع دائم. وهو ما يجعل الجهل أداة لتثبيت أنماط اللامساواة الاعترافية التي تعيق إدماج الفئات المختلفة.
و- هشاشة الوعي التاريخي والمستقبلي: ومن خصائص المجتمع الجاهل أنه يعيش في حاضر متقطع غير متصل بجذوره التاريخية ولا بآفاقه المستقبلية. فهو يختزل الماضي في صورة مثالية جامدة، ويرفض استيعاب التحولات الحديثة، ما يتركه عالقاً في " زمن دائري " يعيد إنتاج ذاته دون تقدم.
وبذلك فإن المجتمع الجاهل ليس مجرد جماعة محرومة من التعليم، بل هو بنية ثقافية - سياسية تنتج الانغلاق، وتشرعن الخرافة، وتضعف المؤسسية، وتعيد إنتاج الفقر والإقصاء، وتعيش في قطيعة مع وعيها التاريخي والمستقبلي. وهو بهذا يشكل السياق الأكبر الذي يولد منه الإنسان الجاهل ويستمد سماته.

خلاصة القول، إن تحليل خصائص الإنسان والمجتمع الجاهل يكشف أن الجهل يتجاوز كونه نقصاً معرفياً ليصبح أداة لإعادة إنتاج التبعية والاستبداد والتخلف. فالإنسان الجاهل يمثل الحلقة الأضعف في مواجهة التحولات، بينما المجتمع الجاهل يكرس بنية ثقافية وسياسية مغلقة تقاوم النقد والتجديد. ومن ثم، فإن تجاوز الجهل لا يتم عبر التعليم الشكلي فقط، بل يتطلب بناء وعي نقدي، ومؤسسات عادلة، وثقافة قادرة على استيعاب التنوع وتوليد معرفة حرة. .... يتبع

-------------------------------------------------

- المراجع المعتمدة:
- أرندت، حنّة. 2016. أسس التوتاليتارية. ط2. ترجمة: أنطوان أبو زيد. دار الساقي. بيروت.
- الجابري، محمد. 2009. تكوين العقل العربي. ط10. مركز دراسات الوحدة العربية. بيروت.
- الدواي، عبد الرزاق. 2013. في الثقافة والخطاب عن حرب الثقافات – حوار الهويات الوطنية في زمن العولمة. ط1. المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. بيروت.
- العروي، عبد الله. 2008. السنة والإصلاح. ط1. المركز الثقافي العربي. الدار البيضاء (المغرب).
- العروي، عبد الله. 2012. مفهوم العقل مقالة في المفارقات. ط1. المركز الثقافي العربي. الدار البيضاء (المغرب).
- الغليفى، عبد الله بن محمد. 2008. العذر بالجهل أسماء وأحكام. ط2. دار القرآن. مكة المكرمة.
- اليونيسكو. 2019. بناء مجتمعات المعرفة في المنطقة العربية – اللغة العربية بوابة المعرفة. منظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة (اليونيسكو). القاهرة.
- أمين، سمير. 2007. الرأسمالية في عصر العولمة (إدارة المجتمع المعاصر). ط1. الشركة العالمية للكتاب. بيروت.
- بركات، حليم. 1998. المجتمع العربي المعاصر: بحث استطلاعي اجتماعي. ط6. مركز دراسات الوحدة العربية. بيروت.
- جيدنز، أنتوني. 2000. قواعد جديدة للمنهج في علم الاجتماع – نقد إيجابي للاتجاهات التفسيرية في علم الاجتماع. ط1. العدد: 214. ترجمة وتقديم: محمد محيى الدين. مراجعة وتصدير: محمد محمود الجوهري. المشروع القومي للترجمة. القاهرة.
- جيدنز، أنتوني. 2003. عالم جامح. كيف تعيد العولمة تشكيل حياتنا. ط1. ترجمة: عباس كاظم وحسن كاظم. المركز الثقافي العربي. الدار البيضاء (المغرب).
- جيدنز، أنتوني. 2005. علم الاجتماع (مع مدخلات عربية). ط4. ترجمة: فايز الصياغ. المنظمة العربية للترجمة. بيروت.
- حجازي، مصطفى. 2005. الإنسان المهدور (دراسة تحليلية نفسية اجتماعية) ط1. المركز الثقافي العربي. الدار البيضاء وبيروت.
- حجازي، مصطفى. 2005. التخلف الاجتماعي – مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور، ط9. المركز الثقافي العربي. الدار البيضاء وبيروت.
- حرب، علي. 2005. أزمنة الحداثة الفائقة (الإصلاح، الإرهاب، الشراكة)، ط1. المركز الثقافي العربي. الدار البيضاء وبيروت.
- حرب، علي. 2002. العالم وأزمته – منطق الصدام ولغة التداول، ط1. المركز الثقافي العربي. الدار البيضاء وبيروت.
- حنفي، ساري. أرفانيتس، ريغاس. 2015. البحث العربي ومجتمع المعرفة - رؤية نقدية جديدة. ط1. مركز دراسات الوحدة العربية. بيروت.
- حوراني، ألبرت. 1997. تاريخ الشعوب العربية. ط1. تعريب: أسعد صقر. دار طلاس للدراسات والترجمة والنشر. دمشق.
- روا، أوليفييه. 2012. الجهل المقدس – زمن بلا ثقافة. ط1. ترجمة: صالح الأشمر. دار الساقي. بيروت.
- سعيد، إدوارد. 2024. الاستشراق: المفاهيم الغربية للشرق. ط3. ترجمة: محمد عناني. مؤسسة هنداوي. المملكة المتحدة.
- سعيد، إدوارد. 2022. السلطة والمثقف. ط3. ترجمة: محمد عناني. مؤسسة هنداوي. المملكة المتحدة.
- عبد الملك، أنور. 2005. الجدلية الاجتماعية. ط1. العدد: 916. ترجمة: عبد العظيم حماد، سامية الجندي. المشروع القومي للترجمة. القاهرة.
- عماد، عبد الغني. 2006. سوسيولوجيا الثقافة. المفاهيم والإشكاليات... من الحداثة إلى العولمة. ط1. مركز دراسات الوحدة العربية. بيروت.
- فؤاد، أحمد نعمات. 1985. صناعة الجهل. ط1. دار المستقبل العربي. القاهرة.
- كونانك، توما دور. 2004. الجهل الجديد ومشكلة الثقافة. ط1. ترجمة: منصور القاضي. مجد المؤسسة الجامعية للدارسات والنشر والتوزيع. بيروت.
- ماركيوز، هربرت. 1988. الإنسان ذو البعد الواحد. ط3. ترجمة: جورج طرابيشي. دار الآداب. بيروت.
- مانهايم، كارل. 1980. الإيديولوجيا واليوتوبيا (مقدمة في سوسيولوجيا المعرفة). ط1. ترجمة: محمد رجا الديريني. شركة المكتبات الكويتية. الكويت.
- مصطفى، صفوان. حب الله، عدنان. 2008. إشكاليات المجتمع العربي: قراءة من منظور التحليل النفسي. ط1. المركوز الثقافي العربي. الدار البيضاء (المغرب).
- منظور، ابن. ب.ت . لسان العرب. طبعة جديدة ومحققة. دار المعارف. القاهرة.
- مؤلفين، مجموعة. 2000. الدين في المجتمع العربي. ط2. مركز دراسات الوحدة العربية. بيروت.
- مؤلفين، مجموعة. 2017. العنف والسياسة في المجتمعات العربية المعاصرة (مقاربة سوسيولوجية وحالات). ط1. الجزء: الأول. المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. بيروت.
- هوركهايمر، ماكس. أدورنو، تيودور. 2006. جدل التنوير – شذرات فلسفية. ط1. ترجمة: جورج كتورة. دار الكتاب الجديد المتحدة. بيروت.
- Bourdieu, Pierre. 1986. The Forms of Capital. In Handbook of Theory and Research for the Sociology of Education, edited by John G. Richardson. 241–258. Greenwood Press. New York.
- Freire, Paulo. 1970. Pedagogy of the Oppressed. Continuum Books. New York.
- Johnston, William. trans. 1973. The Cloud of Unknowing and the Book of Privy Counselling. Garden City. Doubleday. New York.
- Kahneman, Daniel. 2011. Thinking, Fast and Slow. Farrar. Straus and Giroux. New York.
- Parsons, Talcott. 2005. The Social System. Editor: Bryan S. Turner. Routledge Sociology Classics. London.
- Plato. 1981. Apology. Translated by G. M. A. Grube. Hackett. Indianapolis.
- Popper, Karl. 1963. Conjectures and Refutations: The Growth of Scientific Knowledge. Routledge. London.
- Proctor, Robert N. Schiebinger, Londa. 2008. Agnotology (the Making and Unmaking of Ignorance). Stanford University Press. Stanford.
- Smithson, Michael. 1989. Ignorance and Uncertainty: Emerging Paradigms. Springer-Verlag. New York.
- Somin, Ilya. 2013. Democracy and Political Ignorance: Why Smaller Government Is Smarter. CA: Stanford University Press. Stanford.
- UNDP.2019. Arab Human Development Report 2019. Challenges and Opportunities in Knowledge Societies. New York: United Nations Development Programme.
- UNESCO. 2015. UNESCO Science Report: Towards 2030. Paris: UNESCO Publishing.
- World Bank. 2018. World Development Report 2018: Learning to Realize Education’s Promise. Washington. DC: World Bank.



#حسام_الدين_فياض (هاشتاغ)       Hossam_Aldin_Fayad#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإطار التحليلي بين النظرية والتطبيق: الاستلاب الثقافي في ال ...
- تمظهرات القهر الاجتماعي في الحياة اليومية للإنسان العربي الم ...
- هابرماس وهونيث في تفكيك العنف المجتمعي بين العقلانية التواصل ...
- العقل الإنساني بين التوظيف الأداتي والممارسة النقدية والفاعل ...
- العقل الإنساني بين التوظيف الأداتي والممارسة النقدية والفاعل ...
- العقل الإنساني بين التوظيف الأداتي والممارسة النقدية والفاعل ...
- دور النهج الاستبدادي في ترسيخ منظومة القيم الاجتماعية القهري ...
- أدب الخيال العلمي في العالم العربي: جدلية الغياب والحضور في ...
- انثروبولوجيا الإبداع كفعل اجتماعي المهندسة المعمارية زَها حد ...
- تقديم الذات الإنسانية عند إرفنج جوفمان (ما بين الفن المسرحي ...
- المنهج التفكيكي ودوره في قراءة خطابات مشكلة البطالة في الواق ...
- دور الانثروبولوجيا في تحليل الظواهر الاجتماعية المعاصرة: قرا ...
- انثروبولوجيا الخيال السوسيولوجي وسيلة لدراسة الفرد المجتمع
- انثروبولوجيا الوعي الإنساني (محاولة للتأصيل والفهم)
- تجليات مفهوم الهوية الثقافية في المجتمعات العربية (دراسة في ...
- العولمة الرمزية وثقافة التهجين الكوني (دور ثقافة اللوجو - ال ...
- الأدب وليد المجتمع (دراسة تأصيلية في مفهوم سوسيولوجيا الأدب)
- في علم الاجتماع الإنساني
- اللغة من منظور الانثروبولوجيا (علم الإنسان)
- المذاهب الفكرية المعاصرة وعلاقتها بالإيديولوجيا


المزيد.....




- مشروب يكشف عن مصيرك..طقوس القهوة التركية تتحدى الزمن
- بعد استكماله فترة النقاهة.. ماجد المهندس يعود لاستئناف نشاطه ...
- هيفاء وهبي تتألق بفستان زفاف على ضفاف بحيرة كومو في إيطاليا ...
- موضة ورقص..ديمة قندلفت تخطف الأنظار بإطلالة فلامنكو اسبانيّة ...
- خوف يسود شوارع غزة.. شاهد ما حدث لحظة فرار أم مع طفليها وسط ...
- حصيلة زلزال أفغانستان ترتفع إلى 1200 قتيل وتحذيرات من تأثر م ...
- بتبني سرديتهم.. دعم ماسك لشعبويي ألمانيا في انتخابات كولونيا ...
- -لن يبقى أحد لنقل ما يحدث في غزة-.. جوناثان داغر يتحدث عن رس ...
- شركة -نستله- تقيل رئيسها التنفيذي لإقامته -علاقة عاطفية غير ...
- قرويون في أفغانستان ينتظرون المساعدات بعدل زلزال مدمر راح ضح ...


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسام الدين فياض - الجهل البنيوي في المجتمعات العربية المعاصرة من التحديات المعرفية إلى آفاق التحرر الاجتماعي (دراسة تحليلية - نقدية) ج(1)