|
قراءة في سيرة المعصومين الأمام الحسن العسكري عليه السلام
صابرين ستار جبار
الحوار المتمدن-العدد: 8452 - 2025 / 9 / 1 - 04:53
المحور:
سيرة ذاتية
إن دراسة سيرة الائمة المعصومين عليهم السلام تعتبر من الاسس القويمة للبناء الفكري والمنهج السلوكي لديننا الحنيف، فهم الامتداد الحقيقي لنهج النبوة وسيرتها، والحماة لمفاهيم الرسالة وعقائدها من حالة التردي والتحريف والضلال. ومن بين المعصومين الذين سنخص جزء من سيرتهم ببحث بسيط الأمام الحسن العسكري عليه السلام لما في سيرته من تنوع بحسب طبيعة المرحلة والظروف السياسية والاجتماعية المحيطة بها. 1- في ولادة الامام الحسن العسكري عليه السلام: وُلد الإمام الحسن العسكري عليه السلام في الثامن من ربيع الآخر سنة 232هـ، في آخر ملك الواثق بالله ابن المعتصم ( 227ـ132هـ) ثم عاصر أخاه جعفر ابن المعتصم المعروف بالمتوكل، ثم ابنه المنتصر بالله، ثم المستعين بالله أحمد ابن محمد المعتصم، ثم المعتز بالله ابن المتوكل، وفي خلافته تولى الإمام العسكري عليه السلام دفة الإمامة بعد أبيه الهادي عليه السلام، وذلك في الثالث من رجب سنة 254هـ. ثم جاء المهتدي بالله محمد ابن الواثق، ثم احمد بن جعفر المتوكل المعروف بالمعتمد الذي حكم نحو ثلاث وعشرين سنة. من هنا، لم يكن الوضع السياسي آنذاك يسمح للإمام عليه السلام بالقيام بأي عمل مناوئ للسلطة على نحو علني ومباشر، لأنه كان موضوعاً تحت رقابة مشددة، ومع ذلك فقد عمد الخليفة المعتز إلى اعتقاله وإيداعه السجن، فبقي مسجوناً إلى أن ضاق ذرعاً، فدعا على المعتز فانتقم الله منه حيث قتل بعد ثلاثة أيام شرَّ قتلة على يد الأتراك. وعندما بويع المهتدي بالخلافة أوعز إلى جلاوزته باعتقال الإمام عليه السلام وإيداعه السجن، فلبث في السجن بضعة أيام إلى أن ثار عليه الأتراك، وقتلوه. ثم جاء دور المعتمد العباسي، فلم يترك وسيلة للتضييق على الإمام إلا وفعلها، لأنه كان يخاف أن يتحرّك ضدّه، فلم يكتفِ بزرع العيون حوله حتى أمر باعتقاله وزجِّه في السجن مع أخيه جعفر، وأمر السَّجَّان أن ينقل إليه أخباره، فلم ير منه إلا صيام النهار وقيام الليل، فأمر المعتمد بإخراجه من السجن. وبما أنَّ دور الأئمة عليهم السلام هو امتداد لدور الأنبياء عليهم السلام، فقد كانوا يقومون بدور الإصلاح الاجتماعي والسياسي بكل ما أوتوا من قدرة، فكانوا يجهدون في خلق قُوَّة سياسيَّة فاعلة في المجتمع عبر قيادتهم المباشرة للمؤمنين والأصفياء من شيعتهم، وهكذا حتى انتهى الأمر إلى الإمام العسكري عليه السلام الذي كانت طريقته في التواصل معهم تقتصر على المراسلات؛ تجنباً لأعين الرُّقباء من أتباع السلطة كما يشهد بذلك عمل وكيله عثمان بن سعيد العمري السَّمَّان الذي كان يبيع السَّمن، فيدور في القرى والأرياف ليجمعه من أهلها، ثم يأتي ليبيعه في سر من رأى، ومن خلال جمعه للسَّمن كان يقوم بإيصال الرسائل والأمانات والحقوق الشرعية من وإلى الإمام عليه السلام دون أن يترك السلطة العباسية تشعر بشيء من نشاطه. نعم، كان أسلوب الكتمان والتَّقيَّة هو الأسلوب السَّائد في نشاط الإمام العسكري عليه السلام، وكان يوصي به أصحابه، ويشدِّد عليهم في ذلك، فيقول: "إنما هو الكتمان أو القتل" ومن وصاياه لهم محدداً المنهج الذي ينبغي لهم أن يتبعوه في تلك الظروف الصعبة: "أوصيكم بتقوى الله، والورع في دينكم، والاجتهاد لله وصدق الحديث، وأداء الأمانة إلى من ائتمنكم من بَرٍّ أو فاجر، وطول السجود، وحسن الجوار، فبهذا جاء محمد صلى الله عليه وآله. صلّوا في عشائرهم واشهدوا جنائزهم وعُودوا مرضاهم، وأدُّوا حقوقهم، فإن الرجل منكم إذا وَرِع في دينه وصدق في حديثه وأدّى الأمانة وحسَّن خلقه مع الناس قيل: هذا شيعي، فيسرّني ذلك. اتقوا الله وكونوا زيناً ولا تكونوا شيناً، جرّوا إلينا كل مودة، وادفعوا عنا كل قبيح، فإنه ما قيل من حسن فنحن أهله، وما قيل من سوء فما نحن كذلك". وهكذا قضى الإمام عليه السلام حياته يدعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وينشر علوم أهل البيت، ليحفظ الدين الحنيف من كيد المتربصين به شراً إلى أن قضى مسموماً في زمن المعتمد، في 8 ربيع الأول سنة 260 هجرية، ودفن إلى جانب والده حيث مرقده الآن في مدينة سامرّاء. 2- سمات عصره: يعتبر العصر الذي عاش فيه الأمام الحسن العسكري بداية لضعف سلطة الدولة العباسية وسقوط هيبتها وانحلالها، بسبب استيلاء الاتراك علي عاصمة الملك، وانتقاض اطراف الدولة واستيلاء العمال والولاة عليها، واعتزال الخلفاء عن شؤون الحكم وانصراف غالبيتهم الي اسباب اللهو والترف والمجون، وقد انعكست آثار ذلك علي مجمل الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية بشكل مباشر. 3- أمامته ومحاولة اصلاح أناس عصره تولّى مهامّ الامامة بعد أبيه واستمرّت امامته نحواً من ست سنوات، مارس فيها مسؤولياته الكبرى، في حفظ الدين وتوجيه الناس الى الهدى وانقاذهم من الردى وتزكية نفوسهم وتعليمهم الحكمة التي تؤثر ايجابيا في حياتهم ومعادهم. واتصل الامام الحسن العسكري (ع) بالناس اتصالاً وثيقاً عن كثب يتابع يومياتهم ويحل مشاكلهم ويجيب عن الأسئلة الموجهة اليه، فعمل على ترشيد الناس وابعادهم عن مواطن الشبهات، ويدعوهم ويحرضهم على فعل الخير قائلاً لهم: ان في الجنة بابا يقال له المعروف لا يدخله الا أهل المعروف. بهذه التوجيهات العامة وفي مختلف الشؤون كان الامام (ع) يرسم للناس طريقا سالكاً لرضوان الله تعالى لاسيّما المجال العقائدي لأنه ركيزة الانسان وبه يتمحض عن الايمان الحقيقي. فبذلك كانت الشخصية البارزة في تلك الفترة والمعلم الأول، وعلى الرغم من الظروف العصيبة والمضايقات الكثيرة التي كان يتلقاها في ذلك الزمان استطاع ان يبث معارفه الواسعة في نطاق المجتمع من خلال تربيته لمجموعة من الطلاب حتى أصبح لكل واحد منهم دور واضح في نشر المعارف الاسلامية ومواجهة شبهات المضللين وقد عد الشيخ الطوسي في رجاله تلامذة الامام العسكري عليه السلام بما يزيد على المائة، وكان من بينهم شخصيات ووجوه بارزة ومعروفة، فضلاً عن تفسيره المعروف بتفسير الامام العسكري عليه السلام والذي يحوي كمّاً هائلاً من العلوم التي استقى منها علماء التفسير الكثير. وكان للامام دور في اصلاح الأمة الاسلامية حيث تمكّن من انقاذها من حالة التعثر في مهاوي الضلال والتيه، عن طريق مقاومة التيارات الفكرية المنحرفة عن الجادة، وجسّ مواقع تأثيرها وتشخيصها وهي في بدايتها، تقديراً لشدة مضاعفاتها، وتخطيطاً للقضاء عليها. ومن الحوادث المهمة التي حصلت في عهد الامام العسكري عليه السلام محاولة الفيلسوف اسحاق الكندي في تأليف كتاب (تناقض القرآن) معيبا على كتاب الله تعالى بأن فيه تناقضات فشغل نفسه بذلك أشهرا ووصل الخبر الى مسامع الامام فتأثر لذلك لأنه لا يستطيع ان يصل الى الكندي لبعد المسافة والحصار الذي ضرب حوله فصادف يوماً ان حضر عند الامام العسكري عليه السلام أحد تلامذة الكندي فقال له عليه السلام أما فيكم رجل رشيد يردع أستاذكم الكندي عما تشاغل فيه؟ فقال التلميذ: نحن من تلامذته كيف يجوز منا الاعتراض عليه؟ فقال الامام: أعلمك كلاما تقوله له وتجعله بصيغة سؤال حتى لا يتصوره اعتراضا منك فما تقول؟ فقال التلميذ: نعم. قال الامام: اذهب اليه وقل له عندي مسألة أسألك عنها ثم قل له: اذا جاءك أحد وقال لك اني أفهم من كلمات وآيات القرآن فهما غير الفهم الذي أنت تستفيده منها أيجوز ذلك؟ فانه سيقول لك: نعم يمكن ذلك، وعندئذ سوف يفهم المقصود في ان كتابه (تناقض القرآن) غير صالح لأن للقرآن عدة تفاسير ويحتمل عدة وجوه من المعاني ولا يقتصر على معنى واحد. فذهب هذا التلميذ وفعل ما أشار به الامام وعندما سمع الكندي هذا السؤال تفكر في نفسه ورأى ان ذلك محتمل في اللغة وسائغ فعرف ان المعاني التي دونها قد تنقض بمعاني اخرى محتمل ففهم ان مشروعه فاشل فترك الكتاب ومضى الى أموره الاخرى، وهكذا أقنع الامام (ع) الكندي بأسلوبه الرائع بأنه على خطأ مما حدا به الى حرق جميع مؤلفاته المنحرفة. ومن أقواله عليه السلام 1- أورع الناس من وقف عند الشبهة، أعبد الناس من أقام على الفرائض، أزهد الناس من ترك الحرام، أشد الناس اجتهادا من ترك الذنوب. 2- التواضع نعمة لا يحسد عليها. 3- الغضب مفتاح كل شر. 4- خصلتان ليس فوقهما شيء الايمان بالله ونفع الاخوان. 4- محاربته للحركات المتطرفة: أ- فرقة الواقفة: فرقة من المتصوفة المبطلة، وهم الذين وقفوا على الإمام السابع موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام، فلم يقولوا بإمامة من بعده، حيث زعموا أن الامام الكاظم عليه السلام لم يمت وأنه حي، وأنهم ينتظرون خروجه حيث أنه دخل في غيبة. وكان المؤسس لهذه الفرقة زياد بن مروان القندي، وعلي بن حمزة، وعثمان بن عيسى. وكان للأمام الحسن العسكري عليه السلام موقفاً حازماً اتجاههم إذ اكد لأحد اصحابه ممن وقف على موسى بن جعفر عليهم السلام قائلا: أتولاهم ام أتبرا منهم؟ فكتب الامام العسكري عليه السلام:"… انا الى الله منهم بري فلا تتولاهم، ولا تعد مرضاهم، ولا تشهد جنائزهم، ولا تصل على احد منهم مات ابدا سواء من جحد إماما من الله او زاد إماما ليست إمامته من الله او جحد او قال : قالت ثلاثة، ان جاحد امر اخرنا جاحد امر اوّلنا والزائد فينا كالناقص الجاحد امرنا". ب- فرقة المفوضة: يعود تأسيس هذه الفرقة الى القرن الهجري الأول فهم جماعة قالت ان الله خلق محمداً وفوض إليه خلق الدنيا فهو الخلاق لما فيها، وقيل فوض ذلك إلى الأمام علي والائمة عليهم السلام من بعده. وقد تصدى الامام الحسن العسكري عليه السلام لفكر هؤلاء وغلوهم فأجاب بعض شيعته عن ذلك وحدد مكانه أهل البيت عليهم السلام في وضعها الصحيح فقال:﴿ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ (26) لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ﴾. جـــ- تصديه لمظاهر الغلو: تصدى الأمام الحسن العسكري عليه السلام لبعض مظاهر الغلو باهل البيت عليهم السلام فارسل إلى بعض مواليه رسالة حادة حملت تهديد الأمام عليه السلام لهم فقال :"فقد بلغني ما أنتم عليه من اختلاف قلوبكم، وتشتيت أهوائكم، ونزغ الشيطان، حتى أحدث لكم الفرقة والإلحاد في الدين، والسعي في هدم ما مضى عليه أوائلكم من إشادة دين الله، وإثبات حق أوليائه، وأمالكم إلى سبيل الضلالة، وصد بكم عن قصد الحق، فرجع أكثركم القهقرى على أعقابكم، تنكصون كأنكم لم تقرؤا كتاب الله جل وعز ولم تعوا شيئاً من أمره ونهيه ولعمري لئن كان الأمر في اتكال سفهائكم على أساطيركم لأنفسهم وتأليفهم روايات الزور بينهم لقد حقت كلمة العذاب عليهم ولئن رضيتم بذلك منهم ولم تنكروه بأيديكم وألسنتكم وقلوبكم ونياتكم، إنكم شركاء وهم، في ما اجترحوه من الافتراء على الله تعالى وعلى رسوله وعلى ولاة الأمر من بعده ولئن كان الأمر كذلك لما كذب أهل التزيد في دعواهم ، ولا المغيريّة في اختلافهم ولا الكيسانية في صاحبهم ولا من سواهم من المنتحلين ودّنا والمنحرفين عنا، بل أنتم شر منهم قليلاً، وما شيء يمنعني من وسم الباطل فيكم بدعوة تكونوا شامتاً لأهل الحق إلاّ انتظار فيئهم، وسيفيء أكثرهم الى أمر الله إلاّ طائفة لو (شئت) لسميتها ونسبتها استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله ، ومن نسي ذكر الله تبرأ منه فسيصليه جهنم وساءت مصيراً وكتابي هذا حجة عليهم ، وحجة لغائبكم على شاهدكم إلاّ من بلغه فأدّى الأمانة ، وأنا أسأل الله أن يجمع قلوبكم على الهدى ، ويعصمكم بالتقوى ، ويوفقكم للقول بما يرضى ، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته" 5- تمهيده لغيبة الامام المهدي عجل الله فرجه: أن أهم ما يركز عليه الباحث في حياة الأمام العسكري عليه السلام هو كونه أخر أمام ختمت به الأمامة الظاهرة ، ليبدأ بعده عصر الغيبة الذي بدأت تباشيره وأوشك زمانه، لذلك وقع على الامام العسكري عليه السلام العبء الأكبر في ترسيخ مبدأ الغيبة وتأصيله في نفوس شيعته للحفاظ على خطهم الرسالي من الاضياع والانهيار. وقداستطاع الأمام العسكري عليه السلام أن ينجز هذه المهمة الخطيرة بكل جدارة وقوة، وأن يحافظ علي حياة ولده المهدي عليه السلام من ملاحقة السلطة وأدوات قمعها ، في وقت عصيب عزل فيه الامام عن أصحابه وشددت الرقابة عليه، وفي هذا الاتجاه استطاع أن يهيء ذهنية شيعته لتقبل عصر الغيبة. وقد تمثل نشاط الامام الحسن العسكري عليه السلام في التمهيد لغيبة الحجة من خلال عملين: 1- حجب المهدي عجل الله تعالى فرجه عن أعين الناس مع إظهاره لبعض خاصته فقط. 2- شن حملة توعية لفكرة الغيبة، وإفهام الناس بضرورة تحملهم لمسؤولياتهم الإسلامية تجاهها وتعويدهم على متطلباتها. فعلى المستوى الثاني أصدر الإمام العسكري بياناته وتعليماته عن المهدي عجل الله تعالى فرجه كحلقة متسلسلة من تلك النصوص والتعليمات التي بشر بها النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة من بعده مع التأكيد والتخصيص على ولده المهدي عليه السلام. واتخذت بيانات العسكري عليه السلام أشكالاً ثلاثة: أ- بيان عام: كالتعرض إلى صفات المهدي عجل الله تعالى فرجه بعد ظهوره وقيامه في دولته العالمية، كجوابه عليه السلام عن سؤال بعض أصحابه عن قيام المهدي قائلاً: "فإذا قام قضى بين الناس بعلمه كقضاء داوود لا يسأل البينة". ب- توجيه نقد سياسي للأوضاع القائمة: يقرنها بفكرة المهدي وضرورة تغييرها لها، فمن ذلك قوله عليه السلام: "إذا خرج القائم أمر بهدم المنابر والمقاصر في المساجد" وكانت تبنى هذه المقاصر لغرض الأمن من الإعتداء على الخليفة وزيادة الهيبة في نفوس الاخرين. جـــــ- توجيه عام لقواعده وأصحابه: يوضح لهم أبعاد فكرة الغيبة، وضرورة التكيف لها من الناحية النفسية والإجتماعية تمهيداً لما يعانونه من غيبة الإمام وانقطاعه عنهم. فمن ذلك كتب الإمام عليه السلام لابن بابويه رسالة يقول فيها: "عليك بالصبر وانتظار الفرج، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أفضل أعمال أمتي انتظار الفرج، ولا يزال شيعتنا في حزن حتى يظهر ولدي الذي بشر به النبي صلى الله عليه وآله وسلم يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً. فاصبر يا شيخي يا أبا الحسن علي وأمر جميع شيعتي بالصبر، فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين". 3- وقد اتخذ الإمام العسكري عليه السلام موقفاً آخر يمهد فيه للغيبة عندما احتجب بنفسه عن الناس، إلا عن خاصة أصحابه وأوكل مهمة تبليغ تعليماته وأحكامه بواسطة عدد من خاصته وذلك بأسلوب المكاتبات والتوقيعات، ممهداً بذلك إلى نفس الأسلوب الذي سوف يسير عليه ابنه المهدي عجل الله تعالى فرجه في غيبته الصغرى وهو في احتجابه وإيصاله للتعليمات. وقد يبدو الأمر غريباً مفاجئاً للناس لو حدث هذا بدون مسبقات وممهدات كهذه. ومن هنا كان أسلوب الإمام العسكري، منهجاً خاصاً في تهيئة ذهنيات الأمة وتوعيتها لكي تتقبل هذا الأسلوب وتستسيغه من دون استغراب ومضاعفات غير محمودة. وكان قد بدأ التحضير والتخطيط لهذه الفكرة بشكل بسيط أيام الإمام الهادي عليه السلام عندما احتجب عن كثير من مواليه وأخذ يراسلهم عن طريق الكتب والتوقيعات ليعود شيعته على هذا المسلك بشكل متدرج بطيء موافقاً بذلك الفهم العام لدى الناس. وفعلاً اعتاد أصحابه ومواليه الإتصال به والسؤال منه بطريق المراسلة والكتابة، وكذلك نظام الوكلاء الذي اتبعه الإمام العسكري مع قواعده الشعبية كان أسلوباً اخر من أساليب التمهيد لفكرة الغيبة. ختاماً: انتج الأمام عليه السلام مدرسة فكرية متنقلة تمثلت بالعديد من أصحابه كانت مسؤوليتهم تعليم الناس ونشر ثقافة أهل البيت عليه السلام وقد كانت لهذه المدرسة دوراً كبيراً في محاربة الفكر المنحرف انذاك، وترسيخ ثقافة أهل البيت عليهم السلام، والتمهيد لعصر الغيبة وأمامها.
#صابرين_ستار_جبار (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الرابطة الإبراهيمية ودورها في خدمة الكيان الصهيوني
-
الموساد وتنفيذ الاغتيالات في إيران
-
الموساد في ايران واغتيالاته
-
مضيق هرمز وتداعيات أغلاقه على العراق
-
حمار مقابل ازدهار اقتصاد (هدية ترامب)
-
وجهة نظر في حرب ايران
-
رؤية في قمة بغداد ال34
-
رؤية في قمة بغداد
-
دستورية المحكمة الاتحادية العليا أين تكمن
-
الحاجة إلى عقلاء
-
حركة المقاطعة الفلسطينية بين الماضي والحاضر
-
تخبط مجلس النواب العراقي في انتخاب رئيسه
-
العراق وأزمة الفراغ السياسي
-
لبنان وشبح الحرب الأهليةصابرين ستار
-
قراءة في الانتخابات العراقية المبكرة ومخرجاتها
-
حي الشيخ جراح والنزاع التاريخي المتجدد
-
موقف القوى السياسية من الانتخابات العراقية المبكرة
المزيد.....
-
-لحظات مرعبة- لطفل يسير على مسار قطار هيرشي بارك الأحادي.. ش
...
-
مئات القتلى في المناطق الشرقية لأفغانستان بعد زلزال بقوة 6 د
...
-
حرب غزة في يومها الـ696: تصعيد في البحر الأحمر وانقسام في ال
...
-
بيان صادر عن اللجنة التحضيرية للجبهة الوطنية الشعبية الأردني
...
-
بوتين يبرر الغزو الروسي لأوكرانيا بـ-انقلاب- في كييف وسعي غر
...
-
بوق -الشوفار- آلة دينية وأداة حشد في حروب إسرائيل
-
-تيك توك- توقف ميزة البث المباشر في إندونيسيا عقب تصاعد المظ
...
-
3 خطوات تركية استعدادا لمواجهة محتملة مع إسرائيل
-
نيويورك تايمز تشجب بقوة منع إسرائيل وسائل الإعلام من دخول غز
...
-
17 شهيدا بغزة والاحتلال يقصف مجددا مستشفى شهداء الأقصى
المزيد.....
-
أعلام شيوعية فلسطينية(جبرا نقولا)استراتيجية تروتسكية لفلسطين
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة
/ تاج السر عثمان
-
سيرة القيد والقلم
/ نبهان خريشة
-
سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن
/ خطاب عمران الضامن
-
على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم
/ سعيد العليمى
-
الجاسوسية بنكهة مغربية
/ جدو جبريل
-
رواية سيدي قنصل بابل
/ نبيل نوري لگزار موحان
-
الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة
/ أيمن زهري
-
يوميات الحرب والحب والخوف
/ حسين علي الحمداني
-
ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
المزيد.....
|