أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد العرجوني - الصفات المحسوسة أو -كواليا- Qualia














المزيد.....

الصفات المحسوسة أو -كواليا- Qualia


محمد العرجوني
كاتب

(Mohammed El Arjouni)


الحوار المتمدن-العدد: 8451 - 2025 / 8 / 31 - 04:53
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


دائما ما أحاول بهوس شديد فهم كيف تؤثر الأشياء الملموسة في نفسية المُشاهد الذي يدركها، فتجعل منه مثلا شاعرا يكتب قصيدة نتيجة لتأثره بها. وفي هذا الصدد، صادفت مصطلح: "كواليا"" Qualia، والذي تُعرّفه الموسوعة الفرنسية(1)، ككلمة لاتينية أصبحت مفهوما متداولا في مجال فلسفة العقل المعاصرة. فهي تعبر على الصفات المحسوسة لتجارب الإنسان الواعية. أما لغويا، حسب ويكيبيديا، فهي تعني هذه الأسئلة:
quel, de quelle sorte, de quelle espèce, de quelle nature ??
وهي أسئلة تخص الشعور الذي نحس به، حيث نتساءل ما هو هذا الشعور، من أي نوع هو، ما هي طبيعته ؟ إلخ...في محاولة لتحديده.
"كواليا"، مفهوم يعبر إذن عن خصائص كل فرد وهو يحس بشيء ما، ولا يستطيع التعبير عنه بدقة. وقد نعبر عن هذه الحالة بقولنا مثلا: "يعجز اللسان عن التعبير عما نشعر به..."، ونحن في سياق معين.
فهو إحساس داخلي لا يمكن شرحه بدقة اذا طُلب منا ذلك. إحساس ذاتي، حسب الظروف المحيطة بتلك اللحظة. لكن الغريب ان هذه الأحاسيس الذاتية اتجاه بعض الأشياء، قد لا تتغير من فرد لآخر فتبقى نفسها على مر الزمان، بل وتظهر لدى الفرد منذ طفولته. وهنا ظهرت بعض الفرضيات تجعل من هذه الأحاسيس وراثية عبر الجينات. فمثلا يبقى نفس الإحساس بالجمال اتجاه اللون الأحمر مثلا، حينما يتعلق الأمر بالورد. ونفس الإحساس بالقرف اتجاهه، حينما يتعلق بالدم. إلا ان هذا الجمال او القرف، لا يمكن التعبير عنهما بدقة. فكل فرد له وعيه الخاص بهما. من هنا يمكن الحديث عن منبت الشعور، ومن ثمة منبتا للشعر، بل للفن بشكل عام. فحينما يكون هناك إحساس بالرغبة في التعبير عن هذا الوعي بالتجربة، أي عن "الكواليا" Qualia، تتعدد التقنيات والمحاولات، فنجد لكل فرد راغب في التعبير، طريقته الخاصة. لهذا وجدت الفنون وكل أجناس الإبداع الكتابية، بدءا بالشعر. ما قد يحيلنا أيضا على علم اللسانيات التي تعبر عن مفهوم العلامة بثلاثية : الدال والمدلول والمرجع. فإذا توافق الأفراد في فهم اللون الأحمر مثلا على مستوى الدال والمدلول، ما عدا بالنسبة لمن له عمى الألوان، فإنهم قد لا يتوافقون على مستوى المرجع. فلكل واحد مرجعه، حسب ظروفه، ونفسيته. ومن هنا أيضا نتحدث عن اعتباطية اللغة، بصفتها مجموع علامات لا علاقة لها بما تعبر عنه، سواء كان ذلك الشيء الذي تعبر عنه ملموسا أو محسوسا. وقد حاول بعض الشعراء أن يزيحوا تلك الاعتباطية على اللغة باللجوء إلى الرسومات بالكلمات التي تشكل النص الشعري، ليعبروا بالملموس على الإحساس، كتجربة الشاعر الفرنسي مثلا، أبولينير بديوانه : Calligrammes، أو النص المجسم، وهكذا تكون الترجمة العربية أكثر دقة، لأن الشاعر يهدف فعلا إلى تجسيم الشعور لعله بهذا الفعل يعبر بدقة عن ما سمي ب"الكواليا"، متحديا ذلك الإعجاز الذي تتحدث عنه فلسفة العقل. كما نجد هذه الفكرة، أي التحدي أيضا عند الشاعر الفرنسي فرانسيس بونج Francis Ponge في نصه : Le verre d’eau، حيث يجعل الكلمتين وكأنهما غير اعتباطيين بتدقيقه في وصف الحروف المشكلة لهما حتى وكأننا، كمتلقين نلمس فعلا مادتي الزجاج والماء. أو تجربة بعض الشعراء العرب، خاصة الشاعر المغربي محمد بنيس، علما أن الحروف العربية قابلة بشكل فني كبير لهذا التجسيم.
خلاصة القول، أمام كل هذا، قد يؤدي بنا التفكير أن استحالة التعبير بدقة عما يجري بين الإنسانية، هو ما قد يُصعّب عملية التواصل والتسامح، وربما هو ما قد يؤدي إلى مزيد من التطاحنات التي يعيشها العالم. لهذا، فبصيص الأمل في أن يعم السلام والتسامح، يبقى على عاتق الشعر الذي يعي جيدا أهمية دور التعبير على الأحاسيس النبيلة والإنسانية، وإيصالها للآخر ليكون التواصل البناء.
--------------------------------------------------
(1) encyclo-philo. Fr



#محمد_العرجوني (هاشتاغ)       Mohammed_El_Arjouni#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لعبة التخمين أو -حزر فزر- قراءة في نص للشاعرة اللبنانية ميري ...
- سلطة العقل المتطرف
- تشابك الشعر والعلوم
- ومضة بطاقة ذرة قراءة في نص للشاعر المصري أحمد دياب
- نص كمومي، كامل التخصيب. قراءة في نص: عيون للشاعر التونسي: عب ...
- الشمس حارقة في غياب الظل... قراءة في قصيدة سنيا الفرجاني:
- من هو المثقف؟
- من منطق اللغة إلى منطق المتعة
- طغيان مفهوم التأدب في الأدب
- على هامش الجدل الحاصل بعد الإعلان عن جائزة آسية جبار لرواية ...
- قراءة في نص: لا أشجار مثمرة..
- تقييم بانفعالية كاسرة
- السياسة مصالح وليست مبادئ
- الحرب من أجل امتلاك النار la guerre du feu
- هل يظل الوعي حبيس كهف أفلاطون؟
- الفيس بوك يسمح بتسييج أروقة خاصة
- الناصح المغفل
- المرآة والوضعية الاندماجية
- هذي يدي..
- رسالة إلى جدي آدم ( آخر حلقة 3)


المزيد.....




- بري يطرح الحوار تحت سقف استراتيجية الامن الوطنية
- سيارة تقتحم القنصلية الروسية في سيدني بأستراليا
- نيويورك تايمز: أميركا توسع قيود التأشيرات على الفلسطينيين
- الحوثيون يعتقلون 11 موظفاً أممياً، والأمين العام يطالب بالإف ...
- شاهد.. أسباب تراجع أداء برشلونة أمام رايو فاليكانو
- مقتل 9 في زلزال بقوة 6 درجات هز جنوب شرق أفغانستان
- -حلقة النار-.. جولة حرب جديدة قاسية بين إيران وإسرائبل
- نتنياهو يعطي -إشارة الانطلاق- لاجتياح مدينة غزة
- الحرب على غزة مباشر.. عشرات الشهداء في قصف للمستشفيات ونسف ل ...
- شاهد..هل استحق الأرسنال الخسارة أمام ليفربول؟


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد العرجوني - الصفات المحسوسة أو -كواليا- Qualia