أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - علي حسين العراقي - راديو الثالثة فجراً














المزيد.....

راديو الثالثة فجراً


علي حسين العراقي

الحوار المتمدن-العدد: 8447 - 2025 / 8 / 27 - 21:38
المحور: قضايا ثقافية
    


الراحة ليست في كثرة الخيارات وتنوعها، بل في محدوديتها.
هذا ما توصلت إليه بعد سنوات من إدمان الحرية.
الحرية ليست الهدف النهائي.
وأنا مع فكرة أن الحرية لا وجود لها بمعناها الحرفي، فكل حرية لها قوانين واضحة وصريحة، ولها خطوط حمراء ستُحاسب إن تجاوزتها، وخطوط خضراء ستُكافأ إن عبرتها.
الحرية لها أشكالها وأنواعها، ولها ميلادها وموتها، كما توجد منها نسخ رديئة.
وبالإضافة إلى وجود أنواع مختلفة للحرية، فإن هذه الحريات قد تتعارض فيما بينها، مما ينتج عن هذا التعارض المعايير المزدوجة الواضحة للجميع، خاصة في القضايا التي يكون فيها الخصمان من الشرق والغرب، الإسلام والمسيحية، أو الشرق الأوسط وأوروبا وشمال أمريكا..
الحرية ليست حرية إذا وُجدت فيها قوانين تحد منها.
وفي المقابل، فإن غياب القوانين يؤثر بشكل مباشر على كينونتنا كبشر،
فنحن، منذ الأزل، عبيد للنظام والروتين.
كان الأجداد الأوائل يخرجون للصيد صباحًا،
يعودون عصرًا، يأكلون، يتناكحون، ينامون، ويتنقلون.
كانت حياتهم محدودة الخيارات والاتجاهات، لكنها روتينية.
والروتين مهم جدًا لنا كبشر.
نحن لا نستحق الحرية الكاملة، لأنها مفسدة.
يجب وضع الخطوط، ومن عليه ذلك هو المجتمع نفسه.
كرهتُ الإنترنت منذ الصغر، لأنه أفقد الأشياء لذّتها.
كنت أتمنى سماع أغنيتي المفضلة في قناة "القيثارة" على التلفاز،
جاء الإنترنت، وأصبحت أستمع لها عشرات المرات، ففقدت جمالها.
الفيلم الذي كنت أسهر لانتظاره على قناة MBC2،
أصبحت أستطيع مشاهدته على حاسوبي متى ما أردت.
تقليب قنوات التلفاز كان تجربة ممتعة.
كنت تقلب صعودًا ونزولًا، لا تعرف ما الذي ستشاهده.
تتعرف على كل شيء: من السياسة، إلى الاقتصاد، إلى الدين، إلى الرياضة، إلى السينما، إلى الحوارات، إلى قنوات الإعلانات، وحتى قنوات الرعب.
الإنترنت أفقد الأشياء لذّتها ومتعتها...
متعة أن نعاني قليلًا، وأن نصبر للوصول إلى ما نريد.
فيلم جيد بعد تقليب طويل.
حوار يشدك بعد بحث عشوائي على الراديو.
أنا آخر من سيذكر هذه الأشياء من جيلي،
ولن يجربها من بعدي أحد.
ولدتُ في عام 2002،
في نهاية عصر الحرية الإلكترونية،
وموت التلفاز والراديو.
لكني لحقت عليهما.
أتذكرهما، وأعرف أشكالهما.
لا شك أن فقري كان له تأثير على احتكاكي بهذه التكنولوجيا.
فلو كان لدي حاسوب وإنترنت مبكرًا،
لكنت قد هجرتُ هذه الوسائط منذ زمن.
قررتُ في يوم من الأيام أن أستمع إلى الراديو يوميًا.
كنت أستيقظ في الثالثة فجرًا،
وهي عادة كنت أعتبرها كنزًا شخصيًا.
أقلب المحطات بلا نهاية،
أستمع إلى الموسيقى الهادئة،
أتناول كتابًا من مكتبتي، وأبدأ في القراءة.
لا إنترنت يشغلني، ولا عائلة تزعجني.
أنا وكتابي والراديو.
كانت من أمتع تجاربي في تلك الفترة.
قبل ذلك، كنت قد قررت الاستماع عشوائيًا إلى الراديو ليلًا.
وفي إحدى الليالي، وجدت ما شدّني من حوار أدبي بامتياز.
عرفت أنها قناة "مونتِ كارلو الدولية"،
وكان برنامجًا يوميًا، الساعة الحادية عشرة مساءً،
يستضيف ضيوفًا من مختلف الدول،
يشاركون أفكارهم وتجاربهم.
كان من أمتع البرامج وألطفها بالنسبة لي.
خاصةً وأن الصيف كان في أوجه،
والكهرباء… هي كهرباء العراق التي تهرب من حرّ جونا.
كنت أستمع وأنا مستمتع.
حقًا، منحتني تلك اللحظات مشاعر من الهدوء النفسي
لم أشعر بها يومًا على الإنترنت، رغم كوني مدمنًا له.
أشعر بهذه اللحظات مرةً كل شهر،
حين ينتهي اشتراك الإنترنت.
ربع ساعة من الهدوء… ثم يعود القلق
بمجرد أن نتصل بمسؤول البرج لإعادة التفعيل.
أتمنى أن يموت الإنترنت…
لكي نعيش نحن.



#علي_حسين_العراقي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة (قطة وفلوس أبو تحسين)
- قصة قصيرة (عصفور)
- قصة قصيرة (الضفدع)
- عالم الكتب (وشم النورس)
- في عالم الكتب (أختفاء)
- في عالم الكتب (حرائق المعرفة)


المزيد.....




- مصادر لـCNN: -الترويكا الأوروبية- من المرجح أن تعيد فرض عقوب ...
- بالتزامن مع افتتاح معرض دمشق الدولي.. غارات إسرائيلية تستهدف ...
- صيف بريطانيا 2025 يسجل أعلى رقم قياسي في درجات الحرارة منذ 1 ...
- فتح تحقيق في إطلاق نار بمدرسة كاثوليكية في مينيابوليس الأمري ...
- إسرائيل تهدد بوقف تمويل منظمة دولية أكدت مجاعة غزة
- قبول ترشح الرئيسة التنزانية لانتخابات أكتوبر واستبعاد أبرز م ...
- عاجل | مصدر عسكري سوري للجزيرة: الجيش الإسرائيلي نفذ إنزالا ...
- -الكابينت- يبحث الأحد السيادة على الضفة الغربية
- أردوغان: القبة الفولاذية تنقل تركيا لمستوى جديد في الدفاع ال ...
- غانا تكثف جهودها لمواجهة تسلل الجماعات المسلحة عبر الحدود


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - علي حسين العراقي - راديو الثالثة فجراً