أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي حسين العراقي - قصة قصيرة (قطة وفلوس أبو تحسين)














المزيد.....

قصة قصيرة (قطة وفلوس أبو تحسين)


علي حسين العراقي

الحوار المتمدن-العدد: 8443 - 2025 / 8 / 23 - 09:20
المحور: الادب والفن
    


كلما أتذكر أكثر عن طفولتي، كلما أصبحت متيقنًا من وجود سجل وفير من القصص الشيقة والممتعة.
أحداث عشوائية ومنظمة، طفولية ورجولية، حنونة ورقيقة.
أتذكر الآن بوضوح منظر ابن جيراننا الكبير وهو يتسلق الحائط ليصل إلى السقف، يضع قدمه في أماكن لا يعتقد من يشاهدها أنه يمكن الاعتماد عليها لوضع وزنك الكامل.
لم أرَ مثل هذه القدرة إلا عندما كبرت واطلعت على رياضات التسلق الحر، هؤلاء المجانين الذين تكفيهم سنتيمترات قليلة ليضعوا حياتهم عليها.
وضع قدمه اليمنى على نتوء في الجدار، بعدما تأكد من وجود يده في مكان أعلى منها، رفع نفسه وبدأ ينظر للأسفل ليضع قدمه اليسرى. ارتفع جسمه بمقدار متر عن الأرض وبدأ يتسلق، يبحث ويبحث عن أنصاف النتوءات ليكمل تسلقه.
خرج أبي من المنزل ليرى هذا المنظر أمامه، فقال له بشكل ودي:
(ها فلان، وين اليوم؟)
فقال له إنه يسمع صوت قطة صغيرة تصرخ،
ربما نسيتها أمها بعدما ولدتها فوق على السطح وغابت الأم وربما ماتت،
فلا أحد يسجل غياب البشر في العراق، فكيف بالحيوان؟
بالفعل، ظهرت القطة، بيضاء جدًا وصغيرة جدًا، باطن أقدامها بيضاء ووردية، رائعة ولطيفة.
تمكن من الوصول لحافة السطح وأمسك بها.
ثم قفز من الحائط بشكل رشيق، وهبط على قدميه بشكل مرن، كأنه رياضي سابق.
كان فلان ابن جيراننا قد خرج من السجن مؤخرًا، يمتلك عدة أوشام عادةً ما نراها بشكل نصفي لأن ملابسه تغطيها.
قصير، تقريبًا 160 أو 170 سنتيمترًا، سريع جدًا، ويمتلك كتلة عضلية بسيطة لكنها ظاهرة بسبب نحافته.
اختفى كما ظهر، بسرعة، ولا أحد يعلم عنه شيء.
كنا في رحلة عائلية إلى بيت جدتي، وهي أول مرة نترك البيت بشكل جماعي للذهاب في هذه الزيارة، فأبي كان لا يحب الذهاب أو الخروج وترك البيت وحده، وكانت استثناء.
رجعنا إلى بيتنا فوجدنا طاقة وشعورًا غريبًا، إحساس بوجود شيء ما خطأ، شعور داخلي.
وجدنا كوب ماء ليس في مكانه، باب الحمام مفتوح ومتروك، بعض البول في المرحاض لم يتم تصريفه.
توجد غرابة ومشاعر كأنك لست وحدك.
بعد دقائق من البحث، طلب أبي بسرعة أن أذهب للخزانة وأتفحص "فلوس أبو تحسين".
كان أبو تحسين رجلًا فقيرًا يبيع الشاي في بداية شارعنا، يعمل من الصباح إلى ما بعد الظهر، يسكن في منطقة بعيدة على أطراف العاصمة، ولديه مشاكل مع أبنائه، منها أنهم يقومون بسرقة ما يجنيه من بيع الشاي.
فتقدم لأبي وطلب منه أن يودع لديه مبلغًا كان قد جمعه من تعبه وخاف أن يسرقه أولاده.
فأخذ أبي المبلغ، وكان 500 ألف، ووضعه في الخزانة مع الأوراق الرسمية والثبوتية المهمة جدًا لكل عراقي ما بعد 2003.
فأصبح منذ ذلك اليوم وجود لما يسمى "فلوس أبو تحسين".
اختفت الأموال من مكانها.
تمت سرقتها بالكامل.
الشعور بانتهاك الخصوصية مرعب، والأكثر رعبًا ليس ما توصل له المنتهك، وإنما تفكيرنا الذي يجعلنا نفكر بانكشافنا، بعُرينا الكامل.
ماذا فعل الحرامي؟
هل فتش بملابسنا؟
هل فتح ثلاجتنا؟
هل تصفّح أوراقنا وألبوم صورنا؟
هل جلس على سريرنا؟
هل فتح خزانتنا؟
هل... وهل... وهل؟
تم انتهاك خصوصيتنا، ولم نعلم من انتهكها.
لم نرَ فلان ابن الجيران بعدها.
اتّهمه أبي بعدما رأى قدرته على التسلق، وخاصةً بعد تحقيقات من أبي، الضابط السابق، حيث توصل إلى أن السارق جاء من السطح ودخل من خلال باب خشبي قديم متهالك لم يتحمل أول ركلة متوسطة القوة.
اختفى، واختفت معه فلوس أبو تحسين، رحمه الله.
فقد قام أبي بإبلاغه وأعاد له الأموال من راتبه التقاعدي.
ورفض، حين طلب أبو تحسين، أن يودع بعض الأموال عند أبي بعد فترة زمنية.
حتى باختفاء المشتبه به الأول، أصبح الجميع بنظر أبي مشتبهًا بهم.
قام بتغيير الباب الخشبي القديم بباب حديدي قوي جدًا.
وضع تحت رأسه ساطورًا، وبدأ بالاستيقاظ على أقل صوت.
كانت تلك الفترة من حياتي، في بيتنا القديم في "........"، المنطقة القديمة المتهالكة في وسط بغداد القديمة، مليئة بالإثارة، ومتشبعة بالحكايات الشعبية لبغداد ما بعد 2003



#علي_حسين_العراقي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة (عصفور)
- قصة قصيرة (الضفدع)
- عالم الكتب (وشم النورس)
- في عالم الكتب (أختفاء)
- في عالم الكتب (حرائق المعرفة)


المزيد.....




- بصمة الأدب العربيّ: الدّكتورة سناء الشّعلان (بنت النعيمة)
- باب كيسان.. البوابة التي حملت الأزمنة على أكتافها
- -بدونك أشعر أني أعمى حقا-.. كيف تناولت سرديات النثر العربي ا ...
- نذير علي عبد أحمد يناقش رسالته عن أزمة الفرد والمجتمع في روا ...
- المؤرخة جيل كاستنر: تاريخ التخريب ممتد وقد دمّر حضارات دون ش ...
- سعود القحطاني: الشاعر الذي فارق الحياة على قمة جبل
- رحلة سياحية في بنسلفانيا للتعرف على ثقافة مجتمع -الأميش- الف ...
- من الأرقام إلى الحكايات الإنسانية.. رواية -لا بريد إلى غزة- ...
- حين تتحول البراءة إلى كابوس.. الأطفال كمصدر للرعب النفسي في ...
- مصر.. الكشف عن آثار غارقة بأعماق البحر المتوسط


المزيد.....

- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي حسين العراقي - قصة قصيرة (قطة وفلوس أبو تحسين)