أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي حسين العراقي - قصة قصيرة (الضفدع)














المزيد.....

قصة قصيرة (الضفدع)


علي حسين العراقي

الحوار المتمدن-العدد: 8438 - 2025 / 8 / 18 - 14:22
المحور: الادب والفن
    


كان لا يقطع هدوءه إلا صوت برّاد الماء، وهو يعلن أن الهواء يدخل الآن إلى القنينة، والماء يخرج ببطء.
وقف ينتظر كوبه الأصفر الكبير يمتلئ بالماء.
كان في لحظة نادرة، لحظة لم يكن يفكر فيها بأي شيء، سوى امتلاء الكوب أمامه. عيناه تتبّعان ارتفاع الماء، فيما البرودة تتسرّب إلى يده مع كل زيادة في مستوى الكوب.
فجأة، توقّف عن كل شيء. كأنه أدرك المصيبة. توقّف.
الضفدع!
الضفدع الأخضر!
قتله البارحة، حين كان يهاجمه.
تذكّر الحلم الذي رآه. لا يدري متى، لكنه يعرف يقينًا أنه حلم به: كان في غرفته، والضفادع تتدفّق من كل مكان، تحاول الانقضاض عليه.
المشهد، على ضبابيته، كان واضحًا جدًا.
أمه كانت معه، تقتل الضفادع، وتقول له: اقتلها.
وهو يقتل بلا أوامر مسبقة منها.
لم يستغرق الحلم سوى ثوانٍ، لكنه تركه مرعوبًا.
تذكّر كل شيء: الضفدع ولونه، قتله، ومن كان معه، ومكان الحادثة.
رفع كوبه وشرب بسرعة، كأنه يريد إنهاء عذاب العطش.
بدأ الماء يتسرّب من جوانب فمه ويسقط على الأرض.
أعاد الكأس الفارغ إلى مكانه، مسح فمه بيده، ثم بقميصه.
توجّه إلى مكان الحادثة: غرفته. بدأ يتفحّص.
قال لنفسه:
• هنا قتلت واحدًا.
• هنا هرب مني آخر.
• هنا ركلت واحدًا.
• وهنا تسلّقني آخر.
لجأ إلى مكتبه الأسود، حيث يجلس حاسوبه.
فتح الإنترنت وقال بصوت مسموع:
"الحل هنا... الحل هنا..."
كتب في شريط البحث: تفسير رؤية ضفدع أخضر في المنام.
ضغط على ستّ نتائج مختلفة، وبدأ يقرأ:
"الضفدع في الأحلام غالبًا ما يرمز إلى التحوّل والتجديد والنمو الروحي، بسبب دورة حياة الضفدع نفسها، التي تبدأ من اليرقة وصولًا إلى الضفدع الناضج."
قال: حسناً، هذه علامة جيدة. سأغيّر حياتي. أنا بالفعل أتغيّر وأتطوّر وأنمو.
لكن... ما هي دورة حياة الضفدع؟ أنا لا أعرف السباحة!
قرأ تفسيرًا آخر:
"رؤيا الضفدع تعبّر عن رجل قضى عمره في عبادة الله وطاعة أوامره والتمسّك بفروضه، ويدل ذلك على الغنائم والمنافع، سواء مادية أو فكرية. كما تدل على الزهد والورع والتقوى، وقضاء حاجات الناس، وردّ الظالم، ومناصرة المحتاج والملهوف."
ابتسم ساخرًا وقال: لم أقض حياتي في عبادة الله. أنا مسلم، نعم، لكنني لست ملتزمًا. هذا لا يلائمني.
انتقل إلى تفسير آخر:
"رؤية الضفادع في المنام تدل على صحبة جيدة مع الجيران والأقارب."
قال: لم أزر أقاربي منذ سنوات، لا أعلم عنهم شيئًا، وهم كذلك لا يعلمون عني. باعتقادي سأحاسب على قطع صلة القرابة أكثر من أي شيء آخر.
ثم وجد تفسيرًا جديدًا:
"قد يكون الحلم مؤشرًا على ارتكاب خطأ كبير يندم عليه الرائي إذا قتل الضفدع."
قال: لقد قتلت منهم بالفعل.
واصل القراءة:
• رؤية ضفدع أخضر كما وصفه الإمام الصادق تُبشّر الرائي بانفراجات كبيرة في حياته، خصوصًا ماديًا ونفسيًا.
• بينما اللون الأحمر للضفدع يدل على مرحلة توترات وخصومات.
• ورؤية ضفدع ضخم تعكس تحديات معقدة وثقيلة.
• أما الضفدع الأسود، فهو تحذير من شخص يظهر الطيبة ويخفي نية سيئة.
قال: حسناً، إذًا أنا موعود بانفراجات مادية ونفسية... لكنني قتلت الضفدع الأخضر!
هل يعني هذا أنني رفضت المال وراحة البال؟
قرأ تفسيرًا آخر:
"قد ترى الضفدع في المنام كرمز للقوة والقدرة على التكيّف مع الظروف، فالضفدع يعيش في الماء والبرّ على حد سواء."
رفع رأسه وقال ساخرًا: قوة؟ تكيف؟!
ما هذا الهراء؟ الإنترنت لا ينفع بشيء.
أنا قوي وضعيف. غني وفقير. مرتاح ومضطرب. وفي النهاية... قتلت الضفدع.
وعلاقاتي مع أقاربي ليست جيدة. من يحاول خداعي؟ ماذا يحدث؟
جلس يحدّق في الشاشة، يبحث عن معنى يرضي عقله:
"لقد رأيت ضفدعًا أخضر في المنام وقتلته... ماذا يعني هذا؟"
بدأ يصرخ: لماذا كان أخضر؟ ولماذا قتلته؟
جلس على الأرض، يتفحّصها. يبحث عن بقايا دماء، أنسجة، آثار معركة كبرى.
لكنه لم يجد سوى تراب صغير، ونملة تحاول الهرب منه.
قال للنملة:
"أنتِ من سرق البقايا!
الأدلة، الدماء، الأنسجة... قمتم بتقسيمها وتخزينها بعيدًا عني.
أنتِ معهم! قولي لي وسأطلق سراحك."
وضع إصبعه على النملة بكل قوة... فاختفت تحته.
همس: هل نطق الضفدع بكلمة قبل أن يموت؟
هل كان حيًا أصلًا؟
هل هناك ضفدع؟ قولي لي وسأترك لك ما يحلو لك من السكر.
رفع إصبعه ببطء. لم يجد شيئًا. فقط بقايا دقيقة على جلده توحي أنها كانت نملة.
حرّك إصبعه، فسقطت على الأرض واختفت.
تأكد عندها أنها كانت تعمل مع الضفادع ضده.
وفي اليوم التالي، وجدوا ورقة معلّقة في منتصف الغرفة:
النملة كانت معهم.
النملة تعمل مع الضفادع.
النملة تعرف كل شيء.



#علي_حسين_العراقي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عالم الكتب (وشم النورس)
- في عالم الكتب (أختفاء)
- في عالم الكتب (حرائق المعرفة)


المزيد.....




- الجيش الإسرائيلي يفرج عن وزير الثقافة الفلسطيني بعد احتجازه ...
- العولمة وتشكيل الرواية الصحافية في زمن الحروب
- قرار مثير للجدل في سوريا.. كلية الفنون تمنع -الموديل العاري- ...
- قوات الاحتلال تحتجز وزير الثقافة الفلسطيني في كفر نعمة غربي ...
- الاحتلال يحتجز وزير الثقافة في قرية الشباب بكفر نعمة غرب رام ...
- ورشة تونسية تكافح للإبقاء على حرفة تجليد الكتب
- وزارة الثقافة الفلسطينية: -فلسطين 36- يمثل فلسطين في -أوسكار ...
- صنع الله إبراهيم أديب شيوعي سخر الصحافة للرواية
- -الجدة الصغيرة-.. ملكة الطرب وموسيقى الأونياغو الزنجبارية
- الدار السودانية للكتب تفتح أبوابها بعد توقفها لأكثر من عامين ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي حسين العراقي - قصة قصيرة (الضفدع)