علي حسين العراقي
الحوار المتمدن-العدد: 8431 - 2025 / 8 / 11 - 16:37
المحور:
الادب والفن
إذا كنتَ عراقيًّا وعاشقًا للكتب، فلا بد من وجود بعض الدموع أثناء انتهاؤك من قراءة كتاب حرائق المعرفة.
ماذا ستفعل عندما تقرأ كيف أحرق، ودمر، وسرق مغولُ العصر الحديث ملايين الكتب من مكتبات الموصل العريقة؟
إنها خسارة كبرى للعراقيين أولًا، وللعرب ثانيًا، وللعالم ثالثًا؛ جهدٌ وتعبٌ وعصارةُ المئات والآلاف من المؤلفين في تجميع هذه الكتب والمخطوطات، لكي يُكافَؤون برؤية جهودهم على الشاشات تُعامل بطريقة همجية.
في كتابه حرائق المعرفة، يأخذنا الكاتب محمود جمعة في جولة ليعرّفنا على خفايا إبادة الكتب والمكتبات التي مرت بها محافظة الموصل أثناء احتلال داعش لها، ليضرب لنا مثلًا على خمسة من أكبر مكتبات الموصل ومراكزها البحثية، وما حصل لها.
إنها شهادة توثيقية مهمة، بشهودها وصورها، لتشهد على ما حصل للموصل، برؤية تعامل المغول مع كتبها.
وأنا برأيي، أنهم لا يخافون الكتاب بقدر ما يخافون من الكاتب.
لا تهمهم الكتب بقدر ما تهمهم مكتبة الكتب.
يخافون رؤية الناس تبدأ في استعمال العقول، يخافون من الأفكار، ويخافون من حاملها.
هؤلاء الرعاع يمتلكون نقصًا في شخصياتهم يجعلهم يهاجمون المثقف، ومن يحاول أن يتواجد في أزمنة أخرى ويتعلم منها.
يهاجمون اختلافه لأنه قرر أن يكون، وأن يفكر، وأن يحلل، وأن يرفض الأفكار الجاهزة المغلّفة بأغطية الدين المسلّح والمسافر من آلاف الأميال.
فيحاربون كل من يختلف معهم، كأن وظيفتهم وتعليماتهم تنص على جمع القطيع وتحييد من يتخلف عنهم، ومن يختار طريقًا آخر، وتحييد من يحاول أن ينبه الخراف إلى وجود هاوية في نهاية الطريق.
نفذ المغول جريمتهم، وساقوا القطيع إلى الهاوية، وفي سيرهم إلى الهاوية أرسلوا من يرونهم مختلفين إلى الأعلى، ليقابلوا ربًا كريمًا عادلًا، يشكون له من يزعمون أنهم وكلاؤه على الأرض
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟