أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - علي ابوحبله - الغوغائية والتحريض الشعبوي : بين النظرية الكلاسيكية والخطاب التحريضي لليمين الإسرائيلي














المزيد.....

الغوغائية والتحريض الشعبوي : بين النظرية الكلاسيكية والخطاب التحريضي لليمين الإسرائيلي


علي ابوحبله

الحوار المتمدن-العدد: 8445 - 2025 / 8 / 25 - 13:49
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


المحامي علي أبو حبلة –
المقدمة
منذ أرسطو الذي اعتبر أن الديماغوجيا هي "انحراف الديمقراطية حين يستبدل القادة العقل بالعاطفة"، مرورًا بتجارب أوروبا الفاشية في القرن العشرين، وصولًا إلى الخطابات الشعبوية في إسرائيل اليوم، يظل الخطر واحدًا: تحويل الجماهير إلى أداة انفعال وغوغاء تهدد استقرار المجتمع وتُغذي سياسات الإلغاء والعنف.
الخطاب التحريضي للقيادات اليمينية الإسرائيلية – وفي مقدمتهم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، إضافة إلى قادة المستوطنات – يقدم نموذجًا معاصرًا للديماغوجيا، قائمًا على شيطنة الفلسطيني، وتجريم وجوده، وشرعنة سياسات الجوع والقتل والتدمير. هذا الخطاب ليس تهديدًا للفلسطينيين وحدهم، بل يحمل في طياته مخاطر وجودية على المجتمع الإسرائيلي نفسه، وعلى السلم والأمن الإقليمي والدولي.
أولًا: الديماغوجيا بين النظرية والتاريخ
أرسطو في السياسة حذّر من أن انحراف الديمقراطية يبدأ حين يتسلط الخطباء الشعبويون على الجماهير ويُحوّلون القرارات إلى انفعال جمعي بدلًا من الحكمة.
في أوروبا القرن العشرين، قادت الديماغوجيا الخطابية هتلر وموسوليني إلى حرب عالمية أحرقت العالم.
في علم الاجتماع السياسي الحديث، يربط يورغن هابرماس غياب النقاش العقلاني بتغوّل الخطاب الشعبوي، فيما يرى غوستاف لوبون أن الجماهير حين تُقاد بالشعارات تصبح قابلة لأي عنف مُمأسس.
ثانيًا: خطاب اليمين الإسرائيلي كديماغوجيا معاصرة
1. بنيامين نتنياهو:
يوظف الخطاب الأمني-الوجودي، مقدّمًا نفسه كـ"حامي إسرائيل" من تهديدات خارجية وداخلية.
يعتمد على تعبئة الخوف والقلق الجماعي لإدامة سلطته، متجاوزًا أزمات الفساد الداخلية عبر تصدير الأزمات نحو الفلسطينيين والإقليم.
2. بتسلئيل سموتريتش:
صرّح مرارًا بأن "الشعب الفلسطيني اختراع"، داعيًا إلى محو قراهم ومصادرة أراضيهم.
خطابه نموذج صارخ لـ"سياسة الإلغاء"، إذ يُحاول إنكار وجود الآخر عبر التنظير لشرعية الاستيطان والضم.
3. إيتمار بن غفير:
يمثل ذروة الديماغوجيا الدينية-القومية، إذ يستحضر النصوص الدينية لتبرير سياسات العنف.
يُشجع على حمل السلاح للمستوطنين، ويُبرّر قتل الفلسطينيين تحت ذريعة "الدفاع عن النفس".
4. رؤساء المستوطنات:
خطابهم تعبوي قائم على فكرة "الأرض لليهود وحدهم"، وهو خطاب غوغائي يُحفّز المستوطنين على اقتحام القرى وحرق المزارع وممارسة سياسة الطرد القسري.
ثالثًا: المخاطر المترتبة
على المجتمع الإسرائيلي:
التحريض الديماغوجي يُعمّق الانقسام الداخلي (علماني/ديني – أشكنازي/شرقي – يمين/يسار).
يشجع على منطق "القوة فوق القانون"، ما يهدد بتحوّل إسرائيل إلى دولة محكومة بغوغائية الميليشيات بدلًا من مؤسسات القانون.
على الفلسطينيين:
شرعنة سياسات التجويع والقتل والتدمير، باعتبارها "أدوات دفاعية"، وهو ما يتعارض مع القانون الدولي الإنساني (اتفاقيات جنيف الرابعة، 1949).
تكريس سياسة الإلغاء ونفي الآخر، بما يحاكي سياسات التطهير العرقي.
على السلم والأمن الإقليمي والدولي:
الخطاب الديماغوجي يعمّق الاستقطاب الإقليمي، ويدفع نحو عسكرة الصراع بدلًا من البحث عن حلول سياسية.
يشكل تحديًا مباشرًا للنظام الدولي القائم على ميثاق الأمم المتحدة، ومبادئ القانون الدولي، ومفهوم الأمن الجماعي.
رابعًا: مقاربة تاريخية
كما أفضت الديماغوجيا في أوروبا القرن العشرين إلى كارثة الحرب العالمية الثانية، فإن الخطاب الديماغوجي الإسرائيلي اليوم قد يقود إلى تفجير صراع إقليمي واسع، خصوصًا إذا استمرت سياسات التحريض ضد الفلسطينيين وتبرير العنف الجماعي. التاريخ يُعلّم أن المجتمعات التي تشرعن خطاب الكراهية تنزلق سريعًا نحو العنف الشامل والفوضى الداخلية.
الخاتمة
الغوغائية والديماغوجيا ليستا خطرًا أكاديميًا نظريًا فحسب، بل هما واقع ملموس في إسرائيل اليوم. فحين يُصبح "التحريض على الفلسطينيين" أداة سياسية لنتنياهو وسموتريتش وبن غفير، فإن الخطر لا يقتصر على الفلسطينيين وحدهم، بل يطال المجتمع الإسرائيلي من الداخل ويهدد الأمن والسلم الإقليمي والدولي.
الحصانة الحقيقية لا تتحقق بالشعارات والتحريض، بل بسيادة القانون الدولي، والحوار، والتسوية السياسية العادلة، لأن سياسة الإلغاء والقتل لا تصنع سلامًا، بل تفتح أبواب حروب بلا نهاية.
المراجع والهوامش
1. Aristotle, Politics, translated by H. Rackham, Harvard University Press.
2. Gustave Le Bon, The Crowd: A Study of the Popular Mind, London: T. Fisher Unwin, 1895.
3. Jürgen Habermas, The Structural Transformation of the Public Sphere, Cambridge: Polity Press, 1989.
4. Eric Hobsbawm, Nations and Nationalism since 1780, Cambridge: CUP, 1990.
5. تصريحات سموتريتش (مارس 2023): "الشعب الفلسطيني اختراع"، منشورة في الصحافة الإسرائيلية (هآرتس، يديعوت أحرونوت).
6. تقارير الأمم المتحدة حول الانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين: مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، تقارير 2023–2025.



#علي_ابوحبله (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نتنياهو و-إسرائيل الكبرى-: من خطاب النبوءة إلى مشروع التوسع… ...
- طولكرم بين محاولات إنعاش الاقتصاد واستراتيجيات الاحتلال الإس ...
- غزة تدخل المجاعة: مسؤولية المجتمع الدولي وواجب القانون
- خطاب النوايا الأوروبي: أزمة مالية متفاقمة ومصادرة القرار الس ...
- معاداة السامية بين التوظيف السياسي والمغالطات القانونية
- المجلس التأسيسي الفلسطيني والدستور المؤقت: من الشرعية الوطني ...
- تشكيل لجنة صياغة الدستور الفلسطيني بين الإطار القانوني ومتطل ...
- ✦ أهمية إعداد وصياغة دستور دولة فلسطين المستقلة وعاصم ...
- الحراك الإسرائيلي وأهميته لوقف الحرب وإطلاق سراح الأسرى
- قمة ترامب – بوتين في ألاسكا: استعراض دبلوماسي أم إعادة تشكيل ...
- -الحق يحتاج إلى قوة-: مشروع E1 وتصفية حل الدولتين
- تصاعد الضغوط الأوروبية على إسرائيل: احتجاجات داخلية ومطالبات ...
- تصريحات وزيرة الخارجية الفلسطينية بين ثوابت الموقف الوطني وو ...
- تعيين حاكم لقطاع غزة خارج إطار منظمة التحرير الفلسطينية: قرا ...
- غزة والهولوكوست: اختبار الضمير الإنساني لليهودية التقدمية
- منظمة التحرير الفلسطينية: نحو إصلاح شامل وتجديد الشرعيات على ...
- إلى حكومة نتنياهو وائتلاف اليمين المتطرف: عودوا إلى التاريخ ...
- عن -النصر المطلق-: إسرائيل بين أزمة القيادة واستنزاف الواقع
- متطلبات الإعلان عن الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس ...
- خطة احتلال غزة في ظل إدارة ترامب: الأبعاد، التداعيات، وخطر ا ...


المزيد.....




- لافروف: يجب على أعضاء مجلس الأمن ومنهم روسيا ضمان أمن أوكران ...
- روسيا: الباحث الفرنسي لوران فيناتيي يُحاكم مجددا بتهمة -التج ...
- -أوهام لن نسمح بتنفيذها-.. وزير خارجية مصر يعلق على تصريحات ...
- آخرها مجمع ناصر.. هذه أبرز المستشفيات التي قصفتها إسرائيل في ...
- نارٌ ورماد.. قرية تمسي أثرا بعد عين بسبب أسوء موسم حرائق تعر ...
- سوريا: الإدارة الذاتية الكردية تعتبر آلية اختيار أعضاء البرل ...
- خبير عسكري حوثي: إسرائيل غير قادرة على اعتراض صواريخ اليمن ا ...
- -التعاون الإسلامي- تعقد اجتماعها الوزاري الطارئ بشأن غزة
- عسكرة البحر الأحمر رسالة إسرائيلية أم تمهيد لصراع مع الحوثيي ...
- موسكو وكييف تتبادلان بيانات إسقاط المسيرات وألمانيا تطلب ضما ...


المزيد.....

- النظام الإقليمي العربي المعاصر أمام تحديات الانكشاف والسقوط / محمد مراد
- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - علي ابوحبله - الغوغائية والتحريض الشعبوي : بين النظرية الكلاسيكية والخطاب التحريضي لليمين الإسرائيلي