دينا الطائي
الحوار المتمدن-العدد: 8444 - 2025 / 8 / 24 - 20:26
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
سبعة عشر عاماً مضت، كأنها سبعة عشر صدعاً في ساعة معلّقة. الجريمة لا تزال واقفة على قدميها، والقتلة أشباحٌ تتسكع في الشوارع، يضحكون من دمنا كما لو كان مرآةً مكسورة.
كامل شياع لم يكن رجلاً فقط، بل مشروعاً من الأسئلة. حمل همّ التنوير في بلدٍ أُريد له أن يبقى أسيراً للظلام. كان يعرف أنّ الثقافة ليست ترفاً، بل سلاحاً في مواجهة الخراب، ولهذا صار هدفاً لسدنة الجهل وأمراء التجهيل. ولهذا طاردوه بكواتمهم، وتركوا العراق أسيراً لمشاريع الموت والسواد.
لم يكن يحلم لنفسه، بل كان يحرس أحلامنا جميعاً. كان يزرع أسئلته في أرضٍ عطشى للمعنى، وكان يعرف أن المعنى نفسه هشّ، وأن الثقافة ليست وعداً بالخلاص، بل محاولات متكررة لردم الهاوية. ومع ذلك ظلّ يكتب، وكأنه كان يحدّق في فوهة البندقية التي تترصد المعنى نفسه.
قتلوه جسداً، لكن بقي مشروعه يتنفس في صدوعنا، يسكن قلقنا، يرافق وعينا، ويذكّرنا أن الكلمة، هي الرصاصة الأصدق، وأن الظلام، مهما تمدّد، يبقى هشّاً لا يحتمل وهج شرارة واحدة.
سبعة عشر عاماً، وما زال كامل شياع يذكّرنا بأن التنوير قدرٌ لا بدّ أن ينتصر، وأن سدنة الجهل، مهما تكاثروا، هم المهزومون بالعار، وهو الحيّ في قلب الثقافة العراقية، في هشيم الكلمات، في أصوات الذين لم يتخلّوا عن الحلم.
وكما كتب، وكأنه كان يرثي نفسه:
“أعلم أنني قد أكون هدفاً لقتلة لا أعرفهم ولا أظنهم يبغون ثأراً شخصياً مني، وأعلم أنني أخشى بغريزتي الإنسانية لحظة الموت حين تأتي بالطريقة الشنيعة التي تأتي بها.”
- كامل شياع، رجل التنوير الشهيد -
23/8/2025
#دينا_الطائي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟