|
الحركة الإحتجاجية رحم التغيير المنشود
دينا الطائي
الحوار المتمدن-العدد: 5577 - 2017 / 7 / 10 - 18:16
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
الحركة الاحتجاجية رحم التغيير المنشود
لاحظنا في الأونة الأخيرة تصاعد الحركة الإحتجاجية و إنتشارها في أكثر من ساحة غير ساحة التحرير و اتساع رقعتها الجغرافية في عموم محافظات العراق و الأقضية و النواحي و تعدد أوجه الحركة الاحتجاجية نتيجة سوء الخدمات و الأزمات المتعاقبة على الشعب العراقي في ظل الفشل الذريع للقوى المتنفذة و الطغمة الفاسدة العاجزة عن حل الأزمة البنيوية العامة التي تعصف ببلدنا و التي سببت تدهورا مريعا و واضحا على الصعد كافة .. و مع ذلك و تحسبا للتطورات المحتملة بعد تحرير كافة اراضي العراق من دنس داعش تزداد مخاوفنا من عراق ما بعد تحرير الموصل و هذا يتزامن مع استحقاقات الانتخابات القادمة مالم يتم تغيير المفوضية بشخوص مستقلة بعيدة عن التحزب و مشهود لها بنزاهتها و تغيير قانون الانتخابات المجحف .. نشهد مع كل ذلك حراكا سياسيا للقوى الفاسدة غايته اعادة ترتيب اوراق المتنفذين المتحاصصين غايتهم في ذلك الحفاظ على مصالحهم و مغانهم و تفردهم في السلطة و القرار . من عناوين الترويج لهذا الحراك السياسي الفاسد الترويج من جديد لحكومة الأغلبية .. حكومة لا يتردد فيها شخوصها عن الحديث عن شدة مركزيتها و طائفيتها يصاحبها عدم وضوح برناجمهم و اهدافهم و الية تشكيلها. كما نشهد هناك حراكا سياسيا اخر موازي للحراك السياسي اعلاه يبحث عن سرقة النصر على داعش و التسلق على اكتاف القوات الأمنية بكافة صنوفها و دماء شهدائنا. و بصرف النظر عن عناوين الأغلبية السياسية أو الوطنية فإن الحديث بها في الوقت الراهن مؤشر خطير يثير التساؤلات حول اصل هذا المفهوم و دواعي و نوايا الداعين الى هذه الاغلبية و هم في الاصل طائفيين محاصصيين اللاعنين لها لفظا و المتشبثين بها ممارسة . فعن أي أغلبية يتحدثون و هي خالية من برامج واضحة و محددة تقوم على اساس المواطنة .. بل هي اغلبية عددية لمنتسبي و شخوص الكتل الطائفية و الإثنية. فمن المعلوم ان أصل الطروحات في خصوص تشكيل حكومة الأغلبية .. أثار تحفظات واسعة ترتبط بطبيعة هذه الكتل الفاسدة التي تعلن عن كونها ممثلة للطوائف و الإثنيات .. ما يعني أن الأغلبية ستكون لممثلي طائفة ما أو مكون معين مع مشاركة رمزية جدا و محدودة لأطياف مجتمعية اخرى . و من أجل الرد على هذه التحفظات أقدم أصحاب فكرة الأغلبية على مراجعة طرحهم و صاروا يقولون انهم انما يدعون الى " أغلبية سياسية " يمكن ان تضم قوى و انتماءا قومية و مذهبية مختلفة تتفق على برنامج مشترك. لكن الواقع الملموس للاحزاب السياسية تلك و الكتل الفاسدة تقول أن هذه الادعاءات ماهي الا كذب و افتراء نتيجة ممارسات سياسية عملية و ادارة مفاصل السلطة و مرجعياتها الفكرية و مجمل خطابها السياسي كلها بمجملها تظهر خصوصية مذهبية او قومية او طائفية بإمتياز و هذا مايثير شكوكا جدية في قدرتها على تحقيق الاغلبية السياسية التي تعلن عنها.
و لذا فإن اقتراب موعد النصر و تحرير اراضي العراق كافة من دنس داعش الارهابي تتعاظم الحاجة الى بناء الاستقرار السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي بما يؤسس لدولة مدنية دولة العدالة الاجتماعية و يُحدث قطيعة مع النهج الطائفي و الميليشاوي و الأثني الخارج عن القانون الذي حكم العراق طيلة السنوات الماضية و تسبب في ازمة بنيوية شاملة. و عليه واصلت جماهير شعبنا على مدى ثلاثة اعوام هبتها الاحتجاجية على سوء الاوضاع المعيشية و الخدمية و مطالبة باصلاح النظام السياسي اصلاحا شاملا و تخليصه من المحاصصة و الفساد و محاسبة الفاسدين و المفسدين و المتورطين بسفك دماء العراقيين طيلة السنوات السابقة و اهمها ملف مجزرة سبايكر و ملف سقوط الموصل . و رغم أن القوى السياسية المتنفذة الفاسدة أبت الا ان تصم اذانها متجاهلة اصوات المحرومين و اهالي المغدورين و اصحاب الكفاءات من خيرات الوطن الكثيرة بل و أبت ان تخطو خطوات جدية في محاربة الحراك المدني تارة بالتهديد و الوعيد و تارة بالخطف و القتل .. و مع ذلك فقد دفعت الحركة الاحتجاجية هؤلاء الى مراجعة سياساتهم الفاشلة في ادارة الدولة و ما سببت من كوارث و مآسي .. خوفا من اتساع رقعة الاحتجاجات و زيادة زخمها لتصل الى نتيجة مفادها قيام ثورة الجياع لاقتلاع الفاسدين . و الاهم من ذلك صار واضحا لدى عامة الناس انه مهما اشتد الصراع بين الفرقاء المتنفذين فإنهم يلتقون في نهاية المطاف سياسيا على على ارضية المصلحة الاقتصادية و الاجتماعية الضيقة و نعي و يعي الشعب ان الاصلاحات المحدودوة البعيدة عن جوهر المشكلة ماهي الا وسيلة بغيضة لامتصاص غضب الشارع العراقي .. و قد أدى هذا الى خلق فجوة بين عامة الناس و القوى السياسية المتنفذة الفاسدة الراعية للميليشيات المنفلتة الوقحة و مفهوم الاغلبية السياسية الطائفية او القومية .. و نتيجة ذلك يبرز مشروع الاصلاح و التغيير كحاجة ضرورية و ملحة لانتشال البلد من الواقع المزري و هذا جل مطلبنا و مطلب جماهيرنا الواسعة .. على أن يرتكز مشروع التغيير على الاسس السلمية و الديمقراطية و على جملة من الخطوات التي تهدف الى تغيير منظومة الحكم و تحويلها من طائفية اثنية الى مدنية ديمقراطية اتحادية قائمة على اساس المواطنة و العدالة الاجتماعية و بذلك ستكون الدولة بلا شك و على يقين قادرة على الاستجابة لكافة التحديات التي تواجه العراقيين كافة دون تمييز. و هذا اليقين يستند على الوعي المتراكم لدى الغالبية المسحوقة و المتضررة من ابناء شعبنا .. الذي ساهم قسم كبير منهم في الحراك المدني الاحتجاجي و خاضوا و لا يزالون مواجهة شجاعة مع الفاسدين في السلطة الذين استخدموا شتى الوسائل لترهيب الناشطين و اسكات صوتهم. و لذا أعود و اكرر مع اتساع الحراك الشعبي المطلبي و اتخاذه اشكالا متعددة تكتسب الانتخابات المقبلة المحلية و البرلمانية اهمية كبيرة باعتبارها احدى ادوات التغيير السلمي الديمقراطي. لهذا فإن الحركة الاحتجاجية تبنت مع المطالب الخدمية مطلب تشريع قانون انتخابي عادل يؤمن تمثيلا حقيقيا لارادة الناخب و يوصلنا الى التغيير المنشود و بل يشكل بابا ًمن أبوابه و ليس هذا و حسب .. فتغيير سائر المنظومة الانتخابية بما في ذلك تغيير مفوضية الانتخابات بعيدا عن المحاصصة و تشكيلها من قضاة مستقلين فعلا مشهود لهم بنزاهتهم و بذلك سنضمن استقلاليتها و مهنيتها و يعزز ثقة ابناء الشعب بالعملية الانتخابية و التقليل من العزوف عن الانتخاب و سيوسع المشاركة و الفاعلية. هذا المطلب بلا شك اثار صراعا حول تركيبة المفوضية و طبيعة قانون الانتخابات بين الكتل المتنفذة الفاسدة و هذا دليل قاطع على خشية هؤلاء الرعاع من صعود قوى سياسية غير متورطة بالازمات الكوارث التي عصفت بشعبنا العراقي لتشكل معارضة حقيقية لنهجهم الفاشل و المدمر. ختاما أقول ان مشروع التغيير الذي تطالب به الحركة الاحتجاجية يرتكز على عنصر فاعل في معادلة تصحيح موازين القوى لصالح الجماهير .. الا و هو بناء تحالف سياسي وطني عابر فعلا للطائفية .. تُسهم فيه القوى المدنية و اليدمقراطية على مختلف مشاربها بفاعلية لبناء دولة مدنية و عدالة اجتماعية .. دولة المؤسسات و المواطنة و القانون لتكون بديلا مؤثرا في المشهد السياسي. لذا فإن الحركة الاحتجاجية الدؤوبة - التي ضمت اطياف متعددة مدنية و اصحاب توجهات فكرية مختلفة كالشيوعيين و الليبراليين و الصدريين ممن أمنوا بالدولة المدنية - هي الرحم الذي سيلد البديل المدني الديمقراطي كأداة لتحقيق المطالب و إعادة بناء الاقتصاد و المجتمع و الدولة على اساس الحداثة و التنوير .. فطوبى للحركة الاحتجاجية و للناشطين و الناشطات من شتى المشارب الفكرية و الانتماءات .. طوبة للرؤية الواضحة التي باتت تتميز بها حركة الاحتجاج مستندة الى الاقتناع و العمل الدؤوب و المثابر و المنظم.
10/7/2017 دينا الطائي
#دينا_الطائي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ساحة التحرير .. و للحلم بقية ...
-
القوى المدنية الديمقراطية و إعادة إنتاج عناصر التغيير
-
الشيوعيون العراقيون .. و صراع مبادئ لن ينتهي ...
-
على طاري المعارض و كلب الوزير
-
وطني .. طوفان الدم ...
-
الكورد ليسوا مسؤولين عن مقتل البديوي يا دعاة الفتنة و حملة ا
...
-
يا بحري اللافاني
-
شغف عالي
-
نعيب زماننا و العيب فينا .. زيارة أوغلو مثالا ...
-
يا رجائي العظيم ...
-
هوية الأمة العراقية بين الريف و الحضر
-
الأمة العراقية .. صفة وجودها و إستنهاضها ...
-
مساومات سياسية رخيصة
-
رسالة تعج بضيق إنساني
-
لا تنه عن خُلق و تأتي بمثله .. عارٌ عليك إذا فعلت عظيمُ
-
عثرات عند الساعة الخامسة فجراً
-
طفولة مترنحة
-
يا غريب العواصف و الحروف ...
-
وجه الإله الخفي ...
-
بيان تأسيسي - تجمع دعاة الأمة العراقية
المزيد.....
-
-حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار ..
...
-
اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
-
مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
-
4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
-
سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا
...
-
ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟
-
السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية تسوق للحج التجاري با
...
-
اسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت إلى كييف ومركبات مدرعة ودب
...
-
السعودية.. إغلاق مطعم شهير في الرياض بعد تسمم 15 شخصا (فيديو
...
-
حادث جديد يضرب طائرة من طراز -بوينغ- أثناء تحليقها في السماء
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|