أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - أحمد كامل ناصر - هل يمكن تحقيق الوحدة وإعادة بناء القائمة المشتركة














المزيد.....

هل يمكن تحقيق الوحدة وإعادة بناء القائمة المشتركة


أحمد كامل ناصر

الحوار المتمدن-العدد: 8434 - 2025 / 8 / 14 - 18:12
المحور: قضايا ثقافية
    


كلنا نعيش على شاطئ واحد، نتشارك نفس الرمل ونواجه ذات البحر، لكن كل واحد منا يبني مركبه في زاوية منعزلة، يظن أن الريح ستدفعه وحده نحو برّ النجاة. هكذا هو حالنا اليوم؛ صوتنا العربي متفرق، موجاتنا تتلاطم في اتجاهات شتى، وقواربنا الصغيرة تتيه في عرض السياسة دون ميناء يلمّها. كانت القائمة المشتركة يومًا شراعًا واحدًا جمعنا، مهما اختلفت ألوان الأشرعة وتباينت اتجاهات الرياح، لكنها مع الزمن تشققت ألواحها، وتفرقت أيدي بحارتها بين حسابات المقاعد وحسابات القلوب.
الوحدة ليست شعارًا يُرفع في موسم الانتخابات، بل هي جسر طويل من الثقة المتبادلة، تبنيه إرادة صلبة لا تهتز أمام إغراء السلطة أو خوف الخسارة. إن إعادة بناء القائمة المشتركة تعني أكثر من مجرد التحالف بين أحزاب، إنها دعوة لإعادة صياغة مفهوم العمل السياسي العربي بحيث يكون الناس في المركز، وتكون قضاياهم اليومية هي البوصلة: التعليم، السكن، الصحة، الأمن، والحقوق المدنية.
لكن الطريق إلى الوحدة محفوف بالأشواك. هناك الخلافات الأيديولوجية التي تضخمها الكلمات، وتغذيها الذاكرة التاريخية للصراعات القديمة، حتى باتت الحوارات تُبنى على ما يفرق لا على ما يجمع. وهناك أيضًا المصالح الشخصية التي تختبئ خلف شعارات المصلحة العامة، كما يختبئ الصخر الحاد تحت وجه البحر الهادئ. وإلى جانب ذلك، نجد الجمهور نفسه متأثرًا بهذا الانقسام، يحمل ولاءات ضيقة كأنها جزء من هويته، فيدافع عن انتماء حزبي أكثر مما يدافع عن انتمائه الوطني الجمعي.
ورغم كل ذلك، فإن الوحدة ليست حلمًا مستحيلاً. التاريخ القريب يقول لنا إنها ممكنة حين تتغلب الإرادة على الكبرياء، وحين يدرك الجميع أن الكرامة السياسية ليست في احتكار القرار، بل في المشاركة فيه. لقد أثبتت التجربة أن الصوت العربي الموحد قادر على كسر جدار التجاهل وفرض نفسه على جدول القضايا الوطنية، بينما الصوت المشتت يضيع بين الجدران.
إعادة بناء القائمة المشتركة تحتاج إلى جرأة أخلاقية قبل أن تحتاج إلى تحالف سياسي، إلى قلوب تعرف أن الاختلاف سنة كونية، وأن اليد التي تصافح خصم الأمس يمكن أن تبني معه غدًا أفضل. نحن بحاجة إلى رؤية تتجاوز الأشخاص إلى المبادئ، وإلى ميثاق شرف يضمن أن تكون المصلحة العامة هي الحكم عند الاختلاف، لا الحسابات الضيقة.
قد يبدو الطريق طويلًا ومليئًا بالعواصف، لكن البحر علّمنا أن الموجة لا تقوى على الغريق إذا تشابكت الأيدي. لعل السؤال الحقيقي ليس: "هل يمكن أن نتوحد؟" بل: "هل نحن مستعدون لأن ندفع ثمن الوحدة من كبريائنا وأنانيتنا؟" فإذا كانت الإجابة نعم، فحينها فقط يمكن أن نعيد رفع الشراع المشترك، ونبحر معًا نحو أفق واحد، حيث لا يُكسر صوتنا ولا تغرق أحلامنا في عمق النسيان.
نحن أبناء الأرض الواحدة، والماء الواحد، والسماء الواحدة. يجمعنا الألم قبل أن تجمعنا السياسة، وتوحدنا الحاجة قبل أن توحدنا الشعارات. لسنا أعداء لأننا نختلف، ولسنا خصومًا لأننا نفكر بطرق متعددة. قوتنا ليست في تشابهنا، بل في قدرتنا على إدارة اختلافنا دون أن نهدم الجسر الذي نعبره معًا.
اليوم، ندعو كل قيادة وكل ناشط وكل إنسان يرى نفسه جزءًا من هذا الجسد، أن يضع الخلاف جانبًا، ويجعل المصلحة العامة هي الميزان. ندعو إلى قائمة مشتركة حقيقية، تُبنى على برنامج يخدم الناس أولًا، برنامج يواجه العنف والقتل والفقر، ويطور التعليم، ويضمن الكرامة والسكن والأمن لكل الناس.
نحن لا نطلب المستحيل، بل نطلب ما هو حقنا: أن نكون كتلة واحدة أمام من يحاول تفريقنا، وأن يكون صوتنا متحدًا حتى يسمع بوضوح في كل مكان. الوحدة ليست رفاهية، إنها شرط للبقاء والكرامة.
فلنفتح صفحة جديدة، لا نكتبها بأقلام الحزبية الضيقة، بل بأقلام الأمل والمسؤولية. ولنقلها واضحة: لن تفرقنا المقاعد، ولن تكسرنا العواصف، ما دمنا متمسكين ببعضنا، وما دامت أشرعتنا متجهة إلى أفق واحد.

الطيرة -



#أحمد_كامل_ناصر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دور المرأة في التعليم بالداخل الفلسطيني: وقائع وفرص وتحديات
- دور المعلم الفلسطيني في الداخل الإسرائيلي في بناء الوعي ومنا ...
- جدلية الانتماء والاغتراب في سيرة وليد الصادق: قراءة في كتاب ...
- قراءة في قصة -الخطيب المُسْتَبْرِد- للكاتب القاصّ سمير كتاني
- الشعر العربي كان وما زال فن وصناعة في آن واحد
- محمود أمين العالم وأدونيس ناقدان للأدب العربي الحديث
- النّقد الأدبيّ في خمسينات القرن العشرين؛ بداية لمرحلة نقديّة ...
- تعلّم اللّغة العربيّة في الجامعات والمعاهد العليا في إسرائيل
- قراءة في قصّة -الرّحلة القصيّة في طلب الكُنافة النابُلسيّة- ...
- كتابة القصيدة الشعريّة -الأنشودة- في أدب الأطفال المحليّ
- إشكاليّة الترجمة في الكتابة المحليّة الموجّهة للأطفال
- تعليق على ترجمة قصيدة -عابرون في كلام عابر -لمحمود درويش إلى ...
- قراءة في ديوان - وأقرأ صمت التراب الجميل- للشاعرة الفلسطينية ...
- الكتابة الطفليّة المحليّة أمام تحدّيات التكنولوجيا
- قراءة في ديوان -القصائد الدافئة- للشاعر الفلسطيني حسين جبارة
- منابع ثقافة الشاعر العربي -أدونيس-
- قراءة في قصة (للأطفال) بعنوان -المطر الأول - للكاتب نعمان عب ...
- انحسار اللغة العربية مقارنة بلغات وليدة -الطفرة- التكنولوجية
- دعوة لتعريب مناهج النقد الأدبي
- أيديولوجية النقد الأدبي


المزيد.....




- في حوار حول فيلمه الجديد -Highest 2 Lowest-.. دينزل واشنطن: ...
- وُصفت بـ-خطة يوم القيامة-:.. إسرائيل تعتزم إقرار مشروع استيط ...
- الأمومة لأول مرة في غزة: -ابنتي هي النور في أرض غارقة بالظلا ...
- تركيا توقع اتفاق تعاون عسكري مع سوريا وتتعهد بتدريب الجيش ال ...
- ترامب يقر بإمكانية فشل قمة ألاسكا: ستشكل تمهيدًا لاجتماع ثلا ...
- تفاقم أزمة الكهرباء في العراق .. غضب شعبي وحلول بديلة كارثية ...
- السودان: أسوأ تفش للكوليرا منذ سنوات وأوروبا تدعو لإدخال الم ...
- الأمين العام لحزب الله يستقبل لاريجاني ويجدد شكر إيران على - ...
- خيوط حمراء وذاكرة أندلسية.. نول -الدرازة- المغربي يقاوم غزو ...
- عاجل | نتنياهو: اتفقنا في الحكومة المصغرة على مبادئ لإنهاء ا ...


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - أحمد كامل ناصر - هل يمكن تحقيق الوحدة وإعادة بناء القائمة المشتركة