أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - أحمد كامل ناصر - دور المرأة في التعليم بالداخل الفلسطيني: وقائع وفرص وتحديات














المزيد.....

دور المرأة في التعليم بالداخل الفلسطيني: وقائع وفرص وتحديات


أحمد كامل ناصر

الحوار المتمدن-العدد: 8429 - 2025 / 8 / 9 - 16:42
المحور: قضايا ثقافية
    


شهدت العقود الأخيرة ازديادًا ملحوظًا في أعداد المعلمات والمديرات في المدارس والمؤسسات التعليمية في الداخل الفلسطيني، وهو تحول يحمل أبعادًا اجتماعية وثقافية واقتصادية متشابكة، تركت آثارها العميقة على بنية المجتمع وطبيعة العلاقات داخله. ويمكن النظر إلى هذه الظاهرة بوصفها نتاجًا طبيعيًا للتغيرات الاجتماعية المتسارعة، ودليلًا على توسع فرص التعليم والعمل أمام المرأة الفلسطينية في الداخل، مما أسهم في إعادة صياغة أدوارها التقليدية، ودفعها نحو المشاركة الفاعلة في بناء المجتمع. فقد أتاح هذا الحضور النسائي الكثيف في سلك التعليم تحقيق توازن في المنظومة التربوية، إذ وفرت المعلمة والمديرة نموذجًا إنسانيًا واجتماعيًا قريبًا من الطالبات، قادرًا على تفهم خصوصيتهن النفسية والثقافية، الأمر الذي انعكس إيجابًا على مستوى التحصيل الدراسي والتكيف الاجتماعي.
إن دخول المرأة الفلسطينية في الداخل بقوة إلى ميدان التعليم لم يكن مجرد إضافة عددية، بل كان نقلة نوعية أثرت في طبيعة العملية التعليمية، حيث ساعدت على إثراء أساليب التدريس والإدارة المدرسية بإضفاء بعد وجداني وعاطفي على التفاعل داخل الصفوف وبيئة المدرسة، مما عزز مناخ الثقة والاحترام المتبادل. وعلى الصعيد الاجتماعي، كان لعمل المرأة في هذا المجال أثرٌ واضح في رفع مكانتها، وتعزيز دورها الاقتصادي في الأسرة، إذ أصبحت شريكة مباشرة في تحمل أعباء المعيشة، مما أدى إلى تغيّر أنماط الإنفاق، وتوسيع آفاق الأبناء من خلال رؤية نموذج الأم العاملة المتعلمة.
غير أن هذا التحول لم يخلُ من تحديات، إذ تفرض زيادة أعداد المعلمات والمديرات ضرورة إعادة النظر في سياسات التوظيف والتدريب، لتفادي الاكتفاء بالكم على حساب الكيف، وضمان توافق المؤهلات مع متطلبات الميدان التربوي. كما يثير الأمر تساؤلات حول التوازن بين أدوار المرأة المهنية والأسرية، خاصة في البيئات المحافظة داخل المجتمع الفلسطيني في الداخل، التي ما زالت تنظر إلى عمل المرأة خارج البيت بوصفه خروجًا عن الأدوار التقليدية.
وتجدر الإشارة إلى أن ارتفاع أعداد المعلمات والمديرات، إذا لم يصحبه ضبط إداري وأخلاقي صارم داخل المؤسسات التعليمية، قد يفتح الباب أمام مظاهر سلبية تمس صورة المرأة العاملة في التعليم ودورها الرسالي، خصوصًا في البيئات التي تضعف فيها معايير الانضباط والرقابة. فغياب الحزم في الالتزام بأخلاقيات المهنة أو تهاون الإدارات في متابعة السلوكيات قد يؤدي إلى تداخل غير منضبط بين الحياة الشخصية والمهنية، أو إلى فقدان المعلمة والمديرة لهيبتهما في نظر الطلاب والمجتمع، وهو ما ينعكس سلبًا على القيم التربوية، ويضعف الثقة بالمدرسة بوصفها بيئة آمنة للتنشئة السليمة. ومن هنا فإن أي توسع في حضور المرأة الفلسطينية في التعليم يجب أن يقترن بآليات واضحة لحماية رسالية المهنة، وضمان التزامها بالضوابط الأخلاقية والتربوية التي تصون مكانتها في المجتمع.
إن ازدياد أعداد المعلمات والمديرات في الداخل الفلسطيني، إذا ما أُحسن استثماره، يمكن أن يكون رافعة حضارية حقيقية، ليس فقط عبر تحسين جودة التعليم، بل أيضًا من خلال المساهمة في ترسيخ قيم المساواة والعدالة الاجتماعية، وبناء جيل أكثر وعيًا بقضايا النوع الاجتماعي ودور المرأة في الحياة العامة. ومن ثم فإن هذه الظاهرة تمثل فرصة لمزيد من الإصلاح الاجتماعي والثقافي، إذا ما صاحبها وعي مجتمعي وسياسات داعمة تضمن أن يكون حضور المرأة في المدرسة انعكاسًا لحضورها الفاعل في المجتمع بأسره.

الطيرة- 9.8.2025



#أحمد_كامل_ناصر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دور المعلم الفلسطيني في الداخل الإسرائيلي في بناء الوعي ومنا ...
- جدلية الانتماء والاغتراب في سيرة وليد الصادق: قراءة في كتاب ...
- قراءة في قصة -الخطيب المُسْتَبْرِد- للكاتب القاصّ سمير كتاني
- الشعر العربي كان وما زال فن وصناعة في آن واحد
- محمود أمين العالم وأدونيس ناقدان للأدب العربي الحديث
- النّقد الأدبيّ في خمسينات القرن العشرين؛ بداية لمرحلة نقديّة ...
- تعلّم اللّغة العربيّة في الجامعات والمعاهد العليا في إسرائيل
- قراءة في قصّة -الرّحلة القصيّة في طلب الكُنافة النابُلسيّة- ...
- كتابة القصيدة الشعريّة -الأنشودة- في أدب الأطفال المحليّ
- إشكاليّة الترجمة في الكتابة المحليّة الموجّهة للأطفال
- تعليق على ترجمة قصيدة -عابرون في كلام عابر -لمحمود درويش إلى ...
- قراءة في ديوان - وأقرأ صمت التراب الجميل- للشاعرة الفلسطينية ...
- الكتابة الطفليّة المحليّة أمام تحدّيات التكنولوجيا
- قراءة في ديوان -القصائد الدافئة- للشاعر الفلسطيني حسين جبارة
- منابع ثقافة الشاعر العربي -أدونيس-
- قراءة في قصة (للأطفال) بعنوان -المطر الأول - للكاتب نعمان عب ...
- انحسار اللغة العربية مقارنة بلغات وليدة -الطفرة- التكنولوجية
- دعوة لتعريب مناهج النقد الأدبي
- أيديولوجية النقد الأدبي
- المثقف الفلسطيني وأزمة الهوية القومية من خلال قصة -الغريب- ل ...


المزيد.....




- لماذا كانت نسبة المشاركة في الانتخابات العراقية منخفضة جدًا؟ ...
- بعد أنباء عن قرب تقاعده.. أفيخاي أدرعي: -روقوا مازلتُ هنا-
- انتخابات العراق.. كيف تتحول لافتات المرشحين إلى خردة ومصدر ر ...
- سـرقـة تماثيل رخامية ثمينة من المتحف الوطني في دمشق
- انهيار جسر هونغ تشي في الصين بعد أشهر من افتتاحه
- الدجاج المقلي والبيتزا.. جدل كيك حفلات الزفاف في مصر
- نشر رسائل تزعم أن ترامب أمضى ساعات مع إحدى ضحايا جيفري إبستي ...
- -لا أملك إلا كلمات من أجل وطني-... من هو شاعر الحراك الجزائر ...
- بوعلام صنصال... الكاتب المعارض الذي تحول إلى رمز للخلاف الفر ...
- -تقبلت فكرة الموت بهدوء-... سيباستيان يروي لفرانس24 لحظات رع ...


المزيد.....

- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الأنساق الثقافية للأسطورة في القصة النسوية / د. خالد زغريت
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الفاكهة الرجيمة في شعر أدونيس / د. خالد زغريت
- المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين ... / أمين أحمد ثابت
- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - أحمد كامل ناصر - دور المرأة في التعليم بالداخل الفلسطيني: وقائع وفرص وتحديات