أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاروق محمد الشاوي - خطة نتنياهو الوحشية في غزة: مجازفة بمستقبل إسرائيل للكاتب: سام كيلي















المزيد.....

خطة نتنياهو الوحشية في غزة: مجازفة بمستقبل إسرائيل للكاتب: سام كيلي


فاروق محمد الشاوي
(Farouk M. El-shawy)


الحوار المتمدن-العدد: 8433 - 2025 / 8 / 13 - 15:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


وسط تصاعد الدخان من غزة وتزايد الأصوات الغاضبة في العواصم الغربية، يطرح مقال سام كيلي وهو صحافي بريطاني متخصص في شؤون الشرق الأوسط والسياسة الدولية. ، في “إندبندنت عربية” سؤالًا جوهريًا: هل يخاطر بنيامين نتنياهو بمستقبل إسرائيل حين يقرر إعادة احتلال القطاع؟ المقال يقدّم تحليلًا لخطته المثيرة للجدل، لكن النقاش حولها يكشف أبعادًا أعمق تتجاوز حدود السياسة الإسرائيلية إلى مستقبل المنطقة بأسرها.

أولاً: الخطة بين الأهداف المعلنة والمصالح الخفية

يشير المقال إلى أن أهداف نتنياهو المعلنة تشمل القضاء على حماس، وتحرير الرهائن، وفرض إدارة بديلة للقطاع. هذه الأهداف تبدو في ظاهرها أمنية، لكنها في العمق تحمل بُعداً سياسياً شخصياً واضحاً. نتنياهو، الذي يواجه قضايا فساد وانقساماً داخلياً حاداً، يدرك أن استمرار الحرب يمنحه غطاءً سياسياً لإبقاء المعارضة في موقع الدفاع، ويؤجل أي استحقاق انتخابي أو قضائي قد يطيح به. من هنا، فإن الحديث عن “أمن إسرائيل” يصبح جزءاً من استراتيجية بقاء شخصي، وليس رؤية استراتيجية طويلة الأمد.

ثانياً: العزلة الدولية وتصاعد الضغوط

يلفت سام كيلي إلى أن الخطة تضع إسرائيل على مسار تصادمي مع جزء كبير من المجتمع الدولي. ألمانيا أعلنت وقف بيع الأسلحة، والعديد من الدول الأوروبية أبدت استعداداً لمراجعة علاقاتها العسكرية والتجارية مع تل أبيب. كما أن محكمة العدل الدولية تتلقى ضغوطاً متزايدة لفتح ملفات جرائم الحرب. هذه المعطيات تشير إلى أن مشروع نتنياهو يعيد إنتاج عزلة كانت إسرائيل قد خرجت منها جزئياً بعد اتفاقات أبراهام. ومع استمرار صور الدمار والضحايا المدنيين، فإن أي محاولة لتسويق الاحتلال على أنه “عملية أمنية” تصبح أقل إقناعاً للرأي العام الغربي، خصوصاً في ظل استطلاعات الرأي التي تُظهر تراجع الدعم الشعبي الأميركي لإسرائيل.

ثالثاً: مأزق الدعم الأميركي

يعتمد نتنياهو على الدعم الأميركي ليس فقط في السلاح، بل في الغطاء السياسي داخل المؤسسات الدولية. صحيح أن واشنطن تقدم لإسرائيل مساعدات عسكرية سنوية بمليارات الدولارات، لكن استطلاعات الرأي الأخيرة، التي أشار إليها المقال، تُظهر أن أغلبية الأميركيين باتوا يعارضون الحرب في غزة. هذا التحول يعكس تنامياً في الوعي الشعبي بفظاعة ما يجري، ويضع قيوداً على قدرة أي إدارة أميركية على الاستمرار في الدعم غير المشروط. في حال تغير المزاج السياسي في الكونغرس أو البيت الأبيض، فإن إسرائيل قد تجد نفسها أمام أزمة استراتيجية غير مسبوقة.

رابعاً: الكلفة الإنسانية والأمنية

خطة إعادة احتلال غزة تتطلب إخلاء مئات آلاف السكان، وهو ما يرقى، وفق القانون الدولي، إلى جريمة تهجير قسري. هذه الخطوة لا تمثل فقط كارثة إنسانية، بل أيضاً عبئاً أمنياً طويل الأمد. فالتاريخ العسكري الإسرائيلي يظهر أن الاحتلال المباشر يولّد مقاومة أعنف، كما حدث في جنوب لبنان قبل الانسحاب عام 2000. أي محاولة للسيطرة على غزة بالقوة ستفتح جبهة استنزاف دائمة، وسيصبح الجيش الإسرائيلي غارقاً في بيئة حضرية معادية، ما يزيد من خسائره ويستنزف موارده.

خامساً: المؤسسة الأمنية في موقع الحذر

كما يذكر المقال، فإن المؤسسة العسكرية والاستخباراتية الإسرائيلية ليست موحدة خلف الخطة. بعض القادة يرون أن العملية تضع الرهائن الإسرائيليين في خطر أكبر، وأنها قد تؤدي إلى استنزاف طويل بلا أفق سياسي. الخلاف بين القيادة السياسية والعسكرية يعكس خللاً في صناعة القرار، حيث تتغلب الحسابات السياسية على التقديرات العملياتية. هذا الانقسام ليس جديداً في إسرائيل، لكنه في هذه المرحلة قد يؤدي إلى أزمات داخلية أعمق، وربما إلى استقالات أو تمرد صريح على قرارات الحكومة.

سادساً: البعد الأخلاقي والديمقراطي

من النقاط الجوهرية التي يثيرها المقال، ويستحق البناء عليها، أن الخطة تمثل اختباراً لمفهوم “الديمقراطية الإسرائيلية” الذي لطالما جرى تسويقه في الغرب. كيف يمكن لدولة تدّعي احترام القيم الديمقراطية أن تفرض حصاراً خانقاً، ثم تشن حرباً مدمرة، ثم تسعى لاحتلال أرض وطرد سكانها؟ هذا التناقض لا يمر مرور الكرام على المجتمعات الغربية التي تربط بين القيم السياسية والسلوك الخارجي للدول. استمرار الاحتلال والسياسات القمعية سيجعل من الصعب على إسرائيل الدفاع عن صورتها كدولة ديمقراطية أمام جمهورها وأمام العالم.

سابعاً: بدائل مغيبة

غياب أي رؤية سياسية بديلة هو ما يجعل خطة نتنياهو أشبه بمقامرة يائسة. فبدلاً من البحث عن حلول سياسية أو تفاهمات إقليمية، يجري الدفع باتجاه خيار عسكري مفتوح. التجارب التاريخية في المنطقة تُظهر أن الحروب التي تفتقر إلى أفق سياسي تنتهي غالباً إلى إعادة إنتاج الصراع بأشكال أشد قسوة. كان يمكن للحكومة الإسرائيلية أن تستثمر الضغط العسكري لتحقيق تسوية مرحلية، أو فتح قنوات تفاوض غير مباشرة، لكنها اختارت الطريق الذي يغلق كل الأبواب.

ثامناً: الرد الممكن

الرد على ما طرحه سام كيلي لا يعني بالضرورة معارضة تحليله، بل تعميقه. نعم، خطة نتنياهو خطيرة على إسرائيل نفسها، لكن الأخطر أنها تفتح الباب لسابقة سياسية خطيرة في المنطقة، حيث تُشرعن القوة المفرطة والتهجير كأدوات سياسية. هذا النهج قد يشجع قوى أخرى في المنطقة على تبني سياسات مشابهة، مما يزيد من تفكك النظام الإقليمي ويضعف أي إمكانية لإقامة منظومة أمن جماعي. من هنا، فإن مواجهة الخطة لا تهم الفلسطينيين وحدهم، بل كل الأطراف التي ترى في القانون الدولي والمبادئ الإنسانية ضمانة للاستقرار.

تاسعاً: الخلاصة

يمكن القول إن المقال ينجح في كشف جانب مهم من المخاطر التي تحملها خطة نتنياهو، لكنه يفتح أيضاً باباً لنقاش أوسع حول مستقبل الصراع نفسه. إذا كانت إسرائيل ترى في غزة مجرد ساحة أمنية، فإنها تتجاهل حقيقة أن الصراع في جوهره سياسي وتاريخي. أي خطة لا تعالج جذور المشكلة—الاحتلال، الحصار، انعدام الأفق السياسي—ستظل مجرد حلقة في دوامة العنف.
المستقبل الذي يلوّح في الأفق، إذا مضت الخطة قدماً، ليس فقط “مستقبل إسرائيل” كما عنون المقال، بل مستقبل المنطقة كلها، حيث ستترسخ ثقافة القوة على حساب القانون، وسيُدفع ثمنها أجيال كاملة من الطرفين. من هنا، فإن الرد الحقيقي على الخطة لا يكون بانتقادها فحسب، بل بالعمل على بناء بدائل عملية، سياسية وأمنية، تعيد فتح مسار يفضي إلى حل دائم، حتى لو بدا هذا المسار بعيد المنال في اللحظة الراهنة.



#فاروق_محمد_الشاوي (هاشتاغ)       Farouk_M._El-shawy#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تجريم التضامن: قراءة نقدية في مقالة جورج مونبيوت حول فلسطين ...
- قراءة نقدية في مقال “لماذا تعادي أميركا الصين بهذه الشراسة؟” ...
- بين شرارة والسؤال المفتوح: ماذا لو لم تكن الحرب قدَرًا؟
- الهويات الهجينة: أدوات النفوذ الجغرافي في مناطق التماس الثقا ...
- جغرافيا غير مرئية: كيف تتحرك القوى الكبرى عبر الاقتصاد والهو ...
- رصد الأبعاد غير المرئية في العلاقات الدولية: السلطة الناعمة ...
- تشويه العدالة أم إعادة تعريفها؟ قراءة نقدية في مقال ديفيد فر ...
- الذكاء الاصطناعي والمراقبة في البحر الأحمر: أداة خفية لإعادة ...
- الرمزية الدينية في البحر الأحمر: صراع النفوذ بوسائل غير مرئي ...
- تكفير المخالف وتأبيد الاختلاف: قراءة في ضوء النصوص القرآنية ...
- جهنم كأداة ردع رمزي: إعادة تأويل مفهوم العقاب في العقيدة الإ ...
- تحديات العدالة الاجتماعية واستراتيجيات المواجهة
- جدل الحرية


المزيد.....




- رجال الإطفاء يسيطرون على حريق غابات مهول بعد اندلاعه قرب إحد ...
- حرائق تجتاح أوروبا: دمار واسع وعمليات إخلاء جماعي وسط موجة ح ...
- ابتكار طبي لافت: زرع أنسجة بشرية مطبوعة بتقنية ثلاثية الأبعا ...
- عون للارجاني: لبنان منفتح على إيران في حدود السيادة والاحترا ...
- آخر صانع طرابيش في لبنان..هل تندثر هذه الحرفة التقليدية؟
- 8 شهداء بيوم واحد في مجاعة غزة والاحتلال يستهدف لجان تأمين ا ...
- احتجاج نادر في الصين يكشف تقاعس الشرطة والسلطات المحلية وينذ ...
- نيويورك تايمز: روسيا مشتبه بها في اختراق نظام ملفات المحكمة ...
- كاتب روسي: ازدواجية معايير ترامب بالتعامل مع الدكتاتوريين ته ...
- هل تنهي العدالة الانتقالية في سوريا الإفلات من العقاب؟


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاروق محمد الشاوي - خطة نتنياهو الوحشية في غزة: مجازفة بمستقبل إسرائيل للكاتب: سام كيلي