أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة - فاروق محمد الشاوي - رصد الأبعاد غير المرئية في العلاقات الدولية: السلطة الناعمة والخطاب كأدوات خفية للهيمنة














المزيد.....

رصد الأبعاد غير المرئية في العلاقات الدولية: السلطة الناعمة والخطاب كأدوات خفية للهيمنة


فاروق محمد الشاوي
(Farouk M. El-shawy)


الحوار المتمدن-العدد: 8415 - 2025 / 7 / 26 - 08:33
المحور: ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة
    


مقدمة

في عالم العلاقات الدولية، لم تعد القوة الصلبة وحدها قادرة على تفسير سلوك الدول أو نتائج التحولات السياسية الكبرى. فهناك أبعاد غير مرئية - كالقوة الناعمة، وأنظمة الخطاب، والتحكم بالمعلومات - تسهم في تشكيل المشهد الدولي بعمق، دون أن تُقاس بجيوش أو تحالفات فقط. هذه الأبعاد "الخفية" لا تقل تأثيرًا عن الصراعات العسكرية والاقتصادية، بل تتجاوزها أحيانًا.

أولاً: القوة الناعمة كأداة للتأثير غير المباشر

ابتكر جوزيف ناي مفهوم القوة الناعمة ليصف قدرة الدول على الإقناع بدل الإكراه، عبر الثقافة، والقيم، والسياسات الجذابة. لكن هذه القوة ليست دائمًا بريئة، إذ يمكن توظيفها لأهداف استراتيجية خفية: نشر نماذج سياسية محددة، أو دعم قوى محلية متوافقة مع مصالح الدول الكبرى، أو إعادة إنتاج الهيمنة بصيغ رمزية.

مثال على ذلك: استخدام وسائل الإعلام الغربية لتشكيل وعي عالمي حول قضايا مثل الديمقراطية، حقوق الإنسان، أو الإرهاب، مما يؤثر على القرارات السياسية الداخلية في دول الجنوب دون تدخل مباشر.

ثانيًا: الخطاب كأداة لإنتاج "الواقع" السياسي

تُظهر الدراسات النقدية أن الخطاب السياسي لا يعكس الواقع، بل يُنتجه. فطريقة الحديث عن دولة ما (كأن تُوصف بأنها "راعية للإرهاب" أو "محور الشر") تغيّر شكل العلاقات معها دوليًا، وتبرّر ممارسات قد تكون مرفوضة أخلاقيًا.

التحليل الخطابي يُظهر كيف تُبنى "الشرعية" أو "الشيطنة" عبر اللغة، وكيف يُعاد ترتيب الأولويات الأمنية وفقًا لتصورات تُصنع في مراكز أبحاث وقنوات إعلامية، ثم تتحول إلى "حقائق".


ثالثًا: التكنولوجيا والمراقبة في العلاقات الدولية

التوسع في تقنيات الذكاء الاصطناعي والمراقبة أوجد طبقة جديدة من القوة الخفية. لم تعد السيطرة تعني فقط السيطرة على الأرض، بل على البيانات. من يتحكم بالاتصالات والمعلومات يملك قدرة على التأثير في سلوك الشعوب والأنظمة، حتى دون أن يُرى.

الدول الكبرى تستخدم شركات التكنولوجيا الكبرى كوسائط نفوذ ناعم، بينما تتحول البنية الرقمية إلى ساحة صراع سياسي (Cyber Diplomacy)، كما نرى في النزاع الأميركي-الصيني حول شبكات الجيل الخامس.

رابعًا: الرموز والبُعد الثقافي للهُوية السياسية

جزء من النفوذ غير المرئي يتم عبر "صناعة الرموز" وربطها بالسيادة والشرعية. من يملك السردية يملك التأثير. في هذا السياق، لا تُعد المساعدات الإنسانية أو اتفاقيات التجارة أدوات اقتصادية فقط، بل تحمل رمزية تحدد مَن "الراعي" ومَن "التابع".

حتى رموز مثل العلم، اللغة، أو الروايات التاريخية تُستخدم ضمن صراع "التمثيل الدولي"، كما حدث في النزاعات الإفريقية أو في البلقان.

---
خامسًا: البحر الأحمر نموذجًا للصراع غير المرئي

في البحر الأحمر، مثلًا، يتركز الصراع بين القوى الكبرى على موانئ، وجزر، وممرات مائية، لكن تحت السطح يدور صراع ناعم على النفوذ الإعلامي، وتوظيف القبائل، ومراقبة الأنظمة السياسية عبر أدوات إلكترونية، وتحالفات اقتصادية تبدو تنموية ولكنها استراتيجية.

إسرائيل، والإمارات، وتركيا، وحتى الصين، تنشط بقوة في تلك المنطقة، ليس فقط لتأمين الممرات البحرية بل لتثبيت حضور غير مرئي طويل الأمد في القرار السياسي المحلي.

خاتمة

إن رصد الأبعاد غير المرئية في العلاقات الدولية لم يعد ترفًا تحليليًا، بل ضرورة لفهم عالم معقّد تتداخل فيه القوة الرمزية مع الواقعية السياسية. إن من يكتفي برؤية "الظاهر" سيغفل جوهر التحولات. في هذا العالم المتحوّل، لا تكفي الجيوش ولا العقوبات، بل يجب فهم كيف يُعاد تشكيل النفوذ عبر اللغة، الثقافة، التقنية، والمعلومات.



#فاروق_محمد_الشاوي (هاشتاغ)       Farouk_M._El-shawy#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تشويه العدالة أم إعادة تعريفها؟ قراءة نقدية في مقال ديفيد فر ...
- الذكاء الاصطناعي والمراقبة في البحر الأحمر: أداة خفية لإعادة ...
- الرمزية الدينية في البحر الأحمر: صراع النفوذ بوسائل غير مرئي ...
- تكفير المخالف وتأبيد الاختلاف: قراءة في ضوء النصوص القرآنية ...
- جهنم كأداة ردع رمزي: إعادة تأويل مفهوم العقاب في العقيدة الإ ...
- تحديات العدالة الاجتماعية واستراتيجيات المواجهة
- جدل الحرية


المزيد.....




- زواج القاصرات في العراق.. تقاليد راسخة ومآسٍ متكررة
- تحقيق للأمم المتحدة: حجم العنف الجنسي في السودان -مهول-
- في مدينة تحكمها العصابات، ناجية من الاغتصاب تربي طفلاً أُمرت ...
- تمساح ضخم يهاجم امرأة فجأة ويسحبها تحت الماء.. نزهة تتحول إل ...
- دراسة جديدة: الكروموسوم X الثاني لدى النساء.. ما دوره المحتم ...
- “بيع” العاملات المهاجرات… اتجار بشر مستمر تكرّسه الكفالة
- اغتصاب وعنف وتحرش.. تفاقم جرائم قتل النساء في كينيا
- من النزوح إلى الزراعة.. حكايات نساء في لبنان حوّلن الحرب إلى ...
- النيابة الإسرائيلية توجه تهمة لامرأة كانت سعت لاغتيال نتنياه ...
- دراسة كبرى: هذه الكربوهيدرات تطيل عمر المرأة الصحي بنسبة 37% ...


المزيد.....

- جدلية الحياة والشهادة في شعر سعيدة المنبهي / الصديق كبوري
- إشكاليّة -الضّرب- بين العقل والنّقل / إيمان كاسي موسى
- العبودية الجديدة للنساء الايزيديات / خالد الخالدي
- العبودية الجديدة للنساء الايزيديات / خالد الخالدي
- الناجيات باجنحة منكسرة / خالد تعلو القائدي
- بارين أيقونة الزيتونBarîn gerdena zeytûnê / ريبر هبون، ومجموعة شاعرات وشعراء
- كلام الناس، وكلام الواقع... أية علاقة؟.. بقلم محمد الحنفي / محمد الحنفي
- ظاهرة التحرش..انتكاك لجسد مصر / فتحى سيد فرج
- المرأة والمتغيرات العصرية الجديدة في منطقتنا العربية ؟ / مريم نجمه
- مناظرة أبي سعد السيرافي النحوي ومتّى بن يونس المنطقي ببغداد ... / محمد الإحسايني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة - فاروق محمد الشاوي - رصد الأبعاد غير المرئية في العلاقات الدولية: السلطة الناعمة والخطاب كأدوات خفية للهيمنة