أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاروق محمد الشاوي - بين شرارة والسؤال المفتوح: ماذا لو لم تكن الحرب قدَرًا؟














المزيد.....

بين شرارة والسؤال المفتوح: ماذا لو لم تكن الحرب قدَرًا؟


فاروق محمد الشاوي
(Farouk M. El-shawy)


الحوار المتمدن-العدد: 8427 - 2025 / 8 / 7 - 17:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من يطالع مقال وليد شرارة المنشور في صحيفة «الأخبار» اللبنانية بتاريخ 28 حزيران 2025، تحت عنوان «العلاقة الطبيعية مع أميركا هي الحرب»، يواجه أطروحة جذرية مفادها أن الحرب ليست مجرّد أداة في يد واشنطن، بل هي العلاقة الأصلية والطبيعية التي تقيمها مع منطقتنا. إنها ليست استثناءً في التاريخ الأميركي، بل تكثيف له، وتعبير صريح عن بنية سياسية ونفسية لا ترى العالم إلا من خلال فوهة البندقية.

شرارة يسوق حججه بكثافة وثقة، معززًا مقاله بوقائع تاريخية من الحروب والانقلابات والتدخلات الأميركية في الشرق الأوسط وأميركا اللاتينية. وهو إذ يذكّر بأن واشنطن دعمت المعارضات اليمينية في فنزويلا وبوليفيا والبرازيل دون أن تتدخل عسكرياً، فإنه يلفت النظر إلى خصوصية المنطقة العربية، حيث لا تتردد أميركا في شنّ الحروب مباشرة، وتعتبر الإقليم «قوس الأزمات» أو «قوس المجازر»، كما يسميه بعض مسؤوليها.

لكن السؤال المفتوح هنا: هل الحرب قدرٌ لا فكاك منه؟ وهل العلاقة مع أميركا لا يمكن أن تكون إلا بالسلاح والنار؟ وهل نملك، كعرب ومسلمين وشعوب الجنوب، هامشًا من الفعل والبدائل، أم أننا أسرى هندسة إمبريالية لا تتزحزح؟

المقال يلمّح، بوعي أو من دونه، إلى بعد أعمق من الاستراتيجية العسكرية. فحين يستشهد شرارة بتصريحات مسؤولين أميركيين يرون في قادتهم “مخلّصين”، وحين يستحضر كتاب الحرب الصليبية الأميركية لمؤلفه بيت هيغسيث، فهو يضعنا أمام سردية دينية-سياسية تؤمن بأن الحرب ليست ضرورة سياسية فحسب، بل رسالة مقدسة. بهذا المعنى، يتحول الصراع مع واشنطن من نزاع جيوسياسي إلى مجابهة بين رؤيتين للعالم: رؤية تعتبر القوة الأخلاق الوحيدة القابلة للتداول، وأخرى ترى في السيادة والعدالة حقاً لا يُقايَض.

غير أن ما لا يقوله شرارة بوضوح، هو أن هذه العلاقة لا تُحدَّد فقط من طرف أميركا. صحيح أن واشنطن قوة غاشمة، بنت مجدها على الحروب كما يشرح المؤرخ تشارلز تيلي في نظريته حول «صناعة الدول كجريمة منظمة»، ولكن ماذا عنّا؟ هل نعيد إنتاج الهزيمة باستدعائها كقَدَر تاريخي؟ وهل نملك تصورات بديلة، لا تكتفي برفض الإمبراطورية بل بإنتاج صيغة استقلال جديدة؟

شرارة محق في أن أميركا تتعامل مع المنطقة بوصفها ساحة تجريب دائمة، تمارس فيها أقصى مستويات العنف الرمزي والمادي. لكن هذه المعادلة ليست حتمية. فصعود قوى أخرى في العالم، وانكشاف التكلّف الأخلاقي للهيمنة الأميركية، وفشل المشروع الأميركي في أكثر من ساحة، تفتح فجوات في جدار القوّة يمكن اختراقها، لا عبر التماهي مع واشنطن أو التوسّل إليها، بل ببناء مشروع استقلالي يتجاوز الرومانسية الثورية ويُحسِن إدارة التناقضات.

إن قيمة مقال شرارة تكمن في وضوحه، وفي قدرته على قول ما يتردد كثيرون في قوله: إن أميركا لا تأتي إلى المنطقة إلا لتُخضعها. لكنه بحاجة إلى تكملة: أن الصراع ليس قدَرًا ميكانيكيًا، بل معركة مفتوحة على احتمالات متجددة، تبدأ من فهمنا العميق للعدو، ولكن لا تنتهي عنده. نحن لسنا ضحايا أبديين في مسرح الإمبراطورية، بل طرف قادر – لو شاء – أن يُبدع توازنًا جديدًا، يعيد تعريف العلاقة من موقع الندية لا من موقع الندب.

ربما لا تكون الحرب هي العلاقة “الطبيعية” مع أميركا، ولكنها كانت حتمية كلما بدا أننا نريد أن نكون أحرارًا. والسؤال الآن ليس كيف نوقف الحرب، بل كيف نمنع تكرارها بالاستقلال الحقيقي، لا بالمهادنة المؤقتة.



#فاروق_محمد_الشاوي (هاشتاغ)       Farouk_M._El-shawy#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهويات الهجينة: أدوات النفوذ الجغرافي في مناطق التماس الثقا ...
- جغرافيا غير مرئية: كيف تتحرك القوى الكبرى عبر الاقتصاد والهو ...
- رصد الأبعاد غير المرئية في العلاقات الدولية: السلطة الناعمة ...
- تشويه العدالة أم إعادة تعريفها؟ قراءة نقدية في مقال ديفيد فر ...
- الذكاء الاصطناعي والمراقبة في البحر الأحمر: أداة خفية لإعادة ...
- الرمزية الدينية في البحر الأحمر: صراع النفوذ بوسائل غير مرئي ...
- تكفير المخالف وتأبيد الاختلاف: قراءة في ضوء النصوص القرآنية ...
- جهنم كأداة ردع رمزي: إعادة تأويل مفهوم العقاب في العقيدة الإ ...
- تحديات العدالة الاجتماعية واستراتيجيات المواجهة
- جدل الحرية


المزيد.....




- فساتين النجمات في حفلات صيف 2025: بين الأناقة والتمرّد على ا ...
- مراسلة CNN تضغط على ترامب بشأن الاجتماع المحتمل مع بوتين
- البرغوثي يعلق على خطة غزة التي أعلنها نتنياهو
- ماذا كشف نتنياهو بخطة غزة الجمعة؟.. إليك ما نعلمه ولا نعلمه ...
- مفاوض سابق عن خطة احتلال غزة: من الصعب نجاحها وستكون باهظة ا ...
- لماذا تقود السعودية حملة دولية للاعتراف بدولة فلسطينية؟
- رفيقك الوفي.. كلبك قد يعيد لك توازنك ويخفف من الضغوط والتوتر ...
- وزير الهجرة اليوناني يشيد بتراجع أعداد الوافدين بعد شهر من ت ...
- فيدان: ناقشت مع الشرع تعميق التعاون والقضايا الأمنية
- حكم قضائي رابع يوقف أمر ترامب بمنع منح الجنسية الأميركية بال ...


المزيد.....

- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاروق محمد الشاوي - بين شرارة والسؤال المفتوح: ماذا لو لم تكن الحرب قدَرًا؟