أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زهير الخويلدي - الفكر الاستراتيجي عند مهدي المنجرة بين الاقتصاد وعلم الاجتماع في زمن الذلقراطية والميغا-إمبريالية - مقاربة جذرية















المزيد.....

الفكر الاستراتيجي عند مهدي المنجرة بين الاقتصاد وعلم الاجتماع في زمن الذلقراطية والميغا-إمبريالية - مقاربة جذرية


زهير الخويلدي

الحوار المتمدن-العدد: 8429 - 2025 / 8 / 9 - 07:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مقدمة
المهدي المنجرة (1933-2014) هو أحد أجرأ المفكرين العرب في الدراسات المستقبلية، حيث قدم رؤية استراتيجية متميزة تجمع بين الاقتصاد وعلم الاجتماع لتحليل التحديات التي تواجه العالم العربي والإسلامي في سياق ما أسماه "الذلقراطية" و"الميغا-إمبريالية". يتمحور فكره حول مقاومة الهيمنة الغربية، والدفاع عن كرامة الشعوب، واستقلالية التنمية، مع التركيز على ضرورة التغيير الجذري لمواجهة التحديات الحضارية. يهدف هذا المقال إلى تحليل الفكر الاستراتيجي عند المنجرة، واستكشاف كيفية توظيفه للاقتصاد وعلم الاجتماع في مواجهة الذلقراطية والميغا-إمبريالية، من خلال مقاربة جذرية ترتكز على الوعي بالهوية والقيم الحضارية.
الفكر الاستراتيجي عند المنجرة
يُعرف المنجرة الفكر الاستراتيجي بأنه "رؤية استشرافية تعتمد على تحليل الواقع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي لتقديم حلول جذرية تحقق التنمية المستقلة وتعزز كرامة الشعوب". يتميز فكره بالربط بين الاقتصاد وعلم الاجتماع، حيث يرى أن التنمية لا يمكن أن تتحقق دون فهم عميق للنسيج الاجتماعي والثقافي للمجتمعات. يعتمد المنجرة على منهجية الدراسات المستقبلية، التي تجمع بين التحليل العلمي والتنبؤ بالتحولات الاجتماعية والسياسية، مستندًا إلى معايير علمية دقيقة وليس إلى التخمين.
في سياق "الذلقراطية" -مصطلح ابتكره المنجرة للدلالة على نظام يقبل فيه الحكام الذل من القوى الإمبريالية ويفرضونه على شعوبهم - يرى المنجرة أن العالم العربي يعاني من ذل مضاعف يتطلب تغييرًا جذريًا. أما "الميغا-إمبريالية"، فهي مصطلح يشير إلى الاستعمار الجديد الذي يعتمد على أدوات اقتصادية وسياسية وثقافية متطورة للهيمنة على الشعوب، خاصة في العالم الثالث. يقدم المنجرة من خلال هذين المفهومين تحليلًا نقديًا للواقع العربي، داعيًا إلى استراتيجيات مقاومة تستند إلى الهوية والقيم.
الاقتصاد في فكر المنجرة: مقاومة العولمة الجشعة
يُركز المنجرة في تحليله الاقتصادي على نقد النيوليبرالية والعولمة، التي يراها شكلاً من أشكال "الاستعمار الجديد الشمولي". يرى أن العولمة، كما تُمارسها القوى الغربية، تهدف إلى ترسيخ التبعية الاقتصادية للعالم الثالث من خلال فرض نماذج تنموية لا تتوافق مع الخصوصيات الثقافية والاجتماعية للشعوب. في كتابه "الإهانة في عهد الميغا-إمبريالية"، يوضح المنجرة أن الاقتصاد العالمي يخضع لهيمنة القوى الغربية، التي تستغل الموارد وتفرض سياسات اقتصادية تؤدي إلى إفقار الشعوب العربية والإسلامية.
يدعو المنجرة إلى نموذج تنموي بديل يقوم على:
الاستقلال الاقتصادي: رفض النماذج الغربية المستوردة والتركيز على التنمية المحلية التي تعتمد على الموارد الذاتية.
دعم البحث العلمي: يؤكد المنجرة على أهمية الابتكار المحلي لتحقيق تنمية مستدامة.
محاربة الأمية: يرى أن التعليم هو أساس التنمية الاقتصادية، وأن محاربة الأمية تمثل خطوة أولية نحو التحرر من التبعية.
يؤكد المنجرة أن الاقتصاد لا يمكن فصله عن القيم الثقافية والاجتماعية، حيث يقول: "التنمية الحقيقية لا تتحقق إلا بتفاعل العوامل الاقتصادية مع المعطيات الثقافية والاجتماعية الخاصة بالمجتمع".
هذا المنهج يعكس رؤيته الاستراتيجية التي تربط بين الاقتصاد والمجتمع في إطار مقاومة الهيمنة الإمبريالية.
علم الاجتماع في فكر المنجرة: إعادة بناء النسيج الاجتماعي
يُولي المنجرة أهمية كبرى لعلم الاجتماع في فهمه للواقع العربي، حيث يرى أن النسيج الاجتماعي هو أساس استقرار المجتمعات وتطورها. يستلهم المنجرة من تجربته الشخصية في المغرب خلال ثلاثينيات القرن العشرين، حيث كان النسيج الاجتماعي متماسكًا بفضل القيم الإسلامية والوطنية، مما ساعد الحركة الوطنية في مقاومة الاستعمار.
في سياق الذلقراطية، يحلل المنجرة تفكك النسيج الاجتماعي في العالم العربي نتيجة:
غياب الديمقراطية: يرى أن الأنظمة الاستبدادية تفرض الذل على الشعوب، مما يؤدي إلى انعدام الثقة بين الحاكم والمحكوم.
تهميش النخب: ينتقد المنجرة تهميش النخب المثقفة وإبعادها عن المشاركة السياسية، مما يعيق بناء رؤية مستقبلية.
فقدان الهوية: يؤكد أن التقليد الأعمى للغرب يؤدي إلى تهجين الثقافة العربية وفقدان الهوية.

يدعو المنجرة إلى إعادة بناء النسيج الاجتماعي من خلال:
تعزيز القيم الحضارية: يرى أن القيم الإسلامية والعربية تمثل أساسًا للوحدة الاجتماعية والمقاومة الحضارية.
التعليم الأخلاقي: يشدد على أهمية التكوين التربوي الأخلاقي لإعداد جيل واعٍ بقضاياه.
الحوار الحضاري: يقترح المنجرة حوارًا بين الشمال والجنوب لتفادي صدام الحضارات، الذي تنبأ به قبل صامويل هنتنغتون.
الذلقراطية والميغا-إمبريالية: تحديات الفكر الاستراتيجي
يُعد مصطلح "الذلقراطية" من أبرز إسهامات المنجرة الفكرية، حيث يصفه بأنه "نظام يقبل فيه الحكام الذل من القوى الإمبريالية ويسقطونه على شعوبهم، التي بدورها تقبل الذل من حكامها". يرى أن هذا النظام يعكس حالة من التردي السياسي والاجتماعي في العالم العربي، حيث تتفاقم التبعية للغرب وتتآكل الكرامة الوطنية.
أما "الميغا-إمبريالية"، فهي الشكل الحديث للاستعمار، الذي يعتمد على الهيمنة الاقتصادية والثقافية والعسكرية. يوضح المنجرة أن الولايات المتحدة وبعض القوى الغربية تخشى الدمقرطة في العالم العربي، لأنها ستؤدي إلى تغيير جذري في السياسات الخارجية للأنظمة الحالية. يرى أن أكثر من نصف البلدان العربية أصبحت مستباحة عسكريًا واقتصاديًا، مما يعزز حالة الذلقراطية.
في مواجهة هذين التحديين، يقترح المنجرة سيناريو التغيير الجذري، الذي يرى أنه الخيار الوحيد القادر على تغيير الواقع العربي. يقول: "لا أتصور مستقبلاً للبلاد العربية إلا في إطار التغيير الجذري، لأن السيناريوهات الأخرى (الاستمرارية أو الإصلاح التدريجي) غير ممكنة في ظل الفاشستية العربية الجديدة". يؤكد أن التأخر في تحقيق هذا التغيير يزيد من تكلفته الاجتماعية والإنسانية.
مقاربة جذرية: الطريق إلى التغيير
تتميز مقاربة المنجرة الجذرية بالتركيز على تغيير البنى الأساسية للمجتمع العربي، سواء على المستوى الاقتصادي، الاجتماعي، أو السياسي. يرى أن التغيير الجذري يتطلب:
إحياء القيم الحضارية: استعادة القيم الإسلامية والعربية كأساس للهوية والمقاومة.
تعزيز المشاركة الديمقراطية: يؤكد المنجرة أن الديمقراطية الحقيقية هي السبيل لتحقيق الكرامة والاستقلال.

رفض التقليد الأعمى: يدعو إلى تبني نموذج تنموي يعتمد على الخصوصيات المحلية بدلاً من استيراد النماذج الغربية.
الاستشراف العلمي: يشدد على أهمية الدراسات المستقبلية في توقع التحولات ووضع استراتيجيات لمواجهتها.
يستلهم المنجرة من تجربة ثورة الشعب المغربي ضد الاستعمار الفرنسي عام 1953، التي يراها نموذجًا للتغيير الجذري الذي أحدث تحولاً في الوعي الوطني. يرى أن التغيير الجذري في العالم العربي قد يكون مكلفًا، لكنه ضروري لاستعادة الكرامة والاستقلال.
على الرغم من قوة رؤية المنجرة، إلا أنها تواجه بعض الانتقادات.
أولاً، يرى البعض أن تركيزه على التغيير الجذري قد يكون مثاليًا في ظل تعقيدات الواقع العربي.
ثانيًا، قد يُنظر إلى نقده للعولمة على أنه يقلل من أهمية التفاعل مع العالم الخارجي.
ومع ذلك، فإن إسهامات المنجرة تظل رائدة في تقديم رؤية استراتيجية تجمع بين الاقتصاد وعلم الاجتماع لمواجهة تحديات الذلقراطية والميغا-إمبريالية.
خاتمة
يمثل الفكر الاستراتيجي عند المهدي المنجرة نموذجًا فريدًا للتفكير النقدي العربي، حيث يجمع بين التحليل الاقتصادي والاجتماعي لتقديم رؤية جذرية للتغيير. من خلال مفاهيمه مثل "الذلقراطية" و"الميغا-إمبريالية"، يقدم المنجرة تحليلًا عميقًا للواقع العربي، داعيًا إلى استعادة الكرامة والاستقلال من خلال إحياء القيم الحضارية وتعزيز التنمية المحلية. تظل رؤيته دعوة ملهمة للشعوب العربية لمواجهة تحديات العصر بوعي استراتيجي وإرادة تغيير جذرية.
المراجع
المنجرة، المهدي. الإهانة في عهد الميغا-إمبريالية. بيروت: دار الفكر، 2003.
المنجرة، المهدي. الحرب الحضارية الأولى. بيروت: دار الفكر، 1991.
المنجرة، المهدي. زمن الذلقراطية، بيروت، المركز الثقافي العربي، 2017
كاتب فلسفي



#زهير_الخويلدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دازاين المقاومة عند مارتن هيدجر من خلال مكوث الشعب على الأرض ...
- التفكير النقدي في الفلسفة كأداة للابتكار والتطوير المستمر
- الكتابة الفلسفية في الثقافة السياسية فعل مقاومة والتزام وجود ...
- جورج إبراهيم عبد الله رمز النضال الأممي وحرية طال انتظارها
- التجديد الفني والنضال الملتزم عند زياد الرحباني: رحلة كفاح م ...
- غسان كنفاني والأدب المقاوم والقضية الفلسطينية، مقاربة مابعد ...
- ريمون آرون بين بين قذارة الحروب، واستحالة السلام بين الدول
- طريق الفيلسوف حسب جان فال من مقالة في الميتافيزيقا إلى التفك ...
- تجربة الفنان وعلاقته بجمهوره
- من أجل فلسفة ملتزمة مقاومة
- الايروس المقاوم في حضارة اقرأ في مواجهة الثاناتوس في العولمة ...
- مستقبل العالم في صراع الحضارات والحروب بين الدول
- فلسفة المهرجان بين استعراض الابداعات الفنية وافاق انتظارات ا ...
- سياسات الفلسفة السياسية لهربرت ماركوز حسب جوليان فرويند
- يسارية جيل دولوز بين شيوعية صغرى وفلسفة العالم الثالث
- الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو
- القوة الفلسفية الإيتيقية للهشاشة البشرية
- المراهنة الفلسفية على المقاومة
- وظيفة الحرب في التاريخ البشري بين تخليف التدمير الكلي والصحة ...
- فلسفة التقنية بين التقدم العلمي والتطور التكنولوجي والمحاذير ...


المزيد.....




- مصر.. لمحة سريعة عن الإسماعيلية ومهرجان المانغو -الأكثر ثراء ...
- ترامب عن إنهاء حرب روسيا وأوكرانيا: أعتقد أن -لدينا فرصة- لت ...
- السعودية تنشر فيديو كيف أحبطت تهريب كمية مخدرات ضخمة وأسلوب ...
- لأجل غزة.. احتجاج ضخم في أستراليا يُفسّر بأنه -مدّ يتغير-
- السودان ـ سكان مدينة الفاشر تحت وطأة الجوع والحصار.. فمن ينق ...
- عن 97 عاما...رحيل جيم لوفيل منقذ مهمة -أبولو 13- من كارثة فض ...
- مقتل شرطي ومسلح بإطلاق نار بمحيط جامعة إيموري بولاية جورجيا ...
- إسرائيل في عزلة علمية.. كيف تعيد غزة تشكيل المزاج الأكاديمي ...
- ترامب يطالب جامعة كاليفورنيا بدفع مليار دولار بتهمة معاداة ا ...
- ترامب يطالب جامعة كاليفورنيا بدفع غرامة قدرها مليار دولار


المزيد.....

- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زهير الخويلدي - الفكر الاستراتيجي عند مهدي المنجرة بين الاقتصاد وعلم الاجتماع في زمن الذلقراطية والميغا-إمبريالية - مقاربة جذرية