صادق العلي
الحوار المتمدن-العدد: 8427 - 2025 / 8 / 7 - 20:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تمهيد :
1-هذا الموضوع هو تجربتي الشخصية التي هي مشابهة لتجارب ملايين العراقيين على مر الطغاة واللصوص .
2-بتاريخ 8/8/1995 غادرت الارض المباركة الملعونة , الارض المقدسة المدنسة , غادرتها الى الابد دون رجعة .
3-الحديث عن هذه الارض وعن طغيان قادتها وفساد احزابها واتباعهم من القتلة واللصوص لا يعني الحديث عن المقدسات الدينية والاجتماعية ايضاً لا يعني الحديث عن القلة القليلة من الطيبين المظلومين . 4-هذا الموضوع جزء من كتابي (رسالة الى اخي المعدوم) ... سوف يصدر قريباً .
,,,,,,,,,,,,,,,,,
العراقيون على اختلاف مستوياتهم الاقتصادية والاجتماعية وعلى اختلاف اديانهم وعرقياتهم منذ الحقبة الملكية تعرضوا للظلم او للخيانة او للنفاق من قبل صديق او قريب لمرة واحدة على الاقل , اقول مرة واحدة كحد ادنى لان التركيبة الاجتماعية للشخصية العراقية تسمح للمنافقين بتكرار خياناتهم ونفاقهم وبذلك امتهنوا النفاق واصبحوا يعتاشون عليه.
امثلة لا حصر لها من النفاق الديني والاجتماعي والسياسي عانى ويعاني منه المواطن العراقي الشريف ومع ذلك لا يستطيع عمل اي شيء معه, العراقي الشريف هنا هو الانسان الطبيعي الذي يرفض ايذاء الاخرين ويرفض السرقة ويرفض الرشوة ويرفض كل الاعمال المشينة غير الاخلاقية.
في احيان كثير يوصف المواطن العراقي الشريف بانه غبي او ابله!.
بالمقابل هناك اللص البطل والمرتشي الفهلوي وهناك المنافق الذكي (المتلون بحسب مصلحته الشخصية ) وهناك قاطع الطريق ( اخو اخته) ... الخ , للاسف هؤلاء الاراذل يتصدرون المشهد العراقي بكافة المجالات بدليل انه تحت سلطة البعث كان الاغبياء يحكمون وفي سلطة الدعوة الرعاع يحكمون .
سؤال افتراضي بصيغتين :
صيغة حزب البعث ...
لو سنحت لك الفرصة ان تصبح صديقاً لاي مسؤول في الدولة ( امني تحديداً ) هل ترفض صداقته ام تصبح صديقه و( تستفيد ) من مزايا التقرب اليه ؟.
صيغة حزب الدعوة ...
لو سنحت لك الفرصة ان تصبح صديقاً لاي من الاسماء في الحكومة او الاحزاب هل ترفض صداقته ام تصبح صديقه و( تستفيد ) من مزايا التقرب اليه ؟.
بهذا السؤال البسيط يمكن ان نلخص من هو (المنافق او الشريف ) إذ ليس هناك تعقيد وليس هناك تحليل فلسفي او نظرية في علم اجتماعي .
الاجابة بكل بساطة :
نعم : هذا يعني انك منافق وظالم.
لا : هذا يعني انك عرضة للتهميش والظلم وربما تستباح كرامتك .
مشهد مسرحي مُتخيل مع تباعد زمني :
مواطن عراقي يخرج كل صباح الى عمله هو وزوجته الموظفة ....
في احد الايام اوقفتهم مجموعة تسمى ( اللجان الشعبية ) تاسست بعد قتل الملك تدعوهم الى ان يصبحوا اعضاء في الحزب الشيوعي العراقي .
في يوم اخر اوقفتهم مجموعة اخرى تسمى ( الحرس القومي ) تاسست بعد قتل الشيوعيين تدعوهم الى ان يصبحوا من قوميين العروبيين.
في يوم اخر اوقفتهم مجموعة تسمى ( حُنين ) تاسست بعد قتل القوميين تدعوهم الى ان يصبحوا بعثيين تحت راية حزب البعث .
في يوم اخر اوقفتهم مجموعة ( عراقية ايرانية لقيطة ) تاسست بعد قتل البعثيين تدعوهم الى ان يصبحوا متديين وان ترتدي زوجته الحجاب .
انتهى المشهد المُتخيل ولنطرح بعض الاسئلة.
كيف يتصرف هذا المواطن وزوجته معهم ؟ .
هل يستطيع ان ينتقد اعمالهم دون ان يتعرض للاهانة امام زوجته ؟.
هل لديه خيارات الرفض او الاعتراض او حتى معارضتهم ؟.
عملياً هو لا يستطيع انتقاد ما قاموا به وبالتاكيد لا يستطيع معارضتهم على ما يقومون به ولكن يستطيع السكوت والخضوع .
اذا كان محظوظاً هو وزوجته يتركوه لفترة وجيزة ولكن في اغلب الاحيان يجب عليه ان ينتمي وان يكون مواطناً صالحاً مستعداً للدفاع عن القضية ( السلطة الحاكمة تحدد من هو المواطن الصالح ).
مرة اخرى يجب ان لا ننسى ان الرفض يعني الفقر التهميش وربما السجن .
من المرجح ان يوافق هو وزوجته ويصبح شيوعياً بعد ذلك يصبح قومياً وبعدها بعثياً وبعدها يصبح متديناً ملتزماً وربما متشدداً ليكون مع الاولياء والشهداء والصديقين .
انه التلون ( تغيير المواقف والتوجهات بحسب المصالح الشخصية ) الذي نشاهده ونسمعه ويستغرب منه البعض (غير المطلع على تاريخ العراق الحديث) :
ملكيون تحولوا الى قاسميين !.
قاسميون تحولوا الى قوميين !.
قوميون تحولوا الى بعثيين !.
بعثيون تحولوا الى اسلاميين !.
هذه التحولات عمقت الظلم و النفاق الاجتماعي والديني وسياسي في العراق الحديث , مع وجود الجهل والهجرات غير المدروسة والاهم هو وجود القتل ( كاداة ترهيب ) الذي اصبح الارث المشترك للاحزاب الحاكمة بل اصبح اولى الخطوات عند استيلائهم على السلطة .
مثلما تتوارث الاحزاب العراقية الظلم والقتل يتوارث المواطن العراقي وزوجته ( في المشهد المُتخيل اعلاه ) يتوارثون النفاق والظلم لينتج اجيال مشوهة تميل حيث مصالحهم وخالية من اي قيمة دينية او انسانية او وطنية وبهذا تكون ( السرقة بطولة والرشوة ذكاء ... الخ ) .
العيش في العراق يحتاج الى مهارة, هي مهارة يكتسبها البعض ( يتعلمها) من الاخرين كي يستطيع العيش معهم في ذات الوقت هي نوع من الظلم و النفاق لكنه مُبرر لمن لا قدرة له على اتخاذ مواقف واضحة وصريحة .
في دولة مثل العراق اتخاذ مواقف واضحة وصريحة تؤدي بالضرورة الى الفقر والتهميش او القتل ايضاً اتخاذ مواقف واضحة وصريحة تحتاج الى شجاعة وتحتاج الى وعي ليصبح الموقف وطنياً وانسانياً وليس تهوراً .
تتوفر الشجاعة عند الكثير من العراقيين ولكن دون وعي ودون معرفة وهنا سوف يدخل المواطن العراقي الشجاع الى مرحلة التمرد لتصبح حياته اقصر مما يتصور .
هذا التمرد ياخذ اشكال متعددة اخطرها هو الانتماء لمجموعة او حزب معارض للسلطة الحاكمة كما حدث مع حكومة حزب البعث وهي في السلطة مع المعارضة وقتئذ التي سعت لاسقاطه لان هذا ( المتمرد الشجاع غير الواعي ) سوف يكون ضحية الصراع على السلطة بين الحكومة الظالمة وبين المعارضة الطامعة بالحكم , هنا يصبح الوطن مثل الكرة بين اقدام اللاعبين .
صعود حكومة عراقية جديدة على حساب سقوط الاخرى لا يعني بناء وطن ولا يعني بناء مواطن عراقي ولا يعني وجود مواطنة حقيقية ولكن هو فصل جديد من الظلم التهميش وربما القتل .
اجد ان الخلاص الفردي هو انجع الحلول مع دولة مثل العراق هذا اذا اتفقنا ان العراق الحديث ( منذ سقوط الخلافة العثمانية ) اصبح دولة مثل بقية دول العالم , لان المذهبية والعشائرية ومن قبلها الجهل والفقر تكالبت مع الحكومات غير الوطنية المتعاقبة على عدم بناء ( المواطن العراقي ) وانما عملت على بناء منظومات خاصة بها .
الخلاص الفردي يعني ان تعيش بكرامة وتعمل لبناء مستقبل افضل ويعني ايضاً ان تقول ما تراه مناسباً والاهم انك لست مضطراً ان تشاهد وتسمع الظلم والنفاق ... على ان لا تنسى انك تعيش هذه الحياة مرة واحدة ولكن صراعات العراق متجددة وليس هناك اي مؤشرات لايقافها فلا تكن تابعاً لهذا الحزب او ذلك ولا تكن حطباً في نار صراعاتهم التي ما انطفأت يوماً.
#صادق_العلي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟