سمير حنا خمورو
(Samir Khamarou)
الحوار المتمدن-العدد: 8425 - 2025 / 8 / 5 - 16:14
المحور:
الادب والفن
دراكولا رواية برام ستوكر التي سحرت منتجي ومخرجي السينما منذ بداية عشرينيات القرن الماضي وحتى اليوم.
بمناسبة صدور فيلم "دراكولا" Dracula، الفيلم رقم 21 للمخرج الفرنسي لوك بيسون Luc Besson المقتبس من رواية بنفس الاسم للكاتب برام ستوكر Bram Stoker، وهنا دراكولا بيسون ليس سيد متعطش للدماء بل عاشق ابديّ حزينّ متيم بالحب، دراكولا من نوع اخر اعادة تفسير رومانسي لأسطورة مصاص الدماء. في عام 1480 في قلعةٍ شاسعةٍ بجبال الكاربات كان الأمير فلاديمير وزوجته إليزابيت مغرمين بجنون ويعيشون بسعادة، لكن الحرب تلوح في الأفق والمسلمين على أبواب المملكة يجب صدّهم وقتالهم، يطلب الأمير من الله أمراً واحداً فقط أن ينقذ زوجته التي لا يستطيع العيش بدونها لكنها تتعرض لكمينٍ وتقتل بوحشية، من شدة الحزن والغضب يتهم فلاديمير الله بالقسوة وينكر وجوده، ثم يلعنه الإله ويحكم عليه بخلود رهيب.
إذا كانت هناك شخصيةٌ واحدةٌ تدين لها السينما بالكثير فهو دراكولا مصاص الدماء الذي تخيّله برام ستوكر في روايته الشهيرة "دراكولا" والمنشورة عام 1897، فمنذ عشرينيات القرم الماضي وحتى اليوم لجأ المنتجين والمخرجين لتقديم وإعداد الرواية او الاقتباس منها وبأساليب مختلفة في السينما. ويكاد يكون احد افضل الافلام المقتبس من الرواية "دراكولا" Dracula، لفرانسيس فورد كوبولا Francis Ford Coppola عام (1993)
ولكن من هو مؤلف هذه الشخصية الغريبة الذي يعيش على دماء الآخرين؛ دراكولا ؟
ابراهام ستوكر Abraham Stoker كاتب الايرلندي الذي اقتبس من روايته "دراكولا"، ما يقارب من 100 فيلم للسينما او افلام او مسلسلات للتلفزيون. ولد ستوكر في 8 تشرين الثاني/نوفمبر 1847 وتوفي 20 نيسان 1912 عن عمر يناهز 64 عاما.
كان برام ستوكر، الثالث من بين سبعة أطفال، يعاني من ضعف في صحته، مريضاً فاضطر لقضاء طفولته طريح الفراش. حتى سن الثالثة عشرة، وخلال فترة نقاهته الطويلة في غرفته بشارع (مارينو كريسنت)، المطلة على البحر آنذاك، كان يستمع إلى قصص والدته، التي كانت مولعة بقراءة قصص الفنتازيا له، والأساطير الأيرلندية، وحتى قصة وباء الكوليرا في أوائل القرن التاسع عشر، الذي نجت منه عائلتها. وكانت تسحره تلك القصص، وستبقى محفورة في ذاكرة حياته.
في عام 1863، التحق بكلية (ترينيتي) في دبلن. وتخرج في العلوم والرياضيات في عام 1870. أصبح موظفًا حكوميًا ليتبع خطى والده، وفيما بعد صار أيضًا صحفيًا، واخذ يتردد على الصالونات الأدبية، واكتشف المسرح اذ صادف وأن حضر عرضًا مسرحياً للممثل والمخرج الشهير هنري إيرفينك Henry Irving في المسرح الملكي بدبلن. والذي كان يشرف على مسرح ليسيوم Lyceum Theatre في لندن، وصار صديقاً مقرباً منه، قادته تلك الصداقة إلى مسرح ليسيوم في لندن. وبدأ مراسلات مع الكاتب الأمريكي والت ويتمان. حيث نما لديه شغف القراءة ، ومن ثم الكتابة. نَشرت له صحيفة (دبل ميل) اول مقالة له في قسم المسرح وتوالت مقالاته في المجال المسرحي وتردد على الجمعية الثقافية في لندن. في عام 1872 نُشرت أولى قصص ستوكر القصيرة، "كأس كريستال" Coupe de cristal، في مجلة "جمعية لندن".
في عام 1875، نشر روايتي "سلسلة القدر" The Chain of Destiny و"مسار زهرة الربيع" The Primrose Path كمسلسل في صحيفة "شامروك" Shamrock. عندما توفي والده في عام 1876، اتخذ ستوكر لقب "برام" بشكل دائم. وتزوج فلورنس بالكومب، التي كان أوسكار وايلد مغرمًا بها. انتقل إلى لندن في عام 1878 ليعمل كمدير في مسرح اليسيوم.
نُشر مجموعة قصص الأطفال "تحت غروب الشمس" Under the Sunset المُهداة لابنه نويل عام 1881.
رافق برام ستوكر فرقة مسرح ليسيوم عندما قامت بجولة في الولايات المتحدة عام 1883. وهناك، التقى بوالت ويتمان. وبعد ان قام بجولة ثانية في الولايات المتحدة في عام 1886، نَشر مقالًا عن الولايات المتحدة بعنوان "لمحة عن أمريكا".
ولما كان اهتمام ستوكر بما وراء الطبيعة وعلم النفس، ففي لندن، حضر محاضرة ألقاها جان مارت شاركو Jean-Martin Charcot طبيب الأعصاب، وعالم السايكلوجي الفرنسي عن التنويم المغناطيسي. وفي عام 1890، والتقى الأستاذ الجامعي (أرمينيوس فامبري) Arminius Vambery، المستشرق المجري والمتخصص في أساطير أوروبا الشرقية، وعضو في الأكاديمية المجرية للعلوم..
بدأ ستوكر أبحاثه في المتحف البريطاني بهدف كتابة رواية "دراكولا"، ونشر رواية "ممر الأفعى" The Snake s Pass. في عام 1895، نُشرت روايته الثالثة "اكتاف شاستا" The Shoulder of Shasta، وتلتها رواية "دراكولا" Dracula بعد عامين.
في عام 1902، نُشرت رواية "لغز البحر". The Mystery of the Sea. ورواية "جوهرة النجوم السبعة" The Jewel of the Seven Stars عام 1903، تدور القصة حول قيامة الملكة المصرية تيرا، الأمر الذي يجلب معه سلسلة من اللعنات. تلتها رواية "الرجل" The Man ومعروفة أيضا بعنوان اخر "أبواب الحياة" The Gates of Lifeعام 1905. الرواية استكشافٌ عميقٌ للتداخل بين الحياة والموت والميتافيزيقي، وتعكس انشغال العصر الفيكتوري بما هو خارق للطبيعة، مستخدمةً صورًا غنية ورمزيةً معقدةً لاستحضار تعقيدات الوجود البشري. تتعمق الرواية في موضوعات الخلود والآخرة...يتخلل السرد أسلوب ستوكر المميز، الذي ينسج معًا مواضيع الحياة والموت والحدود الأثيرية التي تفصل بينهما. تأثر برام ستوكر، المعروف ببراعته في أدب الرعب، تأثرًا عميقًا بتجاربه الشخصية مع الفناء والنفس البشرية. ولا شك أن لقاءاته مع الشخصيات الأدبية واهتمامه بالفولكلور والتصوف قد أثرت على أفكاره في رواية "بوابات الحياة".
وعاد وكتب مجموعة قصص قصيرة "محاصرون بالثلوج: سجل حفلة
مسرحية" Snowbound: The Record of a Theatrical Touring Party نشرت في 1908، مستوحاة من جولاته مع مسرح الليسيوم يروي قصة فرقة مسرحية تقطعت بها السبل بسبب عاصفة ثلجية في قلب الريف الاسكتلندي. يُجبر الممثلون وفريق العمل المسرحي على قضاء الليل في عربة القطار انتظارًا للإنقاذ، فيغوصون في ذكرياتهم لسرد أغرب وأروع القصص التي حدثت لهم على الإطلاق،
ونَشر ستوكر رواية فانتازية بعنوان "سيدة الكفن" The Lady of the Shroud. وفي عام 1911، كما صدرت له رواية "وكر الدودة البيضاء" The Lair of the White Worm. وبعد وفاته نشروا له مجموعته القصصية
"ضيف دراكولا" Dracula s Guest والتي تحتوي على 9 قصصص، بعد وفاته سنة (1914).
ومن بين روايات ستوكر التي تم تحويلها إلى افلام سينمائية رواية "دراكيولا" ورواية "جوهرة النجوم جوهرة" التي قدمت تحت عنوان "المومياء" The Mummy اخراج جيفري أوبرو Jeffrey Obrow عام 1998 ورواية وكر الدودة البيضاء اخراج كين راسل Ken Russell عام1988.
رواية دراكولا، هو العمل الرئيسي لبرام ستوكر. عمل ستوكر لمدة عشر سنوات على كتابة دراكولا، وهو لقب مأخوذ من حاكم والاشيا فلاد تيبس voïvode valaque Vlad Tepes، مستخدمًا مصادر مثل كتاب يوهان كريستيان فون إنجل Valachie de Johann Christian von Engel "تاريخ مولدوفا ووالاشيا" Les Histoires de la Moldavie et de la Valachie، الذي قدمه المستشرق المجري أرمين فامبري Ármin Vámbéry، أو مصادر استقاها هو بنفسه من كتاب الكاتبة اسكتلندية من القرن التاسع عشرإميلي جيرارد Emily Gerard "الأرض وراء الغابة: حقائق وأرقام وأوهام من ترانسلفانيا" The Land Beyond the Forest : Facts, Figures, and Fancies from Transylvania. وبينما جسّد ستوكر شخصية رجل الدين جوناثان هاركر، استعان بشكل كبير بالممثل ومخرج مسرح الليسيوم Lyceum Theatre في لندن، هنري إيرفينك Henry Irving، في شخصية الكونت دراكولا. بعد وفاة إيرفينك نشر برام ستوك سيرة ذاتية مكونة من مجلدين عن هنري إيرفينك بعنوان "ذكريات شخصية لهنري إيرفينج" Personal Reminiscences of Henry Irving في عام 1906.
والغريب ان ستوكر يصف ترانسلفانيا دون أن يزورها قط، باحثًا عنها في المكتبات، فعلى سبيل المثال، لا تزال مكتبة مارش، القريبة من كاتدرائية القديس باتريك في دبلن، تحتفظ بأوراق الإعارة والأعمال التي استخدمها ستوكر. لم يُحقق هذا العمل نجاحًا فوريًا. فقد وصفت صحيفة (مانشستر كارديان) هذه الرواية بأنها "أغرب من أن تُرعب". ولم يُعرف اسم "دراكولا" إلا بعد وفاة المؤلف بفضل الكاتب المسرحي هاملتون دين Hamilton Deane الذي حصل على حقوق العمل من أرملة ستوكر. ولعب دورًا رئيسيًا في إعداد رواية "دراكولا" كمسرحية ثم فيلم.
يسير برام ستوكر، في خلقه للشخصية الأدبية لدراكولا، على خطى أعمال ماري شيلي في روايتها فرانكشتاين Frankenstein، والايرلندي شيريدان لوفانو الذي كرس نفسه حصريًا لكتابة روايات فنتازيا كما في رواياته "المراقب" The Watcher.. و"لغز التنين المجنح" The Wyvern Mystery) ومع ذلك، فإن عمله في دراكولا جزء منه أسلوب جديد، يجمع بين أعمال معاصرة مثل "الحالة الغريبة للدكتور جيكل والسيد هايد" Strange Case of Dr Jekyll and Mr Hyde لروبرت لويس ستيفنسون و"صورة دوريان كراي" The Picture of Dorian Gray لأوسكار وايلد. يتميز دراكولا أيضًا بالسياق التاريخي مع نهاية العصر الفيكتوري، الذي شهد اهتزاز مفاهيمه وقناعاته. كما أن جرائم قتل البغايا التي ارتكبها جاك السفاح كانت جزءًا من مناخ الرعب والمحرمات في بريطانيا أواخر القرن التاسع عشر. وبالتالي، يمكن اعتبار ستوكر كاتبًا حديثًا.
لا نعرف على وجه اليقين مصادر إلهام برام ستوكر، ولكن مصاص الدماء الأسطوري كان قد ولد بالفعل في منتصف القرن الثامن عشر في أوروبا التي مزقتها الأوبئة والحمى الصفراء والكوليرا؛ كان ستوكر بإمكانه قراءة روايات جون ويليام بوليدوري ، الذي نشر في عام 1819 رواية مصاص الدماء، المستوحاة من فكرة أصلية لبايرون؛ "قصص مصاصي الدماء" Histoires de vampire للفرنسي شارل نوديه وثيوفيل كوتييه "الموت العاشق" La Morte amoureuse، وبول فيفال، وقبل دراكولا بخمس سنوات، جول فيرن "قلعة الكاربات" Le Château des Carpathes، التي تدور أحداثها جزئيًا في ترانسيلفانيا، دون أن ننسى الكاتبة والشاعرة البلجيكية ماري نيزيه Marie Nizet التي نشرتفي عام 1879، رواية "كابتن مصاص الدماء" Le Capitaine Vampire (التي كان لها تأثير كبير على برام ستوكر ودراكولا). كما التقى ستوكر أيضًا بالسير ريتشارد فرانسيس بيرتون ضابط عسكري، ومستكشف، وكاتب وشاعر، ومترجم، ولغوي، ومستشرق، وأستاذ صوفي. الذي نشر عام 1870 مجموعة من القصص الهندوسية بعنوان "فيكرام ومصاص الدماء" Vikram et le vampire.
في عام 2009، شارك داكري ستوكر، حفيد أخ برام ستوكر الأكبر، في كتابة الجزء الثاني من "دراكولا"، بعنوان "دراكولا الخالد" Immortal Dracula. وفيها، يظهر برام ستوكر كعضو مجلس أمناء في مسرح الليسيوم.
الافلام المقتبسة مباشرة من الرواية
- دراكولا ، فيلم روسي صامت، 1920 يُعتقد أنه أول اقتباس سينمائي لرواية دراكولا، ولكن في ظل غياب معلومات قاطعة عن تاريخ واسم المخرج،
وعدم وجود نسخة معتمدة. وان النسخة الموجودة في أرشيف الأفلام الصربية، والتي عُرضت في ديميتروفغراد عام 2014، ربما أنها معلومات غير حقيقية، كما يُصنف الفيديو وملصق الفيلم المتداولين على الإنترنت على أنهما أرشيف مزور.
- موت دراكولا Drakula halála إخراج كارولي لايثهاي Károly Lajthay فيلم مجري صامت.
- دراكولا Dracula اخراج تود براوننك Tod Browning، عام 1931
رعب دراكولا Horror of Dracula ، اخراج تيرينس فيشر Terence Fisher، عام 1958
- الكونت دراكولا Hrabě Drakula اخراج آنا بروتشازكوفا Anna Procházková فيلم من انتاج التلفزيون التشيكوسلوفاكي عام 1971
- دراكولا Dracula اخراج دان كورتيس Dan Curtis فيلم من انتاج التلفزيون البريطاني عام 1974.
- الكونت دراكولا Count Dracula مسلسل قصير بريطاني، من إخراج فيليب سافيل Philip Saville، أول بث في 22 ديسمبر 1977.
- دراكولا Dracula فيلم أمريكي إخراج جون بادهام John Badham، صدر في عام 1979.
- دراكولا Dracula إخراج برام ستوكر، وإخراج فرانسيس فورد كوبولا Francis Ford Coppola، عام 1992. يُسلّط هذا الفيلم الضوء على الجانب الإيروتيكي للرواية، ويُقدّم قصة حب بين دراكولا وشخصية مينا موراي.
وهناك ما يقارب من 100 فيلماً مقتبس من الرواية ولكن بشكل حر . فمثلا في ثلاثينيات القرن العشرين، قامت شركة يونيفرسال ستوديوز بتقديم 5 أفلام رعب الكلاسيكية مقتبسة من رواية دراكولا، الاول كان "دراكولا" Dracula، اخراج تود براوننك Tod Browning ، عام 1931، واخرها كان "بيت دراكولا" House Of Dracula، اخراج إيرل سي. كينتون Erle C. Kenton عام 1945.
#سمير_حنا_خمورو (هاشتاغ)
Samir_Khamarou#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
اليوتيوب
لينكدإن
تيلكرام
تمبلر
بلوكر
الموبايل
