أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير حنا خمورو - اداء رائع للممثلين ديني لافان وفريديريك ليدجنز، في مسرحية بيكيت نهاية اللعبة.















المزيد.....

اداء رائع للممثلين ديني لافان وفريديريك ليدجنز، في مسرحية بيكيت نهاية اللعبة.


سمير حنا خمورو
(Samir Khamarou)


الحوار المتمدن-العدد: 8333 - 2025 / 5 / 5 - 16:52
المحور: الادب والفن
    


بعد أن أخرج جاك أوسينسكي Jacques Osinski، "متجه نحو الأسوأ" Cap au pire، اعداد عن (رواية قصيرة نشرت بالإنكليزية "أسوا من هو" Worstward Ho عام 1982 ) عرضت عام 2017، ومسرحية "الشريط الاخير" La dernière bande عام 2019 والصورة l’Image عام 2021، يواصل المخرج الفرنسي، استكشافه لأعمال الإيرلندي ‏صموئيل بيكيت Samuel Beckett، الحائز على جائزة نوبل في الأدب عام 1969. قام أوسينسكي بإخراج المسرحية الرائعة "نهاية اللعبة" (Fin de partie) التي كتبها بيكيت أولاً باللغة الفرنسية عام 1957، ثم ترجمها نفسه إلى الإنكليزية تحت عنوان نهاية اللعبة Endgame. وهي المسرحية الثانية بعد مسرحيته الكوميدية المأساوية الشهيرة "في انتظار جودو" Waiting for Godot التي عرضت في باريس عام 1953، تُعد المسرحية واحدة من أبرز أعمال مسرح العبث.

عرضت المسرحية "نهاية اللعبة" للمرة الاولى في تَمّوز / يوليو 2022 على مسرح دي هال Théâtre des في Halles ، بمهرجان أفينيون الشهير ومن ثم انتقلت إلى باريس، لعرضها في مسرح الاتلييه Théâtre de l Atelier. ولان المسرحية حصلت على إقبال كبير عليها، واحتفاء النقاد بروعة الاخراج واتقان الممثلين لأدوارهم، خاصة الممثلين الكبيرين ديني لافان ، فريديريك ليدجنز، أعيد عرضها، على مسرح الأتيليه، من 5 حُزَيْران/ يونيو/ وإلى 14 تَمّوز/ يوليو 2024.. مما جعل مسرحية صموئيل بيكيت تلقى صدىً لم يسبق له مثيل.

وبفضل الإخراج الدقيق والحساس والمتفهم لجاك أوسينسكي، تُقدم لنا هذه المسرحية قصةً مؤلمة وبائسةً ورائعةً عن إنسانيتنا المتجددة الى ما لا نهاية، وهي حكاية اربعة اشخاص عاجزين وفي مكان مهجور او بالأحرى في اللامكان. الثنائي المميز الذي شكّله الممثلان والذين يلعبان الشخصيتين الرئيسيتين هام وكلوف، هما نوع من المهرجين البائسين، يكرران روتينهما اليومي في أداء منفذ بشكل رائع ومؤثر . يُضفي فريدريك ليدجنز أداءا مثيراً للإعجاب اما الممثل ديني لافان، فيتميز بأداء جسدي غامض وساحر، مشيته المتعرجة، وصوته الأجش، وحركاته، وهشاشته تجعل منه مؤثرًا للغاية، منغمسا تماماً في جوهر فن بيكيت، خاصة انه سبق له ان عمل مع أوسينسكي في المسرحيات التي اخرجها لبيكيت . وكان لافان قد فاز بجائزة موليير كافضل ممثل لعام 2025 عن تجسيده لشخصية (كلوف) في عروض لمسارح الدولة في الحفل الاخير لتوزيع جوائز موليير .

كما في كل مسرحيات مسرح العبث، الزمن متوقف لا قيمة له، والحكاية تحدث في مكان غير محدد. في الخارج، يبدو كل شيء ميتًا. يعيش أربعة ناجين في منزل مهجور، يقع بين الأرض والبحر، في نهاية العالم. "لقد نسيتنا الطبيعة"، يقول هام، الرجل العجوز الأعمى، المصاب بالشلل النصفي، الذي يجلس على كرسيه المتحرك. هذا الرجل المستبد المتقلب يحب تعذيب كلوف المسكين، الرجل الأعرج والمريض كما يبدو، والذي هو ابنه المتبنى وخادمه. يقول مصححا "لا توجد هناك طبيعة بعد الآن" قد تبدو علاقتهم ملتوية. يبدو الأمر وكأنها لعبة. "ما الذي أنا مفيد فيه؟" يسأل كلوف سيده: "أعطني الجواب". في عمق المسرح يوجد نيل (كلودين ديلفو) وناغ (بيتر بونك)، والدا هام، اللذان لا عمر لهما ولا ساقين، مسنين مدفونين حتى أعناقهما في علبتي قمامة كمنبوذين من المجتمع، يتمسكان بالحياة. عالقان في مكانهما، لا يستطيعان الخروج. "الخروج من هنا، انه الموت". انه الاغتراب الإنساني، وتفكك الروابط العائلية، وعجز اللغة عن إيصال المعنى.

يعلن كلوف، بروح متمردة، انه يريد المغادرة، وترك هام أو قتله ولكنه لا يغادر، يفتقر إلى الشجاعة للقيام بأي منهما طوال المسرحية. ومع هذا يحاول هام إيقافه، لأنه بدونه لا معنى لأي شيء. كما تخاطب الشخصيات الجمهور أحيانًا ليعلنوا أنهم يشعرون بالملل حتى الموت!.

إن روابط الحب والكراهية التي يمكن أن تربط بين أفراد الأسرة، تتردد بصور مختلفة في قسوتها. لكن الأمر كله يدور حول الوحدة والتخلي. البقاء معا هو الخلاص وهو الجحيم ايضا. كما هو الحال دائمًا في مسرح صاموئيل بيكيت ، يلعب الصمت والتكرار دورًا مهمًا، مع الفكاهة، سواء كانت مزعجة أو مقبولة. "لم يفكر أحد في العالم أبدًا بطريقة ملتوية مثلنا."

تتكرر الجمل القصيرة بين هام وكلوف طوال المسرحية. إنها لغة غير واضحة المعاني ولا تؤدي الى حركة الفعل والأحداث، هام : لماذا لا تقتلني ؟ كلوف : لا اعرف رقم مفتاح الخزانة . اراد منها بيكيت ان يشير الى صعوبة وعيوب التواصل بين البشر في الحياة اليومية، كما يتناول المحن المشتركة للإنسان : الشيخوخة، وهزال الجسد، وعدم الفهم المتبادل، والتبعية والاعتماد الممزوج بالاستياء تجاه الآخرين.

تتوفى الأم ويتركها الأب. هل هذه هي النهاية كما يوحي عنوان المسرحية؟ أم أن اللعبة ستُعاد إلى ما لا نهاية ؟ وبطبيعة الحال، بيكيت لا يعطي الجواب. يتعين على كل واحد منا أن يضع نفسه في إطار هذه الرؤية المتشائمة والمصيرية للحالة الإنسانية. "...النهاية في البداية ومع ذلك فإننا نستمر."، وهنا تكمن المأساة . المشهد الأخير يظهر هام وهو يتحدث إلى نفسه، بينما ينظر إليه كلوف، وهو يرتدي ملابس مختلفة ويحمل حقيبة، وكأنه على وشك المغادرة أخيرًا. لكن المشاهد لا يعرف ما إذا كان هذان الحدثان حقيقيين وفريدين أم أنهما مجرد تكرارات لطقوس عائلية يومية. لذلك قد يتولد لدى المرء انطباع، بأن "شيئًا ما يأخذ مجراه". كما يكرر كلوف باستمرار.

وهذا نموذج للحوار بين الشخصيتين الرئيسيتين؛ هام : لن اعطيك بعد الان طعاما، كلوف: فنموت إذن، هام :سأعطيك ما يكفي فقط، كي أمنعك من الموت. ستبقى دائما جائعا . كلوف: إذن لن نموت (صمت) سأذهب لإحضار الملاءة (يتوجه نحو الباب)، هام: لا داعي لذلك (هام يتوقف) سأعطيك قطعة بسكويت يوميا (صمت) قطعة ونصف القطعة (صمت) لماذ تبقى معي ؟. كلوف :لماذا تنظر إليّ؟ هام : ليس هناك شخص اخر. كلوف ليس هناك مكان آخر .(صمت) هام: مع هذا ستتركني كلوف :احاول . هام : انت لا تحبني. كلوف: لا . هام : انت احببتني فيما مضى. كلوف: فيما مضى ؟

إن الكلام لا يوجد له أي ترتيب منطقي واضح، وهو متكرر ويتخلله الصمت؛ لا بد من القول ان الحوار عند "بيكيت" لا يمتلك نفس الوظيفة كما هو الحال في المسرح الكلاسيكي : فإنه في كثير من الأحيان لا يكون في خدمة أي فعل او حدث. وايضا يساهم في إعطاء انطباع بفشل اللغة التي لا تستطيع التعبير عن العالم أو المشاعر بطريقة مفهومة. تظهر جمل معينة، أو أجزاء من جمل، بشكل متكرر، ويبدو أنها تعبر عن هواجس الشخصيات.

يخلق جاك أوسينسكي على المسرح جوًا خاليا من التصنع، دون ان ينس التكوين الجمالي لهذا المكان الخرب، حيث تعطي الشخصيات انطباعًا بأنهم يعيشون في مكان مألوف وحيوي مع أشياء ذات معنى، سواء كانت صناديق القمامة التي ينام فيها رجلان عجوزان حتى أعناقهما، أو السلم، أو الكلب المحشو، أو الكرسي المتحرك، النافذتين الى اليمين واليسار في اعلى الغرفة الرمادية اللون، اضاءة باهتة متدلية من السقف. أما الغطاء الذي يغطي هام في بداية المشهد، فإنه يلمع باللون الأبيض الذي يتناقض مع اللون الرمادي الداكن لغرفة المعيشة. كما ان كلمات المؤلف وأفكاره تصل إلينا بوضوح.

كتب المخرج في البرنامج "نعم بيكيت مرة أخرى. طالما أن هناك أشياء فيه لا أفهمها، غامضة وغريبة بالنسبة لي، أعتقد أنني أستطيع اخراج مسرحياته... ان إخراج مسرحية نهاية اللعبة يشبه إلى حد ما القول بأنني سأقوم بإخراج مسرحية هاملت، وعندما أقترب من نهاية اللعبة، أشعر وكأنني هبطت على جزيرة بعد السفر لفترة طويلة.

"نهاية اللعبة" تاليف صاموئيل بيكيت
تمثيل ديني لافان وفريديريك ليدجنز، كلودين ديلفو وبيتر بونك.
إخراج جاك أوسينسكي، سينوغرافيا يان شابوتيل، تصميم الإضاءة كاثرين فيرهايد، تصميم الأزياء هيلين كريتيكوس.



#سمير_حنا_خمورو (هاشتاغ)       Samir_Khamarou#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حفل موليير السادس والثلاثين، يكافئ العروض والفنانين الأكثر ت ...
- الإنسان العالق في متاهة موضوع الفيلم الجديد للمخرج الياباني ...
- سبايك لي يعيد اخرج فيلم -عالي ومنخفض- للياباني أكيرا كوروساو ...
- ستة عشر فيلماً تم اختيارها في قسم مسابقة (نظرة ما) من بينها ...
- 6 افلام لمخرجات من بين اسماء الافلام المختارة للفوز بالسعفة ...
- واخيرا، جائزة أوسكار للممثل البديل ...ايضا
- سعفة ذهبية تكريمية للممثل الكبير روبرت دي نيرو في مهرجان كان ...
- وفاة الممثل الأمريكي ريتشارد تشامبرلين، المعروف بدوره في مسل ...
- ليوناردو دي كابريو في فيلم جديد (معركة تلو الأخرى) للمخرج بو ...
- دماء الحَمَلْ) مسرحية تعرض نظرة قاتمة وساخرة، عن حالة المرأة ...
- كيت بلانشيت ومايكل فاسبندر في فيلم -الحقيبة السوداء- عن للجا ...
- جوائز سيزار للسينما الفرنسية 2025: أفضل ممثل وممثلة من اصول ...
- وفاة الممثل الاسطورة -جين هاكمان-، الحائز على جائزتي أوسكار، ...
- جائزة غويا للسينما الإسبانية لعام 2025، تذهب مناصفة بين فيلم ...
- يوم الصفر -Zero Day- أول مسلسل تلفزيوني للممثل روبرت دي نيرو ...
- الممثلة الفرنسية جولييت بينوش رئيسة لجنة تحكيم لمهرجان كان 2 ...
- مأدبة زواج فيلم كوميدي عن عالم المثليين الآسيويين قي اميركا
- في سلسلة افلام الزومبي : الفيلم الثالث (بعد 28 سنة)
- وفاة المخرج الفرنسي برتراند بلييه الفائز باوسكار افضل فيلم ا ...
- وداعا ديفيد لينش المخرج الاستثنائي والمختلف في السينما الامي ...


المزيد.....




- انطلاق محاكمة ديدي كومز في قضية الاتجار بالجنس
- ترامب يقول إن هوليوود -تحتضر- ويفرض رسوما بنسبة 100% على الأ ...
- حرب ترامب التجارية تطال السينما ويهدد بفرض الرسوم على الأفلا ...
- وفاة الفنان المصري نعيم عيسى بعد صراع مع المرض
- باللغة السواحيلية.. صدور قصص عن الحرب الوطنية العظمى للكتّاب ...
- ترامب يأمر بفرض رسوم جمركية بنسبة 100? على الأفلام الأجنبية. ...
- ثقافات روسيا القومية
- محاكمة مغني الراب الأمريكي شون -ديدي- كومز بتهمة الاتجار بال ...
- ترامب يعد بحماية صناعة السينما الأميركية برسوم جمركية 100%
- -ألدان- يكتسح شباك التذاكر في روسيا


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير حنا خمورو - اداء رائع للممثلين ديني لافان وفريديريك ليدجنز، في مسرحية بيكيت نهاية اللعبة.