أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - حبيب مال الله ابراهيم - انهيار النخب: حين يسقط الوهم وتنكشف الحقيقة














المزيد.....

انهيار النخب: حين يسقط الوهم وتنكشف الحقيقة


حبيب مال الله ابراهيم
أكاديمي وباحث في مجال علوم الإعلام والصحافة

(Habeeb Ibrahim)


الحوار المتمدن-العدد: 8421 - 2025 / 8 / 1 - 14:02
المحور: الصحافة والاعلام
    


على مدى عقود، كان المشهد الإعلامي في العراق والمنطقة بأسرها خاضعاً لتقاليد صارمة رسمتها وسائل الإعلام الحكومية والحزبية، تلك التي أتقنت صناعة الرموز وتلميع الوجوه حتى تحولت النخب السياسية والدينية والثقافية إلى ما يشبه المقدسات الإعلامية. كان يكفي ظهور صورة أو تصريح حتى يُترجم إلى شعبية، وكان يكفي الصمت الإعلامي ليُدفن أي فشل أو فساد. على مدى عقود صنع الإعلام الرسمي هالة محصنة حول هذه النخب، وبفضل أدواته التقليدية وآليات الإقناع الموجهة، بدا أن هذه الصورة عصية على التغيير.
لكن التاريخ الإعلامي يشهد منذ سنوات تغييرات غير مسبوقة، تتمثل بالانهيار العلني لتلك النخب. بدأت الصورة تتشقق، الرموز تتساقط واحدة تلو الأخرى، ليس في الخفاء، بل على مرأى ومسمع الجميع، بفعل إعلام رقمي حر لا يعرف قيود الرقابة ولا يخضع لوصاية السلطة.
ساهمت مواقع التواصل الاجتماعي في كسر احتكار الحقيقة الذي استمر طويلا. لم يعد الإعلام الحزبي أو الرسمي قادراً على التحكم في المعلومة، إذ تسللت الوثائق والتسريبات وفضائح الفساد إلى الفضاء الرقمي بلا حواجز. في العراق وحده، تكفي الأرقام المعلنة حول الأموال المنهوبة، ضعف الإدارة، وسوء الخدمات، لنسف أي خطاب رسمي يحاول الدفاع عن “نظافة يد” النخب السياسية.
هذا الانكشاف لم يعد يطال السياسيين فحسب، بل تعداه إلى شخصيات دينية وثقافية وحتى رموز تاريخية طالما بُنيت حولها أساطير إعلامية راسخة. بفضل الإعلام الرقمي أصبح النقد ممكناً، والمساءلة حقاً، والقداسة الإعلامية مجرد وهم عاش عقوداً بفضل التحكم في المعلومة.
لم تقف النخب مكتوفة الأيدي أمام هذا السقوط. لجأت إلى جيوش إلكترونية منظمة، تحاول إعادة إنتاج الهالة القديمة عبر حملات تضليل وتشويه، ظناً منها أن السيطرة على الخطاب ممكنة كما في السابق. لكن الزمن تغير، والجمهور الذي كان متلقياً سلبياً أصبح فاعلاً ناقداً، يصنع الحدث وينشر الحقيقة، ويقارن بين الروايات، ليكشف التناقضات ويفضح الأكاذيب.
في المظاهرات والاحتجاجات التي شهدها العراق عام 2019، لم يسقط سياسيون فقط، بل سقطت معهم الصورة الإعلامية التي حمتهم طويلاً. اقتحام البرلمان، إهانة الوجوه التي كانت توصف بالمقدسة، الاحتجاجات المستمرة رغم القمع والقتل والتهديد، كل ذلك كشف أن الهالة الإعلامية لم تعد درعاً واقياً. الجمهور اليوم هو صاحب الكلمة، ومنصات التواصل أصبحت بمثابة محكمة شعبية لا تبرئ أحداً إلا بالحقائق والإنجازات.
الانهيار الذي بدأ لن يتوقف عند حدود السياسة، ولن تحمي أي نخبة قدسية قديمة أو رصيداً إعلاميًا صنعته الدعاية. المستقبل يبدو أكثر قسوة على كل رمز يعتمد على الوهم بدل الحقيقة. الإعلام الرقمي منح الشعوب سلاحاً أقوى من الدعاية، سلاح كشف المستور وإعادة كتابة التاريخ بعيون جديدة، بلا وسطاء ولا رقباء.



#حبيب_مال_الله_ابراهيم (هاشتاغ)       Habeeb_Ibrahim#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أقاليم للأقليات… أم أوطان تتسع للجميع؟
- تركيا بعد حزب العمال الكردستاني: معالم مرحلة جديدة وتحولات إ ...
- علم التربية الإعلامية Medienpädagogisch
- كيف يُمكن للإعلام أن يُضّر الأطفال
- السينما والدراما المصرية، الى أين؟
- الرأي العام
- المُساءلة الإعلامية
- ثورة الإعلام الترفيهي
- أمين المَظالِم الصحفي
- جيل وطني من المهد
- -اصفع والدك-، -اطمع في زوجة جارك-، -تطاول على الأنبياء-: نكت ...
- قوة وتأثير وسائل الاعلام في المانيا
- هل وسائل التواصل الاجتماعي سيئة بالنسبة لنا؟
- البيت القديم
- عقدة الذنب الالمانية
- تحالفات الشرق الأوسط الحديدة
- قطرات الندم
- إستقلال إقليم كوردستان .. سيناريوهات ومواقف
- توازن القوى في الشرق الأوسط
- العقول العراقية المهاجرة


المزيد.....




- بعد تحريك ترامب لوحدات -نووية-.. لمحة عن أسطول الغواصات الأم ...
- مقبرة الأطفال المنسيّة.. كيف قادت تفاحة مسروقة صبيين إلى سرّ ...
- الوداع الأخير.. طفل يلوح لجثامين في جنازة بخان يونس وسط مأسا ...
- مستشار سابق للشاباك: حرب غزة غطاء لمخطط تغيير ديمغرافي وتهجي ...
- نفاد تذاكر -الأوديسة- قبل عام من عرضه.. هل يعيد كريستوفر نول ...
- بين الرخام والحرير.. متحف اللوفر يستضيف معرض الكوتور لسرد قص ...
- أزمة حادة بين زامير ونتنياهو بشأن استمرار الحرب على غزة
- فورين أفيرز: لماذا على تايوان إعادة إحياء مفاعلاتها النووية؟ ...
- فيديو الجندي الأسير لدى القسام يثير ضجة في إسرائيل
- بلغراد تندد بتثبيت حكم على زعيم صرب البوسنة


المزيد.....

- مكونات الاتصال والتحول الرقمي / الدكتور سلطان عدوان
- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - حبيب مال الله ابراهيم - انهيار النخب: حين يسقط الوهم وتنكشف الحقيقة