زغردي يا امرأة - خاطرة ،

محمد أيوب

الحوار المتمدن-العدد: 1818 - 2007 / 2 / 6 - 11:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

قال لزوجته : زغردي يا امرأة
فقد حرر أبناؤنا غزة من الاحتلال ، وحرروا الضفة الغربية من جدار العزل العنصري ، وحرروا الأقصى مما فعله دينيس مايكل روهان اليهودي الأسترالي الذي أحرق المسجد الأقصى سنة 1968 م ، وها قد عاد منبر صلاح الدين عزيزا شامخا كما كان ، فقد تحررت القدس وعادت إلى العرب والمسلمين وتحررت كل المدن الفلسطينية من الاحتلال ، تحررت يافا وحيفا وعكا وعاد إليها جند العرب فاتحين أعزاء أقوياء .
تحرر الوطن تحررا كاملا شاملا ولم يبق أمام أبنائنا وثوارنا سوى تحرير الوطن من أهله وأبنائه وتحرير غزة من سكانها الذين صمدوا فيها طوال سنوات الاحتلال مكافأة لهم على صمودهم .
زغردي يا امرأة
أبناؤنا يستبيحون دماء بعضهم البعض وينصبون الكمائن على الطرقات .. يختطفون أبناء بعضهم وينتهكون حرمات البيوت والمساجد والجامعات .
زغردي يا امرأة
فقد تلاشى كل الأعداء ولم يبق أمام أبنائنا سوى التنازع والصراع على السلطة الوهمية .
زغردي يا امرأة
فقد حقق أبناؤنا الكفاية والعدل لكل مواطن ولم نعد نصطف في طوابير للحصول على كوبونات المساعدات ولم نعد ننتظر هبات الدول المانحة .
زغردي يا امرأة
لأن الحصار لم يعد له تأثير علينا ، فقد حققنا الاكتفاء الذاتي وتخلصنا من البطالة المقنَّعة .
زغردي يا امرأة
فقد أصبحت شوارعنا خالية من طفح المجاري ، ولم يعد أطفالنا يعانون من التلوث أومن الإصابة بديدان الجارديا أو الأسكاريس أو غيرها من الطفيليات .
زغردي يا امرأة
فقد تخلصنا من شركة الكهرباء القطرية الإسرائيلية وأصبح لدينا شركة لتوليد الكهرباء وشركة أخرى لتوزيع الكهرباء بأرخص الأسعار ، ولم نعد نعاني من انقطاع التيار الكهربائي ولو لثانية واحدة ، فقد أصبحت مدن قطاع غزة تعيش في النور وربما نصبح قطاع النور أو مدن النور بدلا من مدينة النور باريس .
زغردي يا امرأة فقد توفرت لدينا المياه الصالحة للشرب وتوقف انقطاع المياه صيفا وشتاء وامتلأت أنابيب المياه بالماء ولم نعد نخشى تلوث المياه بسبب عدم ضخها بشكل مستمر في هذه الأنابيب !
زغردي يا امرأة
فكل شيء في بلدنا على ما يرام .. القانون يمارس سيادته دون معوقات وعلى الجميع دون استثناء ، لا فرق بين غني وفقير أو بين كبير وصغير أو بين ابن العائلة الكبيرة وبين المقطوع من شجرة أو الأعزل والمسلح أو بين المسئول وبين المواطن العادي .
زغردي يا امرأة
فقد توفر العلاج لجميع المرضى بالمجان ودون استثناء ، يستطيع أكثر الناس فقرا أن يتلقى العلاج في الداخل والخارج وأن يسافر للعلاج في الخارج محمولا على بساط الريح .
زغردي يا امرأة
فقد حققنا فائضا في الإنتاج حتى أننا بتنا نصدر هذا الفائض إلى الدول المجاورة ، بل إننا نتبرع ببعض هذا الفائض إلى الدول الفقيرة ونرسل لها الخبراء لإنقاذها من الفقر والجهل والمرض والتخلف .
هل تريدين يا امرأة أكثر من هذا العز ؟ أم أن الطمع ذهب بك مذاهب شتى وكأنك تريدين أن ننافس أمريكا في غزوها لدول و شعوب العالم واستعمارها ونهب خيراتها حتى نصاب بالتخمة ونعيش البذخ بكل ألوانه وصنوفه .
ولولوت زوجته وندبت حظها ولطمت خديها ، قالت له : أحضر لنا صحن فول وقليلا من الفلافل للإفطار !
خرج مصطحبا معه صحنا فارغا وعاد بعد قليل بصحنه فارغا ، قال : صوِّتي يا امرأة ، لم أجد فولا ولا فلافل لأن كل المحال مغلقة ، صوتي واندبي يا امرأة فقد صحوت من الحلم لأرى القتال في شوارع غزة الملوثة بطفح المجاري .. اندبي يا امرأة لأننا بتنا نهدم جامعاتنا وكأنه كتب علينا الجهل والفقر والمرض .. اندبي يا امرأة لأننا نسينا قول الله تعالى : " ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم . لم يبق أمامنا يا امرأة سوى مغادرة هذا البلد والرحيل إلى مكان يقبل بنا أو أن يبتلع البحر غزة تحقيقا لأمنية رابين قبل موته حتى يرتاح في قبره .
بقلم : د . محمد أيوب

#محمد_أيوب (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات