أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد أيوب - أبو الكلب - قصة قصيرة ، بقلم : موشي سميلانسكي - ترجمة : د . محمد أيوب














المزيد.....

أبو الكلب - قصة قصيرة ، بقلم : موشي سميلانسكي - ترجمة : د . محمد أيوب


محمد أيوب

الحوار المتمدن-العدد: 1673 - 2006 / 9 / 14 - 11:03
المحور: الادب والفن
    


أبو الكلب
قصة قصيرة
بقلم : موشي سميلانسكي
ترجمة
د . محمد أيوب
أبو الكلب ، هكذا سموه ، على اسم كلبه الذي أحبه أكثر من أي شيء آخر ، كان اسمه عبد الله ، هكذا أسماه أبوه ، كان أبوه عبداً ، اشتراه أحد أفندية يافا من السوق في مصر ، وبعد سنوات طويلة تحرر الأب وتوجه للإقامة في إحدى القرى ورعى الضأن ، وعندما كان عبد الله رضيعا ماتت أمه ، وعندما أصبح باستطاعته أن يخرج مع القطيع إلى الحقل مات والده ، كان عمره آنذاك خمس سنوات .
كان عبد الله عبدا أسوداً مثل أبيه ، وهنا تكمن مصيبته ، ومع ذلك وجد له في الحياة نصيباً ، وفي القرية أصبح عبد الله راعي ضأن ، كانت القرية صغيرة جدا ، بيوت معدودة فوق الصخور قرب شاطئ البحر على الطريق بين يافا وقيسارية ، هذا هو كل ما في الأمر ، وفي هذه القرية كان عبد الله هو الأسود الوحيد ، كان الشباب يسخرون منه ، لقبوه بلقب العفريت الأسود ، وكانت النسوة يشحن بوجوههن عنه عندما يمر في الشارع ، وكان الأولاد يرجمونه بالحجارة ، لم يكن ذلك من باب الكراهية ، وإنما من باب شقاوة الأولاد ، وقد فعلوا مثل ذلك مع كلب عبد الله الذي كان أبيض اللون ، نعم كان كلب الراعي الأسود الصغير أبيضا ، ومن أجل ذلك أحبه كثيرا .
كان راعي الضأن يسير على شاطئ البحر عندما وجد كلبه الأبيض جوعانا يرتجف من البرد، وقد سر عبد الله بالكلب الذي وجده وكأنه وجد كنزا ، فقد سبب له لونه الأسود الكثير من الألم والشعور بالتفاهة ، فقد كان لديه شعور بأنه ينقصه شيء ما ، ولكنه لا يعرف كنهه ، ومذ كانوا يسخرون منه أو يضربونه ، أو عندما كان جوعانا لم يبك ، ولم يصرخ ، كان يتجه إلى إحدى الزوايا ويجلس هناك ، يدرك كيف أن كل شيء بداخله يؤلمه ، ليست الضربات ولا السخرية ولا الجوع ، وإنما شيء آخر .. الشعور بالوحدة ، ولكنه لم يدرك السبب ، ولا كيف يمكن أن ينادوه باسمه .
ومنذ أن وجد الكلب ، أدرك أنه وجد ما ينقصه ، ومنذ ذلك اليوم لم يعد وحيدا ، فقد أحب الكلب الأبيض صديقه الوحيد وحافظ عليه كثيرا .
وعندما يحصل على قليل من الخبز والأرز، كان يأكل الخبز ويعطي الأرز لكلبه ، أما إذا حصل على الخبز الجاف فقط فإنه يقسمه مناصفة بينه وبين كلبه ، كان الكلب صغيرا جدا ، أبيض ولكنه غير جميل ، وكان أطفال القرية يرجمونه بالحجارة كما كانوا يرجمون صاحبه ، ولكن عبد الله الذي لم يكن ينبس ببنت شفة عندما يسخرون منه أو يضربونه ، ولكنه كان يدافع عن كلبه بقلب ثابت ، يدرأ عنه بجسمه ويتلقى الضربات بدلا من الكلب ، وكان في الوقت نفسه يصرخ بالأولاد : ولكنه أبيض !
وفي أحد الأيام مرض الكلب ، ورفض أن يأكل من الخبز الذي أعطاه له صاحبه ، فسرق عبد الله قليلا من حليب الضأن الذي يرعاه وسقاه لكلبه، الأمر الذي لم يفعله لنفسه ولا مرة واحدة، وقد سمع أصحاب الضأن بذلك فأخذوا الكلب وضربوه حتى الموت .
وذات ليلة ترك عبد الله القرية التي ولد فيها ، كان عمره عند ذاك خمس عشرة سنة ، مشى حتى وصل إلى مضارب البدو ، وهناك بقي طيلة حياته .
لم يعد لديه كلب ، ولكن لقب أبو الكلب لازمه طيلة حياته ، وبين البدو لم يكن لونه مصدر إزعاج له ، لم يسخروا منه ولم يضربوه ، ذلك أنه كان يوجد بينهم من كان أسود اللون ، ومع ذلك وفي قرارة نفسه كان يشعر بالألم ، كان يتمنى أن يكون مثل الجميع ، ومذ كان طفلا ، كان يغسل جسمه بماء البحر المالح ويحكه بالرمل حتى الألم ، ثم يعود إلى القرية بقلب مفعم، ولكنه بمجرد أن يسمع الصغار ينادونه بالأسود يدرك أن الأمل لم يأت بعد .
وعندما كبر أدرك أنه لا يمكن أن يكون أبيضا ، ولذا بدأ يحلم بشراء زوجة بيضاء وأن يكون له أولاد بيض ، ولم يتخل عن هذا الأمل حتى أيامه الأخيرة ، حتى عندما أصبح مسنا ، ولكنه لم يستطع أن يشتري زوجة ولو كانت سوداء ، ذلك أنه لم يكن يملك ولا بروطة واحدة " جزء من مائة جزء من الليرة الإسرائيلية القديمة " فأجرة عمله كانت خبزا وطعاما وملابس قديمة ، ولم ير النقود إلا بعد أن بدأ اليهود يأتون إلى المنطقة ، ولكنها كانت نقودا قليلة ، وقد أصبح هو مسنا .
وفي أحد الأيام توجهت إلى البادية للبحث عن حارس لأشجاري ، وقد وافق الراعي الأسود المسن على المجيء معي ، وفي ليلة جلسنا معا على شاطئ البحر وقص علي قصة حياته ، وبعد أن انتهى من الكلام صمت لحظات معدودة ، عاد وكأنه تذكر أمرا هاما ، قال : كان الكلب أبيضا .



#محمد_أيوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الموت الفجائي - قصة قصيرة - موشي سميلانسكي
- الكف تناطح المخرز - رواية
- الإضراب والرواتب وأشياء أخرى - بقلم : د . محمد أيوب
- يوم عادي في حياة غير عادية
- الهم السياسي في آخر قصائد مظفر للنواب - قراءة نقدية
- الكف تناطح المخرز / 11 ، 12
- قرار مجلس الأمن 1701 والحرب القادمة
- قراءة في البيان السياسي للمؤتمر الناصري العام
- حساب المثلثات في الشرق الوسط والعالم
- أحلام بسبسة والشرق الأوسط الجديد
- الكف تناطح المخرز - رواية / 7
- ثورة يوليو شكلت ضمير الأمة
- إسرائيل والهداف غير المعلنة في لبنان والمنطقة
- الكف تناطح المخرز - رواية ، بقلم : د. محمد أيوب / 6
- الكف تناطح المخرز - رواية ، 5
- الكف تناطح المخرز - رواية ، بقلم : د . محمد أيوب - الفصل الر ...
- الكف تناطح المخرز - رواية /3
- 1 / 2الكف تناطح المخرز - رواية
- الطيارون الإسرائيليون واللعبة القذرة
- المخدرات وسيلة لتدمير المجتمعات النامية


المزيد.....




- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد أيوب - أبو الكلب - قصة قصيرة ، بقلم : موشي سميلانسكي - ترجمة : د . محمد أيوب