أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد أيوب - الموت الفجائي - قصة قصيرة - موشي سميلانسكي















المزيد.....

الموت الفجائي - قصة قصيرة - موشي سميلانسكي


محمد أيوب

الحوار المتمدن-العدد: 1666 - 2006 / 9 / 7 - 08:06
المحور: الادب والفن
    


كان في قديم الزمان في حوران شيخ اسمه خليل ، لم يكن في حوران شيخ في غناه ، في باطن الأرض وفي خيمته كانت الجرار مليئة بالفضة والذهب ، وكانت مخازنه مليئة بالحنطة والشعير ، كانت أرضه بلا حدود وماشيته بلا عدد ، كانت خيوله من أجود الخيول العربية ، وكان رجال قبيلته رجالا شديدي البأس ، تخافهم كل القبائل ، لم يكن يكاثرهم أحد ، ولم يسرق منهم أحد ، وقد حسدت القبائل العربية المجاورة خليل حسدا كبيرا .
كان الشيخ خليل غنيا وقويا ، لكنه بائس جدا ، ولذلك كان الشيوخ عندما يتكلمون معه ينظرون إلى السماء ويقولون في خوف : أستغفر الله العظيم ، وعندما كان الصغار يتكلمون عن الشيخ كانت ابتسامة خفيفة تعلو وجوههم ، ولكن الابتسام يختفي فورا وتبدأ قلوبهم تدق وتدق ، كانت هذه هي المصيبة التي حلت بالشيخ خليل :
كان أولاده يولدون أصحاء وأقوياء ، ولكن عندما يبلغون سن الثالثة عشرة ، وعندما يبدءون الاهتمام بالمرأة كانوا يموتون من القبلة الأولى .
هكذا مات الابن البكر الشجاع في أبناء حوران ، وهكذا مات الثاني الحكيم في أبناء حوران ، وهكذا مات الابن الثالث ، وعندما ولد الابن الرابع ، ابن الشيخوخة ، جاء كل شيوخ القبيلة إلى الشيخ خليل وقالوا له : نحن مضطرون للبحث عن فكرة ، لأنه إذا مات آخر الأبناء فمن الذي سيرأسنا ، جلس الشيوخ ثلاثة أيام وليال وبحثوا عن فكرة ، وفي النهاية قرروا أن يرسلوا في طلب الدرويش المقدس .
ذهب المبعوثون وبعد سبعة أيام عادوا من الطريق الطويل والدرويش معهم ، تكلم الشيخ خليل والشيوخ عن مصيبتهم وكل آلامهم للدرويش المسن .قال الدرويش :
- اغسلوا أقدامكم كي نصلي جميعا لله .
فعل الجميع ما قاله الدرويش وصلوا لله ، أخرج القديس الجميع إلى الخارج وبقي في الخيمة مع الشيخ خليل فقط ، توجه الدرويش إلى الشيخ وقال له أشياء محدد في أذنه فانزعج الشيخ وقال : وهل ذلك ممكن ؟
- ممكن . قال الدرويش ، وأردف : كل شيء بيد الله .
ما قاله الدرويش للشيخ في ذات الليلة لم يعلم به أحد ، ولكن في الصباح قام الشيخ وطلق زوجاته وكذلك أم الولد الوحيد الذي بقي له ، صرخت الزوجة وبكت وقبلت قدمي زوجها ، ولكن الشيخ لم يعرف الرحمة ، قامت المسكينة وتركت زوجها وابنها الوحيد وذهبت إلى حيث تقودها قدماها .
نصب الشيخ خيمته بعيدا عن كل خيام القبيلة وترك كل أعماله وكل واجباته ، اعتنى بالطفل الرضيع بنفسه ، حلب الضأن وقدم الحليب بنفسه للطفل ، ولسنوات طويلة جلس الشيخ وابنه الصغير في الخيمة وحدهما ، لم يذهبوا إلى خيام القبيلة ، ولم تأت أية امرأة إلى خيام الشيخ ، كبر الولد ، كان جميلا وسليما وحكيما إلى ما لا نهاية .
وعندما يكون الشيوخ مجتمعين في خيمة الشيخ كان الولد يجلس معهم يسمع كل أحاديثهم ، سأل الأسئلة ، والأشياء التي قالها كانت مليئة بالحكمة ، سر الشيوخ وكل أبناء القبيلة من ذلك كثيرا . ، ولكن سرورهم لم يكن صافيا ، ماذا سيحدث عندما يكبر الفتى .
كبر الفتى وصار شابا ، كان أبوه وكل أبناء القبيلة ينظرون إليه بخوف ، وعند تمام السنة الثالثة عشرة من عمر الشاب ، عمل الشيخ حفلة كبرى لكل القبيلة وكل المشايخ المجاورين .
أخذ الشيخ يعود تدريجيا إلى أداء واجباته ، ساعده ابنه الشاب ، وقال رجال القبيلة في أنفسهم : ليرحمنا الله ، هذه المرة سيبقى الشاب .، ولكن الله يدبر مثلما ظنوا ، ففي أحد الأيام دخل الشاب خيمة أبيه وقال بصوت مرتعش :
- أبي رأيت شيئا .
انزعج الشيخ وتساءل في خوف شديد : هل ذهبت إلى المضارب ؟ ألا تعلم أنه ممنوع عليك الذهاب إلى هناك ؟
- لم أذهب للخيام يا أبي ، للحقل ذهبت ، رأيت إنسانا ، ولكنه لم يكن رجلا ، على رأ سه استقرت جرة ماء ، رأيتها وبدأ قلبي يدق ، لم أستطع الوقوف ، مشيت وراءها حتى الخيام .
- ثم ماذا ؟
- دخلت إلى إحدى الخيام وبقي قلبي يدق ، لم أستطع الوقوف ، وجئت بسرعة لأجدك .
بدت الكآبة على وجه الشيخ وقال : يا بني لا تخرج من الخيمة ولا تنظر إلى أي إنسان لا يكون رجلا ، هناك خطر كبير عليك من ذلك .
- لماذا يا أبي ؟
- هو شيطان إذا واجهته تموت حالا .
- ومنذ ذلك اليوم لم يخرج الابن من الخيمة ، حافظ عليه الشيخ بشدة ولكن ذلك جاء متأخرا ، ففي الليل سمع الشيخ ابنه يتقلب من جانب إلى آخر ولم يستطع النوم .
- ولدي !
- نعم يا أبي .
- لماذا لم تنم ؟
- لا أستطيع . لماذا؟
- الشيطان . قم وصل يا بني .
قام الاثنان ، بكيا وصليا طالبين الرحمة من الله ، مرت عدة ليال ، وفي ليلة سر الشيخ لأن ابنه نام ، اضطجع الشيخ للنوم والراحة قليلا ، وفجأة صرخ الابن أثناء نومه صرخة مدوية .
- ولدي . . ما بك ؟
- أبي .. أبي ، نمت فلم أستطع النوم لعدة ليال ، والآن نمت فحلمت حلما ، جاء الشيطان إلي ، اقترب واقترب وأنا قبلته .
- وماذا ؟
- أردت أن أقبله أكثر فأكثر لكنه تركني فبدأت أركض خلفه ، سقطت فصرخت .
خفض الشيخ رأسه وسقطت الدموع حارة من عينيه ، لا معنى لكل ما عملته ، قال لنفسه : كل القرابين لم تجد .
وفي الصباح وعندما خرج الشيخ إلى الحقل ، طلب من ابنه ألا يخرج من الخيمة ، ولكنه عندما عاد لم يجد الصغير هناك ، وفي المساء عاد الابن شاحبا ومرتعدا .
- أين كنت ؟
- في المضارب .. لم أستطع البقاء هنا .. الشيطان جذبني .. أغواني .
- ثم ماذا ؟
- قبلته .
التمعت عيناه كالنار : أبي .. لماذا كذبت علي ؟
- لم أكذب عليك يا بني . . من الله كانت الأمور .
ولكن في قلب الشيخ تولد أمل جديد ، هذه قبلة ، ومع ذلك بقي حيا ، ربما لا يعاقبه الله هذه المرة
ولكن الابن شحب أكثر مع الأيام ، وفي الليل لم ينم وفي النهار لم يأكل ، والشيخ يرى ، مات القلب من الحزن .
وفي أحد الأيام قال الابن : أبي .. لم أعد أحتمل ، دعني أذهب هذه المرة فقط ، نظر الشيخ إليه وأخيرا قال : اذهب .
وعندما عاد الابن لمعت عيناه كما النار ، وبدا كما لو انه كبر فجأة ، وفي هذه المرة فكر الشيخ : هذه قبلة ثانية ولم يمت ، ربما يرحمه الله .
ولكن في الصباح بدا الابن ضعيفا دون أية قوة ، لم يكن في عينيه بريق النار ، ولم يبق في عينيه النور ، اضطجع في الخيمة أياما معدودة وفي إحدى الأمسيات قال لأبيه :
- فقط هذه المرة يا أبي ، فقط قبلة واحدة ، لا أحتمل .
- يحرسك الله والنبي
انتظر الأب في الخيمة ، لم يعد الابن ، وأخيرا خرج الأب ليرى ما حدث ، وعن بعد رأى أناسا قادمين يسندون بأيديهم رجلا ، دخلوا الخيمة وأراحوا الابن على الأرضية ، لمعت عياه ، ولكن لم تكن لديه القوة لدرجة تمكنه من الوقوف على قدميه .
- - بني .. ما بك ؟
- سكت الابن .. الروح موجودة ، العينان تلمعان ، ولكن الجسم ميت .
- ومع ضوء الصباح أسلم الروح .

* كاتب صهيوني عنصري يكره العرب نشرت قصصه باللغة العبرية البسيطة في سلسلة جيشر " الجسر " لتعليم القادمين الجدد وتثقيفهم ، وهو غير يزهار سميلانسكي الذي كتب قصة فيلم خربة خزعة الذي يحمل العصابات الصهيونية مسئولية طرد العرب من فلسطين بالقوة مؤكدا أن العرب لم يخرجوا طوعا كما تدعي وسائل الإعلام الصهيونية ، وقد منعت الحكومة الإسرائيلية بثه في التلفزيون الإسرائيلي ، ولكن القناة الثانية بثته بعد معركة قضائية استمرت حوالي عامين .

ترجمة : د . محمد أيوب



#محمد_أيوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكف تناطح المخرز - رواية
- الإضراب والرواتب وأشياء أخرى - بقلم : د . محمد أيوب
- يوم عادي في حياة غير عادية
- الهم السياسي في آخر قصائد مظفر للنواب - قراءة نقدية
- الكف تناطح المخرز / 11 ، 12
- قرار مجلس الأمن 1701 والحرب القادمة
- قراءة في البيان السياسي للمؤتمر الناصري العام
- حساب المثلثات في الشرق الوسط والعالم
- أحلام بسبسة والشرق الأوسط الجديد
- الكف تناطح المخرز - رواية / 7
- ثورة يوليو شكلت ضمير الأمة
- إسرائيل والهداف غير المعلنة في لبنان والمنطقة
- الكف تناطح المخرز - رواية ، بقلم : د. محمد أيوب / 6
- الكف تناطح المخرز - رواية ، 5
- الكف تناطح المخرز - رواية ، بقلم : د . محمد أيوب - الفصل الر ...
- الكف تناطح المخرز - رواية /3
- 1 / 2الكف تناطح المخرز - رواية
- الطيارون الإسرائيليون واللعبة القذرة
- المخدرات وسيلة لتدمير المجتمعات النامية
- حول وثيقة الأسرى


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد أيوب - الموت الفجائي - قصة قصيرة - موشي سميلانسكي