|
الأمن النخبوي المعكوس :أمن مصر القومي ليس بأمن العسكر القومي .
مصطفى نصار
الحوار المتمدن-العدد: 8415 - 2025 / 7 / 26 - 08:35
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الحريق الكارثي المشل :حريق السنترال الفاضح لهشاشة أمن مصر السبيراني .
بشكل مفاجيء و صادم ، احترق سنترال رمسيس في يوم الاثنين في وسط القاهرة ، ما سبب قطع الشبكة العنكبوتية في العديد من المحافظات المصرية ، و كذلك واجهت عدة مشاكل بنونية في الاتصالات و التغطية الشبكية ، و هو ليس الحريق الأول إذ احترق حوالي ٣ مرات حتى تاريخ كتابة المقال الحالي ، مشلًا كذلك خدمات الطيران و تحديد مواعيده و المصارف و مكنياته الآلية أي تعطيل لمصالح كبيرة و خسارة فداحة بتكاليف ضخمة قدرت بحوالي ٦ مليار جنيه خلال أسبوع واحد فقط !!.
و عطفًا على ذلك، فتحت تلك الحرائق الأسئلة حول الملفات الصعبة مثل البينة التكنولوجية الضعيفة التي تفاخرت حكومة الانقلاب الغاشمة بإنفاق مئات الملايين من الدولارات على البنية التحتية سواء اتصالات أو خدمات لوجستية أو طرق و كباري ليتضح في الأساس أن مصر تحولت لسنترالين مركزين أحداهما للشعب و الآخر للجلاديين المجرمين الذين لا يمثلون غير ٥%من إجمالي تعداد مصر مع عدم الاهتمام به ، بل وجود شبهات شبه مؤكدة عن افتعاله لتسهيل بيع منطقة وسط البلد في الإمارات نظرًا لزيادة المسؤولين مرتدين كمامة طبية مع موت و إصابة العشرات خنقًا بعد الحريق و قبله .
و لعل هذا يناهض أبسط متطلبات الأمن القومي المصري في البنية العسكرية التي تقام بالأساس و حديثًا على وجود الأطر الحاكمة و المرجعية للتوازن الأمني المراد منه الحفاظ على استقرار الدولة و أمانها لكن على النقيض تمامًا ، فقد اتبعت الدولة الجديدة التي لا تجد في المواطن الفقير أو البسيط إلا فأر رخيص للتجارب الكارثية و المخاطرات المجنونة التي لا تثمن و لا تغني بل تحول البلد كاملة لسلخانة حية و كذلك سجنين مفتوحين بلا سقف ، مخالفًا حتى أبسط قواعد العرف التاريخي للأنظمة السابقة مثل نظام مبارك المخلوع الذي علم بوجود أجهزة تجسس هامة و خطيرة تبثها و تشاهد من خلالها الولايات المتحدة تحركات الجيش و استراتيجاته في عام 1981م . كما أن هذا دليل قاطع لا يحتاج لكي يفسر حالة انهيار -بلا أدنى شك- لمنظومة الأمن القومي من ناحية الماهية ذاتها و التطبيقات ذاتها لافتقار الدولة أو تجاهلها المقصود لفكرة الاستقرار القومي ذاتها التي أهدرت بشكل شامل و كامل منقطع النظير بسبب تعمد تجاهلها و بناء عقل تكنولوجي حصري للصوص و المسؤولين عدماء الرجمة و المختارين أمنيًا بعناية ، غير مكتفين بالصمت المتمم بل يطلقون تصريحات مستفزة مجنونة لا تصدر إلا من شخص معتمد القتل البطيء"و تحويل السياسي لحالة سائدة مبيدة " مثلما نظر لها كارل شميت في كتاب مفهوم البارتزان الذي ينظر فيها للدولة" المرتزقة "
و من أشد و أنكى أشكال الارتزاق القومي يكمن بشكل عظمي داخل نخبة الدولة و شعبها الذين اتفقا معًا في العشرية السوداء أو ما يعرف زورًا بالجمهورية الجديدة التي لا "عقل "تقني لها مثلما طرح منحط الذكر المأفون عبد الفتاح السيسي التي مكثت دولة مثل إيطاليا و السويد في ترميم و إعادة بناء الأمن التكنولوجي عقب 11سبتمبر و التركيز الدائم على إعادة توزيع الشبكة بأكثر من منفذ ، ناقلًا للقراء إشكالية كبرى في الجمهورية العفنة المسماة زورًا بالجديدة فيما يتعلق باستراتيجية الأمن القومي بكافة أنواعه الحيوية من غذائي و مائي و عسكري و خارجي.
المعتقلون سياسًا و الحوادث اليومية : الأمن القومي أمن العسكر حصرًا.
في الدول الطبيعية ، تبنى الاستراتيجات و تؤخذ السياسات الداخلية للحفاظ على الوحدة الداخلية للأمن القومي ، ألا و هي المواطن الفرد ؛ غير أنها في مصر عرين السلطوية العربية و الثكنة العسكرية حيث لا أمن و لا أمان و لا قيمة لحياة المواطنين غير في النهب الممنهج و الاعتقالات المقصودة سواء كان لك علاقة بالسياسة باعتبارك باحثًا أو مدرسًا أو أستاذًا في الجامعة لا لشيء غير أنك مواطن فاقد الأدمية رخيص في نظر العسكر ؛ و لهذا لا يقال مسؤول و لا حتى يلام فالمذنب من وجهة نظرهم الضحية !!
و ما يزيد الأمر سخرية مريرة ، و عبث مطلق هو عدم اعترافهم بوجود المشكلة من الأساس أو الاستخفاف الضخم الحقيقي المعبر عن أزمة في قصر الأمن القومي بمعناه الاجتماعي العام أو السياسي الواسع الذي يتأخذ الحياة اليومية بكافة أشكالها المتوسعة أو أيضًا المفصلة بصورة غنية عن أبسط و أسهل المشكلات الخاصة بالمعتفلين السياسين الذين يمثلون صداعُا كبيرًا و معضلة بائسة سواء في الحرمان من الأساسيات الحقوقية و الإنسانية المحروم منها بغرض زيادة المعاناة عن عمد و قصد و كذلك كسر أي محاولة للتغيير أي كانت بساطتها السلسلة أو اختزالها الإبداعي.
و برغم الافتتاح الاستعراضي الهائل و الترويج المكلف و المكثف للحملات الدعائية الحقوقية مثل الحوار الوطني و الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان ، أغرق العسكر ، و على رأسهم السيسي ، محاولات تلميعه و غسل سمعته القذرة شكلًا و الحقيرة مضمونًا لتنتهي بامتلاء السجون بانتهاكات و سياسات إبادية ممنهجة ليقضي على المتبقى من الأمل في خيرة شباب و علماء مصر الذين أفنوا حياتهم و عمرهم حرفيًا و ليس مجازًا عن حب و اهتمام بالغ بهذه البلد ، على رأسهم الدكتور محمد البلتاجي الذي كرس عمره في الدعوة متنقلًا بين المعتقلات بمرور الحقب النجسة ، و الفصل المتكرر من الجامعة برغم تصدره قائمة الأوائل و كذلك محمد أبوالفتوح صاحب أشهر مواجهة في التاريخ المصري المعاصر للسادات جحمه الله في عام 1979
و إن قضية المعتقلين من القضايا وثيقة الصلة بالأمن القومي لما بها من عواقب اجتماعية و أمنية خطيرة ، على رأسها تغيير النفسية المصرية لصورة أكثر دموية و تبلدًا ما قد يعني عشوائية و تخبط الرد الفعلي للمصريين لإسقاط النظام أو تنظيم حركي على غرار سورية و أفغانستان ، أو مثلما حدث بالضبط مع ألبانيا التي أسقطت نظامها بقوة السلاح لمدة لا تقل عن خمس سنوات في 1995 ، و أي محاولة لكتمان الظلم الطاغي و القبر الجماعي للمعتقلين لن يسقط الجريمة البشعة و جذور الانتقام الثأري سيتشعل .
فراكمت طبقات من الغضب المكتوم و فككت جزءًا هامًا من منظومة الأمن و الأمان بتعبير الأذرع الإعلامية السيساوية ، لإنها لا تريده من الأساس بل أنها تفاقم الأزمة بالتأكيد على أفكار عنصرية مقيدة تبرز الأمن النخبوي أي النخب الحاكمة من شرطة و قضاء و عسكر مأفون منبطح للعدو غير مدرك أهمية الأمن القومي للمجتمع باعتباره تحكمًا فيه لكنه لا يؤدي غير لسيناريوهات جميعها مرعبة و مهولة على الجميع ، و بعبارة أقل تكثيفًا الأمر كارثي المضمون و تداعياته الكارثية المستقبلية التي ستمهد الأرضية لصراع قوي و أرضية خصبة لمنطق العنف في مقابل منطق العنف الخاص بالأمن النخبوي .
ما بين حرب أهلية و اقتتال جوعى و تحلل تدريجي للمصريين : الاحتمالات اليقينية لمصر النخبوية .
هناك عدة احتمالات تزيد من تفكك الدولة و انهيارها الحتمي لأكثر من وضعها المرزي و طبقتيها المتوحشة و بطشها المتسع الداخل لكل بيت من الناس ؛دون أي رد فعل قوي أو ردع متين ما ينذر بخلل بنيوي غائر يضرب الجذور الأساسية لها ما يسرع من تدميرها المدوي و انهيارها الحتمي عبر استمرار التركيز على الأمن النخبوي و السياسي و ترك المجال للفساد الشخصي للعمل بأريحية مطلقة تهدم و تحقق مصالح و أهداف شخصية مرتبطة بالنظام السياسي و النخبوي الفاسد و غير المحاسب .
و يزيد الدكتور و البروفسور اليوناني في العلوم السياسية ستانثس كالفينس في مجلده الضخم الفني و الدسم للغاية أن المجتمعات المتقبلة للعنف و أرضياته المتنوعة التي بالفعل لها تداعيات مدوية تحلل النمط المجتمعي المؤطر للسياسة العامة التي تدفع بقوة و منعة اندفاعية للثبيت و التحقق بأن الوضع الراهن بلا شك لهو في المحصلة غير قابل للتحسن ، بشكل قاطع و فوري ، دافعًا المجتمع لاتخاذ المسلك الشاق لكنه سائد في التاريخ الحديث و المعاصر لما تفعله النخبويات الفاسدة بطريقة الحياة نفسها لتجعلها مثلما قال الدكتور نزيه الأيوبي في كتابه الدولة المركزية في مصر " تحيلها لصعوبات مركبة ".
فمع تفاقم الأزمات السياسية و سد الأبواب ، فمن غير المستغرب إيجاد حلول عنفية بالقدر الضخم الذي لن يترك و لن يذر غير الحلول المسلحة لكنك لم توفر لهم الحلول السليمة و تركت الشارع مفرغًا مجوفًا من أي حراك مؤثر مع محاصرة الدين الإسلامي بنبرة عدائية انتقامية لتحول الأفراد لكتل من البهائم التي لا تجيد غير النواح و الصياح و العمل في ساقية مميتة مسلبة لأبسط حقوق و ظروف الفرد القاسية و الطارئة التي لا تقابل غير يجفاء أو سخرية ساقطة أو كذلك فصل تعسفي و اتهامات كيدية في بعض الحالات القاسية التي تتسم بالانحطاط الفج.
فإن الاحتمال الوارد في حالة مصر السيسي يقع في خانة التحلل الكامل و التشظي الأكبر لأجزاء المجتمع و مفاصله الصغري و من ثم تتمدد بسرعة فتنتهي بالمجتمع كله في حالة موت بالبطيء ، و يتزامن معها عدد واسع من السنوات الممتدة لعشرات بل مئات السنوات ، وقد ذكر الدكتور محمد سهيل طقوش الأمر في أكثر من كتاب مثل تاريخ مصر الحديث و المعاصر و تاريخ الدولة الفاطمية التي جاع و مات فيها عشرات الآلاف من المصريين في مقابل نخب فاسدة رهنت الدولة إما لمرتزقة أو فسقة زنادقة أو لقمة عيش مغموسة بالذل و الدماء في مقابل عزلة كاذبة و استقرار زائف.
و لذلك يعد الإسلام الحركي الذي لا يرى غير في الأمن هدف نبيل و ممهد لطلب العفو من لقمة كريمة و ملبس أنيق و رزق يكفي السعارات المتعلقة بالأسعار موفرًا حلولًا عملية علمية يعترض بالكلية مع الأمن النخبوي من طاعة عمياء للقائد و الرئيس و الخوف على أمنك الشخصي الذي يخترق في اليوم مئات المرات ، ولا سعة لذكر الجهل المطبق و المماطلة الفارغة و البطش السافر المؤدي بالجميع بأسفل عصور الهزيمة و الانحطاط الواقعي ، انحطاط يحيل الإنسان لمستباح أو فأر تجارب أو بقرة حلوب يسرقها العسكر بنهم مفتوح و فجعة لا نهائية تكتب انقراضًا " مفهوميًا " للأمن القومي كما تناوله الصحفي و الباحث جوزيف نوم في كتابه الأمن القومي : مدخل بيني.
#مصطفى_نصار (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إبادة ممنهجة للمستقبل و الطفولة :حرب إسرائيل البربرية على ال
...
-
كامل الوزير: عندما تتحول الطرق لمذابح يومية بلا توقف !!
-
النكبة الدائمة: تحول مصر لخرابة في دمار مستمر وخراب معحل.
-
الكارت المحترق الرابح: إثبات حرب إبران امتلاك إسرائيل لأمن ا
...
-
قوافل الصحوة الأخلاقية و الفضح المعري للضمير الدولي الميت :م
...
-
عيد غزة :لا طقوس للبهجة ، و إنما طقوس للنجاة و البقاء .
-
ليلى سويف و آلاء النجار :المعتقل الكبير الذي يقتل بدم بارد ش
...
-
ليلى سويف و آلاء النجار ...المعتقل القاتل لشعبين ببرود
-
مقاومة المقاومة :الأردن خنجر حاد في ظهر غزة
المزيد.....
-
الجيش الإسرائيلي يعترض سفينة -حنظلة- المتجهة إلى غزة
-
أستراليا وبريطانيا توقّعان معاهدة شراكة نووية تمتد لـ50 عاما
...
-
تصعيد بالمسيرات بين روسيا وأوكرانيا وقتلى مدنيون من الطرفين
...
-
حزب بريطاني يهدد بفرض إجراء تصويت للاعتراف بدولة فلسطين
-
بحثا عن الأطعمة الفاخرة والأرباح على ساحل غرب أفريقيا
-
لقاء سوري-إسرائيلي رفيع بباريس: تهدئة مشروطة أم بداية تطبيع؟
...
-
حزب بريطاني يهدد ستارمر بطرح مشروع قانون للاعتراف بفلسطين
-
زعيم كوريا الشمالية يتعهد بالانتصار في المعركة ضد أميركا
-
الشرطة الهندية توقف رجلا يدير سفارة -وهمية-
-
صحافي روسي ينجو بأعجوبة من هجوم بمسيرات أوكرانية
المزيد.....
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
-
كشف الاسرار عن سحر الاحجار
/ عبدالاله السباهي
-
زمن العزلة
/ عبدالاله السباهي
-
ذكريات تلاحقني
/ عبدالاله السباهي
المزيد.....
|