|
الكارت المحترق الرابح: إثبات حرب إبران امتلاك إسرائيل لأمن الطاقة المصري .
مصطفى نصار
الحوار المتمدن-العدد: 8381 - 2025 / 6 / 22 - 09:03
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
.
طاقة مصر تحت السندان الإسرائيلي: عودة أزمة الكهرباء بفعل الحرب الإيرانية.
ما إن اشتعلت الحرب الإسرائيلية الإيرانية في يوم الجمعة الموافق ١٣ يونيو حتى قامت إسرائيل بقطع الإمدادات التي تصل لمصر من الغاز البالغ حجمه ٨٠٠مليون طن بشكل موحي بعودة أزمة الكهرباء بشدة لمصر خلال الصيف الحالي من عام ٢٠٢٥ على غرار الصيفين الماضيين في عامي ٢٠٢٣ و ٢٠٢٤ ، حتى عاد أول أمس الخميس ١٩ يونيو في تأثير مباشر و قوي على تداخل إسرائيلي مباشر في أمن الطاقة المصري .
أما بالنسبة للطاقة المصرية ، فقد أثبت بما لا يدع مجالًا للشك أن أمن الطاقة مكبل لعدة أسباب منها عدم وجود رؤية بعيدة المدى قادرة على وضع تداخل متعدد للطاقة ذات المصادر و الأماكن المتعددة ، ما يجعل أمن الطاقة كارتًا قويًا بيد الكيان الإسرائيلي المحتل لينتهي بإغلاقه وقتما يريد ، حتى من دون إبداء الأسباب، غير الإدارة الفاشلة التي أماتت حقل ظهر بعد طمع الحكومة و السيسي لتحويله لمصدر لحل أزمة الدولار ، فانتهى لتحوله لحقل يسرب الماء النقي بدلًا من النفط الخام !!.
و هكذا، تحكم العسكر و الكيان الإسرائيلي بأمن الطاقة المصري، عن طريق شركات ظاهرها المدينة و باطنها العسكرة الشاملة لأمن الطاقة الذي وصل للخبير في أمن الطاقة الدكتور خالد فؤاد ما أسماه بالشلل في الاستراتيجية مفاده عدم قدرة مصر لتوفير صيف مشمش غير منقطعة الكهرباء، بالتزامن مع ارتفاع أسعار الكهرباء ، و عدم تنويع الدول المانحة لمصر الغاز ، لتتبلور النتيجة الحتمية في أن أمن الطاقة المصري تحول إما للعبة ميسرة التحكم أو وسيلة ابتزاز فعال من الكيان الإسرائيلي لمصر لعدة صفقات مشبوهة لا يستفيد منها غير النخبة الحاكمة في تل أبيب باستفادة واسعة و أريحية مطلقة
أزمة الكهرباء ...ابحث عن الصفقات المشبوهة . منذ إعلان الحكومة المصرية عن خطة تخفيف الأحمال منذ مايو ٢٠٢٣ ، و الأزمة تتفاقم حتى ظهرت بضعة أسئلة حول صفقة الغاز المبرمة في العام ٢٠١٨ م ، و حول هدف مصر الإقليمي في الغاز لتحقيق الاكتفاء الذاتي .
و لأغراض خارجية ،عقدت مصر صفقة الغاز المشبوهة في أبريل ٢٠١٨ و بموجبها تسلم مصر حقلي ليفاثان و أفرودييت لبلدي قبرص و اليونان. و بعد ذلك بالطبع استغلت إسرائيل الموقف و عقدت اتفاقية ثلاثية مع قبرص و اليونان حتى تسنح لها الفرصة بالاستيلاء على مفاتيح الطاقة المصرية التي تعد حق أصيل و ذا عمق في الاقتصاد المصري . و بعدها بشهر و بالتحديد في يونيو ٢٠١٨ عقدت مصر الاتفاقية الثانية التي تؤكد بموجبها أن مصر ستتحول فقط لمجرد مركز تسييل دولي مركزه إسرائيل و مصبه أوربا . و لن يتفاجأ الناس أن رئيس وزراء الكيان بنفسه قد احتفى بتلك الاتفاقية التي أعد يوم إبرامها يوم عيد و ستعنش الكيان اقتصاديًا.
و من تلك الأوهام المسيطرة على السياسة المصرية اعتمادها الكلي أو شبه الكامل على التطبيع في ملفي الطاقة و الأسلحة بشكل حميم كأن الكيان اللقيط حلم لتلك الأنظمة المتعقبة . و هذا يعطي فكرة عن عدم الاهتمام من الأصل بفكرة الأمن القومي بمنتهى اليسر ،و عمليًا ،لإعطائك كارت الطاقة و الغاز بوجه التحديد و التي اشتعلت من أجلها حروب كحرب القرم في خمسينيات القرن المنصرم. و من المضحكات المبكيات في تلك الأزمة الأخيرة اعتمادنا كدولة كبيرة و مواردها متعددة متشعبة على مصدر واحد و هو الغاز و المواد البترولية ،و هذا مصدر مكلف إذ قورن بالمصادر الأخرى و الكثيرة و أكثرها وضوحًا هنا هي الشمس . و يكلف المواد البترولية و الغاز حوالي ٣ دولار للوحدة بينما تكلف الوحدة الشمسية حوالي نصف دولار و هي أكثر الأشكال حفاظًا على البيئة و استدامة وفقًا لمعايير الأمم المتحدة، و هذا ما جعل الباحثين المصريين في مجال الطاقة يستعجبون مثل الدكتور محمد أحمد علي الأستاذ في الجامعة الإسلامية في ماليزيا . و هنا يطرح سؤالًا جوهريًا فيما يتعلق بمعنى الأمن و الأمان و الأمن القومي و الاستقرار الداخلي . وفقًا للباحث الأمريكي جوزيف نورم في كتابه المميز تعريف الأمن القومي مدخل بيني ، فإن الأمن القومي يتصل بكل شئ يتصل بأساس تكوين الدولة مثل الغذاء و الدواء و الطاقة و الماء و الخدمات المناسبة كالتعليم و الصحة ،أي كل ما يتصل بالحياة اليومية أو السياسات العامة أمن قومي . و لكن الأمن القومي المحصور هنا هو أمن النظام و المنطقة كلها لتبقى منطقة ثابتة يقطنها مجموعة من الجهلة و الحمقى و في بعض الأحيان الجواسيس . و بالعودة للصفقة المشبوهة في ضوء تعريف بورم للأمن القومي ،فإن الحكومة المصرية فرطت في أمن الطاقة في يد أحقر كيان وجد على سطح الأرض ، كيان عدو و عدائنا معه ليس وليد اللحظة أو البارحة . فالتفريط في الأمن القومي تحت ذريعة الحفاظ عليه استخفاف و استنكار لمعنى الدولة من الأساس ، و هذا له توابع كارثية سميها كما تشاء . و التوابع الكارثية نهايتها بنهاية إما الدولة بمعناها السطحي أو الواسع العميق . و للمفارقة كميات الغاز المستهلكة تبلغ ٦٧٨ مليار كم² و بالكاد تكفي الدولة بأكملها ، و بالتالي خصم حوالي ١٣٤ مليار كم² من الغاز سيكبر الأزمة . و من المرجح عدم انتهاء الأزمة قريبًا غير بعد ترميم الحقل الخرب و يأخذ مدة من بين السنة و الثلاث سنوات وفقًا لأغلب خبراء الطاقة في الكيان اللقيط . كعب أخيل للدولة ...عواقب أزمة الكهرباء .
تعد الكهرباء من أهم الانجازات و الاكتشافات الحديثة ،فبها عرف العالم كله معنى الأجهزة الكهربائية و تطور العمل بسرعة صاروخية حتى قيل أن عصور ما قبل الكهرباء ليست كما بعدها ، و نحن نعيش في عالم مستقر بمدى اعتماده على الكهرباء من أول المكواة مرورًا بالأعمال المنزلية من كوي و تجميد و تبريد و ترفيه . و بوصف الكاتب البريطاني إدي يونغ أن الكهرباء عمود من أعمدة الحياة في العالم . و لا يتعلق الأمر بمجرد التبريد ،بل يتخطى لموضوع الاستقرار النفسي و الاجتماعي و الأسري ،فإن مجتمع بلا كهرباء هو مجتمع مفكك متهالك متنازع عصبي يحتاج لمصدر يستند إليه الاستقرار الإنساني . عطفًا على ذلك ، ترتبط الكهرباء بالعديد من المصالح الحكومية اليوم و الأعمال البسيطة مثل التبريد و العمل الحر اليوم و مكينات التصوير . فتجاهل الدولة لمثل تلك الأزمة كونها مشارك في صفقات مشبوهة يجعلها قيد الانهيار بسبب تلك الأزمة التي لم تقطع فقط رزق أناس كثر بل إنها تقتل من ٤ ل٨ أشخاص بسبب الاختناق أو عدم التوازن في المصاعد لمحاولة إنقاذ أطفال أو أمهات حوامل قد لا تتحمل غير عدد الوافيات في المستشفيات و معاناة جلة لطلاب الثانوية العامة. فكما أن غزة تحولت لكعب أخيل خارجيًا ،فأزمة الكهرباء و التوسع بها و عدم مراعاة الشعب بصفته مجموعة من العناصر يهدد بفناء الدولة عاجلًا أم آجلًا . و أي حلول مقترحة دون وضع الأساس السياسي لها قيد الاعتبار هي كمن يحوم في دائرة و لا يقترب لمخرجها قيد أنملة . فتعدد أبعاد أزمة الكهرباء و اتصالها المباشر بحياة الناس اليومية يخير الدولة بين حلولها التقليدية من قمع و قهر و إسكات و حل جذري بإنهاء ووضع حد للمعاهدات المشبوهة و الصفقات الناهبة من طرف واحد لا نعرف إلا أنه يريد أراضينا من أجل تحقيق خرافة توراتية . و أي انقطاع قد يؤتي أكله و الحرب في غزة مستمرة تحت معدلة صفرية تقتضي بعدم ترك اختيار للاحتلال إلا بإبادة غزة عن بكرة أبيها؟! . فالكيان لا يريد للحرب في غزة إلا أن يستلم أسراه و أما بالنسبة لمصر فهي و مع كل الاسف مسيطر عليها بالكامل من قبيله في ملفات الطاقة و الماء و الأسلحة و تحديدًا البحرية منها . و الرؤية المطروحة مؤخرًا من الدولة بإغلاق المحلات بحلول الساعة العشرة هي حلول مؤقتة إن أحسنا الظن . لكن في الواقع ، لا تجيد الخطط السريعة فائدة إلا بدراسات جدوى مطولة و ترسم نتائج و دلالات و عواقب و تدرس المدخلات و المخرجات و الإيجابيات و السلبيات ،و كلنا نتذكر منهاج الدولة في المشاريع العملاقة التي أهدرت موارد الدولة النقدية و أوقعتها في أزمة ديون جعلتها على شفا إفلاس غير معلن . و أزمة انقطاع التيار قد كشفت ملفات عديدة أهمها أن الفشل الاقتصادي و الانهيار الاجتماعي رافد طبيعي لموت السياسة و ركودها . فحتى على مستوى المصالح ، اعتماد أي سياسة أحدية الجانب و ظالمة لا يستمر طويلاً إلا إن كان مدعومًا من قوى إقليمية ،أي تصبح السياسة هنا مجرد سياسة انهزامية منبطحة لا تعرف إلا الحلول التقليدية إن أحسنت التفكير فيها من الأساس.
حل الأزمة في يد المجتمع ...هدم الخوف الأمني و الخنوع الوهني .
في كتاب العبودية المختارة ، يطرح المفكر و القاضي الفرنسي إتيان دو لابوسي إشكالية أطلق عليها المواطن المستقر ، و هو مواطن ثابت أجوف لا يتغير سهل التكيف سريع الذوبان مهما بلغت الأوضاع من السوء أشده و الكي أنكاه تحت ذرائع واهية أهمها الحفاظ على الذات و تربية الأولاد و خلاف ذلك من الأقاويل . و لعل أكثر الأشكال شمولًا التى قصدها لابوسي هي المجتمعات الاستبدادية و المنفصلة عن الدين إما كليًا أو جزئيًا مثل مجتمعنا الميمون .
يرتكز هدم الاستبداد السياسي هنا على إزالة الخوف بالتكاتف و التشجيع ، فكما أن للاستبداد قشرة صلبة تبدو عصية على الكسر إلا أنها جوفاء و خاوية على عروشها ،لاعتمادها على معادلة الخوف من الموت و تغذيتها المستمرة من وسائل أفردها الفيلسوف المصري إمام عبد الفتاح في كتابه الطاغية بزيادة الدماء المرقاة أو الأزمات المتتبعة و المتسارعة حتي يتمحور الفرد حول ذاته و عائلته فحسب .
فالحل في العبودية الكاملة لله عز و جل ، لوقوع العبد بين حرفي اسم الجبار و الرحيم و القدير ،و الأخذ بالأسباب مع معرفة أن مصيره و حياته كلها له المنتقم و العادل .فرفع الظلم يعتمد بالكلية على اتباع آية "قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا".
#مصطفى_نصار (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قوافل الصحوة الأخلاقية و الفضح المعري للضمير الدولي الميت :م
...
-
عيد غزة :لا طقوس للبهجة ، و إنما طقوس للنجاة و البقاء .
-
ليلى سويف و آلاء النجار :المعتقل الكبير الذي يقتل بدم بارد ش
...
-
ليلى سويف و آلاء النجار ...المعتقل القاتل لشعبين ببرود
-
مقاومة المقاومة :الأردن خنجر حاد في ظهر غزة
المزيد.....
-
هيفاء وهبي وبوسي تغنيّان لـ-أحمد وأحمد-.. وهذا موعد عرض الفي
...
-
أول تعليق من روسيا على الضربات الأمريكية في إيران
-
الأردن: -إدارة الأزمات- يؤكد محدودية تأثير مفاعل ديمونا حتى
...
-
-ضربة قاضية حلم بها رؤساء عدة-.. وزير دفاع أمريكا عن الهجمات
...
-
إعلام إيراني: قصف إسرائيلي على مدينة بوشهر الساحلية ووسط الب
...
-
صور أقمار صناعية ومعلومات استخباراتية.. إيران نقلت اليورانيو
...
-
طلب رد دائرة الإرهاب: المحامي أحمد أبو بركة يطالب بمحاكمته أ
...
-
أبرز ردود الفعل الخليجية على قصف إيران.. دعوات للتهدئة وتحذي
...
-
مضيق هرمز تحت المجهر.. هل يتحول الرد الإيراني إلى بوابة الحر
...
-
أي مستقبل للحرب بعد الضربات الأمريكية على إيران؟
المزيد.....
-
كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف
/ اكرم طربوش
-
كذبة الناسخ والمنسوخ
/ اكرم طربوش
-
الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر
...
/ عبدو اللهبي
-
في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
/ عبد الرحمان النوضة
-
الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول
/ رسلان جادالله عامر
-
أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب
...
/ بشير الحامدي
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|