|
إبادة ممنهجة للمستقبل و الطفولة :حرب إسرائيل البربرية على الأطفال في غزة .
مصطفى نصار
الحوار المتمدن-العدد: 8410 - 2025 / 7 / 21 - 01:25
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عنف إبادي مقصود: الاستهداف للأطفال سياسة نازية صهيونية . لوحظ في خلال الحرب الآتية قتل الأطفال بوتيرة يومية بمعدل من ١٠٠ل ٧٠٠طفل في القطاع ، أي بعبارة أخرى انقسمت الإبادة الجماعية لإبادات مخيفة و مرعبة أحداها إبادة الأطفال ذات الأبعاد المتعددة و المتتالية و النتائج الكارثية من حيث التركبية السكانية ، و عقيدة الأغيار المطبقة بعينها على الأطفال بما إنهم من نسل العدو ، فكما قالت الناشطة اليهودية المتطرفة صوفيا ليونا "يجب أن نقضي على نسلهم هكذا تعلمنا "في إشارة واضحة و شديدة الدلالة على تعمد صارخ لاستهداف الأطفال بشكل خاطف و متسارع . بشكل أكثر تفصيلًا، بلغ عدد الأطفال الشهداء إجمالي نسبة من ٦٠ ل٧٠"من الشهداء جميعهم ، و بإجمالي ٥٥ :٦٥% ، ممثلًا نصف إجمالي خسائر الحروب رسميًا ، غير محاولات القصف المتواصل بلا رحمة أو شفقة أو هوادة بشكل حقيقي و واقعي يقترب من مدن أخرى مسها نفس الدمار بشكل أقل في الخسائر للبشرية ما يعزز حقيقة العنف الإبدي تجاه الأطفال أنه عنف مقصود لقصف مستقبل القطاع بشكل نهائي و جذري ، و هذا ماقصده تقرير اليونسيف الأخير بأن جميع الأطفال في غزة معرضين للموت "بطرق وحشية "كثيرة منها القصف و منع المساعدات و نفاذ مخزون الحليب . و يتزامن ذلك مع تواطؤ غربي و عربي كامل لإنه فيما يمجد يوم الطفل و نبوغه و امتيازه النادر، يقتل و يذبح الأطفال الغزيين على سنون السكين و رؤوس الصاروخ، فضلًا عن الموت جوعًا أو أثناء محاولة بائسة للحصول على كيس طحين لإعداد الطعام، أو كما قالت الدكتورة النفسية و الناشطة السياسية دنيا الموتي في مقال حديث لها أن العالم "يفرق بإزدواجية"بين الأطفال إذ استخدمت دولة الكبان الإسرائيلي حجج واهية و سطحية للغاية مثل الدروع البشرية أو لسبر ديني عقدي هام ، يكمن بالأساس أنهم قوم عماليق الجبابرة أو غرباء لا يستحقون الحياة إلا على هيئة عبيد للصهاينة . عطفًا على ذلك، يتشابه الأسلوب المتبع في الحرب الأخيرة على مدار ٢٠شهرًا في التطبيقات الإجرامية و الوجشية التي يحقق من خلالها معادلة ديموغرافية جديدة غرضها الأول و الأخير كسر صمود و إرادة الشعب الفلسطيني الذي لا و لم تحطم قط في أطول حرب قذرة و إبادة جماعية، و لعل هذا ما دعا الدكتور جوزيف مسعد أستاذ الفكر العربي الحديث و المعاصر يكتب أنها تهدف لتهديد الديموغرافية المحلية ، و كذلك استهداف النساء و العمل على إعادة بناء السكان بحيث يتحول المجتمع الغزي للطبقات الأساسية مفتقدًا أهم عناصر تكاثره ، و زيادته السكانية بطريقة مريرة . فهذا يدل على مدى ضعف و هشاشة العنف الأبادي الذي لا يدل إلا على خواء و إفلاس عظيم لدى الاحتلال الإسرائيلي، لفشلها الذريع على مدار سنة و نصف حتى الآن من تحقيق أي هدف بارز من بنوك أهدافها سواء على المستوى العسكري أو التفاوضي فلجأت كما أسماها الباحث القانوني الفلسطيني أحمد أبسيس لنكبة الأطفال "التي تطرح أسئلة حاسمة تتعلق بمدى قيمة و حيادية القانون الدولي "، و الذي قد يفتح أطروحة حيوية غير قابلة للمناقشة أو لم تنتاول بصورة واسعة وافية ، ألا و هي الأبعاد المؤدية و المرتبطة بإبادة الأطفال المناهضة لكل العقائد و القوانين ، و أقرب و أكثر التصاقًا للنازية التي وجدت في الأطفال "هدفًا يسيرًا و إستراتيجيًا ". الرعب المتجسد :الأطفال يعيشون كوابيس حية من المستشفيات للخيام اليدوية . في مقالها المطول بعنوان حرب إسرائيل على المستشفيات ، تؤكد الطبيبة النفسية الأمريكية من أصل لبناني جويل أبي راشد أن استهداف إسرائيل للمشافي لها شق استخبراتي ، و استراتيجي يكمن في تقليل البنية التحتية بل و نسفها على المستوى الطبي و الدوائي ، فضلًا عن نسف أكثر من ٣٣ مشفى مركزي بدءًا من المعمداني مرورًا بالاندونسي و انتهاء بمجمع ناصر الطبي الذي مات على إثره أكثر من ٢٥%من إجمالي مصابي الأطفال في غزة نظرًا للنقص الحاد في المستلزمات الطبية. فلا تتوقف أشكال الرعب الصحي للأطفال عن التدمير الممنهج ، و كذلك التدمير المعتمد للعائلات الممتدة باغتيال أو قصف أفراد مدنيين بشكل مخيف و محجف ،فانقسمت العائلات الغوية لأربع أقسام لا خامس لهم و يتمحورون حول عائلات بلا أب و أم عائلة ، أو الأب العائل و الأم الشهيدة أو الأم الوحيدة التي تبكي و تصمد على ذكرى حية نابضة بأولادها مثل د. آلاء القطراوي أو حالة الدكتورة البطلة د. آلاء النجار خنساء فلسطين، أو حالة المئات من اليتامى الأطفال الذين لم يجدوا للحياة سندًا أو ظهرًا حاميًا يتعلمون و يعيشون و يمرحون معه بدلًا من التيتم القاسي و الموحش . و أما عما أصيب ، فحكايات الرعب لا تتوقف بمجرد العلاج أو التجول إما محمولًا أو حاملًا لأح أو أخت صغرى أو ابن تيتم أو أب لم يبق له غير ابنه أو ابنته الجريحة ، فلا سبيل باق له غير الأمل ببقاء ابنه على قيد الحياة أو رؤيته الحتمية في الجنة ، و الموضوع يختلف بتباين عظيم بالنسبة للطفل لرؤيته و هو يتلوى من الألم الشديد مسفوح الدم نتيجة القصف ، أو في أفضل الأحوال يجرى عملية في المشفى أو الخيمة القريبة منها إن لم يصل جثة هامدة أو حالة حرجة تجسد المأساة المتكاملة للأطفال المفترض لهم اللهو و اللعب المبهج . بصورة أكثر تفصيلية ، تحولت الطفولة في ظل الإبادة الجماعية لما أشبه مسلسل من أشد الأعمال قبحًا و قتامة ، أو كما تضيف الدكتور الإنجليزية تاليا بالحاج حسن في مقال لها بعنوان" رعب حي :الأطفال في مسشفيات غزة ". أن ما يواجهه الأطفال غير مسبوق و جنوني ليس فقط برأيها الشخصي بل برأي أكثر من ٥٧ منظمة حقوقية و أممية تشير في تقاريرها الشهرية أن جميع الأطفال مهددون بخطر بتر الأطراف أو الموت جوعًا ، و حتى الأجنة مهددة بالإجهاض القسري أو الموت المفاجيء في رحم أمهاتن ، في مستوى و مرحلة إجرامية جديدة للحرب على الأطفال في غزة . و هكذا ، تحولت الطفولة الغزية من أرضية خصبة للمرح و عيش اللحظة المبهرجة ، ٠يل لأرضية مفتوحة من الإبادة للطفولة لإنها تجسيد حي للمستقبل النابض بالأمل المتجسد و كذلك فرض هندسة جديدة من حيث النوع و الشكل و الهيكل الاجتماعي، فضلًا عن فرض أمر واقع جديد قائم على المساومة القسرية للموافقة الشعبية على مخططات الصهيونية التي دائمًا ما فشلت بشكل درامي ، أو إعلان بنوك أهداف قزية من المدنيين و البني التحتية ، كما أكدت الباحثة و الكاتبة سمية الغنوشي في مقال لها على موقع ميدل إيست أي في شهر مايو الماضي تؤكد في تعمد الحرب الشعواء على للأطفال لتترك النقاش مفتوحًا على مصرعيه لتاريخ طويل ذي أهداف خبيثة منذ النكبة و حتى طوفان الأقصى و يعقبه الإبادة الجماعية الوحشية. تاريخ من الحميمة المتراكمة تحت أستار الانتقام :حين تتحول الحرب على الأطفال لمقاومة شرسة . في رواية الشوك و القرنفل ، يمسك الشهيد يحيى السنوار القائد العسكري السابق يده على مفصل من أسس المقاومة العسكرية في شتى حركاتها الممتدة عبر التاريخ، و خليفاتها المتعددة و المختلفة المجتمعة بالأساس حول الثأر الكامن في الصدور و التي انفجرت بلحظة استشهاد الطفل محمد في الرواية ، و النتيجة الوحيدة المنطقية قتل حسن الخائن و انضمام أحمد للمقاومة "و لو بروحه الفردية ". فتلك التراكمية الحركية النابعة من إبادة الأطفال الوحشية و البربرية الوحشية التي ترسم خطوط المقاومة الأمامية ، لإنها معادلة بسيطة مفادها مقاومة الاحتلال تنطلق من العقيدة الصهيونية التي قتلت أكثر من نصف إجمالي القتلى و المصابين من الأطفال في حربي ١٩٤٨ ، و ١٩٦٧ بحجج ثابتة و واهية تاريخية ، إما اتخاذهم الدروع البشرية، فكل المتحركات الحية حتى و لو كان رضيع أو من غير الأحياء مثل الشجر لهو مجند مقاوم حتى يثبت العكس ، و لعل هذا ما جعل وليد الخالدي الباحث المرموق يفرد جزءًا يسيرًا من سجله الضخم و الغني عن أرقام الشهداء و المصابين من الأطفال في فترة ما قبل النكبة لغاية ما بعدها . علاوة على ذلك، تعتمد إسرائيل على المنهجية المجرفة بنظام النطاقات المتوسعة التي تعبر عن نزوع حتمي للانتقام الوحشي و المخيف من الصهاينة فكونت حمولة فكرية "سهم بشكل رئيسي " في تكوين العقيدة الهجومية للكيان في حروبه منذ النكبة حتى الحرب الإبادية الأخيرة ، أي بعبارة مؤجزة من المؤرخ إيلان بابيه "الأطفال هدف يسهل إبادته ، و يسير وضعه على بنوك الأغراض الإسرائيلية "، و من هنا يمكن اعتبار المقاومة من الصغر نتيجة حتمية و ردة فعل قوية من الغزيين تحديدًا لما وجدوه من محتل غاشم مجرم سافل . في المجمل ، تشن الحملات الإغارية و القصف المكثف على الخيام و الرواسب المتبقية من المساجد و مجالس حفظ القرآن بالفعل ، حتى وصلت لدرجة ذكر الأستاذ الفخري للتاريخ الحديث و المعاصر لي مردخاي في كتاب توثيقي واسع بحق أن الأطفال أكثر استهدافًا من العسكرين في حماس ، دافعًا الناس من كافة فئاتهم الحقيقة من شيوخ و شباب ، و حتى الأطفال للانضمام الفوري للمقاومة إن لم يكن للاتفاق الفكري أو أيدولوجي أو حتى وطني ، فإنه مشتاق و محفز لرؤية الإسرائيلي يصرخ و يحترق لتحقيق سلام قائم في البداية على الثأر المدفون في تجسيد حي لمصطلح موريس بلاشر ذاكرة النار . و ما يزيد الذاكرة الجماعية التهابًا و اشتعالًا هو ثقافة المقاومة الذي أيد فيها الدكتور عبد الوهاب المسيري في حوار صحفي متلفز أن لا شيء غير المقاومة و المزبد منها ما يضع حرب الأطفال ضمن نطاق أكثر اتساعًا ألا و هو الإلغاء و المحو الكامل لفكرة المقاومة من العقل الجمعي الفلسطيني غير أنهم وجدوا ل"يناضلوا باستمرار روحي "على حد تعبير الرئيس البوسني الراجل على عزت بيجوفيتش في كتابه هروبي إلي الحرية لتتبلور الغرض الحتمي للمقاومة في مقابل الحرب اللانهائية في معادلة بسيطة:الحرية الكريمة في مواجهة أوهام مجنونة جامحة تعد الأطفال بين معتقل و درع بشرى قابل للقصف الصاروخي .
#مصطفى_نصار (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كامل الوزير: عندما تتحول الطرق لمذابح يومية بلا توقف !!
-
النكبة الدائمة: تحول مصر لخرابة في دمار مستمر وخراب معحل.
-
الكارت المحترق الرابح: إثبات حرب إبران امتلاك إسرائيل لأمن ا
...
-
قوافل الصحوة الأخلاقية و الفضح المعري للضمير الدولي الميت :م
...
-
عيد غزة :لا طقوس للبهجة ، و إنما طقوس للنجاة و البقاء .
-
ليلى سويف و آلاء النجار :المعتقل الكبير الذي يقتل بدم بارد ش
...
-
ليلى سويف و آلاء النجار ...المعتقل القاتل لشعبين ببرود
-
مقاومة المقاومة :الأردن خنجر حاد في ظهر غزة
المزيد.....
-
مفاجأة غير متوقعة.. العثور على ضعف ما أبُلغ عنه من عدد حيوان
...
-
جان نويل بارو يزور كييف بعد وابل من القصف الروسي
-
سرعتها تفوق 700 كيلومتر في الساعة..كييف تعثر على حُطام المُس
...
-
إيران تكشف عن موعد ومكان محادثاتها مع -الترويكا- الأوروبية..
...
-
ترقب بشأن تطور هجوم برشلونة بعد التحاق النجم الانجليزي راشفو
...
-
استئناف المحادثات النووية بين إيران والقوى الأوروبية في إسطن
...
-
عشائر بدو سوريا.. جذور عميقة في التاريخ وامتداد في الجغرافيا
...
-
السجن ثلاث سنوات لطالب في كوت ديفوار بتهمة الإساءة للرئيس
-
المحتوى المضلل يجد طريقه إلى -شات جي بي تي- بفضل المحتالين
-
ما المواد -المتطرفة- التي أقرت روسيا تغريم الباحثين عنها؟
المزيد.....
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
-
كشف الاسرار عن سحر الاحجار
/ عبدالاله السباهي
-
زمن العزلة
/ عبدالاله السباهي
-
ذكريات تلاحقني
/ عبدالاله السباهي
المزيد.....
|