أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الطاهر المعز - من مخاطر اقتصاد المعرفة والذكاء الاصطناعي















المزيد.....

من مخاطر اقتصاد المعرفة والذكاء الاصطناعي


الطاهر المعز

الحوار المتمدن-العدد: 8410 - 2025 / 7 / 21 - 12:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


" استولت الإمبراطوريات، خلال فترة الإستعمار المباشر، على الموارد واستخرجتها، واستغلت العمالة المُستعبَدَة، وفرضت أفكارًا عنصرية وغير إنسانية عن تفوقها وحداثتها لتبرير استغلالها وفرض نظامها العالمي، ولا يزال يتردد صدى هذه الأفكار والممارسات، ومن ضمنها الهيمنة بواسطة الذّكاء الإصطناعي، لكن لا يزال من الممكن استعادة السيطرة على مستقبل هذه التكنولوجيا". من كتاب "امبراطورية الذّكاء الإصطناعي" تأليف كارين هاو

تقديم
تُشير دراسة للمجموعة المالية والمصرفية "غولدمان ساكس" إنه يمكن إلغاء ثلاثمائة مليون وظيفة بدوام كامل حول العالم وحوالي 25% من الوظائف الحالية ليؤَدّي الذكاء الاصطناعي هذه المهمات التي يقوم بها البشر حاليا، ويتوقّع مُحلّلو شركة ماكينزي للإستشارات إمكانية أتْمَتَةِ 30% من ساعات العمل الحالية في الولايات المتحدة، وتوقعت العديد من التقديرات أن يُسفر الاستخدام المتزايد للذكاء الاصطناعي عن خسائر كبيرة في الوظائف، وكان القلق منحصرًا في فئات محدودة من العاملين ثم انتشر القلق المتزايد بشأن فقدان الوظائف بسبب الذكاء الاصطناعي إلى الرأي العام بشكل واسع.
قَدّر معهد أكسفورد للإنترنت، سنة 2021، عدد عُمّال المنصات الرّقمية بنحو 163 مليون عامل، وقدر تقرير البنك العالمي عددهم، سنة 2023 بما بين 154 و435 مليون عامل رقمي عالميًا، أو ما يعادل ما بين 6% و 12% من القوى العاملة العالمية، ورغم تباين الأرقام، إلا أن عالم الإجتماع أنطونيو كاسيلي يؤكد أن الاتجاه واضح، حيث تسجل الصين وحدها نموًا سنويًا بنسبة 20% في إنتاج وتصفيف البيانات، أما على مستوى القيمة السوقية، فيضرب الباحث مثالًا بشركة "ستار غايت"، التي تقدر قيمتها بحوالي 500 مليار دولار، متجاوزة بذلك ثروة إيلون ماسك، مما يعكس الحجم الهائل للأرباح التي تجنيها هذه الشركات من تشغيل مراكز البيانات، وتأمين الطاقة، والحصول على المعطيات، واستغلال العمالة الرقمية، ويقود الباحث أنطونيو كاسيلي مجموعة بحثية متعددة التخصصات، تُعنى بدراسة ظروف العمل التي يخضع لها المبرمجون والمهندسون المسؤولون عن تطوير أدوات الذكاء الاصطناعي.

استغلال فاحش للعمالة غير المرئية والرّخيصة
استثمرت الشركات التكنولوجية الكبرى مبالغ هامة واستغلت جهود ملايين العاملين في إفريقيا وآسيا، مقابل أجُور منخفضة، لتصميم تطبيقات الذّكاء الإصطناعي ولتطوير الخوارزميات ولتحسين أداء الأدوات التكنولوجية وتنظيم البيانات، فضلا عن تشغيل المُستخدمين مجانًا إمامنخلال التعليقات أو من خلال استخدام التطبيقات لإدارة حساباتهم المصرفية أو قضاء شؤونهم الإدارية أو لشراء السلع، وبذلك يُساهم المُستخدمون في "العمل غير المَرْئِي" أو "العمل الرقمي غير المُكافَأ"، وفق تعبير أنطونيو كاسيلي ( المرجع أسفل هذا المقال)، ويُساهمون بذلك مجانًا في تعظيم أرباح الشركات وخفض عدد العاملين في المصارف والمتاجر والإدارات وفي استغلال العمالة الرخيصة في منصات هذه الشركات بالبلدان الفقيرة ( مدغشقر أو المغرب على سبيل المثال) وتوفير الشركات قيمة الأُجور وتأجير المحلات وما يرافقها من مصاريف أخرى، مثل شركة أمازون أو علي بابا، وتقوم الرأسمالية الرقمية الجديدة بتحويل الإنسانية إلى بيانات مُجَرّدَة قابلة للإستغلال التجاري وتغذية "سحابة البيانات"، مع العدد الكبير من الأجهزة المتصلة بالشبكات، والتي بلغت حوالي 27 مليار جهاز مُتّصل بالشّبكة سنة 2017، ومن المتوقع أن يصل هذا الرقم إلى 125 مليار جهاز بحلول سنة 2030، من الهواتف الذكية إلى الروبوتات...
ارتفع الطلب على أدوات وتكنولوجيات الذكاء الاصطناعي في قطاعات اقتصادية متعددة وكذلك في قطاع البحث العلمي والإبتكار والتطوير والقطاع المالي والمصرفي و قطاع الرعاية الصحية والخدمات القانونية والقضائية والزراعة والبحوث البيئية، غير إن للذكاء الإصطناعي مخاطر وتهديدات متعلقة بالأمن القومي، بسبب عدم التّحكّم في مسار وإدارة الإقتصاد الرّقمي فالذكاء الاصطناعي والروبوتات هي حلول تكنولوجية تُخفي قضايا استراتيجية يتطلب حلّها استثمارات وبُنْيَة تحتية وخبرات لا تمتلكها الدّول الفقيرة ولا الشركات الصغيرة، وفق "التقرير السنوي لمؤشر الذكاء الاصطناعي" ( جامعة ستانفورد 2024).
تحتكر أربع شركات عابرة للقارات كافة التقنيات الرقمية الحديثة التي أصبحت مجالا للصراع والتنافس بين القوى الدّولية وبين الشركات الصناعية والتجارية والمؤسسات المالية ومؤسسات التعليم الجامعي والبحث العلمي، وكان الناس يعتقدون إن هذه التقنيات سوف تُيَسِّرُ التواصل وتكسر الحُدود بين مواطني العالم، غير إنها تحولت إلى أداة للإمبريالية الرّقمية تقودها المؤسسات الأمريكية ودولتها، وإلى اداة لتحقيق أهداف الاستعمار الجديد الذي أصبح بإمكانه مراقبة أي نقطة في العالم، وتجميع وتحليل البيانات الشخصية من خلال شبكات التّواصل الإجتماعي والحواسيب والهواتف "الذّكية" التي أصبحت إجبارية، وتستخدمها الشركات لتوجيه الإعلانات التجارية وترويج إنتاجها وتكييف دعايتها وفق سلوك وميولات المستخدمين/المُستهلكين الذين تنهب بياناتهم مجانا، دون حدود، ودون حماية قانونية للمستخدمين، بهدف زيادة الأرباح،
يشمل الذكاء الاصطناعي القدرة على جمع وتحليل حجم هائل من المعلومات والبيانات، وعلى إدراك المُحيط وعلى الإستنتاج والتخطيط للمستقبل، من خلال برامج يتم تخزينها في آلات باستخدام تقنيات متطورة بهدف اختصار الوقت والجهد، مما يتطلب تقليل الإعتماد على البشر وزيادة الإعتماد على الآلات التي أصبحت قادرة ( بفعل برامج ابتكرها الإنسان) على التعرف على الصّوَر والأصوات والألوان وحل مسائل حسابية مُعقّدة في وقت قياسي، ولهذه الأسباب وغيرها أصبح التّحكّم في تقنيات الذكاء الإصطناعي مجال منافسة وصراع محموم بين الشركات والدول، وأصبحت شركات وادي السيليكون تسيطر بيانات سُكّان العالم وعلى قرارات الحكومات، وأقامت تحالفات مع حكومات اليمين المتطرف ضدّ أغلبية شعوب العالم وضد مؤسسات "المجتمع المدني" وتُؤثّر على الرأي العام وعلى مسار الحملات الإنتخابية من خلال تحليل البيانات لِفهْم توجهات الرأي العام خدمة لمصلحة بعض الأحزاب السياسية المرتبطة بمصالح تلك الشركات التي تحتكر أدوات الذكاء الاصطناعي وجعلت منها "مِلْكِيّة فِكْرِيّة" خاصّة بدل جعلها مفتوحة المصدر لاستخدامها وتطويرها بشكل جماعي، لكن ما يحصل حاليا هو تصميم الخوارزميات والذّكاء الإصطناعي لإقصاء فئات عديدة من العاملين ولإعادة هيكلة الإقتصاد الدّولي لصالح البلدان الإمبريالية وشركاتها العابرة للقارات، مع رفض منافسة الشركات الصينية، على سبيل المثال...
تُشير المعلومات المتوفرة إلى نُمو الإنفاق العالمي على الذكاء الإصطناعي بنسبة 35% بين سَنَتَيْ 2020 و 2025، وقد ترتفع قيمة الإنفاق العالمي لتصل إلى ثمانمائة مليار دولارا سنة 2030، ويعود سبب ارتفاع الإنفاق ( الذي يُقصي الدّول الفقيرة التي تحاول توفير الغذاء والدّواء والطاقة...) إلى رغبة الدّول الرأسمالية المتقدّمة – بما فيها الصّين – إلى إعادة تشكيل موازين القُوى وخارطة النّفُوذ، مما يُفسّر الدّعم الحكومي الذي تقدّمه الولايات المتحدة إلى شركات التكنولوجيا، وما يقدمه الإتحاد الأوروبي أو الصين التي تمكّنت شركاتها، مثل هواوي أو ديب سيك، في وقت قياسي – رغم الحصار الأمريكي والأوروبي – من تطوير الذكاء الإصطناعي ومنافسة الشركات الأمريكية الرائدة مثل "أوبن إيه آي"، وتندرج هذه المنافسة ضمن حرب تجارية واقتصادية وتكنولوجية يسعى فيها كل طرف إلى تطوير الأدوات التي تضمن الهيمنة العالمية، وزادت هذه الحرب بين الولايات المتحدة والصين من تهميش الدّول "النّامية" التي لا تمتلك القدرات المالية والتّقنية لدخول هذا السّباق المحموم الذي أدّى إلى تحويل الذكاء الاصطناعي من ابتكار تقني إلى أداة قُوّة وهيمنة في ظل إعادة هيكلة العلاقات الدّولية وموازين القوى بين الحكومات و الشركات والجامعات ومراكز الأبحاث والبيانات...

التكنولوجيا أداة هيمنة
لا تكمن المشكلة مع التكنولوجيا التي أدّت إلى ابتكارالذكاء الاصطناعي بشكل مطلق، بل في توسيع استخدامات هذه الأدوات من قِبَل الشركات الرأسمالية لإلحاق الضرر بالبشر وبالعمال والبيئة، وتقويض دَوْر النقابات والمُؤسّسات الأهْلِيّة، وهو ما يُستَشَفُّ من إعلان إيلون ماسك في لقاء له مع رئيس الوزراء البريطاني السابق ريشي سوناك "إن الذكاء الاصطناعي سيكون قادرًا على القيام بكل شيء، ولن نحتاج إلى عُمّال يحتجّون أو يُضْرِبون ويُطالبون بالزيادة في الأُجُور"، ونَسِيَ – أو تناسى – إيلون ماسك إن البشر من ذوي الرواتب المنخفضة في كينيا أو في الهند، على سبيل المثال، يُغَذّون نظام التعليم الآلي ببيانات خام وغير مُعالجة، ثم يُصنّفون المدخلات لتعليم الآلة كيفية تنظيم البيانات وتقدير أهميتها في تحديد المُخرجات النهائية، وبشكل عام ييتم تدريب البرامج مُسبقًا بواسطة بشر لتعليمها وتصحيحها وتغذيتها بكميات هائلة من البيانات، معظمها نصوص مكتوبةـ تتيح توفير الآلات الإفتراضية للذكاء الإصطناعي وتُجري هذه الآلات أنواعًا مُختلفة من معالجة المعلومات، ولذا فإن "الذكاء الاصطناعي" ليس تقنية ثورية، بل أداة يتحكم بها الرأسماليون ويستخدمونها لزيادة حصة رأس المال وخَفْض حصة العمل في عملية الإنتاج، مما يؤدِّي إلى تدهور ظروف العمل وتفكيك العمل الحرفي، وانتشار "المصانع الرّقمية" التي تعتمد على هشاشة عقود العمل وأوضاع العمال، فضلا عن استخدام أرباب العمل الخوارزميات كأداة لِفَرْض مزيد من السيطرة على مسار ومراحل العمل والإنتاج من خلال استخدام منصات رقمية لتقسيم الوظائف ومراقبة سرعة إنجاز العمال لتلك المهام، وتوسيع نطاق منطق المصنع في أي مكان تقريبًا ( العمل عن بُعد أو منصات البيع بالأنترنت أو مراكز الإتصال على سبيل المثال)، مما يُتيح تَتَبُّعَ العمال ومراقبة سرعة الإنجاز وتطبيق المعايير التي يشترطها أصحاب العمل، وبذلك يُساهم العُمّال – بدون إرادتهم أو غصبًا عنهم – في مساعدة أصحاب العمل على تقليص عدد العاملين وتسريع وتيرة العمل وتحويل الوظائف المكتبية الماهرة إلى وظائف شبه ماهرة أرْخَص، لتصبح ظروف العمل أسوأ مما كانت عليه سابقًا، وعَوّض الكمبيوتر الموظفين الذين كانوا يقومون بالأعمال الإدارية وكتابة التقارير والمراسلات وتخزين الوثائق وفرضت الشركات على الإداريين كتابة التقارير وإرسالها وتبويبها بأنفسهم، وبذلك وفَرت الشركات الأُجور التي كانت تدفعها للموظفين الإداريين، ويُعد ذلك تدهورًا وظيفيا يُمَكّن الشركات من زيادة الأرباح، واليوم يلجأ أصحاب العمل إلى استخدام "الذكاء الاصطناعي" لتقسيم الوظائف ولكن أيضًا لإخفاء وجود العمال البشريين الذين يتقاضون أجورًا ضعيفة، والذين يوجد العديد منهم في "الجنوب العالمي"، ويُحاول مالكو وسائل الإعلام استبدال الصحافيين ببرنامج يكتب المقالات ويخفض الإنفاق ويزيد الأرباح، وسبق أن نَفّذ أعضاء نقابة الكتاب الأمريكية (WGA) إضرابًا بهدف منع استوديوهات السينما والتلفزيون من فرض "الذكاء الاصطناعي" على الكُتّاب، واستخدام أنظمة تعلم آلي لتقسيم الوظائف إلى سلسلة من المهام المنفصلة، ومن خلال تقسيم العمل وتحويل وظيفة "الكاتب" إلى وظائف أصغر وأقل أجرًا، تقتصر مهمتهم على تغذية الآلة وصقل النّصوص التي "تُنتِجُها الآلة"، وبشكل عام لم تتمكن النقابات من التعامل مع التكنولوجيا كمسألة قابلة للتفاوض، إما بسبب الضعف أو عدم وضوح الرُّؤْيَة، فيما زاد اعتماد الشركات على ما تُسمِّيه "الإستعانة بمصادر خارجية" أي العاملين عن بُعد، المقيمين في دول فقيرة ( الهند والفلبين ومدغشقر وفيتنام وغيرها) ومن ذوي الأجور الزّهِيدة، وفق عالمة الاجتماع جانيت فيرتيسي.

خاتمة
تُسَوّق الشركات الكبرى صورة مضللة، تقتصر على قلة من المهندسين المتخصصين ذوي الأجور العالية، وتَتستّر على وجود مئات الملايين من العاملين في مواقع خَلءفِية، يقومون بأعمال غير معترف بها وبأجور زهيدة، سواء في مناطق مثل:بالو ألتو (مقر "ميتا-فيسبوك") وفيرجينيا (مراكز بيانات "أمازون") وتكساس ("أوبن أي إي") وفي الصين، أو في بلدان فقيرة مثل كينيا ومدغشقر والفلبين وفيتنام حيث يتم تعديل الخوارزميات وتقييم المحتوى وفحص البيانات وتصفيف المعلومات، وهو عمل غير معترف به ولا يُحتسب ضمن تكلفة الإنتاج الرسمية لأدوات الذكاء الإصطناعي و يُعتَرَفُ به كجزء من الاستثمار الرأسمالي
يرتكز تطوير الذكاء الاصطناعي على توظيف عمالة رخيصة من داخل البلاد في المناطق الأقل نموا، ومن خارجها من البلدان منخفضة الدّخل للعمل على تعليق وتصنيف البيانات، مما يوفر للشركات قاعدة بيانات ضخمة بتكلفة زهيدة، تسهم في تطوير أدوات الذكاء الاصطناعي الذي لا يُمثل مجرد ثورة تكنولوجية، بل هو جزء من هيمنة رقمية تُتيح ترسيخ تبعية رأسمالية بين الشمال والجنوب، مما يجعل البلدان الفقيرة "مختبرات رقمية" للعمالة الرخيصة، فيما تجني الدول الكبرى الأرباح وتحدد "القواعد التنظيمية لصناعة المستقبل"، باستغلال سوق العمل الرقمي الخفي في العديد من البلدان، مثل مصر وكينيا وفنزويلا والفلبين وتعميق التبادل غير المتكافئ بين الدّول الرأسمالية الإمبريالية والدّول الفقيرة، أو بين "المركز" الإمبريالي" و "المحيط الخاضع للإستعمار الجديد"...
من الخطأ الإقتصار على اعتبار الذكاء الاصطناعي والمنصات الرقمية ابتكارًا تكنولوجيًّا، بل ترافقه إيديولوجيا تعمل على حرمان الطبقة العاملة من حقوقها المُكْتَسَبَة بفضل النضالات والتّضحيات كالحدّ الأدنى للرواتب والحماية الإجتماعية وجراية التقاعد، وشكّلت مجموعة فورد لصناعة السيارات مُختبرًا "التقدمية التكنولوجية " وللأتْمَتَة (automation lab ) الذي يُخْفِي سياسة الشركة في استبدال العمل البشري بعمل الآلة وفي تسريع وتيرة العمل، وتدهور ظروف العمل، وفي مكافحة النقابات، من خلال التراجع عن "معايير الإنتاج" التي وقعتها مع النقابات في "معاهدة ديترويت"، وفشلت النقابات الأمريكية لعمال السيارات والمناجم والموانئ وغيرها في إدراك الغاية من خطاب "التقدّم التكنولوجي" والمتمثلة في السيطرة على عملية مراحل الإنتاج والعمل، وخفض عدد العمال وفَرْض شروط مُجحفة ورواتب منخفضة، وقد يكون الذكاء الاصطناعي فرصة لأصحاب العمل للعودة إلى تطبيق بعض أقدم وأبْشَع أساليب تدهور ظروف العمل، وتفكيك النقابات لفرض تغييرات جذرية سلْبيّة...
من غير المنطقي الإعتراض على اقتصاد المعرفة والذّكاء الإصطناعي لأن الإكتشافات العِلْمِية والتكنولوجيا ليست سيئة أو جيّدة في حدّ ذاتها، بل تكمن المسألة في استخدام هذه الأدوات أو الأنظمة التي يمكن أن تصبح خدماتٍ عامّة مُدمجةً في حياة الناس اليومية وأعمالهم، ويُمكن استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي لتنظيم عمل المرافق العامة ( الكهرباء والمياه والنقل...) لخفض إنفاقها مقابل تحسين جودة خدماتها وتوفيرها بأسعارٍ معقولةٍ وتيْسير استفادة المواطنين من هذه الخدمات التي يجب أن تخضع للرقابة العامة وللمحاسبة، وتعمل وفقًا لمعايير قد تشمل الشفافية وحسن التّدبير والموثوقية، وبذلك يكون اقتصاد المعرفة والذّكاء الإصطناعي في خدمة الصّالح العام وفي خدمة الإنسان ومُحيطه وليس وسيلة لتضخيم أرباح الرّأسماليّين والقطاع الخاص...

مَرَاجِع
موقع مجلة "إيكونوميست" 26 أيار/مايو 2025
تحقيق نشره موقع بي بي سي 15 نيسان/ابريل 2025
موقع صحيفة نيويورك تايمز 13 حزيران/يونيو 2025
دراسة نشرتها جامعة ريجكس خرونينغن في هولندا ( نيسان/ابريل 2024 )
دراسة نشرها باحثون يعملون بشركة "أبل" يوم العاشر من تموز/يوليو 2025
كتاب "امبراطورية الذّكاء الإصطناعي" تأليف الصحافية "كارين هاو " - أيار/مايو 2025 نَشر دار "بنغوين برس"
"The Empire of Artificial Intelligence" by Karen Howe - May 2025
كتاب عالم الإجتماع أنطونيو كاسيلي بعنوان "انتظار الروبوتات: الأيدي العاملة في الأتمتة « ( تُرْجِم إلى العربية سنة 2024)
Antonio A. Cassilli « Waiting for Robots: The Hired Hands of Automation »



#الطاهر_المعز (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من مخاطر الشركات العابرة للقارات
- مُتابعات - العدد الثالث والثلاثون بعد المائة بتاريخ التّاسع ...
- دروس من العدوان ومن الخيانات والمقاومة - الجزء الثاني والأخي ...
- دروس من العدوان ومن الخيانات والمقاومة - الجزء الأول من جُزْ ...
- الهند – من إضراب صغار المزارعين سنة 2020 إلى الإضراب العام ل ...
- إيران – بين العمل الإنساني والأمن القومي
- مُتابعات - العدد الثاني والثلاثون بعد المائة بتاريخ الثاني ع ...
- بإيجاز الشراكة بين رأس المال والصّهيونية، بدعم أمريكي
- تونس – إضراب الأطباء الشّبّان
- بإيجاز - تأثيرات الرسوم الجمركية على الإقتصاد الأمريكي
- موقع أوروبا السياسي بين الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي
- في جبهة الأعداء - المستفيدون من الإبادة الجماعية
- مُتابعات - العدد الواحد والثلاثون بعد المائة بتاريخ الخامس م ...
- بريطانيا – ابتزاز الفنانين بتهمة -مُعاداة السّامية-
- في ذكرى استقلال الجزائر 05 تموز/يوليو 1962 – 2025
- مُتابعات - العدد الثلاثون بعد المائة بتاريخ الثامن والعشرين ...
- الثورات الملونة والحرب -النّاعمة-
- ألمانيا رأس حِرْبة الإمبريالية الأوروبية – 2 / 2
- ألمانيا رأس حِرْبة الإمبريالية الأوروبية – 1 / 2
- وفاة الأمم المتحدة؟


المزيد.....




- الحكومة المصرية تعد فرص استثمارية لطرحها على الشركات الأمريك ...
- ما الفرق بين الموت الدماغي والغيبوبة؟
- كيف تربح نقاشاً مع من يختلف معك في الرأي؟
- الحوثيون يعلنون -عملية نوعية- ضد إسرائيل.. ونتنياهو يشترط اس ...
- موجة قصف روسي ليلية.. حرائق في أوديسا وسومي وضحايا في كييف
- في ظل الجوع المتفشي في غزة.. ماذا يحدث لجسد الإنسان حين يُحر ...
- مصدر سوري: صمود وقف إطلاق النار بالسويداء بلا خروقات
- إيران: موجة حر شديدة تتسبب في انقطاع الماء والكهرباء في عدة ...
- باريس تطلب السماح للصحافة بدخول غزة -لتوثيق ما يحدث فيها-.. ...
- أردوغان: من يصمت عن غزة شريك لإسرائيل في جرائمها


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الطاهر المعز - من مخاطر اقتصاد المعرفة والذكاء الاصطناعي