أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عامر هشام الصفّار - الكتاب والمكتبة في تراثنا العلمي















المزيد.....

الكتاب والمكتبة في تراثنا العلمي


عامر هشام الصفّار

الحوار المتمدن-العدد: 8409 - 2025 / 7 / 20 - 18:14
المحور: الادب والفن
    


لابد أبتداء من التأكيد على أن النهضة العلمية العربية لا يمكن أن تتحقق حاضرا دون الإستناد على أسس في العمل العلمي متينة وراسخة، ولعل الإدراك والتفهم الواعي لنتاجات العقل العربي الإبداعي في زمن السطوع الحضاري للعرب من خلال التفاعل مع تراثنا العلمي الخالد يعد واحدا من أهم هذه الأسس.
‏إن النهضة العلمية لا تأتي من مجتمع غير مهيء لها في الأساس، لذلك فلا يمكن للعقل العربي أن يضيف ويبدع في العلم ومجالاته المختلفة دون أن يكون مستعدا ومهيئا للنتاج العلمي أصلا، بما أختزنه من أفكار وفرضيات وتقاليد علمية.
‏وهنا أجد العلاقة وثيقة جدا بين تقدمنا العلمي وتحقيق نهضتنا العلمية في عصرنا الحاضر، وبين العودة المتفاعلة والمتفهمة بوعي لنتاجات تراثنا العلمي، بكل ما تضمنه هذا التراث من إنجازات مبدعة حفظت للمسيرة الحضارية الإنسانية أستمرارها وديمومتها..وبكل ما تضمنه هذا التراث أيضا من تقاليد في العمل العلمي لا أظن أننا اليوم إلا في أشد الحاجة إلى إدراكها وإستيعابها جيدا.
الكتابة والكتاب .. تاريخ أول
من الثابت علميا إن السومريين كانوا أول من أهتدى إلى الكتابة في تاريخ العراق القديم، حيث أتبعوا في النصف الثاني من الألف الرابع قبل الميلاد أسلوب الكتابة بالصور، التي تمثل الشيء المطلوب إفهامه للمقابل (الكتابة التصويرية)، حتى أستطاع السومريون بعد ذلك من تطوير أسلوب الكتابة عندهم حيث أصبح بالإمكان التعبير برموز وعلامات معينة عما يريدون قوله، فأكتسب اللفظ مدلوله عند النطق به، وبذلك أرتبطت الكتابة بإمكانات الإنسان التشريحية والوظيفية من ناحية تكيف جهاز التصويت عنده للفظ والكلام.
وهكذا نشأت أو عرفت الكتابة المسمارية. يقول ديورانت صاحب كتاب "قصة الحضارة" وفي الجزء الأول من هذا الكتاب ما نصه : إن تطور الكتابة هو الذي كان يخلق الحضارة خلقا..وبداية ظهور الكتابة هو الحد الذي يعين التاريخ..ومن المعروف علميا أن السومريين هم أول من من كتب من جهة اليمين حتى اليسار.
أما علماء الآثار والحفريات فهم يضعون أحتمالين لنشوء الكتاب، فمنهم من يعتقد أن بداية نشأة الكتاب كانت من أستعمال لفائف ورق البردي. في حين أن هناك من يرجع أصل الكتاب إلى ما كان يستعمله الآشوريون من ألواح خشب أو عاج رقيقة، حيث تتم الكتابة عليها بعد طليها بطبقة من الشمع.
يقول الأستاذ المرحوم الدكتور طه باقر فيما يرجحه من نوع كتابي هو أصل الطباعة نعني بذلك الكتابة التي تختم على الآجر.. وكان ذلك يتم بطمغ اللبن قبل فخره، حيث يطمغ بقالب محفور بالكتابة المسمارية بهيئة معكوسة. ولا تزال تشاهد الألوف الكثيرة من الآجر المختوم وهو مبني في جدران المعابد والقصور والأبراج المدرجة.
المكتبة العربية… أستقراء تاريخي
‏إن إستقراءا علميا لمسار المكتبة العربية في تراثنا العلمي يمكننا بالفعل من أن نستنتج الآتي:
١. أن الإنسان العربي قد تعامل مع الكتاب تعاملا إبداعيا من خلال الحرص على إقتنائه وقرائته، ومن ثم ترتيب الخزائن للمحافظة على مجاميع الكتب في مكتبة عامرة.
تقول المستشرقة الألمانية زيغريد هونكه في كتابها "شمس العرب تسطع على الغرب" ففي عام 891م يحصي مسافر عدد دور الكتب العامة في بغداد بأكثر من 100، وبدأت كل مدينة تبني لها دارا للكتب يستطيع الناس إستعارة ما يشاؤون منها.
وتستمر المستشرقة الألمانية قائلة: إن عشق الكتب لم يكن وقفا على حفنة من العلماء فقط، بل كان هواية العرب على أختلاف طبقاتهم. فكل متعلم من رجالات الدولة المهمين إلى بائع الفحم، ومن قاضي المدينة إلى مؤذن المسجد هو زبون دائم عند بائع الكتب.
‏٢. إن دور العلم العربية لا يمكن أن تكتمل صورتها الصحيحة دون أن تضم إليها مكتبة زاخرة بالنفيس من كتب العلم والمعرفة. وهكذا كانت المدرسة المستنصرية ببغداد، والتي تعد أول جامعة كبرى في العالم الإسلامي حينها، حيث شرع نصر العباسي لبنائها سنة 625 للهجرة وتم افتتاحها سنة 631 للهجرة.
‏يقول الأستاذ المرحوم ناجي معروف: ويظهر أن المستنصرية ببغداد أصبحت قدوة لمؤسسي المدارس من الرجال والنساء، ليس في العراق وحسب بل وفي مصر والشام والحجاز، حيث شرعوا يبنون مدارسهم على صفتها من حيث المذاهب الأربعة، أو احتوائها على الكتب وعلى بقية المرافق الأخرى. وهكذا كانت في كل مسجد مكتبة خاصة كما في كل مستشفى (بيمارستان) قاعة كبيرة تصف على رفوفها الكتب والمؤلفات الطبية.
‏٣. إن رجل العلم العربي لم يترك فرصة معينة تسنح له إلا ويهتبلها على سبيل زيادة معارفه العلمية من كتب المكتبات العامرة، وهو تقليد علمي في سلوك علمائنا حري بالأستيعاب.
يروي أن سلطان بخارى قد شفي على يد الطبيب الشيخ الرئيس ابن سينا بعد أن ألّم به مرض عضال. فأراد السلطان مكافأة الشيخ ابن سينا، فما كان من الطبيب الخالد إلا أن أعلن عن رغبته بالأطلاع على مكتبة قصر السلطان.
‏٤. إن المكتبة العربية وكما يخبرنى تراثنا العلمي، لم تكن للمطالعة فقط، بل إن بعض المكتبات قد خصصت قاعاتها لأهل التأليف والترجمة.
تقول المستشرقة الألمانية هونكه في حديثها عن دور الكتب العامة في بغداد: كما ويجتمع فيها المترجمون والمؤلفون في قاعات خصصت لهم، ويتجادلون ويتناقشون كما يحدث اليوم في أرقى الأندية العلمية.

ويذكر آدم ملتز في كتابه "الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري" أنه ظهرت إلى جانب دور الكتب، مؤسسات علمية أخرى تزيد على دور الكتب بالتعليم، أو على الأقل بإجراء الأرزاق على من يلازمها. فيحكى عن ابن قاسم جعفر بن محمد بن حمدان الموصلي المتوفى سنة 323 للهجرة أنه أسس دارا للعلم في بلده وجعل فيها خزانة كتب من جميع العلوم وقفا على كل علم لا يمنع أحد من دخولها. وفي سنة 383 للهجرة أسس أبو ناصر سابور وزير بني بوية دارا للعلم في الكرخ غربي بغداد، ونقل إليها كتبا كثيرة أشتراها وجمعها وكذلك أتخذ الشريف الرضي المتوفى عام 406 للهجرة دارا سماها دار العلم وفتحها لطلبة العلم، وعيّن لهم جميع ما يحتاجون إليه. ويدل مجرد أسم هذه المؤسسات على الفرق بينها وبين دور الكتب القديمة. فكانت دار الكتب قديما تسمى خزانة الحكمة، وهي خزانة كتب ليس غير. أما المؤسسات الجديدة فتسمى دور العلم وخزانة الكتب جزء منها.
٥. لم يكن باعة الكتب الاّ أناساً من الراغبين بالقراءة والأستزادة من العلوم، ولم تكن سوق الكتاب إلا منتدى فكريا من نوع خاص. فهذا ابن النديم العالم الكبير ومؤلف كتاب "الفهرست" تاجر الكتب يملك حوانيت يلتقي من خلالها مع زملائه من مفكري العصري ومثقفيه.
‏ولنا أخيرا أن نقف عند ما يقوله الأوروبيون المنصفون عن حضارة العرب، حيث ينقل لنا الاستاذ محمد كرد علي: علمونا صنع الكتاب وصنع البارود وعمل إبرة السفينة، فعلينا أن نفكر ماذا كانت نهضتنا لو لم يكن من ورائها هذه المخلفات التي وصلتنا من المدنية العربية.



#عامر_هشام_الصفّار (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثقافة السؤال وأهميتها في بناء وعي متجدد
- الإدمان على العنف والحروب: تهديد للحضارة
- الروائية العراقية إنعام كجه جي تقول: جورج بوش هو الذي جعلني ...
- المدارس والذكاء الأصطناعي
- صحة المراهقين في عدد مجلة اللانسيت الطبية العالمية الصادرة ا ...
- وداد الأورفلي: أيقونة الفن العراقي المعاصر وحارسة الذاكرة ال ...
- قراءة في كتاب -رؤى في الحياة والثقافة- للدكتور عامر هشام الص ...
- الدكتور الطبيب كامل إسماعيل الجواهري في ذمة الخلود
- ولادة أول طفل لأم بلا رحم
- التواصل عبر الثقافات
- قراءة في كتاب -الحياة حلوة بس نفهمها-
- السير غاريث...الكابتن السابق لفريق كرة القدم الأنكليزي.. وال ...
- قصيدتان... الضمير... المصير
- حول معرض الكتاب العالمي في لندن
- قراءة نقدية في قصة -حجاية- للقاصة أزهار علي
- اقرأ في عدد مجلة العربي لشهر شباط/فبراير 2025
- لقاء الروائية والفنانة في الهواء الطلق
- أفكار ورؤى حول المنصات الرقمية الثقافية العربية
- زيارتي لبيت/متحف الروائية الأنكليزية الشهيرة جين أوستن
- قالوا وقلت.. حول مرض جدري القرود.. العدوى والوقاية


المزيد.....




- راغب علامة يسعى لاحتواء أزمة منعه من الغناء في مصر
- تهم بالاعتداءات الجنسية.. فنانة أميركية تكشف: طالبت بأن يُحق ...
- حمامات عكاشة.. تاريخ النوبة وأسرار الشفاء في ينابيع السودان ...
- مؤلَّف جديد يناقش عوائق الديمقراطية في القارة السمراء
- الأكاديمية المتوسطية للشباب تتوج أشغالها بـ-نداء أصيلة 2025- ...
- 5 منتجات تقنية موجودة فعلًا لكنها تبدو كأنها من أفلام الخيال ...
- مع استمرار الحرب في أوكرانيا... هل تكسر روسيا الجليد مع أورو ...
- فرقة موسيقية بريطانية تقود حملة تضامن مع الفنانين المناهضين ...
- مسرح تمارا السعدي يسلّط الضوء على أطفال الرعاية الاجتماعية ف ...
- الأكاديمي العراقي عبد الصاحب مهدي علي: ترجمة الشعر إبداع يوط ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عامر هشام الصفّار - الكتاب والمكتبة في تراثنا العلمي