أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عامر هشام الصفّار - وداد الأورفلي: أيقونة الفن العراقي المعاصر وحارسة الذاكرة الجمالية














المزيد.....

وداد الأورفلي: أيقونة الفن العراقي المعاصر وحارسة الذاكرة الجمالية


عامر هشام الصفّار

الحوار المتمدن-العدد: 8352 - 2025 / 5 / 24 - 18:51
المحور: الادب والفن
    


في عمر السادسة والتسعين، ما زالت الفنانة التشكيلية العراقية وداد الأورفلي تمثل علامة فارقة في تاريخ الفن العراقي والعربي. تقيم الأورفلي اليوم في عمّان، الأردن، وقد نحتت خلال عقود من الإبداع، مسيرة غنية تتجاوز حدود اللوحة التشكيلية لتشمل الشعر والموسيقى، فكانت بحق فنانة شاملة، تجسّد روح بغداد بجمالها وحنينها، وتُعطي للألوان ذاكرة لا تنسى.
الطفولة والبدايات المبكرة
ولدت وداد الأورفلي في بغداد لعائلة ميسورة تهتم بالثقافة، ومنذ طفولتها الأولى أظهرت ميولاً فنية لافتة، إذ بدأت الرسم في سن مبكرة، وكانت تمضي ساعات طويلة في عزلتها مع الألوان والفرشاة، قبل أن تتجاوز الخامسة عشرة من عمرها. لم يكن الرسم مجرد هواية بل هاجساً وحاجة روحية عميقة.
من بيروت إلى بغداد: التكوين الأكاديمي
بدأت دراستها للفن في العاصمة اللبنانية بيروت، في واحدة من أبرز فترات التفاعل الثقافي العربي، قبل أن تعود إلى بغداد لتكمل دراستها في كلية الملكة عالية. لم يكن تعليمها الأكاديمي مقتصراً على الأطر النظرية، بل كان لصيقاً بتجربتها الذاتية ووعيها الفني. وقد واصلت دراستها تحت إشراف الفنان العراقي الرائد خالد الجادر، أحد أهم أساتذة الفن التشكيلي الحديث، وتخرجت من معهد الفنون الجميلة ببغداد عام 1960.
مسؤولة التراث وحامية الذاكرة البغدادية
في مرحلة لاحقة، تولت وداد الأورفلي مسؤولية متحف التراث الشعبي في بغداد، وكان لذلك تأثير عميق على مسيرتها الفنية. وقد أظهرت أهتماماً خاصاً بسوق الصفافير، ذلك السوق البغدادي العتيق المتخصص في حرفة الطرق على النحاس. لم تكتفِ بمراقبة هذا التراث، بل وثّقته، وأدخلت عناصره إلى عالمها التشكيلي، مانحةً الفن الحرفي مكانته التي يستحقها كفن شعبي عريق يعبر عن الهوية الجمعية.
قاعة الأورفلي: أكثر من صالة عرض
في عام 1983، أفتتحت قاعتها الفنية الخاصة في بغداد، والتي حملت أسمها: "قاعة الأورفلي للفنون". لم تكن هذه القاعة مجرد صالة عرض بل كانت مركزاً ثقافياً متكاملاً، أستضافت معارض وفعاليات ثقافية وشعرية، وشكلّت فضاءً حيوياً للقاء الفنانين والمثقفين، ومركز إشعاع للحراك التشكيلي العراقي والعربي.
من الواقعية إلى الفنتازيا
تنوّعت أساليب وداد الأورفلي الفنية، فمرت بتجارب واقعية قبل أن تستقر في أسلوب فني يجمع بين الرمزية والفنتازيا. عالمها التشكيلي متخم بالألوان الدافئة، الوجوه الحالمة، والعناصر الشرقية المستوحاة من الزخرفة الإسلامية والموروث الشعبي. وقد تناول الناقد العراقي محمد الجزائري تجربتها في كتابه "من الواقعية إلى الفنتازيا"، الذي يوثق هذا التحول البارز في أسلوبها ويحلل ملامح تجربتها الفنية.
تكريم في عمّان
في عمّان، حيث تقيم اليوم، أقيم لها وبحضورها في شهر مايس/آيار 2025 معرض فني فخم احتفاءً بمسيرتها الطويلة، وقد وثّقت عدسة المعماري والفنان المبدع إحسان فتحي لحظاته، ناقلاً للجمهور روح المعرض وما يحمله من ألق الألوان ووهج الذاكرة.
الشاعرة والموسيقية
إلى جانب الفن التشكيلي، كانت وداد الأورفلي شاعرة مرهفة وصاحبة ذائقة موسيقية عالية، مما منح أعمالها بعداً وجدانياً عميقاً. لها روحها التي تنبض بالشعر والمعاني الجميلة، وألوانها تتراقص على إيقاع داخلي يُحاكي الموسيقى الشرقية.
إرث لا يُنسى
اليوم، تقف وداد الأورفلي شاهدة على جيل من الفنانين الذين أعادوا تشكيل الذائقة العراقية والعربية. أن حضورها الفني والإنساني ما زال حياً، وسيرتها تُدرّس كجزء من تاريخ الفن العراقي الحديث. لم تكن وداد الأورفلي مجرد فنانة، بل كانت حافظة لذاكرة وطن، وملهمة لأجيال من التشكيليين الذين تتلمذوا على رؤيتها وشغفها.
رحلة وداد الأورفلي ليست فقط سيرة فنانة، بل مرآة لزمن عراقي مضيء، محفور على جدران بغداد وألوانها، وممتدّ اليوم في سماء عمّان، حيث تستمر في العطاء، في صمت النبلاء وعنفوان المبدعين.



#عامر_هشام_الصفّار (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في كتاب -رؤى في الحياة والثقافة- للدكتور عامر هشام الص ...
- الدكتور الطبيب كامل إسماعيل الجواهري في ذمة الخلود
- ولادة أول طفل لأم بلا رحم
- التواصل عبر الثقافات
- قراءة في كتاب -الحياة حلوة بس نفهمها-
- السير غاريث...الكابتن السابق لفريق كرة القدم الأنكليزي.. وال ...
- قصيدتان... الضمير... المصير
- حول معرض الكتاب العالمي في لندن
- قراءة نقدية في قصة -حجاية- للقاصة أزهار علي
- اقرأ في عدد مجلة العربي لشهر شباط/فبراير 2025
- لقاء الروائية والفنانة في الهواء الطلق
- أفكار ورؤى حول المنصات الرقمية الثقافية العربية
- زيارتي لبيت/متحف الروائية الأنكليزية الشهيرة جين أوستن
- قالوا وقلت.. حول مرض جدري القرود.. العدوى والوقاية
- في ضيافة الفنان الهولندي رامبرانت...
- ملحمة كلكامش.. والذكاء الأصطناعي
- مؤتمر الطب العراقي في ويلز: البحث العلمي في خدمة الأنسانية
- قرنية العين الأصطناعية لرجل مسّن
- في حوار صحفي مع الروائية البريطانية ج ك رولنك.. بعد -هاري بو ...
- ندوة طبية ثقافية عراقية في لندن


المزيد.....




- في قرار مفاجئ.. وزارة الزراعة الأمريكية تفصل 70 باحثًا أجنبي ...
- -بعد 28 عاما-.. عودة سينمائية مختلفة إلى عالم الزومبي
- لنظام الخمس سنوات والثلاث سنوات .. أعرف الآن تنسيق الدبلومات ...
- قصص -جبل الجليد- تناقش الهوية والاغتراب في مواجهة الخسارات
- اكتشاف أقدم مستوطنة بشرية على بحيرة أوروبية في ألبانيا
- الصيف في السينما.. عندما يصبح الحر بطلا خفيا في الأحداث
- الاكشن بوضوح .. فيلم روكي الغلابة بقصة جديدة لدنيا سمير غانم ...
- رحلة عبر التشظي والخراب.. هزاع البراري يروي مأساة الشرق الأو ...
- قبل أيام من انطلاقه.. حريق هائل يدمر المسرح الرئيسي لمهرجان ...
- معرض -حنين مطبوع- في الدوحة: 99 فنانا يستشعرون الذاكرة والهو ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عامر هشام الصفّار - وداد الأورفلي: أيقونة الفن العراقي المعاصر وحارسة الذاكرة الجمالية