أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عامر هشام الصفّار - في ضيافة الفنان الهولندي رامبرانت...














المزيد.....

في ضيافة الفنان الهولندي رامبرانت...


عامر هشام الصفّار

الحوار المتمدن-العدد: 8073 - 2024 / 8 / 18 - 20:47
المحور: الادب والفن
    


دخلت بيته-متحفه قبل أسابيع قليلة حيث كنت في زيارة لمدينة أمستردام عاصمة هولندا..أستأذنت رامبرانت (1603-1669) الدخول وأنا أطرق باب بيته الذي حوّله المسؤولون الى متحف يسّر الناظرين من المهتمين بفن رامبرانت في عصره الذهبي..
أما بخصوص البيت فهو الذي بني في بداية القرن السابع عشر في منطقة راقية جميلة من مناطق أمستردام التي لم يفارقها رامبرانت يوما.... وكان أن تجولت في المكان (يقع البيت في شارع جودنبر يسترات) وبحثت عن السبب الذي دفع الفنان الشهير لأن يشتري بيته هذا بالذات في الشارع الذي به..وسألت عن الأمر....فلاحظت أن البيت فيه من الغرف ما يربو على الخمس، وهي وأن كانت صغيرة الحجم نسبيا الاّ أنها كانت كافية له ولعائلته ولعمله في مرسمه الخاص..والبيت بطوابقه الثلاثة يقع في نهاية الشارع الذي تظلله الأشجار العالية..ويمر قريبا منه نهير كان منذ زمن رمزا للمدينة التي يدعي اهلها أنهم أنقذوها بمهارتهم من أن تغوص تحت المياه...ثم أن الأخبار تقول أن رامبرانت لم يهنأ بالبيت هذا حيث فجع بزوجته التي ماتت نتيجة أصابتها بمرض السل، وبأولاده الذين توفوا وهم بأعمار الطفولة. وبيع البيت قبيل وفاته بسنوات قليلة بثمن بخس..
وهو المسؤول في المدينة أمستردام الذي قرر أن يتحول البيت الى متحف ليضم ما يزيد على 250 لوحة فنية من لوحات البورتريت التي عرف بها الفنان رامبرانت، أضافة الى لوحات أخرى تميز بها فنه..كما ضم المتحف غرفة خاصة بدراسة فن رمبرانت رقميا ومشاهدة أفلام فيديو خاصة عنه.
رحت أسير بخطوات وئيدة في غرف البيت، وغرفة ورشة عمل الفنان..وسماعات لجهاز حديث بأذني أستمع من خلالها لصوت نسائي رقيق يتحدث عن المتحف وفن اللوحة عند رامبرانت، واصفا المكان مع لوحاته ودلائلها.. كما رحت أصعد السلالم الضيقة بتؤدة متحفزا ومتوقعا مفاجآت من أعمال فنية قرأت عنها وأستمتعت اليوم وأفدت وأنا أشاهدها وأتمعن في تفاصيلها...
في لوحات رامبرانت تحس ذلك التعبير المدهش عما يريد أن يوصله الى المتلقي .. كان الفنان على أطلاع بنظريات العلم في الضوء والظلال.. وكانت له أراؤه وافكاره في مصير الأنسان.. وقد عرف عنه أنه يرسم أحيانا بأستخدام ماء الذهب حيث كانت لوحته "الأشجار الثلاثة" خير نموذج على ذلك... كما يرسم اللوحات الكبيرة التي فيها الحركة ومجموع الأشخاص في الضوء والظل.. فجاءت لوحته رؤية ليلية لتعبر عن عبقرية رامبرانت الفنية، مما أحتفى به المتحف فخصص للوحة هذه عرضا رقميا جميلا.. مع العلم ان اللوحة الأصلية كنت قد شاهدتها في متحف آخر في أمستردام هو متحف ريجيكس الواقع في مركز المدينة بقاعاته الفارهة وحديقته الغنّاء.
ولعل لوحته "درس التشريح" مع الدكتور تولب هي من أشهر لوحاته والمعبرة عن فن عصره الذهبي..حيث أستخدم اللون والضوء فيها للتركيز على الموضوع، فرسم البروفيسور تولب وهو يشرح لسبعة أطباء آخرين طريقته في تشريح جثة أنسان أمامهم، معرّفا بذهن وقاد بأنسجة الجسم وأعضائه..
ولابد من القول بأن رامبرانت كان قد رسم البورتريت أو اللوحة الشخصية له نفسه، حيث ترك لنا ما يقرب من ثمانين لوحة شخصية أهتم بها مؤرخو فنه، حيث جعلته لوحاته هذه مشهورا في أوساط الفن العالمية...
ولعل الفرصة تسنح لك عند دخولك بيوت الناس من أن تتعرف على بعض من العادات والتقاليد من خلال المكان ومقتنياته وأثاثه ومحتوياته... وهكذا كان الأمر مع رامبرانت صاحب السرير الذي لا يزيد طوله على 150 سنتمترا، وصاحب أغطية السقف التي تحافظ على نظام الأضاءة في البيت، هذا أضافة الى ما كان الرجل مولعا به من مقتنيات تخص النبات والحيوان كنماذج تجدها في كل مكان من البيت المكتظ باللوحات وبكل شيء آخر...!..
تذكرت في هذه اللحظات ما قاله الفنان فنسنت فان كوخ ((1853-1890) عن رامبرانت يوما : «يمضي رامبرانت في الغموض إلى درجة أنه يقول أشياء لا توجد في أية لغة. من العدل تسمية رامبرانت بالساحر- وهي ليست مهنة سهلة».
مضى الوقت سريعا في بيت الفنان الكبير... ودّعته وأنا أنظر في عينيه، فأبتسم لي وأهداني نسخة ورقية من لوحة "درس التشريح" التي وجدت طريقها لأحدى محطات المترو في المدينة-امستردام..تلك المدينة التي لن تفارق نسيج ذاكرتي...



#عامر_هشام_الصفّار (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملحمة كلكامش.. والذكاء الأصطناعي
- مؤتمر الطب العراقي في ويلز: البحث العلمي في خدمة الأنسانية
- قرنية العين الأصطناعية لرجل مسّن
- في حوار صحفي مع الروائية البريطانية ج ك رولنك.. بعد -هاري بو ...
- ندوة طبية ثقافية عراقية في لندن
- د هاشم مكي الهاشمي… الجرّاح الشاعر
- جائزة نوبل في الآداب 2023
- حول المؤتمر الطبي العراقي في لندن
- أضراب الأطباء عن العمل في بريطانيا والمخاض العسير
- قراءة في كتاب -ما هو السرطان؟-
- كتاب المادة المظلمة... وعالم الجراثيم المفيدة في جسمك
- قراءة في -عاشق النخيل-.. المجموعة الشعرية الجديدة للشاعر منذ ...
- مرض السكري.. مرض القرن
- هل دخلنا عصر الأجنة البشرية الأصطناعية؟…
- الجديد في الطب.. سرطان الثدي والتشخيص المبكر
- مديرة متحف اللوفر الباريسي في حديث للصحافة البريطانية
- قلبي على السودان
- مفهوم المواطنة الصالحة في القصة العراقية القصيرة: مجموعة -بي ...
- الجديد في الطب: تطورات مهمة في علاج السرطان
- سهيلة أسعد نيازي... الأبداع في الترجمة


المزيد.....




- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...
- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...
- أروى صالح.. صوت انتحر حين صمت الجميع
- السعودية تخطط لشراء 48 فدانا في مصر لإقامة مدينة ترفيهية
- هل يشهد العالم -انحسار القوة الأميركية-؟ تحليل فالرشتاين يكش ...
- التمثيل النقابي والبحث عن دور مفقود
- الفنان التونسي محمد علي بالحارث.. صوت درامي امتد نصف قرن
- تسمية مصارعة جديدة باسم نجمة أفلام إباحية عن طريق الخطأ يثير ...
- سفارة روسيا في باكو تؤكد إجلاء المخرج بوندارتشوك وطاقمه السي ...


المزيد.....

- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عامر هشام الصفّار - في ضيافة الفنان الهولندي رامبرانت...