أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عامر عبد رسن - جمهورية الرواتب: كيف تُفرغ الدولة العراقية موازنتها في جيوب بلا إنتاج؟














المزيد.....

جمهورية الرواتب: كيف تُفرغ الدولة العراقية موازنتها في جيوب بلا إنتاج؟


عامر عبد رسن

الحوار المتمدن-العدد: 8409 - 2025 / 7 / 20 - 02:39
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


في السنوات الأخيرة، أصبحت الرواتب الحكومية في العراق تمثل تحدياً وجودياً للموازنة العامة، لا باعتبارها حقاً مكتسباً لموظفي الدولة، بل بسبب اختلال هيكلها، وتفاوتاتها المجحفة، وارتباطها العميق بالشلل المؤسسي والتوظيف السياسي.
فمع تجاوز تخصيصات الرواتب نسبة 60% من موازنة 2024، بات العراق يعيش ما يمكن تسميته بـ"جمهورية الرواتب"، حيث تُستنزف موارد الدولة في تمويل جهاز بيروقراطي مترهّل، يفتقر للإنتاجية ويُدار بمعايير المحاصصة لا الكفاءة.
أولاً: تشخيص التحدي المالي البنيوي
• تضخم هيكل الرواتب: بلغت تخصيصات الرواتب في عام 2024 ما يقارب 80 تريليون دينار، وهي نسبة تفوق المستويات المقبولة في الأنظمة المالية الرشيدة (30–35%).
• بطالة مقنعة داخل الجهاز الحكومي: تشير التقديرات إلى أن 40% من العاملين في القطاع العام لا يؤدون وظائف حقيقية، بل يُدارون بوصفهم جزءاً من التهدئة السياسية.
• اختلال العدالة التوزيعية: تستحوذ سبع مؤسسات حكومية فقط، في مقدمتها وزارات الأمن والتربية والصحة، على أكثر من 90% من نفقات الرواتب، فيما تُترك العشرات من المؤسسات في الهامش.
ثانياً: البُعد السياسي والهيكلي للاختلال
• نظام رواتب غير عادل ومتعدد المستويات: يعتمد على الانتماء السياسي والتبعية المؤسسية لا على معايير الكفاءة.
• غياب الإصلاح الضريبي: لا ضرائب على الدخول العالية أو الثروات العقارية أو الأرباح الريعية، بينما يتحمّل المواطن العادي عبء الضرائب غير المباشرة.
• لامساواة جغرافية: تتركّز الرواتب والمزايا في العاصمة والمناطق الغنية، بينما تُهمّش المحافظات الطرفية والفقيرة.
ثالثاً: الأثر الاقتصادي والاجتماعي
• ضعف الإنفاق الاستثماري: لم تتجاوز نسبة الاستثمار في موازنة 2024 نسبة 14%، ما يُعيق النمو الحقيقي.
• فقدان الثقة بالقطاع العام: أدى اختلال هيكل الرواتب إلى عزوف عن الكفاءة، وهروب للاستثمارات، وتضخم في التوظيف السياسي.
• تهديد الاستقرار الاجتماعي: تفاوت الرواتب والدخول ولّد فجوات طبقية، وموجات غضب اجتماعي كما في احتجاجات 2019.
رابعاً: رؤية للإصلاح المالي والإداري
1. إصلاح هيكل الرواتب:
o توحيد النظام الوظيفي الوطني وربطه بالأداء.
o تقليص الفجوة بين الرواتب العليا والدنيا.
o فرض ضرائب تصاعدية على الرواتب الكبيرة.
2. معالجة الفائض البشري:
o إطلاق برنامج تقاعد طوعي ذكي.
o تحويل الفائض إلى مشاريع تدريب وإنتاج.
3. توسيع الإنفاق التنموي:
o تقليص النفقات الجارية لصالح الاستثمار في البنى التحتية والخدمات.
o اعتماد نظام تمويل قائم على مخرجات الأداء.
4. عدالة التوزيع الجغرافي:
o وضع خارطة إنفاق مناطقي مبنية على مؤشرات الفقر والحاجة التنموية.
5. توسيع نظام الحماية الاجتماعية:
o إنشاء صندوق دعم للفئات الهشة خارج القطاع العام، يُموّل من الضرائب على الامتيازات العالية.
خامساً: موقع المؤسسات الدولية في دعم الإصلاح
• الاستفادة من الدعم الفني دون المساس بالسيادة: ويجب أن تستفيد الدولة العراقية من خبرات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ضمن خطة إصلاح وطنية مستقلة، دون الارتهان لوصفات تقشفية تؤذي الطبقات الفقيرة.
• الإصلاح لا ينجح دون عدالة: أذ يجب أن يُبنى أي إصلاح مالي على أساس توزيع عادل للأعباء والمكاسب، وإلا سيتحول إلى أداة لانفجار اجتماعي جديد.
إن أزمة الرواتب ليست مشكلة محاسبية، بل انعكاس لمنظومة مختلّة في إدارة الدولة والاقتصاد. وإذا لم تُعالج بمنطق وطني–مالي شجاع، فإن العراق لن ينهار سريعًا، لكنه سيبقى في دوامة الإنهاك المالي والتآكل البطيء. إن استعادة التوازن تبدأ من الاعتراف بأن الدولة ليست دافع رواتب،
بل محرك للتنمية، وأن العدالة المالية هي بوابة الاستقرار الحقيقي.



#عامر_عبد_رسن (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق بين توازن الردع وفوضى الاستثناء: قراءة استراتيجية في ...
- من الجبال إلى الطاولات: العراق وتركيا على أعتاب شراكة ما بعد ...
- الاقتصاد العراقي مكشوف جويًا ورقميًا: الحرب الصامتة على المو ...
- وصفة إنقاذ: نحو علاج اقتصادي مستدام لسوق الأدوية في العراق
- العراق بين ظلال التحذير وإشراق الفرصة: دبلوماسية الفرص في لح ...
- تحولات السياسة الإيرانية: من -الشيطان الأكبر- إلى شريك أقتصا ...
- فرصة استراتيجية عبر الأطلسي: دعوة اقتصادية من الرئيس الأمريك ...
- صُنّاع العراق: نداء إلى الدولة من أجل نهضة العمالة الماهرة و ...
- الدين كسلاح جيوسياسي: الحروب المقدسة الجديدة في الشرق الأوسط
- العجز المائي والعجز المالي كيف يقود سوء إدارة المياه إلى نزي ...
- نزيف العملة الصعبة: حين تصبح العمالة الأجنبية عبئًا على الاق ...
- إيران بعد الضربة الأميركية من الردع النووي إلى معادلة الردع ...
- العراق في قلب ممرات النقل العالمية: كيف يستثمر في طريق التنم ...
- الاقتصاد العراقي تحت المجهر


المزيد.....




- الاحتلال يصدر قرارا بالاستيلاء على عقارات باب السلسلة بالقدس ...
- هل يسرّع صدام ترامب مع الاحتياطي الفدرالي التخلّي عن الدولار ...
- الكلفة الاقتصادية والخسائر التي تكبدتها إيران بسبب القصف الإ ...
- في آخر يوم له بمنصبه.. وزير إسرائيلي يقرر الاستيلاء على عقار ...
- قرار إسرائيلي بالاستيلاء على عقارات في باب السلسلة بالقدس
- لماذا ألغت مصر امتياز السائح العربي في تسعيرة دخول المواقع ا ...
- أكثر 10 شعوب بالعالم استهلاكًا للخيار.. والأردن والمغرب ضمن ...
- ألمانيا تعيد تسليح جيشها دون سقف إنفاق بين تفاؤل اقتصادي ومخ ...
- 5 قطاعات واعدة للاستثمار في 2025 تعرف عليها
- أخر تحديث لـ سعر جرام الذهب عيار 21 سعر الدهب اليوم بتاريخ 2 ...


المزيد.....

- دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر / إلهامي الميرغني
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / د. جاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عامر عبد رسن - جمهورية الرواتب: كيف تُفرغ الدولة العراقية موازنتها في جيوب بلا إنتاج؟