سرود محمود شاكر
باحث في مجال حقوق الإنسان ومدرب معتمد دولي
(Surd Mahmooed Shakir)
الحوار المتمدن-العدد: 8408 - 2025 / 7 / 19 - 11:30
المحور:
حقوق الانسان
المقدمة
يُحتفل باليوم الدولي لنيلسون مانديلا في 18 تموز/يوليو من كل عام، وهو اليوم الذي يصادف ذكرى ميلاد نيلسون روليهلاهلا مانديلا (1918-2013)، المناضل ضد نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، والرئيس الأول لجنوب أفريقيا المنتخب ديمقراطيًا (1994-1999). أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا اليوم في نوفمبر 2009 بقرار رقم 64/13، تقديرًا لإسهاماته في تعزيز ثقافة السلام والحرية والعدالة الاجتماعية[1]. يهدف هذا المقال إلى استعراض أهمية اليوم الدولي لنيلسون مانديلا، ورؤيته وأهدافه في سياق توجهات الأمم المتحدة، مع الاستناد إلى مصادر موثوقة وتوضيح الإطار الأكاديمي للمناسبة.
خلفية تاريخية عن نيلسون مانديلا
وُلد نيلسون مانديلا في 18 يوليو 1918 في قرية مفيزو بجنوب أفريقيا، وينتمي إلى قبيلة الثيمبو. بدأ نضاله ضد نظام الفصل العنصري (الأبارتايد) في أربعينيات القرن العشرين من خلال انضمامه إلى المؤتمر الوطني الأفريقي (ANC). قضى 27 عامًا في السجن بسبب نشاطه السياسي، لكنه خرج عام 1990 ليقود مفاوضات أنهت نظام الفصل العنصري، وأصبح أول رئيس أسود لجنوب أفريقيا عام 1994[2]. حاز مانديلا على جائزة نوبل للسلام عام 1993 تقديرًا لجهوده في تحقيق المصالحة العرقية وإنهاء العنصرية المؤسساتية[3]. كرس 67 عامًا من حياته لخدمة الإنسانية كمحامٍ لحقوق الإنسان، وسجين ضمير، وصانع سلام دولي[4].
اليوم الدولي لنيلسون مانديلا: الأسس والرؤية
أُسس اليوم الدولي لنيلسون مانديلا لتكريم إرث مانديلا في النضال من أجل الحرية، المساواة، والعدالة الاجتماعية. يُعتبر هذا اليوم دعوة عالمية للعمل، حيث تحث الأمم المتحدة الأفراد والمجتمعات على تخصيص 67 دقيقة من وقتهم للعمل التطوعي، رمزًا للسنوات الـ67 التي كرسها مانديلا لخدمة الإنسانية[5]. تتمحور رؤية هذا اليوم حول تعزيز قيم السلام والمصالحة، والتأكيد على قدرة الأفراد على إحداث تغيير إيجابي في مجتمعاتهم. كما يعكس اليوم التزام الأمم المتحدة بأهداف التنمية المستدامة، خاصة القضاء على الفقر (الهدف 1) وتعزيز المساواة (الهدف 10)[6].
الأهداف الرئيسية لليوم الدولي لنيلسون مانديلا
1. تعزيز ثقافة السلام والحرية: يهدف اليوم إلى نشر قيم مانديلا في المصالحة العرقية والتسامح، مستلهمًا دوره في توحيد جنوب أفريقيا بعد عقود من التمييز العنصري[7].
2. **مكافحة الفقر واللامساواة: يؤكد مانديلا أن "القضاء على الفقر ليس عملًا خيريًا، بل فعل من أفعال العدالة"[8]. يشجع اليوم على مبادرات محلية وعالمية للحد من الفقر وتحسين الظروف المعيشية.
3. إلهام العمل الجماعي: يدعو اليوم إلى العمل التطوعي والمبادرات المجتمعية، مؤكدًا أن التغيير يبدأ من الأفراد والمجتمعات المحلية[9].
4. تكريم إرث مانديلا: من خلال جوائز مثل جائزة الأمم المتحدة لنيلسون روليهلالا مانديلا، التي تُمنح كل خمس سنوات لأفراد قدموا إسهامات بارزة لخدمة الإنسانية، يتم تعزيز قيم مانديلا[10].
5. دعم حقوق الإنسان: يسلط اليوم الضوء على أهمية حماية حقوق الإنسان، مستلهمًا نضال مانديلا ضد الظلم والقمع[11].
توجهات الأمم المتحدة في سياق اليوم الدولي
تتماشى أهداف اليوم الدولي لنيلسون مانديلا مع أجندة الأمم المتحدة 2030 للتنمية المستدامة، التي تسعى إلى تحقيق عالم خالٍ من الفقر والجوع والظلم. يعكس اليوم التزام الأمم المتحدة بتعزيز السلام العالمي والعدالة الاجتماعية، كما يبرز أهمية العمل الجماعي في مواجهة التحديات العالمية مثل الفقر، التغير المناخي، والتمييز العنصري[12]. في عام 2025، ركز الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، على أن إرث مانديلا يُعد "دعوة متجددة للعدالة والكرامة الإنسانية"، داعيًا إلى استلهام التزامه بالحرية والمساواة[13].
فعاليات ومبادرات
تشمل الفعاليات السنوية لليوم الدولي عقد اجتماعات رسمية في مقر الأمم المتحدة، وتكريم الفائزين بجائزة نيلسون مانديلا، مثل السيدة بريندا رينولدز من كندا والسيد كينيدي أوديدي من كينيا في عام 2025، لإسهاماتهما في دعم المجتمعات المحرومة[14]. كما تُنظم أنشطة تطوعية عالمية، مثل زراعة النباتات المحلية وإزالة النباتات الغازية في نيويورك، لتعزيز الاستدامة البيئية[15]. تُشجع الأمم المتحدة أيضًا على إقامة فعاليات محلية مثل ورش العمل التعليمية ومبادرات مكافحة الفقر[16].
التحديات والتطلعات
على الرغم من التقدم المحرز، تواجه رؤية مانديلا تحديات مثل استمرار التمييز العنصري والفقر في العديد من المناطق. يدعو اليوم الدولي إلى تجديد الالتزام بمواجهة هذه التحديات من خلال تعزيز التعليم، تحسين ظروف السجون، ودعم العدالة الاجتماعية[17]. كما يبرز أهمية تضافر الجهود العالمية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030.إلى جانب التحديات المتعلقة بالفقر والتمييز العنصري، يبرز اليوم الدولي لنيلسون مانديلا أهمية تطبيق "قواعد نيلسون مانديلا"، وهي القواعد الدنيا القياسية لمعاملة السجناء التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2015 (قرار 70/175). تهدف هذه القواعد إلى ضمان معاملة إنسانية للسجناء، تحسين ظروف الاحتجاز، وتعزيز إعادة التأهيل والإدماج الاجتماعي[18]. تواجه هذه القواعد تحديات في التطبيق بسبب نقص الموارد وسوء إدارة السجون في العديد من الدول، لكنها تظل تطلعًا أساسيًا لتعزيز العدالة الاجتماعية، مستلهمة من تجربة مانديلا الشخصية كسجين سياسي[19].
الخاتمة
يُعد اليوم الدولي لنيلسون مانديلا منصة عالمية لتكريم إرث رجل غيّر مسار التاريخ من خلال نضاله من أجل الحرية والعدالة. من خلال تعزيز قيم السلام، المساواة، والعمل الجماعي، يساهم هذا اليوم في تحقيق رؤية الأمم المتحدة لعالم أكثر عدلاً واستدامة. إن التزام الأفراد والمجتمعات بمبادئ مانديلا يُعد خطوة أساسية نحو تحقيق التغيير الإيجابي، مما يجعل هذا اليوم ليس فقط احتفالًا، بل دعوة للعمل والإلهام.
المراجع
[1] الأمم المتحدة، "اليوم الدولي لنيلسون مانديلا"، https://www.un.org[](https://www.un.org/ar/events/mandeladay/)
[2] ويكيبيديا، "نيلسون مانديلا"، ar.wikipedia.org[](https://ar.wikipedia.org/wiki/%25D9%2586%25D9%258A%25D9%2584%25D8%25B3%25D9%2588%25D9%2586_%25D9%2585%25D8%25A7%25D9%2586%25D8%25AF%25D9%258A%25D9%2584%25D8%25A7)
[3] ويكيبيديا، "نيلسون مانديلا"، en.wikipedia.org[](https://en.wikipedia.org/wiki/Nelson_Mandela)
[4] الأمم المتحدة، "تراث مانديلا"، https://www.un.org[](https://www.un.org/ar/events/mandeladay/legacy.shtml)
[5] الأمم المتحدة، "اليوم الدولي لنيلسون مانديلا"، https://www.un.org[](https://www.un.org/ar/events/mandeladay/index.shtml)
[6] الأمم المتحدة، "أهداف التنمية المستدامة"، https://www.un.org
[7] الأمم المتحدة، "غوتيريش: إرث مانديلا دعوة متجددة"، news.un.org[](https://news.un.org/ar/story/2025/07/1143067)
[8] الأمم المتحدة، "اليوم الدولي لنيلسون مانديلا"، https://www.un.org[](https://www.un.org/ar/events/mandeladay/quiz.shtml)
[9] الأمم المتحدة، "فعاليات عام 2018"، https://www.un.org[](https://www.un.org/ar/events/mandeladay/events_2018.shtml)
[10] الأمم المتحدة، "جائزة نيلسون مانديلا"، https://www.un.org[](https://www.un.org/ar/events/mandeladay/mandela_prize.shtml)
[11] مصراوي، "يوم عالمي لنيلسون مانديلا"، https://www.masrawy.com[](https://www.masrawy.com/news/news_publicaffairs/details/2025/7/18/2821650/%25D9%2582%25D8%25A7%25D9%2584-%25D8%25AD%25D8%25B1%25D9%258A%25D8%25AA%25D9%2586%25D8%25A7-%25D9%2585%25D9%2586%25D9%2582%25D9%2588%25D8%25B5%25D8%25A9-%25D8%25A8%25D8%25AF%25D9%2588%25D9%2586-%25D8%25AD%25D8%25B1%25D9%258A%25D8%25A9-%25D8%25A7%25D9%2584%25D9%2581%25D9%2584%25D8%25B3%25D8%25B7%25D9%258A%25D9%2586%25D9%258A%25D9%258A%25D9%2586-%25D9%258A%25D9%2588%25D9%2585-%25D8%25B9%25D8%25A7%25D9%2584%25D9%2585%25D9%258A-%25D9%2584%25D9%2586%25D9%258A%25D9%2584%25D8%25B3%25D9%2588%25D9%2586-%25D9%2585%25D8%25A7%25D9%2586%25D8%25AF%25D9%258A%25D9%2584%25D8%25A7-)
[12] الأمم المتحدة، "أجندة 2030"، https://www.un.org
[13] الأمم المتحدة، "غوتيريش: إرث مانديلا"، news.un.org[](https://news.un.org/ar/story/2025/07/1143067)
[14] الأمم المتحدة، "اليوم الدولي لنيلسون مانديلا"، https://www.un.org[](https://news.un.org/ar/story/2025/07/1143067)
[15] الأمم المتحدة، "فعاليات عام 2024"، https://www.un.org[](https://www.un.org/ar/events/mandeladay/events_2024.shtml)
[16] ويكيبيديا، "اليوم الدولي لنيلسون مانديلا"، ar.wikipedia.org[](https://ar.wikipedia.org/wiki/%25D8%25A7%25D9%2584%25D9%258A%25D9%2588%25D9%2585_%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25AF%25D9%2588%25D9%2584%25D9%258A_%25D9%2584%25D9%2586%25D9%258A%25D9%2584%25D8%25B3%25D9%2588%25D9%2586_%25D9%2585%25D8%25A7%25D9%2586%25D8%25AF%25D9%258A%25D9%2584%25D8%25A7)
[17] الأمم المتحدة، "نيلسون مانديلا وحياة السود"، https://www.un.org[](https://www.un.org/ar/123396)
[18] الأمم المتحدة، "قواعد نيلسون مانديلا"، https://www.un.org
[19] الأمم المتحدة، "القواعد الدنيا القياسية لمعاملة السجناء"، https://www.ohchr.org
#سرود
#سرود_محمود_شاكر (هاشتاغ)
Surd_Mahmooed_Shakir#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟