أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - فيصل يعقوب - تأملات في محنة العقل الكردي














المزيد.....

تأملات في محنة العقل الكردي


فيصل يعقوب

الحوار المتمدن-العدد: 8408 - 2025 / 7 / 19 - 03:14
المحور: القضية الكردية
    


تأملات في محنة العقل الكردي: من التبعية إلى أفق التحرر

من يتأمل حال العقل السياسي الكردي في العقود الأخيرة، لا بد أن يتوقف أمام مأساة مركبة، فيها من الألم ما يُشبه خيبة الحالم حين يكتشف أن الحلم الذي نذر له عمره لم يكن سوى وهم مؤجل. مأساة لا تبدأ عند صراعات الأحزاب ولا تنتهي عند عجز النخب عن تجاوز حدود الشعارات.

ففي قلب هذه المحنة، يتجلى عقل لم يحرر ذاته بعد من قبضة العاطفة، عقل يميل إلى التبرير أكثر من النقد، وإلى الاتهام أكثر من الفهم. وما زال، رغم كثافة التجارب والخيبات، يرد كل فشل إلى "الآخر" وحده، دون أن يتجرأ على النظر في مرآة الذات.

لا تزال النخب السياسية والفكرية عندنا تتردد على أبواب الدولة التي تحتلنا، تطلب منها الاعتراف بنا. بل وتُسبغ على هذه الكيانات صفة "الوطن" في وثائقها وخطاباتها. أيّ وعي هذا الذي ينسب وطنيته إلى وطن الغير، ثم يحدثنا عن الاستقلال والحرية؟

حين يُصبح "التحرر" مجرد ديكور في برنامج سياسي، وعندما تتحول "القضية الكردية" إلى عبارة فضفاضة لا يتفق أبناؤها على تعريفها، فإن الأزمة ليست فقط في السياسة، بل في البنية الفكرية نفسها. فكم من مرة سُئل مناضل عن معنى قضيته، فاحمرّ وجهه، وتلعثم لسانه، وكأنك تطالبه بتفسير ما لم يتأمله يوماً؟

وهنا لا بد من وقفة أمام ما جرى في استفتاء 2017. فقد سُئل الشعب: هل تريد أن تصبح كردستان دولة مستقلة؟ فكانت الأغلبية الساحقة لصالح "نعم". لكن قادة الإقليم صرحوا لاحقًا بأن الاستفتاء لا يعني إعلان الاستقلال، ولا تحديد حدود. بل إنه جاء فقط – كما قيل – لبناء شراكة حقيقية مع بغداد!
أي تناقض هذا؟ وهل يُبنى الاستقلال على وهم الشراكة، أم على وضوح الإرادة والسيادة؟

إن منطق "السياسة فوق القانون" هو انتحار طويل الأمد. فالأمم لا تنال حقوقها في فراغ دستوري. وفي دستور العراق، الذي صوّت عليه القادة الكرد عام 2005، لا يوجد بند يقر بحق تقرير المصير، بل هناك مادة صريحة (109) تلزم بالحفاظ على وحدة الدولة العراقية. فكيف نُطالب اليوم بما تنازلنا عنه بالأمس؟!

وإذا كانت الأمم المتحدة لم تراقب الاستفتاء، فلأن القانون الدولي لا يعترف باستفتاء لم يُبنَ على أساس اتفاق واضح، كما حصل مثلًا في حالة جنوب السودان، حين ضمّن اتفاق السلام حق تقرير المصير بنص صريح.

من هنا، فإن نضال الشعب الكردي يحتاج قبل كل شيء إلى إعادة بناء المفاهيم: أن تُفهم الهوية على أنها انتماء إلى الأرض والتاريخ والمستقبل، لا إلى خطاب سياسي عابر. وأن يُفهم الاستقلال كحق قانوني لا كشعور، وكطريق طويل لا كحلم مفاجئ.

الحرية لا تُمنح، ولا تُستجدى. إنها تحتاج إلى فكر نقدي، ومشروع وطني جامع، وخطاب يعيد تشكيل الوعي من الجذور. وهذا لن يتأتى إلا إذا خرج العقل الكردي من دائرته المغلقة، وبدأ يسأل الأسئلة الصعبة التي طالما تهرّب منها:
من نحن؟ ماذا نريد؟ وعلى أي أساس نطالب العالم بالاعتراف بنا؟

حين نجيب بصدق، ربما تبدأ أولى خطوات الخلاص.



#فيصل_يعقوب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معرفة الذات بداية الحكمة!
- الأحزاب الكُردية و سياسة قمع الذات ❗
- ثقافة القطيع ❗
- نظرية الرصاصة الأولى
- بعد ثلاث عشرة سنة من الأزمة السورية.
- متى ظهرت قواعد اللغة ؟
- التشخيص الصحيح نصف العلاج ( الحل) ❗
- هل ناضل حزب العمال الكردستاني من أجل استقلال كردستان ؟
- المنطقة إلى أين ؟
- في ذكرى 75 لجمهورية مهاباد الكُردية
- لكي لا يتم بيعك في البازارات السياسية ❗
- هل يمكن أن أكون كُردستانيا و أنا أنسب وطنيتي لوطنية الدول ال ...
- الحرب النفسية ضد الشعب الكُردي ❗
- المشاريع السياسية الحزبية و القضية الكُردية
- الأحزاب الكردية و لعبة مصارعة الثيران!
- هل اعتدنا على العبودية ؟
- الايديولوجية
- كردستان تحت الإحتلال
- أحد أكبر الأخطاء في تاريخ النضال الشعب الكردي!
- المثقف المستقل ( المستغل بفتح العين


المزيد.....




- الآلاف يتظاهرون في إسرائيل للمطالبة بالإفراج عن الرهائن
- الناس يتساقطون بالشوارع والأمم المتحدة ترفض إعلان المجاعة في ...
- شاهد..مسيرة داعمة لفلسطين في لندن تنتهي باعتقال 55 متظاهرًا ...
- منظمات إنسانية : الكبار والصغار يُغمى عليهم في الشوارع بسبب ...
- لماذا تلاشت حفاوة الترحيب باللاجئين الأوكرانيين في بولندا؟
- تل أبيب.. عشرات آلاف الإسرائيليين يطالبون بصفقة تبادل الأسرى ...
- فلسطينيون يتظاهرون بالضفة تنديدا بالتجويع والإبادة في غزة
- الأونروا: لدينا 2.3 مليون من الجائعين الآن وسط انعدام كامل و ...
- عائلات الأسرى: نتنياهو جعلنا نترجى ترامب لإنجاز صفقة ووقف ال ...
- بعد عامين على إصلاح قانون عمل المهاجرين في إسبانيا.. نتائج - ...


المزيد.....

- “رحلة الكورد: من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر”. / أزاد فتحي خليل
- رحلة الكورد : من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر / أزاد خليل
- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - فيصل يعقوب - تأملات في محنة العقل الكردي