أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زاهر بولس - رسالة إلى كاتب لم يولد بعد















المزيد.....

رسالة إلى كاتب لم يولد بعد


زاهر بولس

الحوار المتمدن-العدد: 8407 - 2025 / 7 / 18 - 20:14
المحور: الادب والفن
    


كلّ شعب يتوانى عن بناء مؤسّساته الوطنيّة، أو لا يصون القائم منها ما دعت الحاجة إليها، إنما يخاطر في قضيّته الوجوديّة، فكم بالحري بنا، فلسطينيّو الداخل 48، نحن القلب النّابض أبدًا بحضارته، الذي يتجاوز نكبة لمّا تزل مستمرّة، وكم بالحري حين نتناول موضوع الاتحاد العام للكتّاب الفلسطينيين- الكرمل 48.

في السابق نجحنا بإقامة أوسع مؤسّسة وطنيّة جامعة وحدويّة، لجنة متابعة قضايا الجماهير العربيّة في الداخل الفلسطيني، والتي تحوي في ثناياها كافّة الأحزاب السياسيّة الوطنيّة، ولجنة رؤساء المجالس المحليّة والبلديّات، ولجان متابعة فرعيّة منبثقة عنها. وإن دار النقاش حول الأداء فهو لا يدور حول أهميّة وجودها والمحافظة عليها.

إنّ الشعب الذي لا يبتني مؤسّساته الوطنيّة مصيره الاندثار، إن عاجلًا أم آجلًا. لكن الملفت أنّه حال بناء وتأسيس أيٍّ من هذه المؤسّسات تكثر القوى الفاعلة من أجل تشظّيها، فعين سلطة الكيان الصهيوني ساهرة على مهمّة التشظّي لا تنام، وهو أكثر الأمور طبيعيّة لمن يعلم جوهر الكيان، فكيف تسمح بتشكيل مؤسّسة وطنيّة فلسطينيّة في "عرينها" دون أن تحاول جهدها لتفكيكها بطرقها الخفيّة والأخرى المباشرة كما فعلت بلجنة الحريّات ولجنة إفشاء السلم الأهلي الذي لا تبتغيه. ممّا يستوجب ديمومة يقظة القيّمين على أي مشروع.

هذا فيما يتعلّق بسلطة الكيان فماذا عمّا يتعلّق بنا؟ حينما ننجح بتأسيس هذه المؤسّسات، تنشأ رأسًا إشكاليّة قيادتها والصراعات حول مواقعها القياديّة، صراعات سياسيّة وذاتيّة وخفيّة، بعضها متداخل، والأمر طبيعي، والأكثر طبيعيّة أن يتنافس ذوي الكفاءات الأعلى، لكن ما ليس بطبيعي هو تهافت هذه المفاهيم أمام الذّاتيّة المفرطة مترافقة بانعدام الكفاءات بذرائع واهية مثل عدم تحديد دستور المؤسّسة لضوابط عمليّة اختيار القيادة، وهذا ما يشكّل خطرًا على استمراريّة أيّة مؤسّسة وطنيّة، وعلى استمراريّة تأديتها لمهامّها المفترضة بنجاح، فتكون كمن وقعت في مخطّطات العين الساهرة دون دراية بالغالب، وهنا تقع المسؤوليّة القصوى على القوى السياسيّة الوطنيّة لتحمِل وتحمِي الهمّ الوطني دون الوقوع في عقدة السيطرة الحزبيّة الضيقة على كافّة المؤسّسات الوطنيّة بأي ثمن.

إنّ الذريعة أعلاه صحيحة إلى حدٍّ ما، فالدستور عادة ما يحدّد الأمور التقنيّة في صياغاته ولا يحدّد الامور الجوهريّة، ولا يستطيع أن يحدّدها، فهي متروكة لعامل الوعي والخوف الوجودي، وخصوصًا بما يتعلّق باتحاد الكتّاب الذي حيّز نشاطه منابر الوعي.

بحسب دستور اتحاد الكتّاب، كلّ عضو في "الاتحاد العام للكتّاب الفلسطينيّين- الكرمل 48"، ومن مضى على انضمامه ستّة أشهر بعد أن أصدر كتابًا أو نشر ما يوازيه في الصحف والمواقع الالكترونيّة، يستطيع أن يترشّح لموقع الأمين العام أو نائب الأمين العام، دون تحديد الكفاءة والمقوّمات، إلّأ من خلال الاتكال على وعي الأعضاء، وعلى هذا الوعي أن يتّكئ على المعطيات المُثبتة في سجلّ من يريد أن يتصدّر ويقود خدمة المشهد الثقافي، تكليفًا لا تشريفًا، وكفى بالتكليف تشريفا، وعلى مشروع البرامج المستقبليّة، لا عليها وحدها، فهنا لا مكان لمزاد علني كما في ساحات أخرى. فهل كل من استوفى شروط الدستور أصبح ملائمًا لقيادة خدمة المشهد الثقافي؟ وهنا أحاول أن أُعمِل مبضعي علّني أساهم بالتفكير الجمعي معكم لنرتقي بعملنا ونخطو نحو الأمام.

وإن تكن لجنة المتابعة الأكثر شموليّة بين مؤسّساتنا الوطنيّة، فإنّني أعتقد جازمًا أنّ اتحاد الكتّاب هو الأكثر تأثيرًا على المدى البعيد، رغم قلّة أعضائه نسبيًا، والامر طبيعي في كلّ المجتمعات على وجه البسيطة، فالثقافة مسيرة حياة ثمينة الصيرورة، وسيرة شعب. لها علاقة بالدراسة والشهادات، ولا علاقة لها بها، فالشهادات وحدها لا تكفي إنما تُضْفِي، فكم من مثقّف لم تسنح له ظروفه الالتحاق بالمدارس من أمثال عبّاس محمود العقّاد ومحمّد شكري وطه محمّد علي ومكسيم غوركي وحنّا مينة، ولكنهم أبدعوا، والقائمة تطول، ونتفرّد بالحديث عن محمود شاكر أبو فهر الذي آثر ترك مقاعد الدراسة الجامعيّة على اثر صراعه حول الثقافة واللغة العربيّة مع طه حسين ودعوات لويس عوض، فتجاوز جميع أساتذته ليصبح العلم الأبرز في القرن العشرين. لقد نهلوا ثقافتهم بدراسة ذاتيّة وقراءة آلاف مؤلّفة من الكتب، نعم كما قرأتم، آلاف مؤلّفة حتّى تجرّؤوا على حمل القلم، فما بالكم بمن يريد أن يتصدّر من أجل خدمة المشهد الثقافي! وما هي مقوّمات قيادة خدمة المشهد الثقافي في فلسطين الداخل، تكليفًا لا تشريفًا؟.
إنّ الاتّحاد العام للكتّاب الفلسطينيّين- الكرمل 48 مؤسّسة وطنيّة ثقافيّة، بمعنى ارتكازها على ثلاث أثفية لا فصام للواحدة منها عن الأخرى، أو كالجديلة الواحدة، إنما نفكّكها ذهنيًا لتوصيفها وشرحها: مؤسّسة، ووطنيّة، وثقافيّة.

أوّلًا مؤسّسة: وككل مؤسّسة بحاجة إلى قدرة عالية على التنظيم والإدارة، وهذه تتأتّى من خلال الخبرة والممارسة الميدانيّة والدراسة التي تُضفي، لمدى سنوات في هذا المضمار، والتدرّج في المواقع، كقيادة مجالس الطلاب الثانوية ولجان الطلاب العرب في الجامعات ولجان الأحياء في قرانا ومدننا، وقيادة الأحزاب الوطنيّة بين ظهرانينا، وجمعيّات المجتمع المدني ذات الرؤى الوطنيّة، وإقامة وقيادة تنظيمات نقابيّة ومؤسّسات ثقافيّة وإعلاميّة كالصحف والمواقع الالكترونيّة وغيرها، وقيادة الفعاليات الاجتماعيّة، وعادة ما ينخرط بعض المثقّفين فيتدرّجون في هذه المواقع مما يعطيهم قدرة عالية وخبرة واسعة في التعامل مع كافة التيّارات الوطنيّة، دون التقوقع في ضيق الحزبيّة، الذي بالغالب لا يجدي، مع حق كل عضو بالحفاظ على انتمائه الحزبي. فهو مصدر فخر، وخبرة لكن تُوَظَّف بطرق أخرى.

ثانيًا وطنيّة: والوطنيّة مصطلحٌ الاتفاق على تحديد معالمه أمر شائك لن أسبر غوره في هذا السياق، أسهله عدم الانضواء تحت مشاريع الكيان السياسيّة والاجتماعيّة والثقافيّة التي تستهدف وعي شعبنا وحرف بوصلته حتّى الإبداعيّة الفنيّة وقوقعته في مضامين الفن من أجل الفن مستغلّة كافة مواردها الماديّة والترهيبيّة. وهنا يأتي دور المثقف العضوي المشتبك مع هذه المشاريع دون التنازل عن رقيّ الإبداع. فالوعي هو ساحة اشتباك اتّحاد الكتّاب، وللاشتباك أثمان دُفعت، أثمان غالية طالت الحريّة الذّاتيّة من خلال السجن، وطالت حريّة التعبير من خلال منع النشر وإغلاق أبواب العمل لتطال كرامة العيش والتضييق على عائلة المثقف ولقمة عيش اطفاله وملبسهم وعلمهم وأكثر. ودَفْع الأثمان ضَمِنَ استمرار المسيرة المستقبليّة لهذه المؤسّسة ببوصلتها الوطنيّة.

ثالثًا ثقافيّة: أما فيما يتعلّق بحكم أنّها ثقافيّة ما يوجب بدهًا أن يترأسها عميق الثقافة غزيرها، مُسندًا بنتاج ابداعيّ مرموق. فلو تساوى متنافسان لقيادة خدمة المشهد الثقافي في المضمار الأوّل والثاني، أكثر بعض الشيء أو أقل، لعدم قابليتها المطلقة للقياس، لكانت الغلبة دون شك للأعمق والأغزر ثقافة مُسندًا بنتاج أبداعي مرموق أكثر، كمًا ونوعًا.

في البدايات، ترأس الاتّحادات الأولى الشاعران محمود درويش وسميح القاسم، وليس صدفة، فقد كانا من جملة من تربّع على عرش الهرم الثقافي الفلسطيني ومن ابرزهم ويتمتعان بشهرة عربيّة وعالميّة، ولا أدري ان امتلكا حقًا قدرة عالية على التنظيم، ولكن مما لا شكّ فيه أنّه وقفت في حينه خلفهما تيّارات سياسيّة قادرة على التنظيم وتمتلك مؤسّسات اعلاميّة من صحف ومجلّات.. أدّت دورها بما يتلاءم والمرحلة وامكانياتها. أما اليوم، ومع تراجع دور الاحزاب، على الأقل الثقافي! وإغلاقها معظم منابرها الإعلاميّة، بقي المثقّف بالغالب وحيدًا مع أخلاقياته وعمق ثقافته وانتمائه الوطني وقدرته على التنظيم وبناء مؤسّساته ومنابره من ماله الخاصّ حفاظًا على استقلاليّته، وعليه أن يخدم المشهد الثقافي بصدق وأمانة ومسؤوليّة عالية نحو المستقبل. فلمن هذه الرسالة الوصيّة؟

بعد سنوات ليست ببعيدة، عشر سنوات أو اكثر أو اقل، من منّا يدري؟ سينضم إلى عضويّة الاتحاد والأمانة العامّة ولكل الهيئات عدد من الكتّاب الذين لم يُولدوا بعد ككتّاب، وواجبنا تسليمهم الأمانة بأكمل وجه ممكن، بعيدًا عن التشرذم والمناطقيّة، فكلٌ منّا يمثّل الكلّ ما دام مستوفيًا المقوّمات، لأنّها قضيّتنا الإنسانيّة الثقافيّة الوطنيّة، فلا نحدّد قيادة خدمة المشهد الثقافي بحسب الصداقات والعلاقات الشخصيّة والمصالح الذّاتيّة أو الحزبيّة الضيّقة، بل نتعالى ونتسامى، وننطلق بمسؤوليّة لنسلّم الرّاية بعد حين لجيل صاعد، بضمير لا يؤنّب هواجس المثقّف والثقافة.
ملاحظة: الصياغة تشمل الكاتبات والكتّاب.
18.7.2025



#زاهر_بولس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلمة الكاتب زاهر بولس- المرشّح لموقع نائب الأمين العام لاتحا ...
- أندلسيّات غزّية (رباعيات)
- مَارِدٌ وأَصْنَام
- مَوْجُ النَّهْدِ
- مذبحة الساحل السوري ليست ضد العلويين!
- سِمْط عَمْرو بن كُلْثوم- مساهمة متواضعة
- توازن حريّة التعبير والنشر في دولة الكيان
- كلمتي في احتفائيّة عشريّة مجلّة -شذى الكرمل- الفلسطينيّة
- الطَّاغِيَةْ
- دراسة حول مجموعة قصص -أبرياء... وجلّادون- للكاتب الفلسطيني ف ...
- أَمْست.. دَام العِّزّ
- جنون اليراع
- شِهَارُ المَوَاضِي صَوَارِيْنَا
- دراسة حول رواية أغصان حسن: -أنثى ما فوق الخطيئة-
- (الوطنيّة والمواطنة ومسؤوليّة الأقليّة: مشروع تدجين طوعي لفل ...
- الوطنيّة والمواطنة ومسؤوليّة الأقليّة: مشروع تدجين طوعي لفلس ...
- الوطنيّة والمواطنة ومسؤوليّة الأقليّة: مشروع تدجين طوعي (14)
- الوطنيّة والمواطنة ومسؤوليّة الأقليّة: مشروع تدجين طوعي (13)
- الوطنيّة والمواطنة، مشروع تدجين طوعي (12)
- الوطنيّة والمواطنة ومسؤوليّة الأقليّة: مشروع تدجين طوعي (11)


المزيد.....




- لا تفوت أحداث مشوقة.. موعد الحلقة 195 من قيامة عثمان الموسم ...
- أزمة فيلم -أحمد وأحمد-.. الأكشن السهل والكوميديا المتكررة
- بي بي سي أمام أزمتي -والاس- و-وثائقي غزة-... هل تنجح في تجاو ...
- من هم دروز سوريا؟ وما الذي ينتظرهم؟
- حسان عزت كما عرفناه وكما ننتظره
- -الملكة العذراء-: أسرار الحب والسلطة في حياة إليزابيث الأولى ...
- مكتبة الإسكندرية تحتفي بمحمد بن عيسى بتنظيم ندوة شاركت فيها ...
- زائر متحف فرنسي يتناول -العمل الفني- المليوني موزة ماوريتسيو ...
- شاهد فنانة إيرانية توظّف الفن لخدمة البيئة والتعايش
- إسرائيل تحتفي بـ-إنجازات- الدفاع الجوي في وجه إيران.. وتقاري ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زاهر بولس - رسالة إلى كاتب لم يولد بعد