أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - احمد صالح سلوم - دم غزة والخلاص العالمي من شرور الإمبريالية الأمريكية















المزيد.....



دم غزة والخلاص العالمي من شرور الإمبريالية الأمريكية


احمد صالح سلوم
شاعر و باحث في الشؤون الاقتصادية السياسية

(Ahmad Saloum)


الحوار المتمدن-العدد: 8403 - 2025 / 7 / 14 - 20:21
المحور: القضية الفلسطينية
    


المقدمة: دم غزة ينتصر لإيران والمستضعفين

إن دماء غزة، التي تُراق يومياً على يد آلة الإبادة الصهيونية المدعومة من الإمبريالية الغربية وتمويل محميات الخليج، ليست مجرد خسارة بشرية، بل هي وقود لثورة عالمية ضد التوسع الرأسمالي المتوحش. في هذه المقدمة ، سنقدم إطاراً تحليلياً لفهم الصراع في غزة كجزء من نضال عالمي ضد الهيمنة الصهيو-أمريكية، مع التركيز على دور إيران كقوة مقاومة رئيسية تدعم الشعوب المستضعفة. سنرد أيضاً على تعليقات طاهر مرزوق على مقالتي المنشورة في موقع *الحوار المتمدن* تحت عنوان "دم غزة ينتصر لإيران"، والتي حاولت تصوير المقاومة الفلسطينية كـ"عملية خاسرة"، متجاهلاً السياق التاريخي والطبقي للصراع. من خلال هذه المقدمة، سنبرهن أن المقاومة الفلسطينية، بدعم من إيران والتحالف الإقليمي، ليست مجرد معركة محلية، بل هي نواة لتحرير شامل يهدف إلى بناء عالم جديد متعدد الأقطاب، حيث تتحرر الشعوب من الإبادة والاستعباد.


1. غزة: رمز المقاومة العالمية

غزة، هذه الرقعة الصغيرة من الأرض المحاصرة، ليست مجرد مسرح للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، بل هي رمز عالمي للصمود والتحدي في وجه النظام الرأسمالي الإمبريالي. منذ النكبة عام 1948، يواجه الشعب الفلسطيني إبادة جماعية ممنهجة، تهدف إلى محوه من الوجود واستبداله بالمستوطنين الصهاينة. إن الحصار المفروض على غزة منذ 2007، والمجازر المتكررة، مثل تلك التي حدثت في 2008، 2014، و2023، ليست سوى حلقات في سلسلة طويلة من الجرائم الاستعمارية.

في تعليق طاهر مرزوق، يصف عملية طوفان الأقصى (7 أكتوبر 2023) بأنها "عملية خاسرة"، مستنداً إلى عدد الشهداء الفلسطينيين (أكثر من 28 ألف) مقارنة بالأسرى الإسرائيليين (حوالي 270). لكن هذا المنطق السطحي يغفل أن المقاومة لا تُقاس بالخسائر البشرية، بل بقدرتها على تغيير ميزان القوى. إن طوفان الأقصى كان زلزالاً سياسياً وعسكرياً، كشف هشاشة الكيان الصهيوني، وأعاد إحياء القضية الفلسطينية على المستوى العالمي. إن دماء غزة، التي تُراق يومياً، ليست هدراً، بل هي بذور الحرية التي تلهم الشعوب المستضعفة في كل مكان.

………

2. إيران: قوة الردع والتضامن الثوري
إن إيران، منذ ثورة 1979، لم تكن مجرد دولة إسلامية، بل هي قوة قومية وثورية تسعى إلى تحقيق السيادة الوطنية والتنمية المستقلة في مواجهة الهيمنة الإمبريالية. في ردي على تعليق مرزوق، تحديته أن يذكر قراراً إيرانياً واحداً منذ 1979 كان مدفوعاً بالهوس الديني بدلاً من المصالح القومية. لم يقدم دليلاً، لأن إيران، بسياساتها العلمية والعسكرية، أثبتت أنها قوة ردع لا تخضع لإملاءات الغرب.

إن دعم إيران لغزة، وحزب الله، والحوثيين، ليس تدخلاً، كما يدعي مرزوق، بل هو تعبير عن تضامن طبقي وشعبي ضد النظام الرأسمالي العالمي. في منتصف عام 2025 أثبتت إيران قدرتها على تغيير قواعد اللعبة، عندما دمرت ثلث تل أبيب بضربات صاروخية دقيقة، وحولت قاعدة العيديد الأمريكية في قطر إلى "مسخرة"، إن هذه العمليات تؤكد أن إيران ليست مجرد قوة إقليمية، بل هي ركيزة أساسية في مشروع تحرير عالمي.

إن دم غزة ينتصر لإيران، لأنه ينتصر لفكر المستضعفين، الذي يجمع بين الشعوب المقاومة في مواجهة الهيمنة الصهيو-أمريكية. إن إيران، بقوتها العلمية والعسكرية، تقدم نموذجاً للدولة المقاومة التي تدعم الشعوب في نضالها ضد الإمبريالية.

…………

. التحالف الإقليمي: نواة عالم جديد

إن المقاومة في غزة ليست معزولة، بل هي جزء من تحالف إقليمي يضم إيران، اليمن، وحزب الله، ويمتد ليشمل حركات مقاومة في العراق وسوريا. في اليمن، لعبت حكومة شبه الجزيرة العربية في صنعاء دوراً حاسماً في دعم غزة، من خلال استهداف السفن الإسرائيلية والأمريكية في البحر الأحمر. رغم الحصار والحرب التي تشنها السعودية بدعم أمريكي، استطاع اليمن أن يصبح قوة ردع، مما يعزز من قوة هذا التحالف.

حزب الله، من جانبه، ساهم في تغيير ميزان القوى عبر عملياته في جنوب لبنان، التي تزامنت مع طوفان الأقصى. إن هذا التحالف ليس مجرد تعاون عسكري، بل هو رؤية لعالم جديد متعدد الأقطاب، حيث تتحرر الشعوب من الهيمنة الإمبريالية. في ردي على مرزوق، رفضت اتهامه لإيران بـ"غرس أنفها" في المنطقة العربية، مؤكداً أن دعمها لغزة هو استثمار في تحرير المنطقة من التبعية والإفقار.

………..

4. نقد محميات الخليج: أدوات الإمبريالية

في تعليق مرزوق، يتهم إيران بإثارة الفتنة في المنطقة العربية، لكنه يتجاهل الدور المدمر لمحميات الخليج الصهيو-أمريكية. في ردي، أكدت أن هذه المحميات، مثل السعودية وقطر والإمارات، هي أدوات للإمبريالية، تخصص تريليونات الدولارات لتمويل المجمع العسكري الصناعي الأمريكي، وتدعم التيارات الوهابية والسلفية، مثل الإخوان المسلمين، القاعدة، وداعش. إن هذه التيارات، التي نشرت التخلف العقلي والفتن الطائفية، هي العدو الحقيقي للشعوب العربية.

إن الإسلام الذي تروج له هذه المحميات هو "إسلام صهيوني" مفبرك، يهدف إلى إضعاف الشعوب العربية عبر تكفير مكوناتها وإثارة الفتن. على عكس إيران، التي تستخدم الإسلام كأداة للوحدة والتقدم، تستخدم دول الخليج الدين لخدمة المصالح الاستعمارية. إن تطبيعها مع الكيان الصهيوني، ودعمها للحروب بالوكالة في سوريا والعراق واليمن، يكشف عن دورها كشريك مباشر في إبادة غزة.

………..

5. دروس التاريخ: المقاومة هي الخيار الوحيد

إن التاريخ يعلمنا أن الشعوب التي تستسلم تُباد، بينما الشعوب التي تقاوم تكتب التاريخ. في ردي على مرزوق، أشرت إلى مصير الهنود الحمر في أمريكا، الذين وقّعوا اتفاقيات سلام مع الغزاة الإنجليز، ليُبادوا لاحقاً بالجدري والتجويع. في الجزائر، دفع الشعب ثمناً باهظاً خلال حرب التحرير ضد الاستعمار الفرنسي، لكنه استعاد سيادته عام 1962. في فيتنام، قدم الشعب ملايين الشهداء للانتصار على الاحتلال الأمريكي عام 1975.

إن غزة، بصمودها الأسطوري، تسير على الدرب نفسه. إن اتهام المقاومة بالعبثية، كما يفعل مرزوق، هو إما جهل بالتاريخ أو تواطؤ مع المشروع الاستعماري. إن المقاومة الفلسطينية، بدعم من إيران واليمن وحزب الله، ليست مجرد رد فعل على الاحتلال، بل هي استراتيجية لتحرير المنطقة من الهيمنة الصهيو-أمريكية.

………..

6. نحو تحرير شامل: رؤية لعالم جديد

إن المقاومة في غزة، بدعم التحالف الإقليمي، هي نواة لعالم جديد متعدد الأقطاب، حيث تتحرر الشعوب من الهيمنة الإمبريالية. إن دماء غزة، التي تُراق يومياً، ليست هدراً، بل هي بذور الحرية والكرامة. إن إيران، بقوتها العلمية والعسكرية، واليمن وحزب الله، بتضحياتهم، يشكلون تحالفاً يتحدى النظام الرأسمالي العالمي.

إن هذا التحالف ليس مجرد تعاون عسكري، بل هو رؤية لعالم جديد، حيث تتحرر الشعوب من الإبادة والاستعباد. إن دم غزة ينتصر لإيران، لأنه ينتصر لكل شعوب العالم المستضعفة، التي ترفض الخضوع لإملاءات الغرب.



7. الخلاصة: المستقبل للمقاومة

في النهاية، إن غزة لن تستسلم، وإيران لن تنحني، وشعوب المنطقة ستنتصر، لأن دماء الشهداء هي بذور الحرية. إن المقاومة، رغم التحديات والخسائر، هي الخيار الوحيد للشعوب التي تسعى للتحرر. إن دم غزة ينتصر لإيران، لأنه ينتصر لفكر المستضعفين، الذي يجمع بين الشعوب المقاومة في مواجهة النظام الرأسمالي العالمي. إن المستقبل، رغم كل الصعوبات، هو للمقاومة، لأنها تعبير عن إرادة الشعوب في تقرير مصيرها.

……


الفصل الأول: غزة في قلب المقاومة

غزة ليست مجرد رقعة جغرافية محاصرة، بل هي ملحمة إنسانية تتجاوز حدود الزمان والمكان. إنها رمز الصمود، ونبض الثورة، وصوت الشعوب المستضعفة التي تقاوم آلة الإبادة الصهيونية المدعومة من الهيمنة الإمبريالية الغربية وتمويل محميات الخليج. في هذا الفصل ، سنغوص في عمق السياق التاريخي والسياسي والثقافي لغزة، ونحلل دورها كمحور للمقاومة الوطنية والعالمية ضد التوسع الرأسمالي المتوحش، مع الرد على التعليقات التي أثارتها مقالتي في موقع *الحوار المتمدن* بعنوان "دم غزة ينتصر لإيران".

غزة: من النكبة إلى طوفان الأقصى

لن نفهم غزة إذا حصرناها في حدودها الجغرافية الحالية أو في إطار الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي وحده. غزة هي امتداد لتاريخ طويل من المقاومة ضد الاستعمار، منذ أن بدأت أقدام الغزاة الأوروبيين تطأ أراضي العالم الثالث، حاملة معها رايات النهب والإبادة. النكبة عام 1948 لم تكن مجرد حدث عابر، بل كانت بداية مشروع استعماري منظم لاقتلاع شعب من أرضه، بدعم مباشر من الاحتلال البريطاني والقوى الغربية. في تلك السنة، طُرد مئات الآلاف من الفلسطينيين من قراهم ومدنهم، وهُدمت أكثر من 500 قرية فلسطينية، ليتم استبدالها بمستوطنات صهيونية. لم تكن هناك حماس آنذاك، ولا إيران الثورة، ومع ذلك، ارتكب الكيان الصهيوني جرائم إبادة جماعية، مدعوماً بآلة عسكرية غربية وتواطؤ دولي.

هذا التاريخ النازف لم يتوقف عند النكبة. في عام 1982، شهد ولبنان عدوانا صهيونية ومذبحة صبرا وشاتيلا، حيث اودى هذا العدوان الامريكي الاسرائيلي بحياة أكثر من سبعين ألف طفل ومدني فلسطيني ولبناني خلال شهرين فقط، تحت ذريعة مفبركة للقضاء على "الإرهاب". هذه المذبحة، صبرا وشاتيلا التي نفذتها ميليشيات الكتائب اللبنانية والقوات بدعم مباشر من جيش الاحتلال الإسرائيلي، كانت جزءاً من سلسلة طويلة من المجازر التي استهدفت الشعب الفلسطيني قبل حتى أن يتشكل تنظيم مثل حماس. إن اتهام المقاومة، كما فعل طاهر مرزوق في تعليقه على مقالتي، بأنها السبب في الخسائر البشرية، هو محاولة لقلب الحقائق وتبرير جرائم المحتل.

في تعليقه، يشير مرزوق إلى تصريحات منسوبة لقادة المقاومة الفلسطينية بأنهم "لا يهتمون بموت الآلاف" من أبناء غزة، ويستشهد بكلام يزعم أن قادة المقاومة يرون في النساء "مصنعاً" لإنتاج الأطفال لتعويض الخسائر. هذا الخطاب ليس فقط تشويهاً متعمداً للواقع، بل هو جزء من حملة دعائية صهيونية تهدف إلى تجريم المقاومة وتصويرها كحركة غير إنسانية. إن المقاومة الفلسطينية، بكل أطيافها الإسلامية والشيوعية ، ليست حركة عبثية أو مدفوعة بهوس ديني، بل هي جزء من حرب تحرير وطني، تهدف إلى استعادة الأرض والكرامة. إن من يحمل المقاومة مسؤولية الخسائر يتجاهل أن الكيان الصهيوني هو من يملك ترسانة عسكرية مدعومة بتريليونات الدولارات من الغرب، وهو من يقصف المدنيين العزل بدم بارد.

المقاومة الفلسطينية: امتداد حركات التحرير العالمية

إن فهم غزة يتطلب وضعها في سياق حركات التحرير الوطني العالمية. المقاومة الفلسطينية ليست ظاهرة معزولة، بل هي امتداد لتجارب شعوب قاومت الاستعمار عبر التاريخ، من الجزائر إلى فيتنام إلى جنوب إفريقيا. في الجزائر، استشهد مليون ونصف المليون إنسان خلال حرب التحرير ضد الاستعمار الفرنسي (1954-1962). في يوم واحد، في بلدة سطيف عام 1945، قتل المحتل الفرنسي أكثر من أربعين ألف طفل ومدني جزائري. لو استسلم الشعب الجزائري، كما يدعو البعض الفلسطينيين اليوم إلى الاستسلام، لكان مصيره مشابهاً لمصير الهنود الحمر في أمريكا، الذين وقّعوا اتفاقيات سلام مع الغزاة الإنجليز، ليُبادوا لاحقاً بالجدري والتجويع.

في ردي على تعليق مرزوق، أشرت إلى أن الهنود الحمر أُبيدوا بعد استسلامهم، نتيجة خداع الغزاة الذين استخدموا البطانيات المسممة بفيروس الجدري كسلاح للإبادة. هذا المثال ليس مجرد استعارة تاريخية، بل هو درس في آليات التوسع الرأسمالي المتوحش، الذي يعتمد على الإبادة الجماعية كوسيلة للسيطرة على الأراضي والموارد. إن الكيان الصهيوني، كأداة للإمبريالية الغربية، يتبع المنطق نفسه: تدمير الشعوب، إفقارها، واستبدالها بمستوطنين مدعومين من الغرب ..والتصريحات نازية صريحة من ترامب ، عن إقامة ريفييرا على جثامين اطفال ومدنيي غزة .وكما نفذ ذلك فعليا بايدن ووزير خارجيته النازي الجديد بلينكن .

إن المقاومة الفلسطينية، بكل أطيافها، من الجبهة الشعبية إلى القسام إلى الجهاد الإسلامي والجبهة الديمقراطية ، هي استمرار لهذا النضال العالمي. إنها ليست مجرد رد فعل على الاحتلال، بل هي حركة تحرر وطني تهدف إلى استعادة الحقوق المشروعة. إن اتهام المقاومة بأنها "تثبت وجودها" لمن يمولها، كما يدعي مرزوق، هو محاولة لتبسيط الصراع وتجاهل جذوره العميقة. المقاومة ليست مجرد عملية عسكرية، بل هي تعبير عن إرادة شعب يرفض الإذلال والاستعباد.


طوفان الأقصى: كسر هيبة الكيان

في تعليقه، يصف مرزوق عملية طوفان الأقصى عام 2023 بأنها "خاسرة"، مستنداً إلى عدد الشهداء الفلسطينيين (أكثر من 28 ألف شهيد وأضعافهم من الجرحى) مقارنة بأسر حوالي 270 إسرائيلياً. هذا المنطق السطحي يعكس فهماً قاصراً لطبيعة حروب التحرير. إن المقاومة لا تُقاس بعدد الخسائر البشرية، بل بقدرتها على تغيير ميزان القوى. طوفان الأقصى لم يكن مجرد عملية عسكرية، بل كان زلزالاً سياسياً وعسكرياً هزّ أسس الكيان الصهيوني، وكشف هشاشته أمام العالم.

لقد أثبتت هذه العملية أن الكيان الصهيوني، رغم ترسانته العسكرية المدعومة بتريليونات الدولارات من الولايات المتحدة وأوروبا، ليس منيعاً. إن اختراق المقاومة للتحصينات الإسرائيلية، وأسر عدد من كبار ضباط وجنود اقوى فرقة نازية جديدة عند الاحتلال ، كان بمثابة صفعة للرواية الصهيونية التي تروج لـ"الجيش الذي لا يُقهر". إن هذه العملية، التي نفذتها فصائل المقاومة بإمكانيات محدودة، أعادت الاعتبار لفكرة المقاومة كخيار استراتيجي، وأثبتت أن الشعب الفلسطيني، رغم الحصار والقمع، قادر على تغيير قواعد اللعبة.

إن من يرى في طوفان الأقصى "خسارة" يغفل أن حروب التحرير لا تُحسب بالأرقام وحدها. في فيتنام، قاوم الشعب الفيتنامي الاحتلال الأمريكي لعقود، وقدم ملايين الشهداء، لكنه انتصر في النهاية. في الجزائر، دفع الشعب ثمناً باهظاً، لكنه استعاد سيادته. إن غزة، بصمودها وتضحياتها، تسير على الدرب نفسه. إن دماء الشهداء ليست هدراً، بل هي وقود لثورةٍ تُعيد تشكيل مستقبل المنطقة.


دور إيران واليمن وحزب الله: تحالف المستضعفين

في سياق الحديث عن المقاومة، لا يمكن تجاهل الدور الاستراتيجي لإيران واليمن وحزب الله في دعم غزة. في مقالتي، أكدت أن المقاومة الفلسطينية ليست معزولة، بل هي جزء من تحالف إقليمي يضم قوى معادية للهيمنة الصهيو-أمريكية. إيران، منذ ثورة 1979، تبنت موقفاً واضحاً ضد الإمبريالية، وجعلت من دعم المقاومة الفلسطينية ركيزة أساسية في سياستها الخارجية. هذا الدعم ليس مجرد مساعدات عسكرية، بل هو تعبير عن تضامن طبقي وشعبي ضد نظام عالمي يسعى لإفقار شعوب المنطقة واستعبادها.

في تعليق مرزوق، يتهم إيران بـ"غرس أنفها" في المنطقة العربية عبر دعم حماس وحزب الله وجماعات أخرى في سوريا والعراق. لكن هذا الاتهام يتجاهل أن إيران لم تكن يوماً جزءاً من المشروع الاستعماري الذي يهدف إلى تدمير المنطقة. على العكس، إيران هي الدولة الوحيدة في المنطقة التي تمتلك رؤية استراتيجية لمواجهة الهيمنة الأمريكية. إن دعمها لحركات المقاومة هو استثمار في تحرير المنطقة من السيطرة الغربية، وليس محاولة للهيمنة كما يروج البعض.

إن اليمن، بقيادة أنصار الله (الحوثيين)، يلعب دوراً مماثلاً. رغم الحصار والحرب التي تشنها السعودية ودول الخليج بدعم أمريكي، استطاع اليمن أن يصبح قوة ردع في البحر الأحمر، مستهدفاً السفن الإسرائيلية والأمريكية دعماً لغزة. هذا التضامن ليس مجرد موقف سياسي، بل هو تعبير عن وحدة مصير شعوب المنطقة ضد المشروع الصهيوني.


آليات الإبادة الصهيونية ودور محميات الخليج


إن فهم الصراع في غزة يتطلب النظر إلى الدور المدمر الذي تلعبه محميات الخليج الصهيو-أمريكية. هذه الدول، التي تُدار كمحميات استعمارية تحت إشراف المخابرات البريطانية والأمريكية، لم تكتفِ بتمويل المجمع العسكري الصناعي الغربي، بل ساهمت بنشاط في نشر التخلف العقلي والديني في المنطقة العربية. من خلال دعم التيارات الوهابية والسلفية، وتمويل شخصيات مثل القرضاوي والعرعور والشعراوي والجولاني وزغلول النجار ، عملت دول مثل السعودية وقطر والإمارات على تكفير مكونات الشعوب العربية، وإثارة الفتن الطائفية، وإضعاف الوحدة الوطنية في مواجهة العدو الصهيوني.

إن هذه المحميات، كما أشرت في ردي على مرزوق، خصصت تريليونات الدولارات لدعم المشروع الصهيوني بشكل غير مباشر، سواء عبر تمويل الحروب بالوكالة في سوريا والعراق واليمن، أو عبر التطبيع العلني مع الكيان الصهيوني. إن هذه الدول لا تملك أي سيادة حقيقية، حيث تُجبر على وضع أرصدتها النفطية في بنوك الغرب، وتمويل المجمع العسكري الصناعي الأمريكي الذي يرتكب الإبادات في غزة وأوكرانيا والعراق وليبيا وسورية واليمن ولبنان والجزائر وليبيا وأماكن أخرى من العالم.


السياق العالمي: غزة في قلب الصراع الطبقي

إن غزة ليست مجرد قضية فلسطينية، بل هي جزء من الصراع الطبقي العالمي بين المستضعفين والمستكبرين. كما أشار المفكر الاقتصادي سمير أمين، فإن التوسع الرأسمالي الغربي يعتمد على إفقار شعوب العالم الثالث وإبادتها. من إبادة سكان أمريكا الأصليين إلى تدمير العراق وسوريا ولبنان، يعتمد النظام الرأسمالي على خلق الفوضى وإضعاف الشعوب لضمان هيمنته. غزة، بصمودها، تقاوم هذا المشروع، وتثبت أن الشعوب قادرة على كسر إرادة الغزاة.

إن الكيان الصهيوني ليس مجرد دولة احتلال، بل هو أداة في يد النظام الرأسمالي العالمي. من تدمير مفاعل تموز العراقي عام 1981 إلى قصف مفاعلات إيران النووية، يظل الهدف الصهيوني هو منع شعوب المنطقة من تحقيق التنمية المستقلة. إن غزة، بهذا المعنى، هي رأس الحربة في مواجهة هذا المشروع، ودماؤها هي الثمن الذي تدفعه من أجل حرية شعوب المنطقة.


خاتمة الفصل

غزة ليست مجرد مدينة محاصرة، بل هي قلب المقاومة العالمية ضد الإمبريالية. إن اتهام المقاومة بأنها السبب في الخسائر البشرية هو محاولة لتجريم الضحية وتبرير جرائم المحتل. إن دماء غزة، التي تُراق يومياً، ليست هدراً، بل هي وقود لثورةٍ تُعيد تشكيل ميزان القوى في المنطقة والعالم. إن المقاومة الفلسطينية، بدعم من إيران واليمن وحزب الله، ليست مجرد حركة محلية، بل هي جزء من تحالف عالمي يسعى لتحرير الشعوب من الهيمنة الصهيو-أمريكية. في الفصول التالية، سنتناول دور إيران كقوة ردع، وآليات التوسع الرأسمالي، وكيف أن دم غزة ينتصر لكل المستضعفين في العالم.



الفصل الثاني: إيران ومصالحها القومية

إن إيران، منذ ثورة 1979، لم تكن مجرد دولة تتغنى بالشعارات الدينية، بل هي قوة قومية تسعى إلى تحقيق التنمية المستقلة والسيادة الوطنية في مواجهة الهيمنة الإمبريالية. في هذا الفصل ، سنغوص في تحليل دور إيران كحليف استراتيجي للمقاومة الفلسطينية، وكيف أن قراراتها السياسية والعسكرية تستند إلى مصالحها القومية، بعيداً عن الهوس الديني الذي يحاول البعض إلصاقه بها. سنرد أيضاً على تعليقات طاهر مرزوق، التي وجهها على مقالتي المنشورة في موقع *الحوار المتمدن* تحت عنوان "دم غزة ينتصر لإيران"، والتي حاولت تصوير إيران كقوة تدخلية تزرع الفتنة في المنطقة العربية. من خلال هذا الفصل، سنبرهن أن إيران، بسياساتها المستقلة ودعمها للمقاومة، تمثل نموذجاً للدولة المعادية للإمبريالية، وأن دماء غزة تنتصر لإيران لأنها تنتصر لكل شعوب العالم المستضعفة.


ثورة 1979: نقطة تحول في التاريخ الإيراني

لن نفهم دور إيران الحالي دون العودة إلى ثورة 1979، التي أطاحت بنظام الشاه محمد رضا بهلوي، الذي كان بمثابة وكيل للمصالح الأمريكية في المنطقة. كانت إيران، تحت حكم الشاه، محمية استعمارية تخدم مصالح الغرب، حيث كانت ثرواتها النفطية تُنهب، وكانت قواعدها العسكرية تحت سيطرة الولايات المتحدة. لقد كانت إيران آنذاك نموذجاً للتبعية، شبيهاً بمحميات الخليج اليوم، حيث لا تملك سيادة حقيقية على مواردها أو قراراتها.

ثورة 1979، بقيادة الإمام الخميني، وحزب تودة الشيوعي ، لم تكن مجرد ثورة دينية، كما يحاول الإعلام الغربي تصويرها، بل كانت ثورة قومية وطبقية في جوهرها. لقد استهدفت تحرير إيران من الهيمنة الإمبريالية، واستعادة سيادتها على مواردها الطبيعية، وإقامة نظام يعتمد على التنمية المستقلة. في ردي على تعليق طاهر مرزوق، تحديته أن يذكر قراراً واحداً لإيران منذ 1979 كان مدفوعاً بالهوس الديني بدلاً من المصالح القومية. لم أتلقَ رداً، لأن كل قرارات إيران، من تطوير برنامجها النووي إلى دعم حركات المقاومة، كانت تخدم هدفاً واضحاً: بناء دولة قوية قادرة على مواجهة الضغوط الغربية.

إن مفهوم "الإسلام القومي"، الذي تبنته إيران، ليس مجرد شعار ديني، بل هو إطار سياسي يجمع بين الروح الثورية والمصلحة الوطنية. الولي الفقيه، كرمز للوحدة الوطنية، ليس مجرد زعيم ديني، بل هو رمز للاستقلال والمقاومة ضد الهيمنة الخارجية. إن هذا النموذج، الذي يجمع بين الدين والقومية، مكّن إيران من تعبئة شعبها نحو تحقيق أهداف استراتيجية، مثل التفوق العلمي والعسكري، وهو ما سنتناوله لاحقاً.

التفوق العلمي والعسكري: إيران كقوة ردع


إن إيران اليوم تُعتبر واحدة من أكثر الدول تقدماً في المنطقة من حيث الأبحاث العلمية والتكنولوجيا. في ردي على تعليق مرزوق، أشرت إلى أن مراكز الأبحاث الإيرانية تفوق بمئات الأضعاف ما تمتلكه الدول العربية مجتمعة، وهو ما يعترف به حتى الغرب. إن برنامج إيران النووي، الذي أثار جدلاً واسعاً، ليس سوى جزء من سعيها لامتلاك ناصية العلم، وهو حق مشروع بموجب القانون الدولي. على عكس دول الخليج، التي تعتمد كلياً على التكنولوجيا الغربية وتفتقر إلى أي سيادة علمية، استطاعت إيران تطوير قدراتها الذاتية في مجالات مثل التخصيب النووي، الصواريخ الباليستية، والطائرات المسيرة.

لقد أثبتت إيران، في أكثر من مناسبة، أنها قوة ردع لا يمكن تجاهلها. في عام 2020، ردت إيران على اغتيال القائد قاسم سليماني بقصف قاعدة العين الأسد الأمريكية في العراق، مما أظهر قدرتها على تحدي أقوى قوة عسكرية في العالم. وفي عام 2025 دمرت إيران، بضربات صاروخية دقيقة، ثلث مدينة تل أبيب، وحولت قاعدة العيديد في قطر، التي تُعتبر أكثر القواعد الأمريكية تحصيناً في العالم، إلى "مسخرة"، بسبب عجز كل التكنولوجيا الأمريكية عن منع صاروخ دمر رادارا يدير عمليات الربط للقيادة بين الأسلحة الأمريكية للعدوان على إيران .. هذه العمليات لم تكن مجرد استعراض قوة، بل كانت رسالة واضحة: إيران لن تقبل الخضوع لإملاءات الغرب، ولن تسمح باستمرار الهيمنة الصهيونية الأمريكية


الفصل الثاني: إيران ومصالحها القومية

إن إيران، منذ ثورة 1979، لم تكن مجرد دولة تتغنى بالشعارات الدينية، بل هي قوة قومية تسعى إلى تحقيق التنمية المستقلة والسيادة الوطنية في مواجهة الهيمنة الإمبريالية. في هذا الفصل ، سنغوص في تحليل دور إيران كحليف استراتيجي للمقاومة الفلسطينية، وكيف أن قراراتها السياسية والعسكرية تستند إلى مصالحها القومية، بعيداً عن الهوس الديني الذي يحاول البعض إلصاقه بها. سنرد أيضاً على تعليقات طاهر مرزوق، التي وجهها على مقالتي المنشورة في موقع *الحوار المتمدن* تحت عنوان "دم غزة ينتصر لإيران"، والتي حاولت تصوير إيران كقوة تدخلية تزرع الفتنة في المنطقة العربية. من خلال هذا الفصل، سنبرهن أن إيران، بسياساتها المستقلة ودعمها للمقاومة، تمثل نموذجاً للدولة المعادية للإمبريالية، وأن دماء غزة تنتصر لإيران لأنها تنتصر لكل شعوب العالم المستضعفة.


1. ثورة 1979: نقطة تحول في التاريخ الإيراني

لن نفهم دور إيران الحالي دون العودة إلى ثورة 1979، التي أطاحت بنظام الشاه محمد رضا بهلوي، الذي كان بمثابة وكيل للمصالح الأمريكية في المنطقة. تحت حكم الشاه، كانت إيران محمية استعمارية، حيث كانت ثرواتها النفطية تُنهب، وقواعدها العسكرية تحت سيطرة الولايات المتحدة. كانت إيران نموذجاً للتبعية، شبيهاً بمحميات الخليج اليوم، حيث لا تملك سيادة حقيقية على مواردها أو قراراتها.

ثورة 1979، بقيادة الإمام الخميني، لم تكن مجرد ثورة دينية، بل كانت ثورة قومية وطبقية في جوهرها، تهدف إلى تحرير إيران من الهيمنة الإمبريالية واستعادة سيادتها. في ردي على تعليق طاهر مرزوق، تحديته أن يذكر قراراً إيرانياً واحداً منذ 1979 كان مدفوعاً بالهوس الديني بدلاً من المصالح القومية. لم يقدم دليلاً، لأن كل قرارات إيران، من تطوير برنامجها النووي إلى دعم حركات المقاومة، تخدم هدف بناء دولة قوية قادرة على مواجهة الضغوط الغربية.

إن مفهوم "الإسلام القومي"، الذي تبنته إيران، هو إطار سياسي يجمع بين الروح الثورية والمصلحة الوطنية. الولي الفقيه، كرمز للوحدة الوطنية، ليس مجرد زعيم ديني، بل رمز للاستقلال والمقاومة. هذا النموذج مكّن إيران من تعبئة شعبها نحو تحقيق أهداف استراتيجية، مثل التفوق العلمي والعسكري.

2. التفوق العلمي: إيران كقوة معرفية

إن إيران اليوم تُعتبر من أكثر الدول تقدماً في المنطقة من حيث الأبحاث العلمية. في ردي على مرزوق، أشرت إلى أن مراكز الأبحاث الإيرانية تفوق بمئات الأضعاف ما تمتلكه الدول العربية، وهو ما يعترف به الغرب. برنامجها النووي، الذي أثار جدلاً، هو حق مشروع بموجب القانون الدولي. على عكس دول الخليج، التي تعتمد على التكنولوجيا الغربية، طورت إيران قدراتها في التخصيب النووي، الصواريخ الباليستية، والطائرات المسيرة.

إن هذا التفوق العلمي ليس مجرد إنجاز تقني، بل هو تعبير عن إرادة قومية للتحرر من التبعية. إيران استثمرت في التعليم والبحث العلمي، مما جعلها الدولة الأكثر تقدماً في المنطقة، حتى مقارنة بإسرائيل، التي تعتمد على الدعم الغربي المالي والتقني.


3. القوة العسكرية: إيران كقوة ردع

إن التفوق العسكري الإيراني هو امتداد لسياستها القومية. في عام 2020، ردت إيران على اغتيال قاسم سليماني بقصف قاعدة العين الأسد الأمريكية، وفي 2025 دمرت ثلث تل أبيب وقاعدة العيديد في قطر، مما أظهر عجز التكنولوجيا الأمريكية. هذه العمليات أكدت أن إيران ليست مجرد دولة دينية، بل قوة ردع استراتيجية.

إن دعم إيران لحركات المقاومة، مثل حماس وحزب الله، ليس تدخلاً، بل تضامناً طبقياً ضد الهيمنة الصهيو-أمريكية. في تعليق مرزوق، يتهم إيران بـ"غرس أنفها" في المنطقة العربية، لكنه يتجاهل أن إيران لم تكن جزءاً من المشروع الاستعماري، بل هي الدولة الوحيدة التي تقاومه.

…..

4. نقد محميات الخليج: أدوات الإمبريالية

على النقيض من إيران، تمثل دول الخليج محميات استعمارية تخدم المصالح الغربية. في ردي على مرزوق، أشرت إلى أن هذه الدول تخصص تريليونات الدولارات لتمويل المجمع العسكري الصناعي الأمريكي، وتضع أرصدتها النفطية في بنوك الغرب. إن دعمها للتيارات الوهابية والسلفية ساهم في نشر التخلف العقلي والفتن الطائفية، مما أضعف الشعوب العربية.

إن إسلام دول الخليج هو "إسلام صهيوني" مفبرك، يهدف إلى تكفير مكونات الشعوب العربية وإفقارها. على عكس إيران، التي تستخدم الدين كأداة للوحدة الوطنية، تستخدم دول الخليج الدين لخدمة المصالح الاستعمارية.


5. إيران والمقاومة: تحالف المستضعفين

إن دعم إيران لغزة، وحزب الله، والحوثيين، ليس تدخلاً، بل تعبيراً عن وحدة مصير الشعوب المقاومة. إن طوفان الأقصى، الذي انتقده مرزوق كـ"عملية خاسرة"، كان زلزالاً كشف هشاشة الكيان الصهيوني. إن دماء غزة تنتصر لإيران لأنها تنتصر لفكر المستضعفين ضد الهيمنة.

إن إيران، بسياستها القومية، أثبتت أنها قوة ردع علمية وعسكرية، قادرة على تغيير قواعد اللعبة. إن دعمها للمقاومة هو استثمار في تحرير المنطقة، وليس محاولة للهيمنة.



6. الإسلام القومي مقابل الإسلام الصهيوني

إن الإسلام الإيراني، المتمحور حول الولي الفقيه، هو أداة للوحدة والتقدم العلمي. على عكس الإسلام الوهابي الصهيوني، الذي تروج له دول الخليج، فإن الإسلام الإيراني يخدم المصالح القومية، ويتقاطع مع حركات المقاومة العربية. إن هذا الفارق هو جوهر الصراع بين إيران ومحميات الخليج.


7. إيران والمستقبل: نحو عالم متعدد الأقطاب

إن إيران، بدعمها لغزة، تساهم في بناء عالم متعدد الأقطاب، حيث تتحرر الشعوب من الهيمنة الأمريكية. إن دماء غزة، التي تُراق يومياً، ليست هدراً، بل هي وقود لثورة عالمية ضد التوسع الرأسمالي المتوحش. إن إيران، بقوتها العلمية والعسكرية، هي ركيزة هذا التحالف الثوري.



الفصل الثالث: التوسع الرأسمالي وآليات الإبادة

إن فهم الصراع في غزة، ودور إيران كقوة مقاومة للهيمنة الإمبريالية، يتطلب الغوص في أعماق آليات التوسع الرأسمالي المتوحش، الذي يعتمد على الإبادة الجماعية والإفقار كأدوات أساسية للهيمنة. في هذا الفصل ، سنحلل كيف أن الكيان الصهيوني، كأداة للإمبريالية الغربية، يمثل رأس الحربة في مشروع إبادة شعوب المنطقة وإفقارها. سنتناول أيضاً تعليقات طاهر مرزوق على مقالتي المنشورة في موقع *الحوار المتمدن* تحت عنوان "دم غزة ينتصر لإيران"، والتي حاولت تبسيط الصراع وتحميل المقاومة مسؤولية الخسائر، متجاهلاً السياق التاريخي والطبقي للصراع. من خلال هذا الفصل، سنبرهن أن دماء غزة ليست هدراً، بل هي وقود لثورة عالمية ضد نظام رأسمالي يسعى لتدمير الشعوب واستعبادها.


1. التوسع الرأسمالي: جذور الإبادة

إن التوسع الرأسمالي الغربي، منذ بداياته في القرن السادس عشر، اعتمد على الإبادة الجماعية كأداة أساسية للسيطرة على الأراضي والموارد. كما أشار المفكر الاقتصادي سمير أمين، فإن الرأسمالية ليست مجرد نظام اقتصادي، بل هي نظام عالمي يعتمد على إفقار شعوب العالم الثالث وتدمير بناها الاجتماعية والثقافية. في ردي على تعليق مرزوق، أكدت أن الإبادة الجماعية هي جزء لا يتجزأ من هذا التوسع، سواء في أمريكا الشمالية، حيث أُبيد الهنود الحمر، أو في أستراليا ونيوزيلندا، حيث تم تهجير السكان الأصليين، أو في فلسطين، حيث يواجه الشعب الفلسطيني مصيراً مشابهاً.

النكبة الفلسطينية عام 1948 هي مثال واضح على هذه الآلية. لم تكن النكبة مجرد تهجير لمئات الآلاف من الفلسطينيين، بل كانت عملية منظمة لاستبدال شعب بشذاذ آفاق قبلوا أن يكونوا لحم مدافع استعمارية خدمة لبنوك روتشيلد، بدعم مباشر من الاحتلال البريطاني والقوى الغربية. هُدمت أكثر من 500 قرية فلسطينية، وتم إحلال مستوطنين صهاينة مكان السكان الأصليين، في عملية تعكس منطق الإبادة الاستعمارية. لم تكن هناك حماس آنذاك، ولا إيران الثورة، ومع ذلك، ارتكب الكيان الصهيوني جرائم إبادة، مما يؤكد أن المقاومة ليست السبب في الخسائر، كما يدعي مرزوق، بل هي رد فعل طبيعي على الظلم.



2. الإبادة الجماعية: سلاح الرأسمالية

إن الإبادة الجماعية ليست مجرد نتيجة عرضية للتوسع الرأسمالي، بل هي سلاح استراتيجي يهدف إلى كسر إرادة الشعوب وإخضاعها. في الولايات المتحدة، أُبيد أكثر من 90% من السكان الأصليين خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، باستخدام أساليب مثل التجويع، الحروب، والأمراض المفتعلة كالجدري. في ردي على مرزوق، أشرت إلى أن الهنود الحمر وقّعوا اتفاقيات سلام مع الغزاة الإنجليز، لكن هذه الاتفاقيات كانت فخاً أدى إلى إبادتهم عبر بطانيات ملوثة بالجدري. هذا المثال ليس مجرد استعارة، بل هو دليل على أن الاستسلام لا يجلب السلام، بل يمهد للإبادة.

في الجزائر، قتل المحتل الفرنسي أكثر من مليون ونصف المليون إنسان خلال حرب التحرير (1954-1962). في يوم واحد، في بلدة سطيف عام 1945، ذبحت القوات الفرنسية أكثر من أربعين ألف طفل ومدني جزائري. لو استسلم الشعب الجزائري، كما يدعو البعض الفلسطينيين اليوم، لكان مصيره مشابهاً لمصير الهنود الحمر. إن هذه الأمثلة تؤكد أن المقاومة، رغم ثمنها الباهظ، هي الخيار الوحيد للشعوب التي تسعى للحرية والكرامة.

في فلسطين، تستمر هذه الآلية الإبادية منذ النكبة. مذبحة صبرا وشاتيلا عام 1982، التي أودت بحياة أكثر ثلاثة عشرة الف طفل ومدني فلسطيني ولبناني، كانت جزءاً من استراتيجية صهيونية لتدمير المقاومة الفلسطينية. هذه المذبحة، التي نفذتها ميليشيات الكتائب اللبنانية بدعم إسرائيلي، تُظهر أن الكيان الصهيوني لا يحتاج إلى ذرائع مثل وجود حماس ليرتكب جرائمه. إن اتهام المقاومة، كما يفعل مرزوق، بأنها السبب في الخسائر البشرية، هو محاولة لتبرير الإبادة وتحميل الضحية مسؤولية جرائم الجلاد.


3. الكيان الصهيوني: أداة الرأسمالية الغربية

إن الكيان الصهيوني ليس مجرد دولة احتلال، بل هو أداة في يد النظام الرأسمالي العالمي، يهدف إلى تدمير شعوب المنطقة وإفقارها. منذ إنشائه عام 1948، بدعم من بريطانيا والولايات المتحدة، كان الكيان الصهيوني رأس حربة للإمبريالية في المنطقة. في ردي على مرزوق، أشرت إلى أن وظيفة الكيان الوحيدة هي إبادة شعوب المنطقة، من تدمير مفاعل تموز العراقي عام 1981، الذي كان مخصصاً لتوليد الكهرباء، إلى قصف مفاعلات إيران النووية، إلى الحصار المستمر على غزة.

إن هذا الدور الإبادي ليس عشوائياً، بل هو جزء من استراتيجية رأسمالية تهدف إلى منع شعوب المنطقة من تحقيق التنمية المستقلة. مفاعل تموز، على سبيل المثال، كان رمزاً للطموح العراقي لبناء اقتصاد حديث، لكن تدميره على يد إسرائيل أدى إلى إعادة العراق إلى الوراء عقوداً. اليوم، يواجه الشعب الفلسطيني في غزة حصاراً اقتصادياً وعسكرياً يهدف إلى إفقاره وكسر إرادته. إن هذا الحصار ليس مجرد عقوبة جماعية، بل هو جزء من مشروع إبادة يهدف إلى محو الشعب الفلسطيني من الوجود.



4. دور محميات الخليج: نشر التخلف والفتنة

في تعليق مرزوق، يتهم إيران بـ"غرس أنفها" في المنطقة العربية عبر دعم حماس وحزب الله وجماعات أخرى. لكنه يتجاهل الدور المدمر الذي تلعبه محميات الخليج الصهيو-أمريكية. في ردي، أكدت أن هذه المحميات هي التي ساهمت في نشر التخلف العقلي والديني في المنطقة العربية، من خلال تمويل التيارات الوهابية والسلفية. شخصيات مثل القرضاوي، العرعور، والشعراوي، الذين تدعمهم دول مثل السعودية وقطر والإمارات، لعبت دوراً رئيسياً في تكفير مكونات الشعوب العربية، وإثارة الفتن الطائفية، وإضعاف الوحدة الوطنية في مواجهة العدو الصهيوني. وترويج دعايات اسلام بريجينسكي عن أن هناك معجزات في القرآن والسنة وبول البعير لإلغاء العقل والوعي الاجتماعي الطبقي ..

إن هذه المحميات تخصص تريليونات الدولارات لتمويل المجمع العسكري الصناعي الأمريكي، وتضع أرصدتها النفطية في بنوك الغرب، مما يجعلها أدوات للإمبريالية. على عكس إيران، التي استثمرت في مراكز الأبحاث والتطوير العلمي، تخصص دول الخليج أموالها لنشر الجهل الوهابي والعصملي ودعم المشروع الصهيوني بشكل مباشر أو غير مباشر. إن الإسلام الذي تروج له هذه الدول هو "إسلام صهيوني" مفبرك، يهدف إلى إضعاف الشعوب العربية وإفقارها عبر الفتنة ومقاتلة طواحين الهواء وليس الإمبريالية الأمريكية وربيبتها الصهيونية والرجعية العربية ومن لف لفها .


5. غزة: رمز المقاومة ضد الإبادة

إن غزة، بصمودها الأسطوري، تقف في قلب هذا الصراع ضد التوسع الرأسمالي. في تعليق مرزوق، يصف طوفان الأقصى بأنه "عملية خاسرة"، مستنداً إلى عدد الشهداء الفلسطينيين مقارنة بالأسرى الإسرائيليين. لكن هذا المنطق السطحي يغفل أن المقاومة لا تُقاس بالخسائر البشرية، بل بقدرتها على تغيير ميزان القوى. طوفان الأقصى كشف هشاشة الكيان الصهيوني، وأثبت أن المقاومة قادرة على اختراق أكثر الأنظمة تحصيناً.

إن دماء غزة ليست هدراً، بل هي وقود لثورة عالمية. كل شهيد في غزة يساهم في كسر هيبة الكيان الصهيوني وأسياده في الغرب. إن المقاومة الفلسطينية، بدعم من إيران واليمن وحزب الله وسورية الاسد ، ليست مجرد حركة محلية، بل هي جزء من تحالف عالمي يسعى لتحرير الشعوب من الهيمنة الصهيو-أمريكية.

6. إيران والتحالف الإقليمي: مواجهة الإمبريالية

إن إيران، بدعمها لغزة وحزب الله والحوثيين، تشكل ركيزة أساسية في هذا التحالف المقاوم. على عكس ما يدعيه مرزوق، فإن دعم إيران ليس تدخلاً، بل هو تعبير عن تضامن طبقي وشعبي ضد نظام عالمي يسعى لإفقار الشعوب. إن إيران، بقوتها العلمية والعسكرية، أثبتت أنها قادرة على تغيير قواعد اللعبة، سواء عبر تدمير قواعد أمريكية أو عبر دعم المقاومة الفلسطينية.

إن هذا التحالف، الذي يضم غزة، إيران، اليمن، وحزب الله، هو تعبير عن وحدة مصير الشعوب المستضعفة. إن دماء غزة تنتصر لإيران لأنها تنتصر لفكر المستضعفين ضد الهيمنة الرأسمالية.


7. نحو عالم جديد: المقاومة كحل

إن المقاومة في غزة، بدعم إيران، ليست مجرد رد فعل على الاحتلال، بل هي جزء من مشروع عالمي لتحرير الشعوب من الهيمنة الرأسمالية. إن التوسع الرأسمالي، بآلياته الإبادية، لا يمكن مواجهته بالاستسلام، كما يدعو البعض، بل بالمقاومة المسلحة والفكرية. إن دماء غزة، التي تُراق يومياً، هي الثمن الذي تدفعه الشعوب من أجل حريتها وكرامتها.


الفصل الرابع: طوفان الأقصى وميزان القوى

عملية طوفان الأقصى، التي انطلقت في 7 أكتوبر 2023، لم تكن مجرد هجوم عسكري نفذته فصائل المقاومة الفلسطينية، بل كانت زلزالاً سياسياً وعسكرياً هزّ أسس الكيان الصهيوني، وأعاد تعريف ميزان القوى في المنطقة. في هذا الفصل، سنحلل أهمية هذه العملية كلحظة تاريخية، ونرد على تعليقات طاهر مرزوق على مقالتي المنشورة في موقع *الحوار المتمدن* تحت عنوان "دم غزة ينتصر لإيران"، والتي وصف فيها طوفان الأقصى بأنه "عملية خاسرة"، مستنداً إلى عدد الشهداء الفلسطينيين مقارنة بالأسرى الإسرائيليين. سنبرهن أن هذه العملية، رغم الخسائر البشرية الباهظة، لم تكن خسارة، بل كانت نقطة تحول استراتيجية، كشفت هشاشة الكيان الصهيوني، وأعادت إحياء فكرة المقاومة كخيار وحيد للتحرير. سنربط أيضاً هذه العملية بدور إيران والتحالف الإقليمي المقاوم، مؤكدين أن دماء غزة تنتصر لإيران لأنها تنتصر لكل شعوب العالم المستضعفة.

1. طوفان الأقصى: لحظة تاريخية

عملية طوفان الأقصى لم تكن مجرد عملية عسكرية، بل كانت تعبيراً عن إرادة شعب يرفض الاستسلام بعد عقود من الاحتلال والحصار. في صباح 7 أكتوبر 2023، اخترقت فصائل المقاومة الفلسطينية، بقيادة كتائب القسام ، التحصينات الإسرائيلية المحيطة بقطاع غزة، في عملية غير مسبوقة من حيث الدقة والجرأة. تمكنت المقاومة من أسر حوالي 270 إسرائيلياً، بينهم كبار قادة اكثر فرقة نخبة مدربة لدى العدو وجنود ومستوطنون، وتدمير عدد من المواقع العسكرية، مما كشف عن ثغرات هائلة في النظام الأمني الإسرائيلي.

في تعليق طاهر مرزوق، يصف هذه العملية بأنها "خاسرة"، مستنداً إلى أن إسرائيل قتلت أكثر من 28 ألف فلسطيني، وجرحت أضعاف هذا العدد، ودمرت البنية التحتية لغزة. لكن هذا المنطق السطحي يغفل جوهر حروب التحرير الوطني. إن المقاومة لا تُقاس بعدد الخسائر البشرية، بل بقدرتها على تغيير ميزان القوى. طوفان الأقصى كسر هيبة الكيان الصهيوني، الذي طالما روّج لنفسه كـ"جيش لا يُقهر". إن اختراق المقاومة للجدران والرادارات المتطورة، التي تُكلف مليارات الدولارات، بإمكانيات محدودة، هو دليل على أن القوة العسكرية وحدها لا تكفي لكسر إرادة شعب.

إن هذه العملية، التي نفذتها فصائل المقاومة بإمكانيات متواضعة مقارنة بالترسانة الإسرائيلية المدعومة أمريكياً، أعادت الاعتبار لفكرة المقاومة المسلحة. لقد أثبتت أن الشعب الفلسطيني، رغم الحصار الاقتصادي والعسكري المستمر منذ عقود، قادر على تحدي أقوى الأنظمة تحصيناً. إن طوفان الأقصى لم يكن مجرد عملية عسكرية، بل كان رسالة سياسية إلى العالم: الشعب الفلسطيني لن يستسلم، وسيواصل نضاله حتى تحرير أرضه.

2. نقد منطق الخسارة: فهم حروب التحرير

في تعليقه، يحاول مرزوق تقييم طوفان الأقصى من خلال مقارنة أرقام الشهداء الفلسطينيين (أكثر من 28 ألف) بعدد الأسرى الإسرائيليين (حوالي 270). هذا المنطق لا يعكس فقط فهماً قاصراً لطبيعة حروب التحرير، بل هو أيضاً محاولة لتبسيط الصراع وتجريم المقاومة. إن حروب التحرير، عبر التاريخ، لم تُقاس بالخسائر البشرية، بل بقدرتها على تحقيق أهداف استراتيجية. في فيتنام، قدم الشعب الفيتنامي ملايين الشهداء في مواجهة الاحتلال الأمريكي، لكنه انتصر في النهاية عام 1975. في الجزائر، استشهد مليون ونصف المليون إنسان خلال حرب التحرير ضد الاستعمار الفرنسي، لكن الجزائر استعادت سيادتها عام 1962.

إن طوفان الأقصى، رغم الثمن الباهظ، حقق أهدافاً استراتيجية عديدة. أولاً، كشف هشاشة الكيان الصهيوني، الذي يعتمد على دعم غربي غير محدود. ثانياً، أعاد إحياء القضية الفلسطينية على المستوى العالمي، حيث خرجت ملايين الجماهير في عواصم العالم للتضامن مع غزة. ثالثاً، عزز من وحدة فصائل المقاومة الفلسطينية، من حماس إلى الجهاد الإسلامي إلى الجبهة الشعبية، مما يمهد لمرحلة جديدة من النضال.

إن اتهام المقاومة بأنها "تثبت وجودها" لمن يمولها، كما يدعي مرزوق، هو محاولة لتجريم النضال وتجاهل السياق التاريخي. إن المقاومة الفلسطينية ليست مدفوعة بأجندات خارجية، بل هي تعبير عن إرادة شعب يواجه الإبادة منذ عقود. إن الكيان الصهيوني، كما يعترف مرزوق نفسه، هو صنيعة غربية، تخدم مصالح الولايات المتحدة وأوروبا. لكن ما يغفله هو أن المقاومة، بدعم من إيران واليمن وحزب الله، ليست مجرد رد فعل، بل هي استراتيجية لتغيير قواعد اللعبة.

3. دور إيران: دعم استراتيجي للمقاومة

إن طوفان الأقصى لم يكن ممكناً لولا الدعم الاستراتيجي من إيران وسورية الاسد ، التي وفرت لفصائل المقاومة السلاح والتدريب والدعم اللوجستي. في ردي على مرزوق، أكدت أن إيران، منذ ثورة 1979، جعلت دعم القضية الفلسطينية ركيزة أساسية في سياستها الخارجية. هذا الدعم ليس مجرد مساعدات عسكرية، بل هو تعبير عن تضامن طبقي وشعبي ضد النظام الرأسمالي العالمي.

إن إيران، على عكس دول الخليج، لم تكن يوماً جزءاً من المشروع الاستعماري الصهيو-أمريكي. بينما تخصص دول الخليج تريليونات الدولارات لتمويل المجمع العسكري الصناعي الأمريكي، تستثمر إيران في بناء قدراتها العلمية والعسكرية، وتدعم حركات المقاومة في المنطقة. إن هذا الدعم ليس تدخلاً، كما يدعي مرزوق، بل هو استثمار في تحرير المنطقة من الهيمنة الغربية.

في عام 2024، أثبتت إيران قدرتها على تغيير ميزان القوى، عندما دمرت ثلث تل أبيب بضربات صاروخية دقيقة، وحولت قاعدة العيديد الأمريكية في قطر إلى "مسخرة"، كما وصفتها وكالة *أسوشيتد برس*. هذه العمليات أكدت أن إيران ليست مجرد قوة إقليمية، بل هي قوة ردع عالمية، قادرة على تحدي الهيمنة الأمريكية. إن دعمها لغزة هو جزء من هذه الاستراتيجية، التي تهدف إلى بناء عالم متعدد الأقطاب، بعيداً عن سيطرة الإمبريالية.


4. اليمن وحزب الله: تحالف المقاومة

إن طوفان الأقصى لم يكن إنجازاً فلسطينياً فقط، بل كان نتاج تحالف إقليمي يضم إيران، اليمن، وحزب الله. في اليمن، لعب أنصار الله (الحوثيون) دوراً حاسماً في دعم غزة، من خلال استهداف السفن الإسرائيلية والأمريكية في البحر الأحمر. رغم الحصار والحرب التي تشنها السعودية بدعم أمريكي، استطاع اليمن أن يصبح قوة ردع، مما يعزز من قوة التحالف المقاوم.

حزب الله، من جانبه، ساهم في تغيير ميزان القوى في المنطقة، من خلال عملياته ضد الكيان الصهيوني في جنوب لبنان. هذه العمليات، التي تزامنت مع طوفان الأقصى، أثبتت أن المقاومة ليست معزولة، بل هي جزء من شبكة إقليمية تقاوم الهيمنة الصهيو-أمريكية. إن هذا التحالف، الذي يضم غزة، إيران، اليمن، وحزب الله، هو تعبير عن وحدة مصير الشعوب المستضعفة.

5. نقد محميات الخليج: أدوات الإبادة

في تعليق مرزوق، يتهم إيران بـ"غرس أنفها" في المنطقة العربية، لكنه يتجاهل الدور المدمر لمحميات الخليج. في ردي، أكدت أن هذه المحميات، بتمويلها للتيارات الوهابية والسلفية، ساهمت في نشر التخلف العقلي والفتن الطائفية. إن دول مثل السعودية وقطر والإمارات، التي تخصص تريليونات الدولارات لتمويل المجمع العسكري الصناعي الأمريكي، هي شريك مباشر في إبادة غزة. إن تطبيعها مع الكيان الصهيوني، ودعمها للحروب بالوكالة في سوريا والعراق واليمن، يكشف عن دورها كأدوات للإمبريالية.

إن الإسلام الذي تروج له هذه المحميات هو "إسلام صهيوني" مفبرك، يهدف إلى إضعاف الشعوب العربية عبر الفتنة وتكفير مكوناتها. على عكس إيران، التي تستخدم الإسلام كأداة للوحدة الوطنية والمقاومة، تستخدم دول الخليج الدين لخدمة المصالح الاستعمارية.


6. طوفان الأقصى ومستقبل المقاومة

إن طوفان الأقصى لم يكن نهاية الصراع، بل كان بداية مرحلة جديدة. لقد أثبتت هذه العملية أن المقاومة المسلحة هي الخيار الوحيد لمواجهة الاحتلال. إن دماء الشهداء في غزة، التي يراها البعض "خسارة"، هي في الواقع وقود لثورة عالمية. كل شهيد في غزة يساهم في كسر هيبة الكيان الصهيوني وأسياده في الغرب.

إن هذه العملية أعادت توحيد الشعب الفلسطيني، وألهمت حركات المقاومة في المنطقة والعالم. إنها دليل على أن الشعوب المستضعفة، رغم إمكانياتها المحدودة، قادرة على تحدي أقوى القوى الإمبريالية. إن دم غزة ينتصر لإيران، لأنه ينتصر لفكر المستضعفين ضد الهيمنة الرأسمالية.


7. نحو تحرير شامل


إن طوفان الأقصى هو جزء من مشروع تحرير شامل، يتجاوز حدود فلسطين ليشمل كل شعوب المنطقة. إن التحالف الإقليمي، الذي يضم إيران، اليمن، وحزب الله، هو نواة لعالم جديد، حيث تتحرر الشعوب من الهيمنة الأمريكية. إن دماء غزة، التي تُراق يومياً، ليست هدراً، بل هي بذور الحرية والكرامة.



الفصل الخامس: إيران والإسلام القومي

إن فكرة "الإسلام القومي"، التي تبنتها إيران منذ ثورة 1979، ليست مجرد شعار ديني، بل هي إطار سياسي وإيديولوجي يجمع بين الروح الثورية والمصلحة الوطنية، ليصبح أداة للوحدة والتقدم في مواجهة الهيمنة الإمبريالية. في هذا الفصل الموسع، الذي يمتد على عشرين صفحة، سنحلل مفهوم الإسلام القومي كما تجسده إيران، وكيف أنه يختلف جذرياً عن الإسلام الوهابي الصهيوني الذي تروج له محميات الخليج. سنرد أيضاً على تعليقات طاهر مرزوق على مقالتي المنشورة في موقع *الحوار المتمدن* تحت عنوان "دم غزة ينتصر لإيران"، والتي حاولت تصوير إيران كقوة تدخلية تزرع الفتنة. من خلال هذا الفصل، سنبرهن أن إيران، بإسلامها القومي، تقدم نموذجاً للدولة المقاومة التي تدعم شعوب المنطقة في نضالها ضد الإمبريالية، وأن دماء غزة تنتصر لإيران لأنها تنتصر لفكر المستضعفين ضد الهيمنة الرأسمالية.


1. الإسلام القومي: إطار ثوري للوحدة الوطنية

إن مفهوم "الإسلام القومي"، كما تجسده إيران، ليس مجرد دمج بين الدين والقومية، بل هو إطار سياسي وإيديولوجي يهدف إلى تعبئة الشعب الإيراني نحو تحقيق السيادة والتنمية المستقلة. في ردي على تعليق مرزوق، أكدت أن إيران، منذ ثورة 1979، لم تتخذ قراراً واحداً مدفوعاً بالهوس الديني، بل كانت كل قراراتها تخدم مصالحها القومية. الولي الفقيه، كرمز مركزي في النظام الإيراني، ليس مجرد زعيم ديني، بل هو رمز للوحدة الوطنية والمقاومة ضد الهيمنة الخارجية.

على عكس الصورة النمطية التي يروجها الإعلام الغربي عن إيران كدولة "متطرفة" مدفوعة بالدين، فإن الإسلام القومي الإيراني هو أداة لتعبئة الشعب نحو أهداف استراتيجية، مثل التفوق العلمي والعسكري. لقد استطاعت إيران، من خلال هذا الإطار، تحويل الدين من قوة محافظة إلى قوة ثورية، تخدم مصالح الشعب وتعزز من قدراته في مواجهة التحديات الخارجية.

2. التفوق العلمي: الإسلام القومي كمحرك للتقدم

إن إيران اليوم تُعتبر من أكثر الدول تقدماً في المنطقة من حيث الأبحاث العلمية والتكنولوجيا. في ردي على مرزوق، أشرت إلى أن مراكز الأبحاث الإيرانية تفوق بمئات الأضعاف ما تمتلكه الدول العربية مجتمعة، وهو ما يعترف به حتى الغرب. برنامجها النووي، الذي أثار جدلاً واسعاً، هو مثال واضح على كيف أن الإسلام القومي يخدم التقدم العلمي. على عكس دول الخليج، التي تعتمد كلياً على التكنولوجيا الغربية، طورت إيران قدراتها الذاتية في التخصيب النووي، الصواريخ الباليستية، والطائرات المسيرة.

هذا التفوق ليس مجرد إنجاز تقني، بل هو تعبير عن إرادة قومية للتحرر من التبعية. إن إيران، من خلال الإسلام القومي، استثمرت في التعليم والبحث العلمي، مما جعلها الدولة الأكثر تقدماً في المنطقة، حتى مقارنة بإسرائيل، التي تعتمد على الدعم الغربي المالي والتقني. إن هذا الإنجاز يعكس قدرة الإسلام القومي على تحويل الدين إلى قوة دافعة للتنمية، بدلاً من أن يكون أداة للتخلف كما هو الحال في دول الخليج.

---

#### 3. الإسلام الوهابي الصهيوني: أداة التخلف
في تعليق مرزوق، يتهم إيران بـ"غرس أنفها" في المنطقة العربية عبر دعم حماس وحزب الله، لكنه يتجاهل الدور المدمر لمحميات الخليج. في ردي، أكدت أن هذه المحميات، بتمويلها للتيارات الوهابية والسلفية، ساهمت في نشر التخلف العقلي والفتن الطائفية. إن الإسلام الذي تروج له دول مثل السعودية وقطر والإمارات هو "إسلام صهيوني" مفبرك، يهدف إلى إضعاف الشعوب العربية عبر تكفير مكوناتها وإثارة الفتن.

شخصيات مثل القرضاوي، العرعور، والشعراوي، الذين دعمتهم هذه الدول، لعبت دوراً رئيسياً في نشر خطاب الكراهية والتفرقة. على عكس الإسلام القومي الإيراني، الذي يركز على الوحدة والتقدم، يعتمد الإسلام الوهابي على التكفير والإقصاء، مما يخدم المصالح الاستعمارية. إن دول الخليج، بتخصيصها تريليونات الدولارات لتمويل المجمع العسكري الصناعي الأمريكي، أصبحت شريكاً مباشراً في إبادة غزة وإفقار شعوب المنطقة.

---

#### 4. الولي الفقيه: رمز الوحدة والمقاومة
إن مفهوم الولي الفقيه، كما تجسده إيران، هو جوهر الإسلام القومي. على عكس الصورة التي يروجها الإعلام الغربي عن الولي الفقيه كديكتاتور ديني، فإنه في الواقع رمز للوحدة الوطنية والمقاومة ضد الهيمنة الخارجية. الولي الفقيه، سواء كان الإمام الخميني أو الخامنئي، لعب دوراً محورياً في تعبئة الشعب الإيراني نحو تحقيق السيادة والتنمية.

في ردي على مرزوق، أكدت أن كل قرارات إيران منذ 1979 تخدم مصالحها القومية، وليس الهوس الديني. إن الولي الفقيه، كمركزية سياسية وروحية، مكّن إيران من تحقيق إنجازات مثل تطوير برنامجها النووي، وإنتاج أسلحة متطورة، ودعم حركات المقاومة. هذا الدور يتناقض مع العائلات الحاكمة في دول الخليج، التي تخدم مصالح الغرب وتعزز التخلف والتبعية.

---

#### 5. إيران ودعم المقاومة: تضامن طبقي
إن دعم إيران لغزة، وحزب الله، والحوثيين، ليس تدخلاً، كما يدعي مرزوق، بل هو تعبير عن تضامن طبقي وشعبي ضد النظام الرأسمالي العالمي. إن طوفان الأقصى، الذي انتقده مرزوق كـ"عملية خاسرة"، كان نتاج هذا الدعم الإيراني، الذي وفر للمقاومة الفلسطينية السلاح والتدريب. إن هذا الدعم ليس مجرد مساعدات عسكرية، بل هو استثمار في تحرير المنطقة من الهيمنة الصهيو-أمريكية.

إن إيران، من خلال الإسلام القومي، تقاطعت مع حركات المقاومة العربية، لأنها تشترك معها في رؤية معادية للإمبريالية. إن هذا التحالف، الذي يضم غزة، إيران، اليمن، وحزب الله، هو نواة لعالم جديد، حيث تتحرر الشعوب من الهيمنة الغربية.

---

#### 6. نقد الإسلام الصهيوني: أداة الإمبريالية
إن الإسلام الوهابي الصهيوني، الذي تروج له دول الخليج، هو أداة للإمبريالية، تهدف إلى إضعاف الشعوب العربية عبر الفتنة والتكفير. في ردي على مرزوق، أكدت أن هذا الإسلام، الذي يمثله الجولاني والعرعور والقرضاوي، هو نتاج الدوائر الاستعمارية، التي استغلت الدين لخدمة مصالحها. على عكس الإسلام القومي الإيراني، الذي يركز على الوحدة والتقدم، يعتمد الإسلام الوهابي على التفرقة والتخلف.

إن دول الخليج، بتمويلها لهذا الإسلام المفبرك، ساهمت في إفقار الشعوب العربية وإضعافها. إن تطبيعها مع الكيان الصهيوني، ودعمها للحروب بالوكالة في سوريا والعراق واليمن، يكشف عن دورها كأدوات للإمبريالية.

---

#### 7. نحو عالم جديد: الإسلام القومي كرؤية مستقبلية
إن الإسلام القومي، كما تجسده إيران، هو رؤية مستقبلية لبناء عالم متعدد الأقطاب، حيث تتحرر الشعوب من الهيمنة الأمريكية. إن دماء غزة، التي تُراق يومياً، تنتصر لإيران لأنها تنتصر لفكر المستضعفين. إن إيران، بقوتها العلمية والعسكرية، ودعمها للمقاومة، هي ركيزة هذا المشروع الثوري.

---



### الفصل السادس: نحو تحرير شامل

إن المقاومة في غزة، بدعم من إيران واليمن وحزب الله، ليست مجرد معركة محلية تهدف إلى تحرير الأرض الفلسطينية، بل هي جزء من مشروع تحرير شامل يتجاوز الحدود الجغرافية ليشمل شعوب المنطقة والعالم المستضعفة. في هذا الفصل الموسع، الذي يمتد على عشرين صفحة، سنحلل كيف أن دماء غزة، التي تُراق يومياً على يد الكيان الصهيوني المدعوم من الإمبريالية الغربية، تشكل وقوداً لثورة عالمية ضد التوسع الرأسمالي المتوحش. سنرد أيضاً على تعليقات طاهر مرزوق على مقالتي المنشورة في موقع *الحوار المتمدن* تحت عنوان "دم غزة ينتصر لإيران"، والتي حاولت تصوير المقاومة كـ"عملية خاسرة"، متجاهلاً السياق التاريخي والطبقي للصراع. من خلال هذا الفصل، سنبرهن أن المقاومة الفلسطينية، بدعم التحالف الإقليمي، هي نواة لعالم جديد متعدد الأقطاب، حيث تتحرر الشعوب من الهيمنة الصهيو-أمريكية، وأن دماء غزة تنتصر لإيران لأنها تنتصر لفكر المستضعفين.

---

#### 1. غزة: رأس الحربة في الصراع العالمي
غزة، هذه القطعة الصغيرة من الأرض المحاصرة، ليست مجرد مسرح للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، بل هي رأس الحربة في مواجهة النظام الرأسمالي العالمي. في تعليق طاهر مرزوق، يصف عملية طوفان الأقصى بأنها "خاسرة" بسبب الخسائر البشرية الهائلة، متجاهلاً أن هذه العملية لم تكن مجرد هجوم عسكري، بل كانت زلزالاً سياسياً كشف هشاشة الكيان الصهيوني وأعاد إحياء القضية الفلسطينية على المستوى العالمي. إن غزة، بصمودها الأسطوري، أصبحت رمزاً للمقاومة ضد الإبادة والاستعباد، ومثالاً حياً لقدرة الشعوب المستضعفة على تحدي أقوى القوى الإمبريالية.

إن دماء غزة، التي تُراق يومياً، ليست هدراً، بل هي بذور تُزرع في تربة الحرية. كل شهيد في غزة يساهم في كسر هيبة الكيان الصهيوني وأسياده في الغرب. إن المقاومة الفلسطينية، بكل أطيافها، من حماس إلى الجهاد الإسلامي إلى الجبهة الشعبية، هي تعبير عن إرادة شعب يرفض الاستسلام. في ردي على مرزوق، أكدت أن هذه المقاومة ليست عبثية، كما يدعي، بل هي حرب تحرير وطني، مشابهة لنضالات الشعوب في الجزائر وفيتنام وجنوب إفريقيا.

---

#### 2. التحالف الإقليمي: وحدة المستضعفين
إن المقاومة في غزة ليست معزولة، بل هي جزء من تحالف إقليمي يضم إيران، اليمن، وحزب الله، ويمتد ليشمل حركات مقاومة في العراق وسوريا. في ردي على مرزوق، رفضت اتهامه لإيران بـ"غرس أنفها" في المنطقة العربية، مؤكداً أن دعم إيران لحركات المقاومة هو تعبير عن تضامن طبقي وشعبي ضد النظام الرأسمالي العالمي. إن إيران، بقوتها العلمية والعسكرية، لعبت دوراً حاسماً في دعم المقاومة الفلسطينية، من خلال توفير السلاح والتدريب والدعم اللوجستي.

في اليمن، أثبت أنصار الله (الحوثيون) أنهم قوة ردع في البحر الأحمر، حيث استهدفوا السفن الإسرائيلية والأمريكية دعماً لغزة. رغم الحصار والحرب التي تشنها السعودية بدعم أمريكي، استطاع اليمن أن يصبح جزءاً أساسياً من هذا التحالف. حزب الله، من جانبه، ساهم في تغيير ميزان القوى عبر عملياته في جنوب لبنان، التي تزامنت مع طوفان الأقصى، مما أثبت أن المقاومة ليست معزولة، بل هي شبكة إقليمية تقاوم الهيمنة الصهيو-أمريكية.

إن هذا التحالف ليس مجرد تعاون عسكري، بل هو تعبير عن وحدة مصير الشعوب المستضعفة. إن دماء غزة تنتصر لإيران، لأنها تنتصر لفكر المستضعفين الذي يجمع بين هذه القوى. على عكس دول الخليج، التي تخدم المصالح الإمبريالية، فإن هذا التحالف يهدف إلى تحرير المنطقة من التبعية والإفقار.


3. الكيان الصهيوني: أداة الإبادة الرأسمالية

إن الكيان الصهيوني ليس مجرد دولة احتلال، بل هو أداة في يد النظام الرأسمالي العالمي، يهدف إلى تدمير شعوب المنطقة وإفقارها. في ردي على مرزوق، أشرت إلى أن وظيفة الكيان الوحيدة هي إبادة شعوب المنطقة، من تدمير مفاعل تموز العراقي عام 1981 إلى قصف مفاعلات إيران النووية إلى الحصار المستمر على غزة. إن هذا الدور الإبادي ليس عشوائياً، بل هو جزء من استراتيجية رأسمالية تهدف إلى منع شعوب المنطقة من تحقيق التنمية المستقلة.

إن الحصار على غزة، الذي يمنع وصول الغذاء والدواء والوقود، ليس مجرد عقوبة جماعية، بل هو محاولة لمحو الشعب الفلسطيني من الوجود. إن المجازر التي يرتكبها الكيان الصهيوني، مثل مذبحة صبرا وشاتيلا عام 1982، التي أودت بحياة أكثر من سبعين ألف طفل ومدني، ليست استثناء، بل هي جزء من نمط إبادي مستمر. إن اتهام المقاومة، كما يفعل مرزوق، بأنها السبب في هذه الخسائر، هو محاولة لتبرير الإبادة وتحميل الضحية مسؤولية جرائم الجلاد.


4. نقد محميات الخليج: شركاء الإبادة

في تعليق مرزوق، يتهم إيران بـ"غرس أنفها" في المنطقة العربية، لكنه يتجاهل الدور المدمر لمحميات الخليج الصهيو-أمريكية. في ردي، أكدت أن هذه المحميات، بتمويلها للتيارات الوهابية والسلفية، ساهمت في نشر التخلف العقلي والفتن الطائفية. إن دول مثل السعودية وقطر والإمارات، التي تخصص تريليونات الدولارات لتمويل المجمع العسكري الصناعي الأمريكي، هي شريك مباشر في إبادة غزة. إن تطبيعها مع الكيان الصهيوني، ودعمها للحروب بالوكالة في سوريا والعراق واليمن، يكشف عن دورها كأدوات للإمبريالية.

إن الإسلام الذي تروج له هذه المحميات هو "إسلام صهيوني" مفبرك، يهدف إلى إضعاف الشعوب العربية عبر الفتنة وتكفير مكوناتها. شخصيات مثل القرضاوي والعرعور والشعراوي، الذين دعمتهم هذه الدول، لعبت دوراً رئيسياً في نشر خطاب الكراهية والتفرقة. على عكس إيران، التي تستخدم الإسلام كأداة للوحدة والتقدم، تستخدم دول الخليج الدين لخدمة المصالح الاستعمارية.


5. الإسلام القومي: رؤية للتحرير

إن الإسلام القومي، كما تجسده إيران، هو رؤية للتحرير الشامل. على عكس الإسلام الوهابي الصهيوني، الذي يركز على التكفير والإقصاء، يعتمد الإسلام القومي على الوحدة والتقدم العلمي. إن إيران، من خلال هذا الإطار، استطاعت تحقيق إنجازات مثل تطوير برنامجها النووي، وإنتاج أسلحة متطورة، ودعم حركات المقاومة. إن هذه الإنجازات تؤكد أن الإسلام القومي هو أداة للتحرر، وليس للهيمنة كما يدعي البعض.

في ردي على مرزوق، أكدت أن إيران، بدعمها لغزة، تساهم في بناء عالم متعدد الأقطاب، حيث تتحرر الشعوب من الهيمنة الأمريكية. إن دماء غزة تنتصر لإيران لأنها تنتصر لفكر المستضعفين، الذي يجمع بين الشعوب المقاومة في مواجهة النظام الرأسمالي.

6. نحو عالم جديد: المقاومة كحل

إن المقاومة في غزة، بدعم إيران واليمن وحزب الله، هي نواة لعالم جديد، حيث تتحرر الشعوب من الهيمنة الصهيو-أمريكية. إن دماء غزة، التي تُراق يومياً، ليست هدراً، بل هي بذور الحرية والكرامة. إن هذه المقاومة، رغم الثمن الباهظ، هي الخيار الوحيد للشعوب التي تسعى للتحرر.

في الجزائر، دفع الشعب ثمناً باهظاً لتحرير أرضه من الاستعمار الفرنسي. في فيتنام، قدم الشعب ملايين الشهداء للانتصار على الاحتلال الأمريكي. إن غزة، بصمودها، تسير على الدرب نفسه. إن كل شهيد في غزة يساهم في بناء عالم جديد، حيث تتحرر الشعوب من الإبادة والاستعباد.

7. الخلاصة: دم غزة ينتصر للإنسانية

إن دماء غزة، التي تُراق في مواجهة الكيان الصهيوني، تنتصر لإيران لأنها تنتصر لكل شعوب العالم المستضعفة. إن هذه الدماء هي وقود لثورة عالمية ضد التوسع الرأسمالي المتوحش. إن المقاومة الفلسطينية، بدعم التحالف الإقليمي، هي تعبير عن إرادة الشعوب في تقرير مصيرها. إن غزة، بصمودها، وإيران، بقوتها، واليمن وحزب الله، بتضحياتهم، يشكلون نواة لعالم جديد، حيث تتحرر الشعوب من الهيمنة الإمبريالية.

خاتمة: المستقبل للمقاومة

إن دماء غزة، التي تُراق يومياً على يد آلة الإبادة الصهيونية المدعومة من الإمبريالية الغربية وتمويل محميات الخليج، ليست مجرد خسارة بشرية، بل هي وقود لثورة عالمية ضد التوسع الرأسمالي المتوحش. في هذه الخاتمة الموسعة، التي تمتد على عشرين صفحة، سنعيد صياغة الرؤية التي قدمتها في مقالتي المنشورة في موقع *الحوار المتمدن* تحت عنوان "دم غزة ينتصر لإيران"، مؤكدين أن المقاومة الفلسطينية، بدعم من إيران واليمن وحزب الله، ليست مجرد معركة محلية، بل هي جزء من مشروع تحرير شامل يهدف إلى بناء عالم جديد متعدد الأقطاب، حيث تتحرر الشعوب من الهيمنة الصهيو-أمريكية. سنرد أيضاً على تعليقات طاهر مرزوق، التي حاولت تصوير المقاومة كـ"عملية خاسرة"، وسنبرهن أن دماء غزة تنتصر لإيران لأنها تنتصر لكل شعوب العالم المستضعفة، وأن المستقبل، رغم التحديات، هو للمقاومة.


1. دم غزة: بذور الحرية

غزة، هذه الرقعة الصغيرة من الأرض المحاصرة، أصبحت رمزاً عالمياً للصمود والتحدي. إن دماء الشهداء، التي تُراق في مواجهة الكيان الصهيوني، ليست هدراً، بل هي بذور تُزرع في تربة الحرية. في تعليق طاهر مرزوق، يصف عملية طوفان الأقصى بأنها "خاسرة"، مستنداً إلى عدد الشهداء الفلسطينيين (أكثر من 28 ألف) مقارنة بالأسرى الإسرائيليين (حوالي 270). لكن هذا المنطق السطحي يغفل أن المقاومة لا تُقاس بالخسائر البشرية، بل بقدرتها على تغيير ميزان القوى.

إن طوفان الأقصى، الذي انطلق في 7 أكتوبر 2023، كان زلزالاً سياسياً وعسكرياً كشف هشاشة الكيان الصهيوني، وأثبت أن الشعب الفلسطيني، رغم الحصار والقمع، قادر على اختراق أكثر الأنظمة تحصيناً. إن كل شهيد في غزة يساهم في كسر هيبة الكيان الصهيوني وأسياده في الغرب. إن هذه الدماء ليست هدراً، بل هي وقود لثورة عالمية، تعيد تشكيل قواعد اللعبة وتلهم الشعوب المستضعفة في كل مكان.



2. إيران: قوة الردع والتضامن

إن إيران، بقوتها العلمية والعسكرية، تقف كركيزة أساسية في هذا المشروع الثوري. في ردي على مرزوق، أكدت أن إيران، منذ ثورة 1979، اتخذت قرارات تخدم مصالحها القومية، وليس الهوس الديني كما يروج الإعلام الغربي. إن دعم إيران لغزة، وحزب الله، والحوثيين، ليس تدخلاً، بل هو تعبير عن تضامن طبقي وشعبي ضد النظام الرأسمالي العالمي.

إن إيران، بتطوير برنامجها النووي وإنتاج أسلحة متطورة، أثبتت أنها قوة ردع لا يمكن تجاهلها. في عام 2024، دمرت إيران ثلث تل أبيب بضربات صاروخية دقيقة، وحولت قاعدة العيديد الأمريكية في قطر إلى "مسخرة"، كما وصفتها وكالة *أسوشيتد برس*. هذه العمليات ليست مجرد استعراض قوة، بل هي رسالة واضحة: إيران لن تقبل الخضوع لإملاءات الغرب، وسوف تدعم المقاومة حتى تحقيق التحرير الشامل.

إن دم غزة ينتصر لإيران لأنه ينتصر لفكر المستضعفين، الذي يجمع بين هذه القوى في مواجهة الهيمنة الصهيو-أمريكية. إن إيران، بسياستها القومية ودعمها للمقاومة، تساهم في بناء عالم جديد، حيث تتحرر الشعوب من التبعية والإفقار.


3. التحالف الإقليمي: نواة عالم جديد

إن المقاومة في غزة، بدعم إيران واليمن وحزب الله، تشكل نواة لعالم جديد متعدد الأقطاب. في اليمن، لعب أنصار الله (الحوثيون) دوراً حاسماً في دعم غزة، من خلال استهداف السفن الإسرائيلية والأمريكية في البحر الأحمر. رغم الحصار والحرب التي تشنها السعودية بدعم أمريكي، استطاع اليمن أن يصبح قوة ردع، مما يعزز من قوة التحالف المقاوم.

حزب الله، من جانبه، ساهم في تغيير ميزان القوى عبر عملياته في جنوب لبنان، التي تزامنت مع طوفان الأقصى. هذه العمليات أثبتت أن المقاومة ليست معزولة، بل هي شبكة إقليمية تقاوم الهيمنة الصهيو-أمريكية. إن هذا التحالف، الذي يضم غزة، إيران، اليمن، وحزب الله، هو تعبير عن وحدة مصير الشعوب المستضعفة، التي ترفض الاستسلام للإمبريالية.

في ردي على مرزوق، رفضت اتهامه لإيران بـ"غرس أنفها" في المنطقة العربية، مؤكداً أن دعم إيران هو استثمار في تحرير المنطقة من الهيمنة الغربية. إن هذا التحالف ليس مجرد تعاون عسكري، بل هو رؤية لعالم جديد، حيث تتحرر الشعوب من الإبادة والاستعباد.


4. نقد محميات الخليج: أدوات الإمبريالية

في تعليق مرزوق، يتهم إيران بإثارة الفتنة في المنطقة العربية، لكنه يتجاهل الدور المدمر لمحميات الخليج الصهيو-أمريكية. في ردي، أكدت أن هذه المحميات، بتمويلها للتيارات الوهابية والسلفية، ساهمت في نشر التخلف العقلي والفتن الطائفية. إن دول مثل السعودية وقطر والإمارات، التي تخصص تريليونات الدولارات لتمويل المجمع العسكري الصناعي الأمريكي، هي شريك مباشر في إبادة غزة.

إن الإسلام الذي تروج له هذه المحميات هو "إسلام صهيوني" مفبرك، يهدف إلى إضعاف الشعوب العربية عبر الفتنة وتكفير مكوناتها. شخصيات مثل القرضاوي والعرعور والشعراوي، الذين دعمتهم هذه الدول، لعبت دوراً رئيسياً في نشر خطاب الكراهية والتفرقة. على عكس إيران، التي تستخدم الإسلام كأداة للوحدة والتقدم، تستخدم دول الخليج الدين لخدمة المصالح الاستعمارية. إن تطبيعها مع الكيان الصهيوني، ودعمها للحروب بالوكالة في سوريا والعراق واليمن، يكشف عن دورها كأدوات للإمبريالية.
…….


5. دروس التاريخ: المقاومة هي الخيار الوحيد
إن التاريخ يعلمنا أن الشعوب التي تستسلم تُباد، بينما الشعوب التي تقاوم تكتب التاريخ. في ردي على مرزوق، أشرت إلى مصير الهنود الحمر في أمريكا، الذين وقّعوا اتفاقيات سلام مع الغزاة الإنجليز، ليُبادوا لاحقاً بالجدري والتجويع. في الجزائر، دفع الشعب ثمناً باهظاً خلال حرب التحرير ضد الاستعمار الفرنسي، لكنه استعاد سيادته عام 1962. في فيتنام، قدم الشعب ملايين الشهداء للانتصار على الاحتلال الأمريكي عام 1975.

إن غزة، بصمودها الأسطوري، تسير على الدرب نفسه. إن اتهام المقاومة بالعبثية، كما يفعل مرزوق، هو إما جهل بالتاريخ أو تواطؤ مع المشروع الاستعماري. إن المقاومة الفلسطينية، بدعم من إيران واليمن وحزب الله، ليست مجرد رد فعل على الاحتلال، بل هي استراتيجية لتحرير المنطقة من الهيمنة الصهيو-أمريكية. إن دماء غزة، التي تُراق يومياً، هي الثمن الذي تدفعه الشعوب من أجل حريتها وكرامتها.

6. نحو عالم جديد: المقاومة كرؤية مستقبلية

إن المقاومة في غزة، بدعم التحالف الإقليمي، هي نواة لعالم جديد متعدد الأقطاب، حيث تتحرر الشعوب من الهيمنة الإمبريالية. إن إيران، بقوتها العلمية والعسكرية، واليمن وحزب الله، بتضحياتهم، يشكلون تحالفاً يتحدى النظام الرأسمالي العالمي. إن هذا التحالف ليس مجرد تعاون عسكري، بل هو رؤية لعالم جديد، حيث تتحرر الشعوب من الإبادة والاستعباد.

إن دماء غزة تنتصر لإيران، لأنها تنتصر لكل شعوب العالم المستضعفة. إن هذه الدماء، التي يراها البعض "خسارة"، هي في الواقع بذور الحرية والكرامة. إن المقاومة الفلسطينية، بصمودها الأسطوري، تثبت أن الشعوب المستضعفة، رغم إمكانياتها المحدودة، قادرة على تحدي أقوى القوى الإمبريالية.


7. الخلاصة: المستقبل للمقاومة

في النهاية، إن غزة لن تستسلم، وإيران لن تنحني، وشعوب المنطقة ستنتصر، لأن دماء الشهداء ليست هدراً، بل هي بذور الحرية والكرامة. إن المقاومة، رغم التحديات والخسائر، هي الخيار الوحيد للشعوب التي تسعى للتحرر. إن دم غزة ينتصر لإيران، لأنه ينتصر لفكر المستضعفين، الذي يجمع بين الشعوب المقاومة في مواجهة النظام الرأسمالي العالمي.

إن التاريخ يعلمنا أن الشعوب التي تقاوم تكتب التاريخ. إن غزة، بصمودها، وإيران، بقوتها، واليمن وحزب الله، بتضحياتهم، يشكلون نواة لعالم جديد، حيث تتحرر الشعوب من الهيمنة الصهيو-أمريكية. إن المستقبل، رغم كل الصعوبات، هو للمقاومة، لأنها تعبير عن إرادة الشعوب في تقرير مصيرها، بعيداً عن إملاءات الإمبريالية.

---




خاتمة ملحقة: مقارنة بين الاحتلال الاستيطاني الإحلالي الفرنسي للجزائر ومصير الأقدام السوداء بعد حرب التحرير ومقاومة غزة والشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الصهيو-أمريكي

مقدمة الخاتمة الملحقة
إن التاريخ، بكل دروسه القاسية، يعلمنا أن الشعوب التي تقاوم الاحتلال الاستيطاني الإحلالي، رغم الثمن الباهظ، هي التي تكتب مصيرها وتستعيد كرامتها. في هذه الخاتمة الملحقة الموسعة، التي تمتد على عشرين صفحة، سنقارن بين الاحتلال الاستيطاني الإحلالي الفرنسي للجزائر (1830-1962) ومصير المستوطنين الفرنسيين (المعروفين بـ"الأقدام السوداء") بعد حرب التحرير التي استمرت ثمانية أعوام (1954-1962)، وبين مقاومة الشعب الفلسطيني في غزة ضد الاحتلال الصهيو-أمريكي. سنرد أيضاً على تعليقات طاهر مرزوق على مقالتي المنشورة في موقع *الحوار المتمدن* تحت عنوان "دم غزة ينتصر لإيران"، والتي حاولت تصوير المقاومة الفلسطينية كـ"عملية خاسرة"، متجاهلاً السياق التاريخي والطبقي للصراع. من خلال هذه المقارنة، سنبرهن أن المقاومة، سواء في الجزائر أو غزة، هي الخيار الوحيد لمواجهة الإبادة والاستعباد، وأن دماء الشهداء في غزة، مثل دماء الجزائريين، هي بذور الحرية التي ستنبت عالماً جديداً خالياً من الهيمنة الإمبريالية.


1. الاحتلال الاستيطاني الإحلالي الفرنسي للجزائر

بدأ الاحتلال الفرنسي للجزائر عام 1830 تحت ذريعة "تأديب" الداي حسين بسبب نزاع دبلوماسي، لكنه سرعان ما تحول إلى مشروع استيطاني إحلالي يهدف إلى اقتلاع الشعب الجزائري من أرضه واستبداله بالمستوطنين الفرنسيين، المعروفين بـ"الأقدام السوداء". هؤلاء المستوطنون، الذين وصلوا من فرنسا ودول أوروبية أخرى، استولوا على الأراضي الخصبة، وأقاموا مدناً ومزارع على أنقاض القرى الجزائرية المدمرة. بحلول منتصف القرن التاسع عشر، كان عدد الأقدام السوداء قد تجاوز المئات الآلاف، بينما تم تهميش الشعب الجزائري اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً.

كان الاحتلال الفرنسي، مثل الاحتلال الصهيوني في فلسطين، يعتمد على آليات الإبادة الجماعية والإفقار. في مذبحة سطيف وقالمة عام 1945، ذبحت القوات الفرنسية أكثر من أربعين ألف طفل ومدني جزائري خلال يوم واحد، رداً على مظاهرات سلمية تطالب بالاستقلال. هذه المذبحة، التي سبقت حرب التحرير، تُظهر أن الاحتلال الاستيطاني لا يحتاج إلى ذرائع مثل وجود "إرهابيين" ليرتكب جرائمه، كما يدعي الكيان الصهيوني في غزة اليوم.

حرب التحرير الجزائرية (1954-1962)، التي قادتها جبهة التحرير الوطني، كانت استجابة مباشرة لهذا الظلم. دفع الشعب الجزائري ثمناً باهظاً، حيث استشهد أكثر من مليون ونصف المليون إنسان، وتم تدمير آلاف القرى. لكن هذه التضحيات أدت إلى استعادة السيادة الوطنية عام 1962، وطرد معظم الأقدام السوداء

2. مصير الأقدام السوداء: نهاية الاستيطان

بعد استقلال الجزائر عام 1962، واجه الأقدام السوداء مصيراً مأساوياً من وجهة نظرهم، لكنه كان نتيجة طبيعية للاحتلال الاستيطاني الإحلالي. لقد استُقدم هؤلاء المستوطنون كأداة للهيمنة الفرنسية، لكنهم أصبحوا أقلية مرفوضة بعد نجاح الثورة الجزائرية. غادر أكثر من 90% من الأقدام السوداء (حوالي مليون شخص) الجزائر إلى فرنسا، تاركين وراءهم ممتلكاتهم وأحلامهم بـ"جزائر فرنسية". هذا الرحيل الجماعي، المعروف بـ"هجرة الأقدام السوداء"، كان نتيجة مباشرة لصمود الشعب الجزائري ورفضه للاستيطان.

……..

خاتمة ملحقة ثانية: مقارنة بين حرب التحرير الصينية بقيادة الحزب الشيوعي الصيني ومقاومة الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الصهيو-أمريكي

مقدمة الخاتمة الملحقة الثانية
إن دراسة التجارب التاريخية للتحرير الوطني تكشف لنا أن النجاح في مواجهة الاحتلال الاستعماري يتطلب قيادة ثورية جذرية، قادرة على توحيد الشعب وتصفية الكومبرادور المتعاون مع المحتل. في هذه الخاتمة الملحقة الموسعة، التي تمتد على عشرين صفحة، سنقارن بين حرب التحرير الصينية (1927-1949) بقيادة الحزب الشيوعي الصيني، التي نجحت في توحيد الصين وتحقيق التنمية المستقلة، وبين مقاومة الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الصهيو-أمريكي. سنركز على كيف تجاوزت الصين أخطاء حركات التحرير العربية من خلال رفضها الانفتاح على الغرب قبل السيطرة على التراكم الاجتماعي، وتصفيتها الجذرية للكومبرادور، مقارنة بالتحديات التي تواجهها المقاومة الفلسطينية بسبب غياب حزب شيوعي عربي جذري يوحد الحركات ويقضي على الكومبرادور المتمثل في فتح، الإخوان المسلمين، القاعدة، داعش، وعصابات تركيا الأطلسية، الجولاني، جعجع، الكتائب، ومحميات الخليج. سنرد أيضاً على تعليقات طاهر مرزوق على مقالتي المنشورة في موقع *الحوار المتمدن* تحت عنوان "دم غزة ينتصر لإيران"، والتي حاولت تصوير المقاومة الفلسطينية كـ"عملية خاسرة". من خلال هذه المقارنة، سنبرهن أن المقاومة الفلسطينية بحاجة إلى قيادة شيوعية جذرية لتحقيق تحرير شامل، على غرار ما فعله الحزب الشيوعي الصيني.


1. حرب التحرير الصينية: نموذج الثورة الجذرية

بدأت حرب التحرير الصينية في أوائل القرن العشرين، عندما واجهت الصين احتلالاً استعمارياً متعدد الأوجه من قوى غربية (بريطانيا، فرنسا، الولايات المتحدة) واليابان، بالإضافة إلى السيطرة الكومبرادورية الداخلية التي تمثلت في الحكومة القومية (الكومينتانغ) بقيادة تشيانغ كاي شيك. كانت الصين، قبل انتصار الثورة عام 1949، دولة ممزقة بالحروب الأهلية، الفقر، والتخلف، حيث نهبت مواردها من قبل القوى الاستعمارية، وتحكمت فيها طبقة كومبرادورية تخدم المصالح الغربية.

الحزب الشيوعي الصيني، بقيادة ماو تسي تونغ، نجح في توحيد الشعب الصيني تحت راية ثورية جذرية، تجمع بين الفلاحين، العمال، والمثقفين الثوريين. لقد اعتمد الحزب على استراتيجية الحرب الشعبية الطويلة الأمد، التي استهدفت ليس فقط طرد المحتلين الأجانب، بل أيضاً تصفية الكومبرادور الداخلي. بحلول عام 1949، نجح الحزب الشيوعي في طرد الكومينتانغ إلى تايوان، وتصفية السفارات الأمريكية والبريطانية، وإغلاق قواعد النفوذ الغربي في الصين.

إن نجاح الثورة الصينية لم يكن فقط في طرد المحتل، بل في بناء دولة مستقلة سيطرت على تراكمها الاجتماعي والاقتصادي. رفضت الصين الانفتاح على الغرب قبل أن تؤسس اقتصاداً مستقلاً، مما مكّنها من تحقيق التنمية المستقلة التي جعلتها اليوم ثاني أكبر اقتصاد في العالم. إن هذا النموذج، الذي تجاوز أخطاء حركات التحرير العربية، يقدم دروساً حاسمة للمقاومة الفلسطينية.

……..

2. أخطاء حركات التحرير العربية: الطبقة الكومبرادورية
على عكس الثورة الصينية، عانت حركات التحرير العربية من أخطاء جذرية ناتجة عن طبيعتها الطبقية غير الثورية. في العديد من الدول العربية التي نالت استقلالها الشكلي في القرن العشرين، مثل مصر والعراق وسوريا، عادت الطبقات الكومبرادورية التي شكلها المحتل للعب دور الوسيط بين الشعوب والقوى الاستعمارية. هذه الطبقات، التي كانت تفتقر إلى رؤية ثورية جذرية، فشلت في تحقيق التنمية المستقلة، وسقطت في فخ التبعية للغرب.

في ردي على تعليق طاهر مرزوق، أكدت أن محميات الخليج الصهيو-أمريكية، مثل السعودية وقطر والإمارات، هي مثال واضح على هذه الطبقة الكومبرادورية. هذه الدول، التي تخصص تريليونات الدولارات لتمويل المجمع العسكري الصناعي الأمريكي، وتضع أرصدتها النفطية في بنوك الغرب، ليست سوى أدوات للإمبريالية. إن دعمها للتيارات الوهابية والسلفية، مثل الإخوان المسلمين، القاعدة، داعش، وعصابات الجولاني وجعجع والكتائب، ساهم في إضعاف الشعوب العربية عبر الفتن الطائفية ونشر التخلف العقلي.

على عكس الصين، التي قضت على الكومبرادور بلا رحمة، سمحت حركات التحرير العربية بعودة هذه الطبقة للعمل كوكيل للمحتل. في فلسطين، تمثل حركة فتح، التي وقّعت اتفاقيات أوسلو عام 1993، نموذجاً للكومبرادور الذي تخلى عن المقاومة مقابل وعود وهمية بالسلام. هذه الاتفاقيات، كما أشرت في ردي على مرزوق، لم تكن سوى فخاً لتكريس الاحتلال وإضعاف المقاومة.

3. مقاومة غزة: تحديات غياب القيادة الجذرية

إن مقاومة الشعب الفلسطيني في غزة، رغم بطولتها وصمودها الأسطوري، تعاني من غياب قيادة شيوعية جذرية مشابهة للحزب الشيوعي الصيني. في تعليق مرزوق، يصف طوفان الأقصى بأنه "عملية خاسرة"، مستنداً إلى عدد الشهداء الفلسطينيين (أكثر من 28 ألف). لكن هذا المنطق السطحي يغفل أن المقاومة، رغم الخسائر البشرية، حققت إنجازات استراتيجية، مثل كشف هشاشة الكيان الصهيوني وإعادة إحياء القضية الفلسطينية عالمياً.

ومع ذلك، فإن المقاومة الفلسطينية تواجه تحديات داخلية ناتجة عن الانقسامات بين الفصائل. حركات مثل فتح، التي تحولت إلى أداة كومبرادورية بعد أوسلو، والإخوان المسلمين، الذين تخلوا عن المقاومة في مصر والأردن، أضعفت الوحدة الوطنية الفلسطينية. إن غياب حزب شيوعي عربي جذري، يقود ائتلافاً واسعاً للمقاومة، حال دون تحقيق تحرير شامل على غرار ما فعلته الصين.

إن الصين، بقيادة الحزب الشيوعي، نجحت لأنها وحدت الفلاحين والعمال والمثقفين تحت راية ثورية، وقضت على الكومبرادور بلا رحمة. في فلسطين، يجب أن تتبع المقاومة هذا النموذج من خلال تصفية العصابات الكومبرادورية، مثل فتح، الإخوان المسلمين، القاعدة، داعش، عصابات الجولاني، جعجع، الكتائب، ومحميات الخليج. هذه العصابات، التي تخدم المصالح الصهيو-أمريكية، هي العقبة الأساسية أمام تحقيق التنمية المستقلة.


4. ضرورة حزب شيوعي عربي جذري

إن نجاح الثورة الصينية يعتمد على وجود حزب شيوعي قوي، يمتلك رؤية ثورية جذرية، ويوحد الشعب تحت راية المقاومة. في فلسطين، هناك حاجة ماسة إلى حزب شيوعي عربي بخصائص محلية، يقود ائتلافاً واسعاً يضم كل فصائل المقاومة، من حماس إلى الجهاد الإسلامي إلى الجبهة الشعبية. هذا الحزب يجب أن يتبنى استراتيجية ثورية تقوم على:
1. توحيد الفصائل: إنهاء الانقسامات بين الفصائل الفلسطينية، وتشكيل جبهة موحدة تقاوم الاحتلال.
2. تصفية الكومبرادور: القضاء على العصابات المتعاونة مع المحتل، مثل فتح، الإخوان المسلمين، القاعدة، داعش، وعصابات تركيا الأطلسية والجولاني.
3. رفض الانفتاح المبكر على الغرب: مثل الصين، يجب أن ترفض المقاومة الفلسطينية أي انفتاح على الغرب قبل تحقيق السيطرة على التراكم الاجتماعي والاقتصادي.
4. بناء تنمية مستقلة: الاستثمار في التعليم، العلم، والصناعة، على غرار ما فعلته الصين، لتحقيق الاكتفاء الذاتي.

إن هذا الحزب يجب أن يمتلك خصائص عربية، تأخذ في الاعتبار السياق الثقافي والتاريخي للمنطقة، مع الاستفادة من تجربة الصين في القضاء على الكومبرادور وتحقيق التنمية المستقلة.


5. مقارنة مع مقاومة غزة: التحديات والآفاق
إن مقاومة غزة، رغم بطولتها، تواجه تحديات مشابهة لتلك التي واجهتها الصين قبل انتصارها. في الصين، كان الكومبرادور (الكومينتانغ) يخدم مصالح الغرب واليابان، مما أضعف الشعب الصيني. في فلسطين، تلعب فتح ومحميات الخليج والعصابات الوهابية دوراً مشابهاً، حيث تعمل كوكيل للمصالح الصهيو-أمريكية. إن طوفان الأقصى، الذي انتقده مرزوق كـ"عملية خاسرة"، كان في الواقع نقطة تحول استراتيجية، لكنه بحاجة إلى دعم قيادة ثورية موحدة لتحقيق أهدافه الكاملة.

على عكس الصين، التي قضت على الكومبرادور بلا رحمة، سمحت حركات التحرير العربية بعودة هذه الطبقة، مما أضعف قدرتهم على تحقيق التنمية المستقلة. إن المقاومة الفلسطينية بحاجة إلى حزب شيوعي عربي جذري، يقود تصفية هذه العصابات ويوحد الشعب الفلسطيني والعربي تحت راية المقاومة.



6. إيران واليمن وحزب الله: نواة التحالف الثوري


في غياب حزب شيوعي عربي، تلعب إيران، اليمن، وحزب الله دوراً حاسماً في دعم المقاومة الفلسطينية. في ردي على مرزوق، رفضت اتهامه لإيران بـ"غرس أنفها" في المنطقة العربية، مؤكداً أن دعمها لغزة هو تعبير عن تضامن طبقي وشعبي. إن إيران، بقوتها العلمية والعسكرية، واليمن، بصموده في البحر الأحمر، وحزب الله، بعملياته في جنوب لبنان، يشكلون نواة لتحالف ثوري يمكن أن يكون أساساً لعالم جديد متعدد الأقطاب.

إن دماء غزة تنتصر لإيران، لأنها تنتصر لفكر المستضعفين. لكن هذا التحالف بحاجة إلى حزب شيوعي عربي يوحد الحركات ويقضي على الكومبرادور، لضمان تحقيق تحرير شامل على غرار ما فعلته الصين.



7. الخلاصة: نحو تحرير شامل
إن تجربة الثورة الصينية تثبت أن التحرير الشامل يتطلب قيادة ثورية جذرية، تقضي على الكومبرادور وتوحد الشعب تحت راية المقاومة. إن المقاومة الفلسطينية، رغم بطولتها، بحاجة إلى حزب شيوعي عربي يقود تصفية العصابات الكومبرادورية ويوحد الحركات تحت رؤية ثورية. إن دماء غزة، التي تُراق يومياً، هي بذور الحرية التي ستنبت عالماً جديداً، حيث تتحرر الشعوب من الهيمنة الصهيو-أمريكية.



#احمد_صالح_سلوم (هاشتاغ)       Ahmad_Saloum#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حرب ال12 يوماً بين إسرائيل وإيران - كارثة استراتيجية للكيان ...
- الكذب ملح بقاء الإمبراطورية الأمريكية: قاعدة العيديد ووهم ال ...
- تحويل سوريا إلى مركز إرهاب عالمي..الدولة العميقة، ترامب الدم ...
- الإنذار القانوني للحكومة البلجيكية بشأن غزة: رسالة اتهام بتو ...
- دم غزة ينتصر لإيران و يكشف زيف النظام العالمي
- -الشعر بين النحو والإبداع: قراءة في فكر أحمد صالح سلوم-..كتا ...
- تقييم نقدي ادبي لقصيدة -إطلالة بعيدًا عن مصابيح قرطبة- لأحمد ...
- لماذا تروج الوحدة 8200 أن روسيا غدرت بإيران وسورية ؟
- سباق التسلح الإمبريالي هروب إلى الأمام من التحديات
- اليمن،وحيدا، خارج مسارات الاسلام الصهيوني العربي
- نصب شهداء استقلال سورية في حضرة الاحتلال التركي الهمجي
- التطبيع، الخطوة الأولى نحو العبودية والانحطاط
- قوانين الشعوب: مقاومة غزة وصمود إيران في مواجهة الفاشية الصه ...
- قرار تخفيض سن التقاعد في المكسيك وتأثيره على الإبداع البشري ...
- معهد وايزمان وصناعته للإبادة الجماعية
- دعم حكومة ائتلاف اريزونا البلجيكية الإبادة الجماعية في غزة و ...
- إيران الصاعدة تنمويا بعد هزيمة العدو الصهيوني والأمريكي الفا ...
- لماذا اعدم سيد قطب و لم يعدم الشعراوي رغم أنهما من مدرسةتكفي ...
- الضربات الأمريكية على المنشآت النووية الإيرانية: محفز للتصعي ...
- مواجهة وجودية تهز أسس الكيان والهيمنة الغربية


المزيد.....




- رئيس لبنان يعلق بعد تصريحات المبعوث الأمريكي لسوريا عن -تهدي ...
- ماذا يحدث في محافظة السويداء جنوبي سوريا؟
- بدعم من مصر وإيران.. هل تناور الصين لإسقاط النفوذ الأميركي ...
- فخامة السيد محمود عباس رئيس دولة فلسطين يعزي في وفاة المناضل ...
- الصحافة في عصر الذكاء الاصطناعي.. فرص ذهبية وتحديات أخلاقية ...
- إسرائيل -تستهدف دبابات- بالسويداء فيما تتقدم قوات حكومية بات ...
- المُمول السخي لليمين المتطرف الفرنسي: من هو الملياردير بيار- ...
- السويداء تشتعل مجددًا وإسرائيل تدخل على الخط: ما مصير الجنوب ...
- برشلونة يعلن تعاقده مع الشاب سوري الأصل بردغجي قادما من كوبن ...
- شاهد.. سرايا القدس تستهدف مواقع قيادة إسرائيلية بحي الشجاعية ...


المزيد.....

- ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ ... / غازي الصوراني
- 1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت ... / كمال احمد هماش
- في ذكرى الرحيل.. بأقلام من الجبهة الديمقراطية / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / محمود خلف
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / فتحي الكليب
- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - احمد صالح سلوم - دم غزة والخلاص العالمي من شرور الإمبريالية الأمريكية